المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب استلام الأركان) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٥

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَتَى تُؤَدَّى)

- ‌(بَاب كَمْ يُؤَدَّى فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَوَى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ)

- ‌(بَاب فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(باب في الزكاة تحمل من بلد إلى بلد)

- ‌(بَاب مَنْ يُعْطِي مِنْ الصَّدَقَةِ وَحَدُّ الْغِنَى)

- ‌(بَاب مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ)

- ‌(بَاب كَمْ يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَاب مَا تَجُوزُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ)

- ‌(باب في الاستعفاف)

- ‌(بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ)

- ‌(بَاب الْفَقِيرِ يُهْدِي لِلْغَنِيِّ مِنْ الصَّدَقَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا)

- ‌(بَاب فِي حُقُوقِ الْمَالِ)

- ‌(بَاب حَقِّ السَّائِلِ)

- ‌(بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ)

- ‌(بَاب مَا لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ)

- ‌(بَاب الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(بَاب عَطِيَّةِ مَنْ سأل بالله عز وجل

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُخْرِجُ [1673] مِنْ نَصَرَ يَنْصُرُ (مِنْ مَالِهِ) فَلَا يَبْقَى فِي يَدِهِ شَيْءٌ)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَنِيحَةِ)

- ‌(بَاب أَجْرِ الْخَازِنِ)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةِ)

- ‌(بَاب فِي صِلَةِ الرَّحِمِ)

- ‌(بَاب فِي الشُّحِّ)

- ‌10 - كِتَاب اللُّقَطَةِ

- ‌11 - كِتَاب الْمَنَاسِك

- ‌(بَاب فَرْضِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ)

- ‌(بَاب لا صرورة)

- ‌(بَابُ التَّزَوُّدِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْكَرِيِّ)

- ‌(بَاب فِي الصَّبِيِّ يَحُجُّ)

- ‌(باب في المواقيت)

- ‌(بَاب الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ)

- ‌(بَاب الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَاب التَّلْبِيدِ)

- ‌(بَاب فِي الْهَدْيِ)

- ‌(بَاب فِي هَدْيِ الْبَقَرِ)

- ‌(بَاب فِي الْإِشْعَارِ)

- ‌(باب تعديل الْهَدْيِ)

- ‌(بَاب مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ [1757] بِبَلَدِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ)

- ‌(بَاب فِي رُكُوبِ الْبُدْنِ)

- ‌(بَابَ الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ)

- ‌(بَاب كَيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ)

- ‌(باب وَقْتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَاب الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي إِفْرَادِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي الْإِقْرَانِ)

- ‌(باب الرجل يهل الخ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ التَّلْبِيَةُ)

- ‌(باب متى يقطع الحاج التَّلْبِيَةَ)

- ‌(بَاب مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَةَ)

- ‌(باب المحرم يؤدب غلامه)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثِيَابِهِ)

- ‌(بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاحَ)

- ‌(بَاب فِي الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا)

- ‌(بَاب فِي الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(بَاب يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ)

- ‌(باب المحرم يغتسل)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ)

- ‌(بَاب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ)

- ‌(بَاب لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ)

- ‌(باب الجراد للمحرم)

- ‌(بَاب فِي الْفِدْيَةِ)

- ‌(بَاب الْإِحْصَارِ)

- ‌(بَاب دُخُولِ مَكَّةَ)

- ‌(باب في رفع اليد إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(بَاب فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ)

- ‌(بَاب اسْتِلَامِ الْأَرْكَانِ)

- ‌(بَاب الطَّوَافِ الْوَاجِبِ)

- ‌(بَاب الِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّمَلِ)

- ‌(بَاب الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ)

- ‌ بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(بَاب طَوَافِ الْقَارِنِ)

- ‌(بَاب طَوَافِ الْقَارِنِ)

- ‌(بَاب الْمُلْتَزَمِ)

- ‌(بَاب صفة حجة النبي)

- ‌(بَاب الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَةَ)

- ‌(باب الخطبة بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب التَّعْجِيلِ)

- ‌(بَاب يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)

- ‌(بَاب الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ)

- ‌(بَاب مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب النُّزُولِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب أَيِّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ)

- ‌(بَاب أَيِّ وَقْتٍ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ)

- ‌(بَاب مَا يَذْكُرُ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب الْقَصْرِ لِأَهْلِ مَكَّةَ)

- ‌(بَاب فِي رَمْيِ الْجِمَارِ)

- ‌(بَاب الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ)

- ‌(باب العمرة)

