المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعريف الفقر ودرجاته عند الهروي - طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل [في أنَّ اللَّه هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه]

- ‌ الصوابُ في مسألة علَّة احتياج العالم إلى الرب

- ‌[تعريف الفقر ودرجاته عند الهروي

- ‌فصل [مقتضيات الدرجة الثانية من الفقر]

- ‌عبوديته باسمه "الأوَّل

- ‌[تفسير الدرجة الثالثة من الفقر]

- ‌الفقر والتجريد والفناء من واد واحد

- ‌ تجريد الحنيفية

- ‌فصل [في الغنى وانقسامه إلى عالٍ وسافل]

- ‌فصل في ذكر كلمات عن أرباب الطريق في الفقر والغنى

- ‌فصل

- ‌[الاحتجاج بالقدر، والنصوص الواردة في إثباته]

- ‌فصل

- ‌العز يقتضي كمال القدرة

- ‌ معنى كون حمده يملأ السماوات والأرض وما بينهما

- ‌الحمد أوسع الصفات وأعم المدائح

- ‌ الثاني: حمد النعم والآلاء

- ‌قاعدة في مشاهد الناس في المعاصي والذنوب

- ‌قاعدة [في الإنابة ودرجاتها]

- ‌قاعدة في ذكر طريق قريب موصِل(1)إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال.وهي شيئان:

- ‌الثاني(5): صدق التأهب للقاءِ اللَّه عز وجل

- ‌قاعدة شريفة [الطريق إلى اللَّه واحد]

- ‌قاعدة(1)[السير إلى اللَّهِ لا يتمّ إلا بقوتين: علمية وعملية]

- ‌قاعدة نافعة [أقسام العباد في سفرهم إلى ربهم]

- ‌ متاجر الأقسام الثلاثة

- ‌ الظالم لنفسه

- ‌ الأشقياء

- ‌ الأبرار المقتصدون

- ‌ السابقون المقرَّبون

- ‌إذا وضع أحدُهم جنبَه على مضجعه

- ‌المثال الأوَّل: الإرادة

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الوجه الثالث:

- ‌الوجه الرابع:

- ‌الوجه الخامس:

- ‌الوجه السادس:

- ‌الوجه السابع:

- ‌ الوجه الثامن:

- ‌الوجه التاسع:

- ‌الوجه الحادي عشر:

- ‌الوجه الثاني عشر:

الفصل: ‌[تعريف الفقر ودرجاته عند الهروي

-كما تقدم- نوعان: فقرٌ إلى ربوبيته، وهو فقر المخلوقات بأسرها؛ وفقرٌ إلى إلاهيته

(1)

، وهو فقر أنبيائه ورسله وعباده [الصالحين]

(2)

، وهذا هو الفقر النافع. والذي يشير إليه القوم، ويتكلمون عليه، ويشمرون إليه، هو الفقر الخاص لا العام. وقد اختلفت عباراتهم عنه ووصفهم له، وكلٌّ أخبرَ عنه بقدر ذوقه وقدرته على التعبير.

‌[تعريف الفقر ودرجاته عند الهروي

، وتفسير كلامه]

قال شيخ الإسلام الأنصاري: "الفقر اسم للبراءة من رؤية الملَكة، وهو على ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: فقر الزهاد، وهو نفضُ اليدين من الدنيا ضبطًا أو طلبًا، وإسكات اللسان عنها ذمًّا أو مدحًا، والسلامةُ منها طلبًا أو تركًا، وهذا هو الفقر الذي تكلَّموا في شرفه.

الدرجة الثانية: الرجوعُ إلى السبق بمطالعة الفضل، وهو يورث الخلاص من رؤية الأعمال، ويقطع شهود الأحوال، ويمحّص من أدناس مطالعات

(3)

المقامات.

الدرجة الثالثة: صحة الاضطرار، والوقوعُ في يد التقطع الوحداني، والاحتباس في قيد

(4)

التجريد، وهو فقر الصوفية"

(5)

.

(1)

"ك، ط": "ألوهيته".

(2)

ما بين الحاصرتين من "ك، ط".

(3)

"ط": "مطالعة" كما في مدارج السالكين (2/ 50).

(4)

"ط": "في بيداء قيد"، كما في المدارج وبعض نسخ منازل السائرين.

(5)

منازل السائرين (56). وقارن تفسير المؤلف لكلام الهروي هنا، بما فسره في المدارج (2/ 497 - 502).

