الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1649]
(مالك بن نضلة) ويقال بن عَوْفِ بْنِ نَضْلَةَ وَالِدِ أَبِي الْأَحْوَصِ صَحَابِيٌّ قَلِيلُ الْحَدِيثِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ (الْأَيْدِي ثَلَاثَةٌ) وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ قَالَ الْحَافِظُ صَحِيحٌ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ مَرْفُوعًا يَدُ اللَّهِ فَوْقَ يَدِ الْمُعْطِي وَيَدُ الْمُعْطِي فَوْقَ يَدِ الْمُعْطَى وَيَدُ الْمُعْطَى أَسْفَلُ الْأَيْدِي
وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَدِيٍّ الْجُذَامِيِّ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ
وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْأَحْوَصَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلُ رِوَايَةِ الْمُؤَلِّفِ
وَلِأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ الْيَدُ الْمُعْطِيَةُ هِيَ الْعُلْيَا وَالسَّائِلَةُ هِيَ السُّفْلَى
وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصَ عَنِ بن مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا الْأَيْدِي ثَلَاثَةٌ يَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا وَيَدُ الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا وَيَدُ السَّائِلِ أَسْفَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَابَعَ عَلِيًّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الْهَجَرِيِّ عَلَى رَفْعِهِ وَرَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنِ الْهَجَرِيِّ فَوَقَفَهُ وَقَالَ الْحَاكِمُ حَدِيثٌ مَحْفُوظٌ مَشْهُورٌ وَخَرَّجَهُ
قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ الْعُلْيَا هِيَ الْمُعْطِيَةُ كَمَا تَشْهَدُ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ (فَأَعْطِ الْفَضْلَ) هُوَ الْمَالُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ (وَلَا تَعْجِزْ) بِلَا النَّهْيِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ (عَنْ نَفْسِكَ) أَيْ عَنْ رَدِّ نَفْسِكَ إِذَا مَنَعَتْكَ عَنِ الْإِعْطَاءِ
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ فَأَعْطِ الْفَضْلَ أَيِ الْفَاضِلَ عَنْ نَفْسِكَ وَعَنْ مَنْ تَلْزَمُكَ مُؤْنَتُهُ
وَقَوْلُهُ وَلَا تَعْجِزْ عَنْ نَفْسِكَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ لَا تَعْجِزْ بَعْدَ عَطِيَّتِكَ عَنْ مُؤْنَةِ نَفْسِكَ وَمَنْ عَلَيْكَ مُؤْنَتُهُ بِأَنْ تُعْطِيَ مَالَكَ كُلَّهُ ثُمَّ تُعَوِّلَ عَلَى السُّؤَالِ انْتَهَى
كَذَا فِي الْغَايَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَيْدِي ثَلَاثَةٌ وَذَهَبَ الْمُتَصَوِّفَةُ إِلَى أَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا هِيَ الْآخِذَةُ لِأَنَّهَا نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنَ التَّفْسِيرِ مَعَ مُهِمِّ الْقَصْدِ مِنَ الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ أَوْلَى
وَفِيهِ نَدْبٌ إِلَى التَّعَفُّفِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَحَضٌّ عَلَى مَعَالِيَ الْأُمُورِ وَتَرْكِ دَنِيِّهَا
وَفِيهَا أَيْضًا حَثٌّ عَلَى الصَّدَقَةِ انْتَهَى
9 -
(بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ)
[1650]
وَبَنُو هَاشِمٍ هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَبَّاسٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ الْحَارِثِ بن
عبد المطلب وهاشم هو بن عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مرة (عن بن أَبِي رَافِعٍ) هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ كَاتِبُ عَلِيٍّ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ (عَنْ أَبِي رافع) مولى النبي صلى الله عليه وسلم (بَعَثَ رَجُلًا عَلَى الصَّدَقَةِ) أَيْ أَرْسَلَهُ سَاعِيًا لِيَجْمَعَ الزَّكَاةَ وَيَأْتِيَ بِهَا إِلَيْهِ فَلَمَّا أَتَى أَبَا رَافِعٍ فِي طَرِيقِهِ (فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ اصْحَبْنِي) أَيِ ائْتِ مَعِيَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (فَإِنَّكَ تُصِيبُ مِنْهَا) أَيْ مِنَ الصَّدَقَةِ بِسَبَبِ ذَهَابِكَ مَعِي أَوْ بِأَنْ أَقُولَ لَهُ لِيُعْطِيَ نَصِيبَكَ مِنَ الزَّكَاةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ الْمُرَافَقَةَ وَالْمُصَاحَبَةَ وَالْمُعَاوَنَةَ عِنْدَ السَّفَرِ لَا بَعْدَ الرُّجُوعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ جَوَابُهُ (قَالَ) أَبُو رَافِعٍ (فَأَسْأَلُهُ) أَيْ لَا أَصْحَبُكَ حَتَّى أَجِيءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَسْتَأَذِنَهُ أَوْ أَسْأَلَهُ هَلْ يَجُوزُ لِيَ أَمْ لَا (فَسَأَلَهُ) عَنْ ذَلِكَ (فَقَالَ مَوْلَى الْقَوْمِ) أَيْ عُتَقَاؤُهُمْ (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أَيْ فَحُكْمُهُمْ كَحُكْمِهِمْ (وَإِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ) فَكَيْفَ تَحِلُّ لِمَوَالِيهِمْ
وَهَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَى مَوَالِي مَنْ تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَمَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَهُ وَكَذَلِكَ بَنُو هَاشِمٍ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِبَنِي عَبْدِ الْمَطْلَبِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى وَأَشْرَكَهُمْ فِيهِ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ وَلَمْ يُعْطِ أَحَدًا مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ غَيْرَهُمْ وَتِلْكَ الْعَطِيَّةُ عِوَضٌ عُوِّضُوهُ بَدَلًا عَمَّا حُرِمُوهُ مِنَ الصَّدَقَةِ فَأَمَّا موالي بني هاشم فإنه لاحظ لَهُمْ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْرَمُوا الصَّدَقَةَ
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ تَنْزِيهًا لَهُ وَقَالَ مَوْلَى الْقَوْمِ عَلَى سَبِيلِ التَّشَبُّهِ لِلِاسْتِنَانِ بِهِمْ وَالِاقْتِدَاءِ بِسِيرَتِهِمْ فِي اجْتِنَابِ مَالِ الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ تَكْفِيهِ الْمُؤْنَةُ إِذْ كَانَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلًى لَهُ وَكَانَ يَتَصَرَّفُ لَهُ فِي الْحَاجَةِ وَالْخِدْمَةِ فَقَالَ لَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى إِذَا كُنْتَ تَسْتَغْنِي بِمَا أُعْطِيتَ فَلَا تَطْلُبْ أَوْسَاخَ النَّاسِ فَإِنَّكَ مَوْلَانَا وَمِنَّا انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ تَحْرِيمُ الزَّكَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ
هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ آلَهَ صلى الله عليه وسلم هُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ
وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ خَاصَّةً
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هُمْ قُرَيْشٌ كُلُّهَا
وَقَالَ أَصْبُغُ الْمَالِكِيُّ هُمْ بَنُو قُصَيٍّ
دَلِيلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَعَثَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْأَرْقَمُ بْنُ الْأَرْقَمِ بْنِ الْقُرَشِيِّ الْمَخْزُومِيِّ بَيَّنَ ذَلِكَ الْخَطِيبُ وَالنَّسَائِيُّ وَكَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهَذَا الَّذِي اسْتَخْفَى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دَارِهِ بِمَكَّةَ فِي أَسْفَلِ الصَّفَا حَتَّى كَمَّلُوا الْأَرْبَعِينَ رَجُلًا آخِرُهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهِيَ الَّتِي تُعْرَفُ بِالْخَيْزُرَانِ وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ وَقِيلَ أَسْلَمُ وَقِيلَ ثَابِتٌ وَقِيلَ هُرْمُزُ انْتَهَى كَلَامُهُ
[1651]
(بِالتَّمْرَةِ الْعَائِرَةِ) بِالْمُهْمَلَةِ أَيِ السَّاقِطَةِ لَا يُعْرَفُ مَالِكُهَا مِنْ عَارَ يُعِيرُ يُقَالُ عَارَ الْفَرَسُ يَعِيرُ إِذَا أُطْلِقَ مِنْ مَرْبِطِهِ مَارًّا عَلَى وَجْهِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْعَائِرَةُ هِيَ السَّاقِطَةُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَلَا يُعْرَفُ مَنْ صَاحِبُهَا وَمِنْ هَذَا قِيلَ قَدْ عَارَ الْفَرَسُ إِذَا انْفَلَتَ عَنْ صَاحِبِهِ وَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَرْتَعْ (أَنْ تَكُونَ) أَيِ التَّمْرَةُ (صَدَقَةً) مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ وَهَذَا أَصْلٌ فِي الْوَرَعِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّمْرَ وَنَحْوَهَا مِنَ الطَّعَامِ إِذَا وَجَدَهَا الْإِنْسَانُ مُلْقَاةً فِي طَرِيقٍ وَنَحْوِهَا أَنَّ لَهُ أَخْذَهَا وَأَكْلَهَا إِنْ شَاءَ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جُمْلَةِ اللُّقَطَةِ الَّتِي حُكْمُهَا التَّعْرِيفُ لَهَا انْتَهَى
[1652]
