المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحمد أوسع الصفات وأعم المدائح - طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل [في أنَّ اللَّه هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه]

- ‌ الصوابُ في مسألة علَّة احتياج العالم إلى الرب

- ‌[تعريف الفقر ودرجاته عند الهروي

- ‌فصل [مقتضيات الدرجة الثانية من الفقر]

- ‌عبوديته باسمه "الأوَّل

- ‌[تفسير الدرجة الثالثة من الفقر]

- ‌الفقر والتجريد والفناء من واد واحد

- ‌ تجريد الحنيفية

- ‌فصل [في الغنى وانقسامه إلى عالٍ وسافل]

- ‌فصل في ذكر كلمات عن أرباب الطريق في الفقر والغنى

- ‌فصل

- ‌[الاحتجاج بالقدر، والنصوص الواردة في إثباته]

- ‌فصل

- ‌العز يقتضي كمال القدرة

- ‌ معنى كون حمده يملأ السماوات والأرض وما بينهما

- ‌الحمد أوسع الصفات وأعم المدائح

- ‌ الثاني: حمد النعم والآلاء

- ‌قاعدة في مشاهد الناس في المعاصي والذنوب

- ‌قاعدة [في الإنابة ودرجاتها]

- ‌قاعدة في ذكر طريق قريب موصِل(1)إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال.وهي شيئان:

- ‌الثاني(5): صدق التأهب للقاءِ اللَّه عز وجل

- ‌قاعدة شريفة [الطريق إلى اللَّه واحد]

- ‌قاعدة(1)[السير إلى اللَّهِ لا يتمّ إلا بقوتين: علمية وعملية]

- ‌قاعدة نافعة [أقسام العباد في سفرهم إلى ربهم]

- ‌ متاجر الأقسام الثلاثة

- ‌ الظالم لنفسه

- ‌ الأشقياء

- ‌ الأبرار المقتصدون

- ‌ السابقون المقرَّبون

- ‌إذا وضع أحدُهم جنبَه على مضجعه

- ‌المثال الأوَّل: الإرادة

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الوجه الثالث:

- ‌الوجه الرابع:

- ‌الوجه الخامس:

- ‌الوجه السادس:

- ‌الوجه السابع:

- ‌ الوجه الثامن:

- ‌الوجه التاسع:

- ‌الوجه الحادي عشر:

- ‌الوجه الثاني عشر:

الفصل: ‌الحمد أوسع الصفات وأعم المدائح

وحمدَ ثناءٍ ومدح، ويجمعهما "التبارُك"، فتبارك اللَّه يشمل ذلك كلَّه، ولهذا ذكر هذه الكلمة عقيب قوله:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف/ 54].

ف‌

‌الحمد أوسع الصفات وأعم المدائح

، والطرقُ إلى العلم به في غاية الكثرة، والسُّبُل

(1)

إلى اعتباره في ذرات العالم

(2)

وجزئياته وتفاصيل الأمر والنهي واسعة جدًّا، لأنَّ جميع أسمائه تبارك وتعالى حمد، وصفاته حمد، وأفعاله حمد، وأحكامه حمد، وعدله في انتقامه

(3)

من أعدائه حمد، وفضله في إحسانه

(4)

إلى أوليائه حمد. والخلق والأمر إنَّما قام بحمده، ووجد بحمده، وظهر بحمده، وكان لغاية

(5)

هي حمده. فحمده سبب ذلك، وغايته، ومظهره، وحامله؛ فحمده روح كل شيء، وقيام كل شيء بحمده. وسريانُ حمده في الوجودات

(6)

وظهورُ آثاره فيه

(7)

أمرٌ مشهود بالأبصار والبصائر.

فمن الطرق الدالّة على شمول معنى الحمد وانبساطه على جميع المعلومات

(8)

معرفةُ أسمائه وصفاته، وإقرار العبد بأنَّ للعالم إلهًا حيًّا

= وتحريف.

(1)

"ك، ط": "السبيل".

(2)

"ب": "كليات العالم".

(3)

"ك": "وعدله وانتقامه". "ط": "وعدله حمد وانتقامه".

