الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن الْفَوَائِد عَن ابْن أبي الْفضل المرسي
قَالَ النُّحَاة فِي إِعْرَاب قَوْله تَعَالَى {لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} من قَوْله تَعَالَى {وإلهكم إِلَه وَاحِد لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} إِن {إِلَه} فِي مَوضِع رفع مَبْنِيّ على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي لنا أَو فِي الْوُجُود
وَاعْترض صَاحب الْمُنْتَخب تَقْدِير الْخَبَر فَقَالَ إِن كَانَ لنا فَيكون معنى قَوْله {لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} معنى قَوْله {وإلهكم إِلَه وَاحِد} فَيكون تَكْرَارا مَحْضا وَإِن كَانَ فِي الْوُجُود كَانَ نفيا لوُجُود الْإِلَه وَمَعْلُوم أَن نفي الْمَاهِيّة أقوى فِي التَّوْحِيد الصّرْف من نفي الْوُجُود فَكَانَ إِجْرَاء الْكَلَام على ظَاهره والإعراض عَن هَذَا الْإِضْمَار أولى
وَأجَاب أَبُو عبد الله المرسي فِي ري الظمآن فَقَالَ هَذَا كَلَام من لَا يعرف لِسَان الْعَرَب فَإِن {إِلَه} فِي مَوضِع الْمُبْتَدَأ على قَول سِيبَوَيْهٍ وَعند غَيره اسْم {لَا} وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا بُد من خبر للمبتدأ أَو للا فَمَا قَالَه من الِاسْتِغْنَاء عَن الْإِضْمَار فَاسد وَأما قَوْله إِذا لم يضمر كَانَ نفيا للماهية فَلَيْسَ بِشَيْء لِأَن نفي الْمَاهِيّة هُوَ نفي الْوُجُود لِأَن الْمَاهِيّة لَا تتَصَوَّر عندنَا إِلَّا مَعَ الْوُجُود فَلَا فرق بَين لَا مَاهِيَّة وَلَا وجود وَهَذَا مَذْهَب أهل السّنة خلافًا للمعتزلة فَإِنَّهُم يثبتون الْمَاهِيّة عَارِية عَن الْوُجُود انْتهى
قلت مَا ذكر صَاحب الْمُنْتَخب من عدم تَقْدِير خبر يشبه مَا يَقُوله الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رحمه الله فِي إِعْرَاب {الله} من قَوْله تَعَالَى {وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلقهمْ ليَقُولن الله} كَمَا سنحكيه إِن شَاءَ الله فِي تَرْجَمته لَكِن يبْقى عَلَيْهِ أَن لَا يَجْعَل هُنَا مُبْتَدأ بل يَجْعَل {إِلَه} كلمة مُفْردَة لَا معربة وَلَا مَبْنِيَّة وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَال لَهُ لَا بُد للمبتدأ من خبر إِذْ لَا مُبْتَدأ حَتَّى يَسْتَدْعِي خَبرا ويقوى هَذَا على رَأْي بني تَمِيم فَإِنَّهُم لَا يثبتون الْخَبَر وَأكْثر الْحِجَازِيِّينَ على حذفه
فَإِن قلت هَب أَنهم لَا يثبتونه وَلَكِن يقدرونه
قلت إِن سلمنَا أَنهم يقدرونه فَذَلِك لجعلهم الِاسْم مُبْتَدأ وَمن لَا يَجعله مُبْتَدأ لَا يسلم التَّقْدِير ثمَّ أَقُول الْمَفْهُوم من كَلَام صَاحب الْمُنْتَخب رد هذَيْن الإضمارين وهما إِضْمَار لنا وإضمار فِي الْوُجُود لَا رد مُطلق الْإِضْمَار فَلَو أضمر متصورا وَنَحْو ذَلِك من التَّقْدِير الْعَام لم يُنكره ففهم المرسي عَنهُ أَنه لَا يقدر الْخَبَر فِيهِ نظر وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يقدره هَذَا الْإِضْمَار لَا مُطلق الْخَبَر
وَأما قَوْله لَا فرق بَين نفي الْمَاهِيّة وَنفي الْوُجُود فَصَحِيح لَكِن قَول المرسي إِن الْمَاهِيّة لَا تتَصَوَّر عندنَا إِلَّا مَعَ الْوُجُود مُسْتَدْرك فَإِن الْمَاهِيّة عندنَا معاشر الأشاعرة نفس وجودهَا وَلَا نقُول إِنَّه لَا تتَصَوَّر إِلَّا مَعَ وجودهَا وَهَذَا مُقَرر فِي أصُول الديانَات