ص: 19

فقوله: "الفقرُ اسمٌ للبراءة من رؤية الملكة" يعني أنّ الفقير هو الذي يجرّد رؤية الملك لمالكه الحق، فيرى نفسه مملوكة للَّه، لا يرى نفسه مالكًا بوجه من الوجوه، ويرى أعماله مستحَقّة عليه بمقتضى كونه مملوكًا عبدًا مستعملًا فيما أمره به سيّده. فنفسه مملوكة، وأعماله مستحَقّة بموجب العبودية، فليس مالكًا لنفسه ولا لشيء من ذرّاته ولا لشيء من أعماله، بل كلّ ذلك مملوك عليه مستحقّ عليه؛ كرجل اشترى عبدًا بخالص ماله ثمّ علّمه بعض الصنائع، فلمّا تعلّمها قال له: اعمل وأدِّ إليَّ، فليس لك في نفسك ولا في كسبك شيء. فلو حصل بيد هذا العبد من الأموال والأسباب ما حصل لم ير له فيها شيئًا، بل يراها

(1)

كالوديعة في يده، وأنّها أموالُ أُستاذه وخزائنُه ونعمُه، بيد عبده مستودعها

(2)

، متصرّفًا فيها لسيّده لا لنفسه، كما قال عبد اللَّه ورسوله وخيرته من خلقه:"واللَّه إني لا أعطي أحدًا، ولا أمنع أحدًا، وإنما أنا قاسم أضع حيث أُمِرتُ"

(3)

.

فهو متصرّف في تلك الخزائن بالأمر المحض تصرُّفَ العبد المحض الذي وظيفته تنفيذ أوامر سيّده. فاللَّه هو المالك الحق، وكل ما بيد خلقِه هو من أمواله وأملاكه وخزائنه، أفاضها عليهم ليمتحنهم في البذل والإمساك، وهل يكون ذلك منهم على شاهد العبودية للَّه عز وجل، فيبذل

(4)

أحدهم الشيء رغبةً في ثواب اللَّه، ورهبةً من عقابه، وتقرّبًا

(1)

"ك، ط": "يراه".

(2)

"ك، ط": " مستودعًا".

(3)

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه البخاري في كتاب فرض الخمس (3117). وانظر المسند (16: 180)(10257).

(4)

"ك": "فبذل".

ص: 20

إليه، وطلبًا لمرضاته؟ أم يكون البذل والإمساك منهم صادرًا عن مراد النفس، وغلبة الهوى، وموجب الطبع، فيعطي لهواه ويمنع لهواه؟ فيكون متصرّفًا تصرّف المالك لا المملوك، فيكون مصدرُ تصرّفه الهوى ومرادَ النفس، وغايتُه الرغبةَ فيما عند الخلق من جاه أو رفعة أو منزلة أو مدح أو حظ من الحظوظ، أو الرهبةَ من فوت شيء من هذه الأشياءِ. وإذا كان مصدر تصرّفه وغايته هو هذه الرغبة والرهبة رأى نفسه لا محالة مالكًا، فادعى الملكة

(1)

، وخرج عن حدّ العبوديّة، ونسي فقره. ولو عرف نفسه حقّ المعرفة لعلم أنما هو مملوك ممتحَن في صورة مالك

(2)

متصرّف، كما قال تعالى:{ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)} [يونس/ 14].

وحقيق بهذا الممتحَن أن يُوكَل إلى ما ادّعته نفسه من الحالات والملكات مع المالك الحقّ سبحانه، فإنّ من ادّعى لنفسه حالةً مع اللَّه وُكِلَ إليها. ومن وُكِل إلى شيء غير اللَّه فقد أتيح

(3)

له بابُ الهلاك والعطَب، وأغلق عنه بابُ الفوز والسعادة؛ فإنّ كل شيء ما سوى اللَّه باطل، ومن وُكِلَ إلى الباطل بطل عمله، وضل سعيه، ولم يحصل إلّا على الحرمان.

فكلّ من تعلّق بشيء غير اللَّه

(4)

انقطع به أحوجَ ما كان إليه، كما قال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ

(1)

"ك، ط": "الملك".

(2)

"ك، ط": "ملِك".

(3)

"ك، ط": "فتح".

(4)

"ك، ط": "تعلق بغير اللَّه".