(4)

"ك": "فضله وإحسانه".

(5)

"ط": "الغاية".

(6)

كذا في الأصل و"ن". وفي "ف" وغيرها: "الموجودات".

(7)

كذا في الأصل وغيره بإفراد الضمير المذكر، ولعله يقصد الوجود.

(8)

"ب": "المخلوقات".

ص: 264

جامعًا

(1)

لكل صفة كمال، واسم حسن، وثناء جميل، وفعل كريم؛ وأنَّه سبحانه له القدرة التامة، والمشيئة النافذة، والعلم المحيط، والسمع الذي وسمع الأصوات، والبصر الذي أحاط بجميع المبصرات، والرحمة التي وسعت جميع المخلوقات، والملك الأعلى الذي لا يخرج

(2)

عنه ذرَّة من الذرَّات، والغنى التام المطلق من جميع الجهات، والحكمة البالغة المشهودُ أثرُها

(3)

في الكائنات، والعزَّة العالية

(4)

بجميع الوجوه والاعتبارات، والكلماتُ التامَّات النافذات التي لا يجاوزهنَّ برٌّ ولا فاجر من جميع البريّات

(5)

.

واحدٌ لا شريك له في ربوبيته، ولا في إلهيته. ولا شبيه له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. وليس له من يَشرَكه في ذرَّة من ذرَّات ملكه، أو يخلُفه في تدبير خلقه، أو يحجبه عن داعيه ومؤمليه

(6)

وسائليه

(7)

، أو يتوسط بينهم وبينه بتلبيس أو فِرية أو كذب، كما يكون

(1)

في الأصل: "إله حي جامع"، وفي حاشيته:"صوابه إلهًا حيًّا جامعًا"، وكذا نقل الأصل مع حاشيته في "ف". وفي "ن" كما في الأصل. وفي "ب، ك، ط" كما أثبتنا.

(2)

"ب": "لا تخرج"، والأصل غير منقوط.

(3)

"ف": "المشهودة الرعاية"، وكلمة "الرعاية" تحريف غريب لكلمة "أثرها" المكتوبة في الأصل فوق السطر مع علامة "صح". وفي "ك":"المشهودة آثارها"، وفي "ب":"المشهورة. . . "، وفي "ط":"المشهود. . . ".

(4)

كذا في الأصل و"ف" بالياء المثناة. وفي "ك، ط": "الغالبة". وفي "ب": "العالمية" وهو تحريف ما في الأصل.

(5)

"ن": "المخلوقات".

(6)

"ك، ط": "أو مؤمليه".

(7)

"ط": "أو سائليه".

ص: 265

بين الرعايا وبين الملوك. ولو كان كذلك لفسد نظام الوجود، وفسد العالم بأسره فَـ

(1)

{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء/ 22]، فلو كان

(2)

معه آلهة أخرى -كما يقوله أعداؤه المبطلون- لوقع من النقص في التدبير وفساد الأمر كله ما لا يثبتُ معه حال، ولا يصلح معه

(3)

وجود.

ومن أعظم نعمه علينا وما استوجب به

(4)

حمدَ عباده له أن جعلنا

(5)

عبيدًا له خاصَّةً، ولم يجعلنا نَهْبًا

(6)

منقسمين بين شركاء متشاكسين، ولم يجعلنا عبيدًا لإلهٍ نحتَتْه الأفكار، لا يسمع أصواتنا

(7)

، ولا يبصر أفعالنا، ولا يعلم أحوالنا، ولا يملك لعابديه ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا

(8)

، ولا تكلَّم قط ولا يتكلم، ولا يأمر ولا ينهى، ولا تُرفع إليه الأيدي، ولا تعرج الملائكة والروح إليه، ولا يصعد إليه

(9)

الكلمُ الطيب، ولا يُرفع إليه العمل الصالح.

وإنَّه ليسَ داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه، ولا عن يمينه ولا عن يساره ولا خلفه ولا أمامه، ولا متصلًا به ولا منفصلًا

(1)

حذفت الفاء في "ط".

(2)

"ك، ط": "ولو كان".

