المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المثال الثالث: مناقشة مسألة الاجتهاد في وسائل الدعوة - طريقك الى الإخلاص والفقه في الدين

[عبد الله الرحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌الفصل الأول: الإخلاص

- ‌أولاً: الإخلاص والفقه في الدين معاً

-

- ‌ثانياً: تعريف الإخلاص لله تعالى

- ‌مفهوم الإخلاص والتجرد الكامل:

- ‌حكمُ النيّة في العمل:

- ‌ليس مِن لازِمِ اختلال النية أن يكون رياءً

- ‌أقسام الأعمال إذا تخلّفت عنها النية الصالحة

- ‌والخلل في العمل ينقسم إلى قسمين:

- ‌ما يتحقق به صلاح النيّة:

- ‌ثالثاً: دواعي الحرص على الإخلاص

- ‌رابعاً: أهمية الإخلاص واستحضار النيّة

-

- ‌خامساً: آثار إخلاص النية في حياة الإنسان

- ‌الإخلاص المطلوب، نيّةً وعملاً:

- ‌سادساً: مقاييس الإخلاص وعلاماته

- ‌مقدمة:

- ‌المقاييس:

- ‌سابعاً: أمثلةٌ ومظاهرُ تنافي الإخلاص

- ‌ثامناً: طرق معالجة نقص الإخلاص أو فقْده

-

- ‌تاسعاً: نصوص في الإخلاص

- ‌مِن الآيات في الإخلاص:

- ‌مِن الأحاديث في الإخلاص:

-

- ‌عاشراً: التعرف على ما يضادّ الإخلاص؛ لاجتنابه

- ‌تعريف الرياء:

- ‌وسائل إظهار الرياء:

- ‌تفاوت درجات الرياء:

- ‌حكم العبادة إذا طرأَ عليها الرياء:

-

- ‌الفصل الثاني: الفقه في الدين

- ‌أوّلاً: معنى الفقه في الدين

- ‌استعمالٌ غير صحيح:

- ‌ألفاظٌ بُدِّلت معانيها:

- ‌العلاقة بين الفقه والحكمة:

- ‌ثانياً: مجالات الفقه

-

- ‌ثالثاً: أهمية الفقه في الدين

- ‌من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين:

-

- ‌رابعاً: أحاديث في الفقه في الدين وصفا وتعريفا واثباتا ومدحا

- ‌ليس مِن الفقه:

- ‌في التربية على الفقه:

- ‌في فضْل الفقه والتفقّه:

- ‌أحاديث أخرى في الحكمة:

- ‌خامساً: من مقاييس الفقه وعلاماته

- ‌سادساً: أمثلةٌ وصورٌ لاختلال الفقه

- ‌سابعاً: صفات الفقيه وعلاماته

-

- ‌الفصل الثالث: الطريقة المنهجية لتحصيل الفقه في الدِّين

- ‌عَرْضٌ عامٌّ للطريقة

- ‌قواعد عامّةٌ لتطبيق الطريقة المطلوبة

- ‌قواعد تطبيقية لازِمةٌ لدراسةِ الحديث وفقهه

-

- ‌روافد تحصيل العلم والفقه

- ‌القراءةُ رافِداً مِن روافد العلم والفقه

-

- ‌مفاتيح العِلْمِ الثلاثة

- ‌الطريقة المثلى لتحصيل مفاتيح العلم الثلاثة

- ‌الخاتمه

-

- ‌الفصل الرابع: نقاط في منهجيّة فِقْهِ الدِّين

- ‌نقاط أساسية في منهجيّة فقْه الدِّين

- ‌أوّلاً: يَلزمنا للوقوف على الحق والأخذ به أمور أهمها

- ‌ثانياً: العِلْم

- ‌ثالثاً: عدّتنا في فهم الكتاب والسنّة

- ‌رابعاً: تيسير الله معرفة الحق، والعمل به

- ‌خامساً: العلم بما تَقُوم به دلالة الدليل

- ‌سادساً: هناك نوع من النقل لا يلزم فيه التثبت دائماً

- ‌سابعاً: القناعة بأهميّة الاجتهاد في فهم النصوص

- ‌ثامناً: التنبه إلى دلالات اللغة، ودِقَّة التعريفات

- ‌تاسعاً: التنبّهُ إلى التفريق بين كلٍّ من الرأي والرواية

- ‌عاشراً: القناعة بعدم تعارُضِ النصوص الشرعية

- ‌الحادي عشر: إعْمالُ عمومات أَلفاظ الكتاب والسنّة

- ‌الثاني عشر: أنواع الاختلاف

- ‌الثالث عشر: التعارض بين النقل والعقل

- ‌الرابع عشر: إدراك المراد بالحجة العقلية

- ‌الخامس عشر: مؤدَّى إبطال دليل العقل

- ‌السادس عشر: خطأُ ذمِّ الرأي مطلقاً

- ‌السابع عشر: المقصود بذَمِّ السلف للرأي

- ‌الثامن عشر: مراعاة مقاصد الشريعة وهداياتها

- ‌التاسع عشر: إدراك عاقبة الصواب والخطأِ في منهج الدعوة

- ‌العشرون: ضرورةُ العقل إلى الرسالة المحمّدية

-

- ‌الفصل الخامس: أمثلةٌ تطبيقية على موضوع الفقه في الدِّين

-

- ‌المثال الأول: وقفةٌ عند حديثٍ لفقْهه

- ‌الأدلة على أنّ هذا فهْمٌ للحديث غير صحيح:

- ‌معنى الحديث:

- ‌أَسباب الخطأِ في فهم النصوص:

- ‌أمثلةٌ للأوصاف العارضة في الأحاديث:

- ‌المثال الثاني: مِن الفقه في الدِّين وفقه الدعوة إليه

- ‌المثال الثالث: مناقشةُ مسألة الاجتهاد في وسائل الدعوة

-

- ‌المثال الرابع: فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌مسالك الناس في تَنَكُّب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌موقف الناس من هذه الشروط:

- ‌المعاصي سبب المصائب، والطاعة سبب النعمة:

- ‌مراعاة الموازنة بين المصالح والمفاسد إذا تعارضت:

- ‌الخَاتمَة

الفصل: ‌المثال الثالث: مناقشة مسألة الاجتهاد في وسائل الدعوة

ذلك المسلك-وذلك لأن هذه الأحاديث قد جاءت في دائرة مقامَيِ التصريح السابق ذكرهما اللذين يُصَرّح فيهما بمثل هذا. على أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ليس في كلامه هنا شيءٍ مِن التصريح الذي يَستدل له أصحاب هذا المسلك. وأما السائلة، فإنها تسألُ عن حكمٍ مِن أحكام الله لا يمكن لها أن تَعْرفه إلا بالتصريح بتلك العبارات، على أنها قد تأدبت في سؤالها، وقدّمتْ بين يدي سؤالها تلك العبارة المؤدّبة.

فلا حجةَ على ذلك المسلك.

فإلى الفقه والحكمة أيها الخطباء، ويا أيّها المعلمون والمدرسون، حَفِظَكم الله ورعاكم، وإلى الاقتداء بسيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم في الدعوة والتربية والتعليم.

ص: 186

‌المثال الثالث: مناقشةُ مسألة الاجتهاد في وسائل الدعوة

قد ذهب ببعضِ الناسِ الفهمُ إلى أنّ وسائل الدعوة توقيفية؛ مستدلين بأنّ الدعوة عبادةٌ، والعبادة توقيفية، وأن الدِّين قد كَمُل، وأنّ النبي صلى الله عليه وسلم بيّنَ البيان المبين"1".

لكن هذا الفهم يحتاج إلى مناقشةٍ، وبيانٍ للصواب الذي تَدُلُّ عليه النصوص الشرعية ومقاصدها معاً. وفيما يلي وقفاتٌ مختصرة عند هذا الرأي:

- قد يَختلط أمران على القائلين بأنّ وسائل الدعوة توقيفية، هما:

الأول: كون المنهج في الدعوة توقيفياً.

(1) قد أوْضح حكم الوسائل "، إيضاحاً شافياً د. مصطفى مخدوم في: "قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية في الشريعة الإسلامية"، الرياض، دار إشبيليا،1420هـ-1999م.

ص: 186

الثاني: القول بأن وسائل الدعوة توقيفية-بمعنى اشتراط الدليل الخاص لكل وسيلة، وعدم الاكتفاء بدلالة عموم النصوص الشرعية، وسائر الأدلة-!.