ص: 21

الْأَسْبَابُ (166)} [البقرة/ 166]. فالأسباب التي تقطعت بهم هي العلائق التي كانت

(1)

بغير اللَّه ولغير اللَّه، قُطِعت

(2)

بهم أحوجَ ما كانوا إليها، وذلك لأن تلك الغايات لما اضمحلّت وبطلت اضمحلّت أسبابها وبطلت، فإنّ الأسباب تبطل ببطلان غاياتها وتضمحل باضمحلالها. وكلُّ شيء هالكٌ إلّا وجهه سبحانه، فكل عمل

(3)

باطلٌ إلّا ما أريد به وجهه، وكلّ سعي لغيره فباطل

(4)

ومضمحل.

وهذا كما يشاهده الناس في الدنيا من اضمحلال السعي والعمل والكدّ والخدمة التي يفعلها العبد لمتولٍّ أو أمير أو صاحب منصب أو مال، فإذا زال ذلك الذي عمل له وعُدِمَ ضلّ ذلك

(5)

العمل، وبطل ذلك السعي، ولم يبق في يده سوى الحرمان.

ولهذا يقول اللَّه تعالى يوم القيامة: "أليس عدلًا منّي أن

(6)

أُولِّيَ كلَّ رجلٍ منكم ما كان يتولّى في الدنيا؟ "

(7)

فيتولّى عُبّاد الأصنام والأوثان

(1)

"كانت": ساقط من "ك، ط".

(2)

"ك، ط": "تقطعت".

(3)

"ك، ط": "وكل عمل".

(4)

"ك، ط": "باطل".

(5)

"ك، ط": "عمل له عدم ذلك".

(6)

"ط": "أني".

(7)

أخرجه عبد اللَّه في السنة (1203)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة (31)، والطبراني (9763)، والحاكم في المستدرك (2: 408) (3424) وغيرهم مطوَّلًا من حديث ابن مسعود.

والحديث صحَّحه ابن منده والحاكم. وقد اختلف في رفعه ووقفه، ورجَّح الدَّارقطني رفعه. وقال الذهبي: ما أنكره حديثًا على جودة إسناده! (ز).

ص: 22

أصنامَهم وأوثانَهم، فتتساقط بهم في النار. ويتولّى عابدو الشمس والقمر والنجوم آلهتهم، فإذا كوّرت الشمس، وانتثرت النجوم اضمحلّت تلك العبادة، وبطلت، وصارت حسرةً عليهم {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)} [البقرة/ 167].

ولهذا كان المشرك من أخسر الناس صفقةً وأغبنهم يوم معاده، فإنه يحال على مفلس كلَّ الإفلاس بل على عدم، والموحّد حوالته على المليء الكريم، فيا بُعدَ ما بين الحوالتين!

وقوله: "البراءَة من رؤية الملكة". ولم يقل "من الملكة"

(1)

لأنّ الإنسان قد يكون فقيرًا لا ملكة له في الظاهر، وهو عرفي عن التحقّق

(2)

بنعت الفقر الممدوحِ أهلُه الذين لا يرون مَلَكةً إلّا لمالكها الحقّ ذي

(3)

الملك والملكوت. وقد يكون العبد قد فُوض إليه من ذلك شيءٌ وجُعِلَ كالخازن فيه، كما كان سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم أوتي مُلْكًا لا ينبغي لأحد من بعده، وكذلك الخليل وشعيب والأغنياءُ من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكذلك أغنياءُ الصحابة. فهؤلاءِ لم يكونوا بريئين من الملكة في الظاهر، وهم بريئون من رؤية الملكة لنفوسهم، فلا يرون لها ملكًا حقيقيًا، بل يرون ما في أيديهم للَّه عاريةً ووديعةً في أيديهم، ابتلاهم به لينظر هل يتصرّفون فيه تصرَّفَ العبيد أو تصرَّفَ الملّاك الذين يعطون لهواهم ويمنعون لهواهم.

(1)

بلى، كذا ورد في بعض نسخ منازل السائرين التي اعتمد المؤلف عليها في مدارج السالكين (2/ 497).

(2)

"ف، ك": "التحقيق"، خطأ.

(3)

في الأصل: "ذو"، سهو، وكذا في "ن".

ص: 23

فوجود المال في يد الفقير لا يقدح في فقره، إنّما يقدح في فقره رؤيته لملكته. فمن عوفي من رؤية الملكة لم يتلوّث باطنه بأوساخ المال وتعبه وتدبيره واختياره

(1)

، وكان كالخازن لسيّده الذي ينفّذ أوامره في ماله، فهذا لو كان بيده من المال مثل

(2)

جبال الدنيا لم يضرّه.