(3)

ما عدا الأصل و"ف": "عليه".

(4)

"ب، ك": "استوجبه حمد"، "ط":"استوجب حمد".

(5)

"ك، ط": "يجعلنا".

(6)

"ب، ك، ط": "ربنا"، تحريف. و"النهب" هنا بمعنى المنهوب.

(7)

"ب": "أقوالنا".

(8)

من هنا إلى "ترك ما نهوا عنه" في ص (267) سقط من "ب".

(9)

"إليه" ساقط من "ك".

ص: 266

عنه

(1)

، ولا مماسًّا

(2)

له ولا بائنًا

(3)

ولا مستويًا

(4)

على عرشه، ولا هو فوق عباده ولا عاليًا عليهم،

(5)

وحظ العرش منه حظُّ الحُشوش والأخلية. ولا تنزل الملائكة من عنده، بل لا ينزل من عنده شيء، ولا يصعد إليه شيء، ولا يقرب منه شيء، ولا يقرب من شيء

(6)

. ولا يُحِبُّ ولا يُحَب، ولا يلتذ المؤمنون بالنظر إلى وجهه الكريم في دار الثواب، بل ليس له وجه يُرَى، ولا له يدٌ يقبض بها

(7)

السماوات وأخرى يقبِض بها الأرض. ولا له

(8)

فعل يقوم به، ولا حكمة تقوم به، ولا كلَّم موسى تكليمًا، ولا تجلَّى للجبل فجعله دكًّا هشيمًا. ولا يجيء يوم القيامة لفصل القضاء، ولا ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، فيقول: "لا أسأل

(9)

عن عبادي غيري"

(10)

، ولا يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه.

ويجوز في حكمته تعذيبُ أنبيائه ورسله وملائكته وأهل طاعته

(1)

من هنا إلى "عاليًا عليهم" لم يظهر في مصورة الأصل، وهو مما ألحق في أعلى الورقة، فاعتمدنا على "ف".

(2)

كذا في ف. وفي "ك": "مجانبًا"، وفي "ط":"محاذيًا"، ولعلَّ صواب ما فيهما:"محايثا"، كما ورد فيما بعد. وهو ساقط من "ن".

(3)

كذا في "ف". وفي "ك، ط": "مباينًا". وهو ساقط من "ن".

(4)

"ن، ك، ط": "ولا هو مستوٍ".

(5)

"ولا عاليًا عليهم" لم يرد في "ن، ك، ط". ومكانه في "ن": "ولا يرى من فوق سبع ويسمع"!

(6)

"ولا يقرب من شيء" ساقط من "ك، ط".

(7)

في الأصل: "به" سهو.

(8)

"له" ساقط من "ط".

(9)

"لا" ساقط من "ط".

(10)

كما جاء في حديث رفاعة الجهني في مسند أحمد 26/ 152، 157 (16215، 16218).

ص: 267

أجمعين من أهل السماوات والأرضين، وتنعيمُ أعدائه من الكفَّار به والمحاربين له والمكذبين له ولرسله. والكلُّ بالنسبة إليه سواءٌ، ولا فرق البتة إلا أنَّه أخبر أنه لا يفعل ذلك، فامتنع للخبر بأنَّه لا يفعله، لا لأنَّه في نفسه منافٍ لحكمته.

ومع ذلك فرضاه عينُ غضبه، وغضبُه عينُ رضاه، ومحبته كراهته، وكراهته محبته، إن هو

(1)

إلا إرادة محضة ومشيئة صرفة يشاء بها، لا لحكمة ولا لغاية ولا لأجل مصلحة. ومع ذلك يعذِّب عباده على ما لم يعملوه ولا قدرة لهم عليه، بل يعذبهم على نفس فعله الذي فعله هو وينسبه إليهم، ويعذبهم إذ لم يفعلوا فعله ويلومهم عليه. ويجوز في حكمته أن يعذب رجالًا إذ

(2)

لم يكونوا نساءً، ونساءً حيث

(3)

لم يكونوا رجالًا، وطِوالًا إذ

(4)

لم يكونوا قصارًا وبالعكس، وسودًا إذ

(5)

لم يكونوا بيضًا وبالعكس. بل تعذيبُه لهم على مخالفته هو من هذا الجنس، إذ لا قدرة لهم البتة على فعل ما أُمروا به، ولا ترك ما نُهوا عنه.

