الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: الفقه في الدين
أوّلاً: معنى الفقه في الدين
*
…
أوّلاً: معنى الفقه في الدين
في قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: "اللهم فقهْهُ في الدين، وعلمْهُ التأويل""1". قال ابن الأثير: ""أي فهّمْهُ. والفقْه في الأصل: الفهم، واشتقاقه من الشق والفتح. يقال: فَقِهَ الرجل، بالكسر، يفقَهُ فقهاً، إذا فهم وعَلِمَ، وفَقُهَ، بالضم، يفقه: إذا صار فقيهاً عالماً. وقد جعله العُرْف خاصّاً بعلم الشريعة، وتخصيصاً بعلم الفروع منها"""2".
والمتتبع لمدلول كلمة " الفقه " ومشتقاتها في القرآن الكريم يجدها تطلق على أحد معنيين:
1-
الفقه في الدين " على معنى: فقُه، بالضم ".
2-
وفقْه معنى معيّن أو فقه الكلام " على معنى فقِه، بالكسر "، وهذا أمر لازم لفقه الدين.
* - والقَدْر المطلوب مِن الفقه هو: ما تَبْلُغُ به رضا الله تعالى، وتجتنب به سخط الله تعالى، كما هو الشأن في الإخلاص.
(1) البخاري: رقم 143. (ط. البُغا) .
(2)
النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير، 3/465.
استعمالٌ غير صحيح:
والفقه في الدين ليس معناه، في دلالة الكتاب والسّنَّة، مقصوراً على المعنى الاصطلاحي الذي ذكر ابن الأثير، وهو ما تعارف عليه الناس اليوم باسم:
تَخَصُّصِ الفقه، وأقسام الفقه الدراسية، وذلك لأمرين:
الأول: أن هذا المعنى الاصطلاحي لا يصح أن يُقَيَّدَ به دلالة اللفظ في الكتاب والسّنَّة، وإلا كان ذلك من الصوارف عن فهم المصطلح أو اللفظ القرآنيّ والنبويّ، وهو أعمُّ من المعنى المراد في الاصطلاح، إذ أن معناه في الاستعمال القرآني والاستعمال النبويّ عامٌّ في فقْه الدين كله، من غير تقييد بحدود موضوعٍ ما "اللهم فقهه في الدين".
الثاني: أن المراد بالمعنى الاصطلاحيّ هو مجرد التخصص في دراسة تلك الموضوعات المحدّدة، وهذا غير المراد في استعمال الكتاب والسّنَّة الذي هو حصول الفقه للمرء؛ فيصبح متفقِّهاً في الدين، لا أنه درس تلك الموضوعات التي تسمّى الفقه.
وبهذا يتضح أن هناك فرقاً واضحاً بين المراد بالمصطلح في دلالة الكتاب والسّنَّة وبين دلالته في اصطلاح علماء الشريعة أو اصطلاح عامة الناس اليوم، فـ"الفقه" في اصطلاحهم قد روعي فيه تحديد موضوعات الدراسة، فمجرَّد الدراسة لتلك الموضوعات يُعدّ عندهم تخصصاً في الفقه، ومعلوم أن مما يؤخذ على هذا الاصطلاح أن مجرَّد الدراسة ليست فقهاً. بينما الفقْه في اصطلاح الكتاب والسّنَّة قد روعي في إطلاقه حصول الفقه للدارس، وليس مجرّد الدراسة، أي أن المراد وصف الشخص بالفقه وليس وصف ما درسه.
والفارق الآخر أن المراد بالمصطلح في القرآن والسّنَّة ليس مقيداً بموضوعات محدّدة بل هو فقْه الدين بعامّة، بخلاف المراد في الاصطلاح إذْ هو دراسة موضوعات خاصة، وكم من دارس للفقه بهذا المعنى لا فقْه له بالمعنى القرآنيّ