ومن لم يُعافَ من ذلك ادّعت نفسه الملكة، فتعلّقت

(3)

به النفس تعلّقها بالشيء المحبوب المعشوق، فهو أكبر همّه ومبلغ علمه، إن أعطي رضي، وإن مُنع سخط. فهو عبد الدينار والدرهم، يصبح مهمومًا به

(4)

، ويمسي كذلك، فيبيت

(5)

مضاجعًا له. تفرح نفسه إذا ازداد، وتحزن وتأسف إذا فات منه شيء، بل يكاد يتلف إذا توهمتْ نفسه الفقر، وقد يؤثر الموت على الفقر.

والأول مستغنٍ بمولاه المالك الحيّ

(6)

الذي بيده خزائن السموات والأرض، وإذا أصاب المالَ الذي في يده نائبةٌ رأى أنّ المالك الحق هو الذي أصاب مال نفسه، فما للعبد وما للجزع والهلع؟ وإنّما تصرّفَ مالكُ المال في ملكه الذي هو وديعة في يد مملوكه، فله الحكم في ماله: إن شاءَ أبقاه، وإن شاءَ ذهب به وأفناه، فلا يتّهم مولاه في تصرّفه في ملكه، ويرى تدبيره هو موجب الحكمة. فليس لقلبه بالمال تعلّق،

(1)

في الأصل نقط الخاء وأهمل الباقي. وفي "ن" نقط التاء، وقرأها ناسخ "ف":"واحتيازه". والمثبت من "ك، ط".

(2)

"ك، ط": "أمثال".

(3)

"ك، ط": "وتعلقت".

(4)

"به" ساقط من "ن، ك، ط".

(5)

"ك، ط": "يبيت".

(6)

"ك، ط": "الحق".

ص: 24

ولا له به اكتراث، لصعوده عنه وارتفاع همّته إلى المالك الحقّ، فهو غنيّ به وبحبّه ومعرفته وقربه منه عن كل ما سواه، وهو فقير إليه دون ما سواه. فهذا هو البريء عن رؤية الملكة الموجبة للطغيان، كما قال تعالى:{كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)} [العلق/ 6 - 7] ولم يقل: "أن استغنى"، بل جعل الطغيان ناشئًا عن رؤيته

(1)

غنى نفسه.

ولم يذكر هذه الرؤية في سورة الليل بل قال: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)} [الليل/ 8 - 9]

(2)

. وهذا -واللَّه أعلم- لأنّه ذكر موجب طغيانه وهو رؤيته

(3)

غنى نفسه، وذكر في سورة الليل موجِب هلَاكه وعدم تيسيره لليسرى، وهو استغناؤه عن ربّه بترك طاعته وعبوديته، فإنه لو افتقر إليه لتقرّب إليه بما أمره به

(4)

من طاعته، فعلَ المملوك الذي لا غنى له عن مولاه طرفةَ عين ولا يجد بدًّا من امتثال أوامره. ولذلك ذكر معه بخله، وهو تركه إعطاءَ ما وجب عليه من الأقوال والأعمال وأداءِ المال، وجمع إِلى ذلك تكذيبَه بالحسنى، وهي التي وعد بها أهل الإحسان بقوله:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس/ 26].

ومن فسّرها بشهادة أن لا إله إلّا اللَّه فلأنّها أصل الإحسان، وبها تنال الحسنى. ومن فسّرها بالخلَف في الإنفاق فقد هضم المعنى حقَّه، وهو أكبر من ذلك، وإن كان الخلَف جزءًا من أجزاءِ الحسنى.

(1)

"ك، ط": "رؤية". وفي "ف": "عين نفسه"، تحريف.

(2)

زاد في "ك، ط" الآية العاشرة.

(3)

"ك، ط": "رؤية".

(4)

"به" ساقط من "ك، ط".

ص: 25

والمقصود أنّ الاستغناءَ عن اللَّه سببُ هلاك العبد وتيسيرِه لكلّ عسرى، ورؤيتُه غنى نفسه سببُ طغيانه، وكلاهما منافٍ للفقر والعبودية.

[تفسير الدرجة الأولى من الفقر]

قوله: "الدرجة الأولى فقر الزهاد، وهو نفض اليدين من الدنيا ضبطًا أَو طلبًا، [وإسكات اللسان عنها ذمًّا أَو مدحًا، والسلامة منها طلبًا]

(1)

أو تركًا، وهذا هو الفقر الذي تكلّموا في شرفه".