فله الحمدُ والمنَّة والثناءُ الحسن الجميل، إذ

(6)

لم يجعلنا عبيدًا لمن هذا شأنُه، فنكون مضيعين، ليس لنا ربٌّ نقصده، ولا صمدٌ نتوجه إليه ونعبده

(7)

، ولا إله نعول عليه، ولا رب نرجع إليه، بل قلوبنا تنادي في

(1)

"ط": "هي".

(2)

"ط": "إذا"، خطأ.

(3)

"ف": "إذ" خلاف الأصل.

(4)

"ك، ط": "حيث".

(5)

"ط": "إذا"، وصحح في القطرية.

(6)

"ط": "إذا"، خطأ.

(7)

"ونعبده" ساقط من "ب".

ص: 268

طرق الحيرة: من دلَّنا وجمع علينا ربًّا ضائعًا، لا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث

(1)

له، ولا متصل به ولا منفصل عنه، ولا ينزل من عنده شيء ولا يصعد إليه شيء، ولا كلَّم أحدًا ولا يكلمه أحد. ولا ينبغي لأحد أن يذكر صفاته، ولا يعرّفه بها، بل يهجرها بلسانه فلا يتكلم بها، وبقلبه فلا يعقلها. وينبغي

(2)

له أن يعاقب بالقتل أو الضرب والحبس من ذكرها، أو أخبر عنه بها، أو أثبتها له، أو نسبها إليه، أو عرَّفه بها. بل التوحيد الصرف

(3)

جحدُها، وتعطيله عنها، ونفي قيامها به واتصافه بها. وما لم تدركه عقولنا من ذلك فالواجب نفيُه، وجحده، وتكفير من أثبته، واستحلال دمه وماله، أو تبديعه وتضليله وتفسيقه. وكلَّما كان النفيُ أبلغَ كان التوحيدُ أتم، فليس كذا وليس كذا أبلغ في التوحيد من قولنا هو كذا وهو كذا.

فللّه العظيم أعظمُ حمدٍ وأتمُّه وأكملُه

(4)

على ما منَّ به

(5)

من معرفته وتوحيده، والإقرار بصفاته العُلى وأسمائه الحسنى، وإقرار قلوبنا بأنَّه اللَّه الذي لا إله إلا هو، عالمُ الغيب والشهادة، ربِّ العالمين، قيومُ السماوات والأرضين، إلهُ الأولين والآخرين، لم يزل

(6)

ولا يزال موصوفًا بصفات الجلال، منعوتًا بنعوت الكمال، منزهًا عن أضدادها من

(1)

"ن": "مجانب"، "ط":"محاذٍ". وهو ساقط من "ب".

(2)

النص من "لأحد أن يذكر" إلى هنا ساقط من "ب، ط"، ومستدرك في حاشية "ك" بخط متأخر.

(3)

زاد في "ب": "عندهم".

(4)

"ب": "أكمل حمد وأتمه وأعظمه".

(5)

"ب": "منَّ به علينا".

(6)

"لم يزل" ساقط من "ب، ك، ط".

ص: 269

النقائص والتشبيه والمثال.

فهو الحيُّ القيُّوم الذي لكمال حياته، وقيوميته لا تأخذه سنةٌ ولا نوم. مالك السماوات والأرض الذي لكمال ملكه لا يشفع عنده أحدٌ إلا بإذنه.

والعالمُ بكل شيء، الذي لكمال علمه يعلم ما بين أيدي الخلائق وما خلفهم، فلا تسقط ورقة إلا بعلمه، ولا تتحرَّك ذرَّة إلا بإذنه. يعلم دبيبَ الخواطر في القلوب حيث لا يطلع عليها الملَك، ويعلم ما سيكون منها حيث لا يطلع عليها

(1)

القلب.

