الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما يؤتى أكثر الخلْق من كفرهم بآيات الله البينة، وبطلبهم غيرها، كما قال تعالى:{سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِن آيِةٍ بِيِّنَةٍ وَمَن يُبَدّلْ نِعْمَةِ اللهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} "1"؛ فلْيُحذر كل الحذر من عدم القنوع بما قنع به السلف من حجج الله تعالى، ويا له من تخويف شديد ووعيد عظيم! ""2".
(1) 211: البقرة: 2.
(2)
ابن الوزير، "إيثار الحق على الخلْق":23.
ثانياً: العِلْم
وهو إمّا نقْلٌ صحيح"1" عن النبيّ المعصوم صلى الله عليه وسلم، وهذا هو دليل الرواية والنص.
وإمّا فهْمٌ صحيح، وهذا هو دليل العقل، أو الدليل العقليّ، الذي جاءت النصوص الشرعية بالأخذ به والاعتداد به. والرأي والفكرة إمّا أن يقوم عليهما دليل نصيٌّ، أو دليل عقليٌّ، أو يقوم عليهما الدليلان. والقاعدة المطّردة في هذا هي أنْ لا تَعَارُضَ، بحالٍ، بين كلٍ من دليل النقل والعقل؛ فمتى ما ثبت دليل النقل فدليل العقل يؤيده، إن كان له فيه مجال، وإلا سَلّمَ العقل للنقل الصحيح عن المعصوم!.
ومتى ما ثبت دليل العقل، فدليل النقل الصحيح يؤيده!.
(1) يُنظَر: ابن تيمية، مقدّمة في أصول التفسير، بيروت، ط. الثانية،1392هـ -1972م، تحقيق عدنان زرزور، ص33.
ولا معاداة بين العقل والنقل؛ وإنّ الذين يُقيمون عِداءً أو تعارضاً موهوماً بينهما يَنْقصهم الدليلُ، فإن كانوا ممن يتخذ العقل أصلاً في الاستدلال فإن أصلهم يردُّ عليهم! وإن كانوا ممن يتخذ النقل أصلاً في الاستدلال فإن أصلهم يردُّ عليهم أَيضاً!.
إن هؤلاء الذين يُعادون نصوص الكتاب والسّنَّة بدعوى الاستمساك بأحكام العقل السليم، وهؤلاء الذين يُعادون العقل بدعوى الاستمساك بنصوص الكتاب والسّنَّة، إنّ هؤلاء وهؤلاء جميعاً يُعْييهم أن يُقيموا دليلاً صحيحاً من نصوص الكتاب والسّنَّة أو استدلالٍ عقليّ سليم، يُثبت صحة دعواهم هذه أو مسلكِهم هذا، فأين يذهبون؟!.
ويرى بعض الفضلاء أنّ هذا الذي ذكرته في هذه الجزئية ليس على إطلاقه، ولكن في أمور، وأما في أمورٍ أخرى فينظر إلى القواعد الأساسية: منهج المحدِّثين، والمؤرخين؛ فهناك أشياء نقلية-في رأيه-لا يمكن التدليل مباشرة على صحتها، وهناك أشياء عقلية لا نصوص فيها"1".
(1) د. سعيد بن إسماعيل الصيني، في تعليقله مشكوراً على مسوّدات هذا الموضوع.