فحاصلُ هذه الدرجة فراغُ اليد والقلب من الدنيا، والذهولُ عن الفقرِ منها والزهدِ فيها. وعلامةُ فراغ اليد نفضُ اليدين من الدنيا ضبطًا أَو طلبًا: فهو لا يضبط يده مع وجودها شحًّا وضنًّا بها، ولا يطلبها مع فقدها سؤالًا وإلحافًا وحرصًا. فهذا الإعراض والنفض دالٌ على سقوط منزلتها من القلب، إذ لو كان لها في القلب منزلة لكان الأمر بضدّ ذلك، وكان يكون حاله الضبط مع الوجود لغناه بها، ولكان يطلبها مع فقدها لفقره إليها.

وأيضًا من أقسام الفراغ إسكات اللسان عنها ذمًّا أو مدحًا

(2)

لأن من اهتمّ بأمر وكان له في قلبه موقع اشتغل اللسان بما فاض على القلب من أمره مدحًا أو ذمًّا، فإنه إن حصلتْ له مدَحَها، وإن فاتته ومُنِعَها

(3)

ذمَّها.

(1)

ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل وغيره بسبب انتقال النظر. وقد استدرك في "ط".

(2)

"ك، ط": "ومدحًا".

(3)

"ومنعها": ساقط من "ك، ط".

ص: 26

وذمُّها

(1)

علامةُ موضعِها من القلب، لأن الشيء إنّما يُذمّ على قدر الاهتمام به والاعتناءِ بشفاء

(2)

الغيظ منه بالذم.

وكذلك تعظيم الزهد فيها إنَّما هو على قدر خطرها في القلب، إذ لولا خطرها وقدرها لما صار للزهد فيها خطر. وكذلك مدحها دليل على خطرها وموقعها من قلبه، فإنَّ من أحبَّ شيئا أكثر من ذكرِه.

فصاحب

(3)

هذه الدرجة لا يضبطها مع وجودها ولا يطلبها مع عدمها، ولا يفيض من قلبه على لسانه مدح لها يدلُّ على محبتها، ولا يفيض من القلب على اللسان ذم يدلُّ على موقعها وخطرها؛ فإنَّ الشيء إذا صغر أعرض القلب عنه ذمًّا أو مدحًا

(4)

.

وكذلك صاحب هذه الدرجة فانٍ

(5)

عن النظرِ إلى تركها، وهو الذي تقدَّم من ذكر خطر الزهد فيها؛ لأنَّ نظرَ العبد إلى كونه تاركًا لها زاهدًا فيها، تتشوف

(6)

نفسه بالترك وتتلذَّذ به = دليل على شغله بها، ولو على وجه الترك

(7)

؛ وذلك من خطرها وقدرها. ولو صغرت في القلب لصغر تركها والزهد فيها، ولو اهتمَّ القلب بمهمٍّ من المهمات المطلوبة التي هي

(1)

"ك، ط": "ومدحها وذمها".

(2)

"ط": "والاعتناء شفاء".

(3)

"ك، ط": "وصاحب".

(4)

"ك، ط": "مدحًا أو ذمًّا".

(5)

"ط": "سالم"، ولعلَّه تغيير من الناشر.

(6)

"ك، ط": "تتشرف".

(7)

"وتتلذَّذ. . الترك": ساقط من "ط".

ص: 27

فاقات

(1)

أهل القلوب والأرواح لذهل عن النظر إلى نفسه بالترك والزهد

(2)

. فصاحب هذه الدرجة معافى من هذه الأمراض كلّها: من مرض الضبط، والطلب، والذم، والمدح، والترك. فهي بأسرها، وإن كان بعضها ممدوحًا في العلم مقصودًا يستحق المتحقق به الثواب والمدح، لكنَّها آثار وأشكال مشعرة بأنَّ صاحبها لم يذُقْ حال الخلوّ والتجريد الباطن، فضلًا عن أن يتحقق بشيءٍ

(3)

من الحقائق المتوقعة المتنافس فيها.