البصير الذي لكمال بصره يرى تفاصيل خلقِ الذرَّة الصغيرة وأعضائها ولحمها ودمها ومخها وعروقها، ويرى دبيبَها على الصخرة الصمَّاء في الليلة الظلماء، ويرى ما تحت الأرضين السبع كما يرى ما فوق السماوات السبع.

السميع الذي قد استوى في سمعه سرُّ القول وجهرُه، وسع سمعُه الأصوات، فلا تختلف عليه أصوات الخلق ولا تشتبه عليه، ولا يشغله منها سمع عن سمع، ولا تغلّطه المسائل، ولا تُبرمه

(2)

كثرةُ سؤالِ

(3)

السائلين. قالت عائشة: الحمد للَّه الذي وسع سمعُه الأصوات، لقد جاءت المجادلةُ تشكو إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإنَّه

(4)

لَيَخفى عليَّ بعض كلامها، فأنزل اللَّه عز وجل:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)} [المجادلة/ 1]

(5)

.

(1)

"ب، ك، ط": "عليه".

(2)

هذه قراءة "ف". وفي غيرها: "يبرمه".

(3)

"سؤال" ساقط من "ب، ك، ط".

(4)

"ب، ك، ط": "وإنِّي".

(5)

أخرجه ابن ماجه (188)، والنسائي (6/ 168)، وفي الكبرى له (2654). =

ص: 270

القدير الذي لكمال قدرته يهدي من يشاء ويُضِلُّ من يشاء، ويجعل المؤمن مؤمنًا والكافر كافرًا، والبر برًّا والفاجر فاجرًا. وهو الذي جعل إبراهيم وآله أئمةً يدعون إليه ويهدون بأمره، وجعل فرعون وقومَه أئمةً يدعون إلى النَّارِ. ولكمال قدرته لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء سبحانه أن يُعلِّمه إيَّاه. ولكمال قدرته خلَقَ السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وما مسَّه من لغوب. ولا يُعجِزه أحدٌ من خلقه، ولا يفوته، بل هو في قبضته أين كان، وإن

(1)

فرَّ منه فإنَّما يطوي المراحلَ في يديه، كما قيل:

وكيف يفِرُّ المرءُ عنك بذنبه

إذا كان يطوي في يديك المراحلا؟

(2)

ولكمال غناه استحال إضافةُ الولد والصاحبة والشريك والظهير

(3)

والشفيع بدون إذنه إليه. ولكمال عظمته وعلوه

(4)

وسِع كرسيُّه السمواتِ والأرضِ، ولم تسعه أرضُه ولا سماواته، ولم تُحِطْ به مخلوقاته، بل هو العالي على كلِّ شيء، الظاهر فوق كل شيء

(5)

، وهو بكلِّ شيء محيط.

= وأحمد (24195). والحديث صححه الحاكم ولم يتعقبه الذهبي. (ز)

(1)

هذه قراءة "ف". وفي غيرها: "فإن".

(2)

البيت لأبي العرب مصعب بن عبد اللَّه بن أبي الفرات القرشي العبدري الصقلي المتوفى بميورقة سنة (506 هـ). انظر فوات الوفيات (4/ 145). وفيه: "فأين يفر. . . بجرمه".

(3)

"والظهير" ساقط من "ب، ك، ط".

(4)

"ك": "ولعلوه".

(5)

"الظاهر فوق كل شيء" من الأصل و"ف".

ص: 271

لا تنفد

(1)

كلماته ولا تبيد، بل

(2)

لو أنَّ البحر يمده من بعده سبعةُ أبحر مدادٌ، وأشجارُ الأرض أقلامٌ

(3)

، فكتب بذلك المداد وتلك

(4)

الأقلام، لَنَفِد المداد

(5)

، وفنيت الأقلام؛ ولم تنفد كلماته، إذ هي غير مخلوقة، ويستحيل أن يفنى غيرُ المخلوق بالمخلوق. ولو كان كلامه مخلوقًا -كما قاله

(6)

من لم يقدُره حقَّ قدره، ولا أثنى عليه بما هو أهلُه- لكان أحقَّ بالفناءِ

(7)

من هذا المداد وهذه الأقلام، لأنَّه إذا كان مخلوقًا فهو نوعٌ من أنواع مخلوقاته، ولا يحتمل المخلوق إفناءَ هذا المداد وهذه الأقلام، وهو باقٍ غيرُ فانٍ.

