الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وَاقعَة الفرنج على دمياط
وَكَانَت قبل ذَلِك وصلوا إِلَى المنصورة فِي المراكب واستظهروا على الْمُسلمين وَكَانَ الشَّيْخ مَعَ الْعَسْكَر وقويت الرّيح فَلَمَّا رأى الشَّيْخ حَال الْمُسلمين نَادَى بِأَعْلَى صَوته مُشِيرا بِيَدِهِ إِلَى الرّيح يَا ريح خُذِيهِمْ عدَّة مرار فَعَادَت الرّيح على مراكب الفرنج فكسرتها وَكَانَ الْفَتْح وغرق أَكثر الفرنج وصرخ من بَين يَدي الْمُسلمين صارخ الْحَمد لله الَّذِي أرانا فِي أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم رجلا سخر لَهُ الرّيح
(ذكر كائنة الشَّيْخ مَعَ أُمَرَاء الدولة من الأتراك)
وهم جمَاعَة ذكر أَن الشَّيْخ لم يثبت عِنْده أَنهم أَحْرَار وَأَن حكم الرّقّ مستصحب عَلَيْهِم لبيت مَال الْمُسلمين فَبَلغهُمْ ذَلِك فَعظم الْخطب عِنْدهم فِيهِ وأضرم الْأَمر وَالشَّيْخ مصمم لَا يصحح لَهُم بيعا وَلَا شِرَاء وَلَا نِكَاحا وتعطلت مصالحهم بذلك وَكَانَ من جُمْلَتهمْ نَائِب السلطنة فاستشاط غَضبا فَاجْتمعُوا وَأَرْسلُوا إِلَيْهِ فَقَالَ نعقد لكم مَجْلِسا وينادى عَلَيْكُم لبيت مَال الْمُسلمين وَيحصل عتقكم بطرِيق شَرْعِي فَرفعُوا الْأَمر إِلَى السُّلْطَان فَبعث إِلَيْهِ فَلم يرجع فجرت من السُّلْطَان كلمة فِيهَا غلظة حاصلها الْإِنْكَار على الشَّيْخ فِي دُخُوله فِي هَذَا الْأَمر وَأَنه لَا يتَعَلَّق بِهِ فَغَضب الشَّيْخ وَحمل حَوَائِجه على حمَار وأركب عائلته على حمَار آخر وَمَشى خَلفهم خَارِجا من الْقَاهِرَة قَاصِدا نَحْو الشَّام فَلم يصل إِلَى نَحْو نصف بريد إِلَّا وَقد لحقه غَالب الْمُسلمين لم تكد امْرَأَة وَلَا صبي
وَلَا رجل لَا يؤبه إِلَيْهِ يتَخَلَّف لَا سِيمَا الْعلمَاء والصلحاء والتجار وأنحاؤهم فَبلغ السُّلْطَان الْخَبَر وَقيل لَهُ مَتى رَاح ذهب ملكك فَركب السُّلْطَان بِنَفسِهِ ولحقه واسترضاه وَطيب قلبه فَرجع وَاتَّفَقُوا مَعَهم على أَنه يُنَادى على الْأُمَرَاء فَأرْسل إِلَيْهِ نَائِب السلطنة بالملاطفة فَلم يفد فِيهِ فانزعج النَّائِب وَقَالَ كَيفَ يُنَادي علينا هَذَا الشَّيْخ ويبيعنا وَنحن مُلُوك الأَرْض وَالله لأضربنه بسيفي هَذَا فَركب بِنَفسِهِ فِي جماعته وَجَاء إِلَى بَيت الشَّيْخ وَالسيف مسلول فِي يَده فطرق الْبَاب فَخرج ولد الشَّيْخ أَظُنهُ عبد اللَّطِيف فَرَأى من نَائِب السلطنة مَا رأى فَعَاد إِلَى أَبِيه وَشرح لَهُ الْحَال فَمَا اكترث لذَلِك وَلَا تغير وَقَالَ يَا وَلَدي أَبوك أقل من أَن يقتل فِي سَبِيل الله ثمَّ خرج كَأَنَّهُ قَضَاء الله قد نزل على نَائِب السلطنة فحين وَقع بَصَره على النَّائِب يَبِسَتْ يَد النَّائِب وَسقط السَّيْف مِنْهَا وأرعدت مفاصله فَبكى وَسَأَلَ الشَّيْخ أَن يَدْعُو لَهُ وَقَالَ يَا سَيِّدي خبر أيش تعْمل قَالَ أنادي عَلَيْكُم وأبيعكم قَالَ فَفِيمَ تصرف ثمننا قَالَ فِي مصَالح الْمُسلمين قَالَ من يقبضهُ قَالَ أَنا فتم لَهُ مَا أَرَادَ ونادى على الْأُمَرَاء وَاحِدًا وَاحِدًا وغالى فِي ثمنهم وَقَبضه وَصَرفه فِي وُجُوه الْخَيْر وَهَذَا مَا لم يسمع بِمثلِهِ عَن أحد رَحمَه الله تَعَالَى ورضى عَنهُ