فصاحب هذه الدرجة متوسط بين درجتي الداخل

(4)

بكليته في الدنيا قد ركن إليها، واطمأنَّ إليها، واتخذها وطنًا، وجعلها له سكنًا؛ وبين من نفضها بالكلية من قلبه ولسانه، وتخلص من قيودها ورعوناتها

(5)

وآثارها، وارتقى إلى ما يسبي

(6)

القلبَ ويُحييه ويُفرحه ويُبهجه من جذَبات العزَّة

(7)

. فهو في البرزخ كالحامل المقْرِب، ينتظر ولادة الروح والقلب صباحًا ومساءً، فإن من لم تولد روحه وقلبه، ويخرجْ من مشيمة نفسه، ويتخلّصْ من ظلمات طبعه وهواه وإراداته

(8)

، فهو كالجنين في بطن أمه الذي لم ير الدنيا وما فيها. فهكذا هذا الذي

(1)

"ط": "مذاقات"، تحريف.

(2)

"ك، ط": "بالزهد والترك".

(3)

"بشيء""ساقط من "ك، ط".

(4)

"ف": "درجتين الداخل"، أخطأ في القراءة.

(5)

"ط": "رعونتها".

(6)

"ط": "يسر"، تحريف.

(7)

"ف": "حدثات الغرة"، تصحيف.

(8)

"ك، ط": "إرادته".

ص: 28

هو

(1)

بعدُ في مَشِيمة النفس والظلمات الثلاث التي

(2)

هي: ظلمة النفس، وظلمة الطبع، وظلمة الهوى. فلا بدَّ من الولادة مرَّتين كما قال المسيح للحواريين:"إنَّكم لن تلِجوا ملكوتَ السماء حتى تولَدوا مرَّتين"

(3)

.

ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم أبًا للمؤمنين، كما في قراءة أُبيّ:"النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم"

(4)

. ولهذا تفرع على هذه الأبوة أن جُعِلت أزواجه أمّهاتِهم، فإن أرواحهم وقلوبهم وُلِدت به ولادةً أخرى غيرَ ولادة الأمهات، فإنّه أخرج أرواحهم وقلوبهم من ظلمات الجهل والضلال والغيّ إلى نور العلم والإيمان وفضاء المعرفة والتوحيد، فشاهدتْ حقائق أُخر وأمورًا لم يكن لها بها شعور قبله.

قال تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)} [إبراهيم/ 1].

وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)} [الجمعة/ 2].

وقال: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ

(1)

"هو": ساقط من "ط".

(2)

"التي" ساقط من "ط"، وفي "ك":"الذي"، خطأ. المدارج (2/ 497 - 502).

(3)

سيأتي قول المسيح هذا مرَّة أخرى في ص (397).

(4)

نقل المصنف قول المسيح المذكور وتفسيره وقراءة أبي بن كعب والاستدلال بها في مدارج السالكين (3/ 34) عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وانظر منهاج السنة (5/ 238).

ص: 29

آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)} [آل عمران/ 164].

والمقصود أنّ القلوب في هذه الولادة ثلاثة:

قلبٌ لم يولد ولم يأنِ له، بل هو جنين في بطن الشهوات والغيّ والجهل والضلال.

وقلبٌ قد وُلِد وخرج إلى فضاءِ التوحيد والمعرفة، وتخلّص من مشيمة الطباع وظلمات النفس والهوى، فقرّتْ عينه باللَّه، وقرّتْ عيونٌ به وقلوب، وأنِستْ بقربه الأرواح، وذكّرت رؤيتُه باللَّه؛ فاطمأنّ باللَّه، وسكن إليه، وعكف بهمّته عليه

(1)

، وسافرت هممه وعزائمه إلى الرفيق الأعلى، لا يقَرّ بشيء غير اللَّه، ولا يسكن إلى شيء سواه، ولا يطمئنّ

(2)

بغيره. يجد من كلّ شيء سوى اللَّه عوضًا،

(3)

ولا يجد من اللَّه عوضًا أبدًا. فذكرُه حياةُ قلبه، ورضاه نهايةُ

(4)

مطلبه، ومحبّتُه قوتُه، ومعرفتُه أنيسُه. عدوُّه مَن جذَب قلبه عن اللَّه "وإن كان القريبَ المصافيا"

(5)

، ووليُّه من ردَّه إلى اللَّه، وجَمَع قلبَه عليه، "وإن كان البعيدَ المناويا".

(1)

"عليه "ساقط من "ط".

(2)

"ف": "يظهر"، تحريف.

(3)

بعده في "ط": "ومحبته قوته"، وهي جملة مقحمة هنا، وستأتي قريبًا في مكانها.

(4)

"ط": "غاية".