وهو سبحانه يحب رسله وعباده المؤمنين، ويحبونه

(8)

، بل لا شيء أحبّ إليهم منه، ولا أشوق إليهم من لقائه، ولا أقرَّ لعيونهم من رؤيته، ولا أحظى عندهم من قربه.

وإنَّه سبحانه له الحكمة البالغة في خلقه وأمره، وله النعمة السابغة على خلقه، وكلُّ نعمةٍ منه فضلٌ، وكلُّ نقمةٍ منه عدل.

وإنَّه أرحمُ بعباده من الوالدة بولدها، وأفرحُ

(9)

بتوبة عبده من واجد

(1)

"ك، ط": "ولا تنفد".

(2)

"ط": "ولا تبدل" مكان "ولا تبيد، بل"، تحريف.

(3)

"ب، ك، ط": "مدادًا. . . أقلامًا" خطأ. و"مداد" ساقط من "ن".

(4)

"ب، ك، ط": "بتلك".

(5)

"ب": "لفني المداد".

(6)

"ب": "قال".

(7)

"ب": "بهذا الفناء".

(8)

في الأصل: "ويحبونهم" سبق قلم.

(9)

كذا في "ف، ن". وفي غيرها: "وإنَّه أفرح"، والظاهر أنَّ "إنَّه" مع كلمة أخرى =

ص: 272

راحلته التي عليها طعامُه وشرابُه في الأرضِ المهلكة بعد فقدها واليأس منها.

وإنَّه سبحانه لم يكلِّف عبادَه إلا وسعهم، وهو دون طاقتهم، فقد يطيقون الشيء ويضيق عليهم، بخلاف وسعهم، فإنَّه

(1)

ما يسعونه، ويسهل عليهم، وتفضُل

(2)

قُدَرُهم عنه، كما هو الواقع.

وإنَّه سبحانه لا يعاقب أحدًا بغير فعله، ولا يعاقبه على فعل غيره، ولا يعاقبه بترك ما لا يقدِر على فعله، ولا على فعل

(3)

ما لا قدرةَ له على تركه.

وإنَّهُ سبحانه حليم

(4)

كريم جواد ماجد محسن ودود صبور شكور، يُطاع فيشكر، ويُعصَى فيغفِر. لا أحدَ أصبرُ على أذى سمعه منه، ولا

(5)

أحبُّ إليه المدحُ منه، ولا أحب إليه العذرُ منه. ولا أحدَ

(6)

أحبُّ إليه الإحسانُ منه، فهو محسن يحب المحسنين، شكورٌ يحب الشاكرين.

جميلٌ يحب الجمال، طيِّبٌ يحب كلَّ طيب، نظيفٌ يحب النظافة، عليمٌ يحب العلماء من عباده، كريمٌ يحب الكرماء، قويٌّ والمؤمن القوي

= مضروب عليها في الأصل.

(1)

"ف": "فإنَّهم" سهو.

(2)

"ك، ط": "يفضل".

(3)

"فعل" سقط من "ط" واستدرك في القطرية.

(4)

"ب، ك، ط": "حكيم".

(5)

"ف": "ولا أحد" خلاف الأصل.

(6)

"أحد" ساقط من "ب".

ص: 273

أحب إليه من المؤمن الضعيف، برٌّ يحب الأبرار، عدلٌ يحب أهل العدل، حييٌّ سِتِّيرٌ يحب أهل الحياء والستر، عفوٌّ غفورٌ يحب مَن يعفو عن عباده ويغفر لهم، صادقٌ يحب الصادقين، رفيقٌ يحب الرفق، جوادٌ يحب الجود وأهله، رحيمٌ يحب الرحماء، وترٌ يحب الوتر.

