الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يكون منه عناية الإنسان بمظهره؛ فأخبره أنّ ذلك ليس منه؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ". قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ:"إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ، يُحِبُّ الْجَمَالَ. الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ""1".
(1) وهو الحديث السابق.
المثال الثاني: مِن الفقه في الدِّين وفقه الدعوة إليه
من الفقه في الدِّين وفقْه الدعوة إليه مراعاة الخصوصيات، ومِنْ ذلك أنني لم أَرَ حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرّح في خطبةٍ عامة ببعض الأحكام الخاصة المتعلقة مثلاً ببعض موجِبات الغسل، وموجِبات إقامة حدّ الزنى، ولم أره مصرِّحاً بذلك إلا في أحد موضعين:
- عند إقامة الحدّ وما يترتّب على ذلك من إزهاق نفسٍ مؤمنة.
- عند بيان الحكم لمحتاج إليه، كسائلٍ أو مستفتٍ أو صاحبِ حالٍ واقعةٍ؛ فيبين له رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم واضحاً وصريحاً بقدر ما يوضِّح له حكم الله تعالى.
فقلت لنفسي أين كثير من الخطباء، والمعلمين الناسَ دروس الفقه، الذين يخطبون في الناس في هذه الموضوعات كما لو كان أحدهم يحقق في إقامة حدِّ الرجم على شخصٍ معيَّنٍ، أو يوضِّح لمستفتٍ في الموضوع لا يفهم إلا
بالتصريح، أين هم من هذا الهدي النبوي!.
إننا في حاجة إلى وقفةٍ فاقهة للأسلوب الصحيح لتعليم ديننا، بحيث نُصْلح ولا نُفْسد، ونختار: إما الدرس وإمّا التلاميذ؛ فليس كل موضوع يَهُمُّ كل الناس، وليس كل درس يناسب كل الناس، وليس كل الناس يناسبهم كل درس.
وبعض الذين يسلكون المسلك الآنف الذكر في التعليم والدعوة، لو قلتَ له مثْلَ هذا، لقال لك: إن تعليم أحكام الله واجب. أو: لا حياء في الدين. إلى آخر ما هنالك من العبارات الواردة على هذا النحو التي يَخْرج بها قائلها عن الموضوع الذي نحن بصدده كليّاً!!.
نَعَمْ هناك أحاديث قد تدلُّ في ظاهرها على هذا المعنى الذي يَذهب إليه مَن يَسْلك هذا المسلك، مثل قول عائشة، رضي الله عنها:"نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ""1".
ومثله ما في الحديث أنه: "جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ؛ فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ". فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ- تَعْنِي وَجْهَهَا-وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟. قَالَ: "نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ! فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا! ""2". ونحو هذه الأحاديث.
لكن الأمر ليس على هذا الفهم- الذي يَستدِل بمثل هذه الأحاديث على
(1) علّقه البخاري في صحيحه، بصيغة الجزم، كتاب العلم، باب الحياء في العلم، وأخرجه ابن ماجه، 642، الطهارة وسننها.
(2)
البخاري، 130، العلم.