(5)

كأنَّه اقتبسه من قول أبي قيس صرمة الأنصاري:

نعادي الذي عادى من النَّاسِ كلهم

جميعًا وإن كان الحبيب المصافيا

وقد أنشده في مثل هذا السياق في مدارج السالكين (1/ 234)، والبيت في سيرة ابن هشام (1/ 512).

ص: 30

فهذان قلبان متباينان غاية التباين.

وقلبٌ ثالثٌ في البرزخ ينتظر الولادة صباحًا ومساءً، قد أشرف

(1)

على فضاءِ التجريد، وآنس من خلال الديار أشعّةَ التوحيد. تأبى غلَباتُ الحبّ والشوق إلّا تقرّبًا إلى مَن السعادةُ كلُّها بقربه، والحظُّ كل الحظ في طاعته وحبّه؛ وتأبى غلباتُ الطباع إلّا جذبَه وإيقافَه وتعويقَه، فهو بين الدّاعيَين تارةً وتارةً، قد قطع عقباتٍ وآفات، وبقي عليه مفاوز وفلوات.

والمقصود أن صاحب هذا المقام إذا تحقّق به ظاهرًا وباطنًا، وسلِم عن نظر نفسه إلى مقامه واشتغاله به ووقوفه عنده، فهو فقير حقيقي، وليس فيه قادح من القوادح التي تحطّه عن درجة الفقر.

واعلم أنّه يحسن إعمالُ اللسان في ذمّ الدنيا في موضعين: أحدهما موضع التزهيد فيها للراغب، والثاني عندما يرجع به داعي الطبع والنفس إلى طلبها، ولا يأمن إجابةَ الداعي، فيستحضر في نفسه

(2)

قلّة وفائها، وكثرة جفائها، وخِسّة شركائها

(3)

، فإنّه إن تمّ عقلُه وحضر رشدُه زهِدَ فيها ولا بدّ.

فصل [تفسير الدرجة الثانية من الفقر]

وقوله: "الدرجة الثانية: الرجوع إلى السبق بمطالعة الفضل. وهو يُورث الخلاصَ من رؤية الأعمال، ويقطع شهودَ الأحوال، ويمحّص من

(1)

"ط": "قد أصبح".

(2)

"ف": "فتستحضر نفسُه"، وهو خلاف الأصل.

(3)

مأخوذٌ من قول بعض الزهاد، كما سيأتي في ص (541).

ص: 31

أدناس مطالعات

(1)

المقامات".

فهذه الدرجة أرفع من الأولى وأعلى، والأولى كالوسيلة إليها؛ لأنَّ في الدرجة الأولى يتخلَّى بفقره عن أن يتألَّه غيرَ مولاه الحق، وأن يضيّع أنفاسَه في غير مرضاته

(2)

، وأن يفرق همومَه في غير محابّه، وأن يؤثر عليه غيرَه

(3)

في حالِ من الأحوال. فيوجبُ له هذا الخلوُّ

(4)

وهذه المعاملةُ صفاءَ العبودية، وعمارة السرِّ بينه وبين اللَّه، وخلوص الوداد والمحبة

(5)

. فيصبح ويمسي، ولا همَّ له غير ربه، قد قطع همُّه بربِّه عنه جميعَ الهموم، وعطَّلت إرادته له

(6)

جميع الإرادات، ونسخت محبتُه له من قلبه كل محبةٍ لسواه، كما قيل

(7)

:

لقد كان يسبي القلبَ في كلِّ ليلة

ثمانون بل تسعون نفسًا وأرجحُ

يهيمُ بهذا ثمَّ يألفُ غيرَه

ويسلوهُمُ من فورِه حينَ يُصبِحُ

وقد كان قلبي ضائعًا قبل حبِّكم

فكان بحبِّ الخلقِ يلهو ويمرَحُ

(1)

"ط": "مطالعة".

(2)

"ف": "مرضياته".

(3)

"غيره" ساقط من "ط".

(4)

"ك، ط": "الخلق"، ولعلَّه تحريف.

(5)

"ك، ط": "الود". وسقطت "المحبة" من "ط".

(6)

"له" ساقط من "ك، ط".

(7)

الأبيات لسمنون بن حمزة، وقد أورد السلمي أربعة منها برواية مختلفة مع بيت آخر في طبقات الصوفية (198)، ونقلها عنه الخطيب في تاريخ بغداد (9/ 236). وانظر: صفة الصفوة (1/ 485). والأبيات (1، 6، 9) في الزهرة (62) معزوة إلى "بعض أهل هذا العصر". وقد توفي سمنون بعد الجنيد (297 هـ) فهو معاصر لصاحب الزهرة (255 - 297 هـ).

