الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: مجالات الفقه
لفقه الدِّين-لا سيّما فقه الدعوة إليه-فقهاً شرعياً أربعة مناحٍ، أو مجالات:
الأول: فقْه فطرة الله تعالى في الخلق والكون، وذلك لعدة أمورٍ، منها:
1-
للإفادة من شهادة الكون وسنة الخَلْق أنه لا إله إلا الله رب العالمين.
2-
لتجنب مصارعة سنن الله في الخَلْق وتحاشي مصادمة الفطرة.
3-
للإفادة من سنن الله في الفطرة والخَلْق بالسير معها واستثمارها. وتعود هذه كلها، حينئذٍ، على المرء بالثباتِ على الحق، واليقينِ بأنّ المستقبل لهذا الدين.
الثاني: فقْه هذا الدين بعامّة، فقهاً صحيحاً، يؤدي به إلى الأخذ بالنصوص وفق دلالاتها التي أرادها الله، جل وعزّ، وأرادها رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فلا يخرج عن هدايات القرآن والسّنَّة، لا بغلو ولا تقصير، فِقْهاً يستمسك فيه بالنص ويحترمه؛ فلا يتقدمه ولا يتأخر عنه، ويدعوه إلى أن يستنبط من النصِّ المنهج والقاعدة؛ لأن المقصود ليس هو الحرفية دائماً، لكن المعنى، فيكون من الذين إذا ذُكِّروا بآيات ربهم لم يخِرّوا عليها صمّاً وعمياناً، ولا يكون من الذين لا يقيمون لآيات الله وَزْناً. والفقه في الدين هو الأصل والأساس الذي بعث اللهُ تعالى من أجله سيد المرسلين، "من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين""1".
(1) أخرجه البخاري في مواضع مِن صحيحه، منها: 3-كتاب العلم، باب 10، وباب13، وأخرجه مسلم، وغيرهما.
وينبغي أن يَعلم الداعيةُ أن الفقه في الدعوة أساسه الفقه في الدين؛ فإذا كان الداعية جاهلاً بدينه فإلى أيّ شيءٍ يدعو الناس؟!.
الثالث: فِقْه النصوص المتعلقة بالموضوع، أو ذات العلاقة به، وفْق قواعد الفقه المطلوب للنصوص الشرعية ولهذا الدين.
وأعني بالموضوع: موضوع البحث الذي يَتَّجه إليه المرء؛ فإن كان هو الدعوة؛ فإنّه في حاجةٍ-في سبيل تحقيق الفقه السديد- إلى الوقوف على النصوص الشرعية المتعلقة بالدعوة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
ولا يتأتى هذا الفقه للإنسان إذا أخل بالأمرين الآتيين أو بأحدهما:
أ- استيعاب النصوص الواردة في الموضوع وعدم الاقتصار على بعضها دون بعض.
ب- تنزيل النصوص على المراد بها، وذلك بالاجتهاد في معرفة دلالاتها التي أرادها بها الله تعالى وأو رادها بها رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك باتّباع قواعد الفهم والاستنباط الصحيحة.
الرابع: معرفة المرء بأحوال عصره، ولا سيما الواقع من حوله، وأحوال مجتمعه، ومجالات الإصلاح فيه، واحتياجاته الدعوية.
هذه المجالات الأربعة ينبغي أن يُعْني بها المسلم، لا سيما الداعية، للحصول على الملَكَة الفقهية؛ ليكون فقيها فقهاً شرعياً مكتملاً، على مستوى عصره.