وشتان بين الأمرين؛ فالقول الأول معناه الاتّباع في الدعوة وعدم الابتداع. والقول الثاني معناه قفْلُ باب الاجتهاد في أمْرٍ شَرَع الله فيه الاجتهاد، وهو وسائل الدعوة؛ ولا يَصِحّ أن يُقْفل باب الاجتهاد الذي شَرَعه الله تعالى بحجة الاتّباع، كما لا يَصِح إلغاء الاتّباع بحجة القول بالاجتهاد.

- مما يُرَدُّ به على القول بأن وسائل الدعوة توقيفية، المطالبة بالدليل في موضعِ البحث والنظر؛ فهل مِن دليلٍ يَنُصُّ على هذا الفهم؟ أو هو فهم يَدَّعي صاحبه أنه حُكْم الشرع فقط؟.

إنه ليس مِن دليلٍ سوى نصوصٍ عامّة قد يستدل صاحب هذا القول بعمومها، نَعَمْ عمومها فقط، العموم الذي لا يتعارض مع القول بالإطلاق في وسائل الدعوة- في دائرة الضوابط الشرعية- وذلك لقيام الدليل على تخصيص هذا العموم في هذه الناحية من الموضوع.

- إننا قد نَعْجب من الاتجاه إلى القول بأن وسائل الدعوة توقيفية، في حين أننا لم نر دليلاً واحداً من الكتاب أو السنة يأمر بأن ندعو إلى الله تعالى بوسيلة محدّدة، وإنما جاءت الأدلة بالأمر بالدعوة مطلقاً، أو الأمر بالدعوة مقروناً بالنصِّ على منهج الدعوة المطلوب، أو أسلوبها المطلوب، أو غايتها.

وأما ما سوى ذلك فلم نَرَ دليلاً واحداً يأمر به، أو يحدده، أو ينص أن الدعوة فيه توقيفية؛ فلماذا نذهب إلى هذا التوقيف في غير موضعه الشرعي؟! لماذا ندّعي أن الحكم الشرعيّ هنا توقيفيٌّ مع عدم قيام الدليل الشرعيّ؟! بل إنّه يعارض الدليل الشرعيّ!.

ص: 187

إن الذين يريدون أن يجعلوا وسائل الدعوة توقيفة يريدون -من حيث يشعرون أو لا يشعرون- أن تتوقف الدعوة!.

إنهم بهذا الفهم يعارضون دليل الشرع!.

كما أنهم يعارضون سنة الله الكونيّة، فيُعارضون سنة الله المتجددة المطّردة في الخَلْق.

إنهم يعارضون الفطرة التي فطر الله عليها عباده، من الرغبة في مواكبة الجديد والتطور، حتى إن النفوس تميل مع الجديد غالباً، فتحب أن تطّلع عليه، وأن تجارِيَهُ في كثيرٍ مِن الأحيان، ولو كان مُضِرّاً أو مشتملاً على شيء من الضرر. لكن الشرع جاء بالميزان الصحيح؛ فلم يُحَرِّم هذه الفطرة، ولم يُلْغها، كما أنه لم يَنْسَقْ معها، ولم يجعلها وحدها هي الدليل على حكم الشرع.

- إن الذين يزعمون بأن وسائل الدعوة توقيفية، يُشارِكون، مِن حيث لا يشعرون، في هزيمة الدعوة، وفي القعود بها عن التأثير المطلوب أن يكون على مستوى العصر، وعلى مستوى إمكانات العصر، وعلى مستوى ما جعله الله تعالى مِن جديدٍ مفيدٍ في باب الوسائل يُسْرِع بالداعية إلى التأثير السريع والفعال في المدعوّ، فيوفّر عليه في الوقت والجهد، وبه يتحقق له الهدف والنتيجة المطلوبة.

- إن هؤلاء الذين يزعمون بأن وسائل الدعوة توقيفية يُضْعِفون الدعوة أمام الدعوات إلى الأديان والمبادئ الأخرى، التي اسْتَخْدَمَتْ مستجداتِ العصر في عالم الاتصال؛ فَنَفَذَتْ بباطلها إلى القلوب والعقول.

وهذه الملاحظات، كلها، تجتمع في هذا الرأي المُحَجِّرِ واسعاً، ومع ذلك يَتَّجه إليه البعض، بدعوى تحكيم الكتاب والسنّة، على الرغم مِن أنه تَبيّن أنه

ص: 188