ص: 32

فلمَّا دعا قلبي هواكَ أجابه

فلستُ أُراهُ عن جَنابِكَ

(1)

ينزَحُ

(2)

حُرِمْتُ مُنَايَ

(3)

منكَ إن كنتُ كاذبًا

وإن كنتُ في الدنيا بغيرك أفرحُ

وإنْ كان شيءٌ في الوجود سواكمُ

يقِرُّ به القلبُ الجريحُ ويفرحُ

وإنْ

(4)

لعبتْ أيدي الهوى بمُحِبِّكم

فليس له عن بابكم مُتزحْزَحُ

فإنْ أدركته غربةٌ عن دياركم

فحبكم بين الحشا ليس يبرَحُ

وكم مشترٍ في الخلق قد سام قلبَه

فلم يره إلا لحبِّك يصلُحُ

هوى غيرِكم نارٌ تلظَّى ومحبِسٌ

وحبُّكم الفردوس أو هو أفسَحُ

فيا ضيمَ قلبٍ قد تعلَّق غيرَكم

ويارحمتا

(5)

ممَّا يجولُ ويكدَحُ

واللَّه عز وجل لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه، فبقدر ما يدخل القلبَ من همٍّ وإرادةٍ وحبٍّ، يخرج منه همٌّ وإرادةٌ وحبٌّ يقابله، فهو إناءٌ واحد والأشربة متعددة، فأي شراب ملأه لم يبق فيه موضع لغيره، وإنَّما يمتلئ الإناءُ بأعلى الأشربة إذا صادفه خاليًا، فأمَّا إذا صادفه ممتلئًا من غيره لم يساكنه حتَّى يخرج ما فيه، ثمَّ يسكن موضعه،

(1)

في حاشية "ن" أنَّ في نسخة: "خباثك"، وكذا في "ط". وفي الطبقات:"فنائك".

(2)

هذه قراءة "ف". وفي "ن": "يبرح" وكذا في الطبقات و"ك، ط". ويحتمل: "يسرح"، وكذا في تاريخ بغداد.

(3)

"ك، ط": "منائي". وفي القطرية: "الأماني". والصوابُ ما أثبتنا.

(4)

في حاشية "ن" أنَّ في نسخة "إذا"، وكذا في "ط".

(5)

"ط": "رحمة".

ص: 33

كما قال

(1)

:

أتاني هواها قبلَ أنْ أعرفَ الهوى

فصادفَ قلبًا خاليًا فتمكنا

(2)

ففقرُ صاحب هذه الدرجة تفريغُه إناءه من كلِّ شراب مسكرٍ، وكلُّ شراب غير شراب المحبة والمعرفة فمسكرٌ

(3)

ولا بد، "وما أسكر كثيره فقليلهً حرام"

(4)

، وأين سكر الهوى والدنيا إلى

(5)

سكر الخمر! وكيف يوضع شرابُ التسنيم الذي هو أعلى أشربة المحبين في إناءٍ ملآن بخمر الدنيا والهوى، لا يفيق

(6)

من سكره ولا يستفيق! ولو فارق هذا السكر القلبَ لطار بأجنحة الشوق إلى اللَّه والدار الآخرة، ولكن رضيَ المسكين بالدون، وباع حظه من قرب اللَّه ومعرفته وكرامته بأخسِّ الثمن صفقةَ خاسرٍ مغبونٍ، فسيعلم أيَّ حظٍّ أضاع إذا فاز المحبون، وخسر المبطلون!

(1)

"ك، ط": "قال بعضهم".

(2)

من الأبيات المشهورة، وقد أنشده المؤلف في مفتاح دار السعادة (1/ 546)، وإغاثة اللهفان (1/ 181)، وروضة المحبين (187، 240)، ونسبه في الموضع الأخير إلى قيس بن الملوّح. وهو في ديوانه (219). وينسب إلى غيره.

(3)

"ط": "من كل شراب غير شراب المحبة والمعرفة لأنَّ كل شراب فمسكر".

(4)

من حديث عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما. أخرجه أحمد في المسند (6674)، والنسائي (8/ 300)، وابن ماجه (3394) وغيرهم، وسنده حسن. وورد هذا المتن عن جابر وأنس وعائشة وابن عمر رضي الله عنهم (ز).

(5)

"ك، ط": "من".

(6)

"ط": "ولا يفيق".

ص: 34