يحبُّ

(1)

أسماءَه وصفاتِه، ويحبُّ المتعبدين له بها، ويحب من يسأله بها

(2)

ويدعوه بها، ويحب من يعرفها ويعقلها، ويثني عليه بها، ويحمده ويمدحه بها، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا أحد أحبُّ إليه المدحُ من اللَّه، من أجلِ ذلك أثنى على نفسه. ولا أحدَ أغيرُ من اللَّه، من أجلِ ذلك حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحدَ أحب إليه العذرُ من اللَّهِ، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشِّرين ومنذرين"

(3)

.

وفي حديثٍ آخر صحيح: "لا أحدَ أصبرُ على أذى يسمعُه

(4)

من اللَّه، يجعلون له ولدًا وهو يرزقهم ويعافيهم"

(5)

.

ولمحبته لأسمائه وصفاته أمر عباده بموجبها ومقتضاها، فأمرهم

(6)

بالعدل والإحسان والبر والعفو والجود والصبر والمغفرة

(1)

"ط": "ويحب".

(2)

"بها" ساقط من "ط".

(3)

أخرجه البخاري في التفسير (4634) وغيره، ومسلم في التوبة (2760) عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه.

(4)

هذا في الأصل و"ف"، وهو لفظ مسلم. وفي غيرها:"سمعه"، وهو لفظ البخاري.

(5)

أخرجه البخاري في الأدب (6099) وغيره، ومسلم في صفات المنافقين (2804) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

(6)

"ف": "وأمرهم".

ص: 274

والرحمة والصدق والعلم والشكر والحلم والأناة والتثبت. ولمَّا كان سبحانه يحب أسماءَه وصفاته كان أحب خلقه

(1)

إليه من اتصف بالصفات التي يحبها، وأبغضهم

(2)

إليه من اتصفَ بالصفاتِ التي يكرهها. فإنَّما أبغضَ من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت؛ لأنَّ اتصافه بها ظلم، إذ لا تليق به هذه الصفات ولا تحسن منه، لمنافاتها لصفات العبيد، وخروجِ من اتَّصف بها من رِبقة العبودية، ومفارقته لمنصبه ومرتبته، وتعدّيه طورَه وحدّه. وهذا بخلافِ

(3)

ما تقدم من الصفات كالعلمِ والعدلِ والرحمة والإحسان والصبر والشكر، فإنَّها لا تنافي العبودية، بل اتصافُ العبد بها من كمال عبوديته، إذ المتصف بها من العبيد لم يتعدَّ طورَه ولم يخرج بها من دائرة العبودية.

والمقصود أنَّه سبحانه لكمال أسمائه وصفاته موصوفٌ بكلِّ صفة كمال، منزَّهٌ عن كلِّ نقص، له كلُّ ثناءٍ حسن، ولا يصدر عنه إلا كلُّ فعلٍ جميل، ولا يُسمَّى إلا بأحسن الأسماءِ، ولا يُثنَى عليه إلا بأكمل الثناءِ. وهو المحمود المحبوب المعظم ذو الجلال والإكرام على كلِّ ما خلقه وقدَّره

(4)

، وعلى كلِّ ما أمر به وشرعه.

ومن كان له نصيبٌ من معرفة أسمائه الحسنى واستقرى

(5)

آثارها في الخلقِ والأمر، رأى الخلق والأمر منتظمَين بها أكمل انتظام، ورأى

(1)

"ك، ط": "الخلق".

(2)

"ب": "وأبغض خلقه".

(3)

"ك، ط": "خلاف".

(4)

"ك، ط": "قدره وخلقه".

(5)

"ب": "واستقراء"، وهي قراءة محتملة.

ص: 275

سَريان آثارها فيهما، وعلم -بحسب معرفته- ما يليق بكماله وجلاله أن يفعله وما لا يليق، فاستدلَّ بأسمائه على ما يفعله وما لا يفعله، فإنَّه لا يفعل خلافَ موجَب حمده وحكمته. وكذلك يعلم ما يليق به أن يأمر به ويشرعه ممَّا لا يليق به. فيعلم أنِّه لا يأمر بخلاف موجَب حمده وحكمته.