(وَجَدَ تَمْرَةً) فِي الطَّرِيقِ مُلْقَاةً (لَأَكَلْتُهَا) تَعْظِيمًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَا وُجِدَ فِي الطَّرِيقِ مِنَ الطَّعَامِ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُطَالِبُهُ مَالِكُهُ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا مِنْ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ وَعَلَى أَنَّ الْأَوْلَى بِالْمُتَّقِي أَنْ يَجْتَنِبَ عَمَّا فِيهِ تَرَدُّدٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (رَوَاهُ هِشَامٌ) الدَّسْتُوَائِيُّ (عَنْ قَتَادَةَ هَكَذَا) أَيْ كَمَا رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ قَتَادَةَ
وَالْفَرْقُ بَيْنَ رِوَايَةِ هِشَامٍ وَخَالِدٍ وَرِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ حَمَّادًا لَمْ يَجْعَلِ الْحَدِيثَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وإنما جَعَلَهُ مِنْ فَهْمِ أَنَسٍ وَأَمَّا خَالِدٌ وَهِشَامٌ فَجَعَلَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِوَايَةُ هِشَامٍ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ
[1653]
(فِي إِبِلٍ أَعْطَاهَا إِيَّاهُ) أَيْ عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (مِنَ الصَّدَقَةِ) قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ لَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ وَالَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَنَّ الصَّدَقَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْعَبَّاسِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى مِنَ الْفَيْءِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا أَعْطَاهُ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ إِنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ قَضَاءً عَنْ سَلَفٍ كَانَ اسْتَلَفَهُ مِنْهُ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ فقد روي أنه شُكَا إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ رضي الله عنه فِي مَنْعِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ هِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا كَأَنَّهُ كَانَ قَدْ تَسَلَّفَ مِنْهُ صَدَقَةَ عَامَيْنِ فَرَدَّهَا أَوْ رَدَّ صَدَقَةَ أَحَدِ الْعَامَيْنِ عَلَيْهِ لَمَّا جَاءَتْهُ إِبِلُ الصَّدَقَةِ فَرَوَى مَنْ رَوَاهُ عَلَى الِاخْتِصَارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ السَّبَبِ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ فَصَارَ مَنْسُوخًا وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ اسْتَسْلَفَ مِنَ الْعَبَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ إِبِلًا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَأَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَلِلشَّافِعِيِّ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَحِلُّ لِآلِهِ وَالثَّانِي تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَالثَّالِثُ تَحِلُّ لَهُ وَلَهُمْ
وَأَمَّا مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهَا تَحْرُمُ وَالثَّانِي تَحِلُّ وَبِالتَّحْرِيمِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَبِالْإِبَاحَةِ قَالَ مَالِكٌ وادعى بن بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ أَنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَأَمَّا مَوَالِي غَيْرِهِمْ فَتُبَاحُ لَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلِ الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهَا عَلَى مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[1654]
(زَادَ) أَيْ أَبُو عُبَيْدَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ فِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةَ (أَبِي) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَيْنَ الْأَلِفِ وَالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (يُبْدِلُهَا) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ يَرْجِعُ إِلَى الْإِبِلِ هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَبِي يُبْدِلُهَا وَفِي بَعْضِهَا أَيْ يُبْدِلُهَا بِحَرْفِ التَّفْسِيرِ وَفِي بَعْضِهَا أَنْ يُبْدِلَهَا بِأَنِ الْمَصْدَرِيَّةِ وَفِي بَعْضِهَا آتِي بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ مِنَ الاتيان ويبدلها بِحَرْفِ الْبَاءِ الْجَارَّةِ وَالْبَدَلُ مَصْدَرٌ فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ النُّسَخُ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ ولم يترجح لي