الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لما توجه رَسُولا إِلَى السُّلْطَان شهَاب الدّين الغوري إِلَى غزنة وَهُوَ وهم فَإِنَّهُ عَاد من عِنْد السُّلْطَان الْمَذْكُور إِلَى بَغْدَاد فِي سنة ثَلَاث وسِتمِائَة وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي فِي سنة سِتّ وسِتمِائَة
1288 - يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حُسَيْن بن حزَام ابْن مُحَمَّد بن جُمُعَة النَّوَوِيّ الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة محيي الدّين أَبُو زَكَرِيَّا
شيخ الْإِسْلَام أستاذ الْمُتَأَخِّرين وَحجَّة الله على اللاحقين والداعي إِلَى سَبِيل السالفين
كَانَ يحيى رحمه الله سيدا وَحَصُورًا وليثا على النَّفس هصورا وزاهدا لم يبال بخراب الدُّنْيَا إِذا صير دينه ربعا معمورا لَهُ الزّهْد والقناعة ومتابعة السالفين من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة والمصابرة على أَنْوَاع الْخَيْر لَا يصرف سَاعَة فِي غير طَاعَة هَذَا مَعَ التفنن فِي أَصْنَاف الْعُلُوم فقها ومتون أَحَادِيث وَأَسْمَاء رجال ولغة وتصوفا وَغير ذَلِك
وَأَنا إِذا أردْت أَن أجمل تفاصيل فَضله وأدل الْخلق على مبلغ مِقْدَاره بمختصر القَوْل وفصله لم أَزْد على بَيْتَيْنِ أنشدنيهما من لَفظه لنَفسِهِ الشَّيْخ الإِمَام وَكَانَ من حَدِيثهمَا
أَنه أَعنِي الْوَالِد رحمه الله لما سكن فِي قاعة دَار الحَدِيث الأشرفية فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة كَانَ يخرج فِي اللَّيْل إِلَى إيوانها ليتهجد تجاه الْأَثر الشريف ويمرغ وَجهه على الْبسَاط وَهَذَا الْبسَاط من زمَان الْأَشْرَف الْوَاقِف وَعَلِيهِ اسْمه وَكَانَ النَّوَوِيّ يجلس عَلَيْهِ وَقت الدَّرْس فأنشدني الْوَالِد لنَفسِهِ
(وَفِي دَار الحَدِيث لطيف معنى
…
على بسط لَهَا أصبو وآوي)
(عَسى أَنِّي أمس بَحر وَجْهي
…
مَكَانا مَسّه قدم النواوي)
ولد النَّوَوِيّ فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بنوى وَكَانَ أَبوهُ من أَهلهَا المستوطنين بهَا وَذكر أَبوهُ أَن الشَّيْخ كَانَ نَائِما إِلَى جنبه وَقد بلغ من الْعُمر سبع سِنِين لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان فانتبه نَحْو نصف اللَّيْل وَقَالَ يَا أَبَت مَا هَذَا الضَّوْء الَّذِي مَلأ الدَّار فَاسْتَيْقَظَ الْأَهْل جَمِيعًا قَالَ فَلم نر كلنا شَيْئا قَالَ وَالِده فَعرفت أَنَّهَا لَيْلَة الْقدر
وَقَالَ شَيْخه فِي الطَّرِيقَة الشَّيْخ ياسين بن يُوسُف الزَّرْكَشِيّ رَأَيْت الشَّيْخ محيي الدّين وَهُوَ ابْن عشر سِنِين بنوى وَالصبيان يكرهونه على اللّعب مَعَهم وَهُوَ يهرب مِنْهُم ويبكي لإكراههم وَيقْرَأ الْقُرْآن فِي تِلْكَ الْحَال فَوَقع فِي قلبِي حبه وَجعله أَبوهُ فِي دكان فَجعل لَا يشْتَغل بِالْبيعِ وَالشِّرَاء عَن الْقُرْآن قَالَ فَأتيت الَّذِي يقرئه الْقُرْآن فوصيته بِهِ وَقلت لَهُ هَذَا الصَّبِي يُرْجَى أَن يكون أعلم أهل زَمَانه وأزهدهم وَينْتَفع النَّاس بِهِ فَقَالَ لي منجم أَنْت فَقلت لَا وَإِنَّمَا أنطقني
الله بذلك فَذكر ذَلِك لوالده فحرص عَلَيْهِ إِلَى أَن ختم الْقُرْآن وَقد ناهز الِاحْتِلَام