فإذا رأى في بعض الأحكام جورًا وظلمًا أو سفهًا وعبثًا أو مفسدة

(1)

أو ما لا يُوجِب حمدًا وثناءً فَلْيعلَمْ أنَّه ليس من أحكامه ولا دينه، وأنَّه بريء منه ورسولُه، فإنَّه إنَّما يأمرُ بالعدل لا بالظلم، وبالمصلحة لا بالمفسدة، وبالحكمة لا بالعبث والسفَه. وإنَّما بعث رسوله بالحنيفية السمحة لا بالغلظة والشدة، وبعثه بالرحمة لا بالقسوة، فإنَّه أرحم الرَّاحمين، ورسولُه رحمةٌ مهداةٌ إلى العالمين، ودينُه كلُّه رحمة، وهو نبي الرحمة، وأمتُه الأمة المرحومة. وذلك كله موجَب أسمائه الحسنى وصفاته العلى

(2)

وأفعاله الحميدة، فلا يُخبَر عنه إلا بحمده، ولا يثنى عليه إلا بأحسن الثناءِ، كما لا يسمَّى إلا بأحسن الأسماء.

وقد نبَّه سبحانه على شمول حمده لخلقِه

(3)

وأمرِه بأن حمِد نفسَه في أوَّل الخلق وآخره، وعند الأمر والشرع؛ وحمد نفسَه على ربوبيته للعالمين، وحمد نفسَه على تفرده بالإلهية وعلى حياته. وحمد نفسَه على امتناع اتصافه بما لا يليق بكماله من اتخاذ الولد والشريك وموالاةِ أحد من خلقه لحاجة

(4)

إليه. وحمد نفسَه على علوه وكبريائه، وحمد

(1)

"ك، ط": "ومفسدة".

(2)

"ط": "العليا".

(3)

"ب": "خلقه لحمده"، خطأ.

(4)

"ب، ك، ط": "لحاجته".

ص: 276

نفسَه في الأولى والآخرة. وأخبر عن سَرَيان حمدِه في العالم العلوي والسفلي. ونبَّه على هذا كلِّه في كتابه، وحمد نفسَه عليه؛ فنوّع

(1)

حمدَه وأسبابَ حمده، وجمعها تارةً، وفرَّقها أخرى، ليتعرَّف إلى عباده، ويعرِّفهم كيف يحمدونه وكيف يثنون عليه، وليتحبَّب إليهم بذلك، ويحبهم إذا عرفوه وأحبوه وحمدوه.

قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} [الفاتحة/ 2 - 4].

وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)[الأنعام/ 1].

وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)} [الكهف/ 1 - 2].

وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)} [سبأ/ 1].

وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر/ 1].

وقال: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)} [القصص/ 70].

وقال: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ

(1)

"ك، ط": "فتنوع".

ص: 277

لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)} [غافر/ 65].

وقال: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)} [الروم/ 17 - 18].

وأخبر عن حمدِ خلقِه له بعد فصلِه بينهم، والحكم لأهل طاعته بثوابه وكرامته، والحكم لأهل معصيته بعقابه وإهانته:{وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)} [الزمر/ 75].

وأخبر عن حمد أهل الجنَّة له وأنَّهم لم يدخلوها إلا بحمده، كما أنَّ أهل النَّارِ لم يدخلوها إلا بحمده، فقال أهل الجنَّة:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا} [الأعراف/ 43] و {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس/ 10].

وقال عن أهل النَّار: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (74) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [القصص/ 74 - 75].

وقال تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)} [الملك/ 11].

وشهدوا على أنفسهم بالكفر والظلم، وعلموا أنَّهم كانوا كاذبين في الدنيا، مكذبين بآيات ربهم، مشركين به، جاحدين لإلهيته، مفترين عليه. وهذا اعتراف منهم بعدله فيهم، وأخذهم ببعض حقه عليهم، وأنَّه غيرُ ظالمٍ لهم، وأنَّهم إنَّما دخلوا النَّارَ بعدله وحمده، وإنَّما عوقبوا بأفعالهم وبما كانوا قادرين على فعله وتركه، لا كما يقول الجبرية.

ص: 278