الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
لَا يخفى على ذِي بَصِيرَة أَن لله تبارك وتعالى عناية بالنووي وبمصنفاته، وأستدل على ذَلِك بِمَا يَقع فِي ضمنه فَوَائِد حَتَّى لَا تَخْلُو تَرْجَمته عَن الْفَوَائِد فَنَقُول
رُبمَا غير لفظا من أَلْفَاظ الرَّافِعِيّ إِذا تَأمله المتأمل استدركه عَلَيْهِ وَقَالَ لم يَفِ بالاختصار وَلَا جَاءَ بالمراد ثمَّ نجده عِنْد التنقيب قد وَافق الصَّوَاب ونطق بفصل الْخطاب وَمَا يكون من ذَلِك عَن قصد مِنْهُ لَا يعجب مِنْهُ فَإِن الْمُخْتَصر رُبمَا غير كَلَام من يختصر كَلَامه لمثل ذَلِك وَإِنَّمَا الْعجب من تَغْيِير يشْهد الْعقل بِأَنَّهُ لم يقْصد إِلَيْهِ ثمَّ وَقع فِيهِ على الصَّوَاب وَله أَمْثِلَة مِنْهَا
قَالَ الرَّافِعِيّ فِي كتاب الشَّهَادَات فِي فصل التَّوْبَة عَن الْمعاصِي الفعلية فِي التائب إِنَّه يختبر مُدَّة يغلب على الظَّن فِيهَا أَنه أصلح عمله وسريرته وَأَنه صَادِق فِي تَوْبَته وَهل تتقدر تِلْكَ الْمدَّة قَالَ قَائِلُونَ لَا إِنَّمَا الْمُعْتَبر حُصُول غَلَبَة الظَّن بصدقه وَيخْتَلف الْأَمر فِيهِ بالأشخاص وأمارات الصدْق هَذَا مَا اخْتَارَهُ الإِمَام والعبادي وَإِلَيْهِ أَشَارَ صَاحب الْكتاب بقوله حَتَّى يستبرىء مُدَّة فَيعلم إِلَى آخِره وَذهب آخَرُونَ إِلَى تقديرها
وَفِيه وَجْهَان قَالَ أَكْثَرهم يستبرأ سنة انْتهى بِلَفْظِهِ
فَإِذا تَأَمَّلت قَوْله قَالَ أَكْثَرهم وجدت الضَّمِير فِيهِ مُسْتَحقّ الْعود على الآخرين الذاهبين إِلَى تقديرها لَا إِلَى مُطلق الْأَصْحَاب فَلَا يلْزم أَن يكون أَكثر الْأَصْحَاب على التَّقْدِير فضلا عَن التَّقْدِير بِسنة بل الْمُقدر بَعضهم وَاخْتلف المقدرون فِي الْمدَّة وَأَكْثَرهم على أَنَّهَا سنة فَهَذَا مَا يُعْطِيهِ لفظ الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الْكَبِير وَصرح النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة بِأَن الْأَكْثَرين على تَقْدِير الْمدَّة بِسنة فَمن عَارض بَينهَا وَبَين الرَّافِعِيّ بتأمل قضى بمخالفتها لَهُ لِأَن عبارَة الشَّرْح لَا تَقْتَضِي أَن أَكثر الْأَصْحَاب على التَّقْدِير وَأَنه سنة بل إِن أَكثر المقدرين الَّذين هم من الْأَصْحَاب على ذَلِك ثمَّ يتأيد هَذَا القَاضِي بالمخالفة بِأَن عبارَة الشَّافِعِي رضي الله عنه لَيْسَ فِيهَا تَقْدِير بِسنة وَلَا بِسِتَّة أشهر وَإِنَّمَا قَالَ أشهر وَأطلق الْأَشْهر رضى الله عَنهُ اطلاقا إِلَّا أَن هَذَا إِذا عاود كتب الْمَذْهَب وجد الصَّوَاب مَا فعله النَّوَوِيّ فقد عزى التَّقْدِير وَأَن مِقْدَاره سنة إِلَى أَصْحَابنَا قاطبة فضلا عَن أَكْثَرهم الشَّيْخ أَبُو حَامِد الإسفرايني فِي تَعْلِيقه وَهَذِه عِبَارَته قَالَ الشَّافِعِي ويختبر مُدَّة أشهر ينْتَقل فِيهَا من السَّيئَة إِلَى الْحَسَنَة ويعف عَن الْمعاصِي وَقَالَ أَصْحَابنَا يختبر سنة انْتهى
وَكَذَلِكَ قَالَ القَاضِي الْحُسَيْن فِي تعليقته وَلَفظه قَالَ الشَّافِعِي مُدَّة من المدد قَالَ أَصْحَابنَا سنة انْتهى
وَكَذَلِكَ الْمَاوَرْدِيّ وَلَفظه وَصَلَاح عمله مُعْتَبر بِزَمَان اخْتلف الْفُقَهَاء فِي حَده فاعتبره بَعضهم بِسِتَّة أشهر واعتبره أَصْحَابنَا بِسنة كَامِلَة انْتهى
وَكَذَلِكَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُهَذّب وَقدر أَصْحَابنَا الْمدَّة بِسنة
وَكَذَلِكَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيب وجماعات كلهم عزوا التَّقْدِير بِالسنةِ إِلَى الْأَصْحَاب فضلا عَن أَكْثَرهم وَلم يقل بعض الْأَصْحَاب إِلَّا القَاضِي أَبُو الطّيب وَالْإِمَام وَمن تبعهما فَإِنَّهُم قَالُوا قَالَ بعض أَصْحَابنَا تقدر بِسنة وَقَالَ بَعضهم زَاد الإِمَام أَن الْمُحَقِّقين على عدم التَّقْدِير