- ‌(باب المهلة بالعمرة تحيض [1995] قبل إِتْمَامُ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْمَقَامِ فِي الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْمَقَامِ فِي الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْوَدَاعِ [2002] مِنَ الْبَيْتِ)

- ‌(بَاب الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ)

- ‌(بَاب طَوَافِ الْوَدَاعِ)

- ‌(بَاب التَّحْصِيبِ)

- ‌(باب من قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ فِي حَجِّهِ)

- ‌(بَاب فِي مَكَّةَ [2016] هَلْ يُبَاحُ فِيهَا شَيْءٌ مَا لَا يُبَاحُ فِي غَيْرِهَا)

- ‌(باب تحريم مَكَّةَ)

- ‌(بَاب فِي نَبِيذِ السِّقَايَةِ)

الفصل: ‌(باب استلام الأركان)

وَالشُّهُورِ وَبَابُ هَذَا كُلِّهِ التَّسْلِيمُ وَهُوَ أَمْرٌ شَائِعٌ فِي الْعُقُولِ جَائِزٌ فِيهَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَلَا مُسْتَنْكَرٍ

وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْحَجَرَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ

وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ صَافَحَهُ فِي الْأَرْضِ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَهْدٌ فَكَانَ كَالْعَهْدِ يَعْقِدُهُ الْمَمْلُوكُ بِالْمُصَافَحَةِ لِمَنْ يُرِيدُ مِنَ الْأُمَّةِ وَالِاخْتِصَاصِ بِهِ وَكَمَا يُصَفَّقُ عَلَى أَيْدِي الْمُلُوكِ لِلْبَيْعَةِ وَكَذَلِكَ تَقْبِيلُ الْيَدِ مِنَ الْخَدَمِ لِلسَّادَةِ وَالْكُبَرَاءِ فَهَذَا كَالتَّمْثِيلِ بِذَلِكَ وَالتَّشْبِيهِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ عَنْ عُمَرَ وَعَابِسٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ وَسِينٌ مُهْمَلَةٌ

8 -

(بَاب اسْتِلَامِ الْأَرْكَانِ)

[1874]

(يَمْسَحُ مِنَ الْبَيْتِ) أَيْ مِنْ أَرْكَانِهِ أَوْ مِنْ أَجْزَائِهِ (إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ الْأُولَى وَقَدْ يُشَدَّدُ وَالْمُرَادُ بِهِمَا الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ وَالرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ تَغْلِيبًا وَالرُّكْنَانِ الْآخَرَانِ أَحَدُهُمَا شَامِيٌّ وَثَانِيهِمَا عِرَاقِيٌّ وَيُقَالُ لَهُمَا الشَّامِيَّانِ تَغْلِيبًا

وَرُكْنُ الْبَيْتِ جَانِبُهُ وَلِلرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ فَضِيلَةٌ بِاعْتِبَارِ بَقَائِهِمَا عَلَى بِنَاءِ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام فَلِذَلِكَ خَصَّهُمَا بِالِاسْتِلَامِ وَالرُّكْنُ الْأَسْوَدُ أَفْضَلُ لكون الحجر الأسود فِيهِ وَلِهَذَا يُقَبَّلُ وَيُكْتَفَى بِاللَّمْسِ فِي الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ

وَلَمْ يَثْبُتْ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم تقبيل الركن اليماني وعليه الجمور

قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ

قَالَ الْحَافِظُ الْعَسْقَلَانِيُّ رحمه الله فِي الْبَيْتِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ الْأَوَّلُ لَهُ فَضِيلَتَانِ لِكَوْنِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِيهِ وَكَوْنِهِ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام وَالثَّانِي لِكَوْنِهِ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ فَقَطْ وَلَيْسَ لِلْآخَرَيْنِ شَيْءٌ مِنْهَا وَلِذَلِكَ يُقَبَّلُ الْأَوَّلُ وَيُسْتَلَمُ الثَّانِي وَلَا يُقَبَّلَانِ وَلَا يُسْتَلَمَانِ هَذَا عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ

وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ تَقْبِيلَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

[1875]

(أَنَّهُ أُخْبِرَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَلَفْظُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَكَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ

قَالَ الْحَافِظُ بِنَصْبِ عَبْدٍ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ سَالِمًا كَانَ حَاضِرًا لِذَلِكَ فَتَكُونُ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ

ص: 229

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُهُ عَنْ عَائِشَةَ مُتَعَلِّقٌ بِأُخْبِرَ (إِنَّ الْحِجْرَ بَعْضُهُ مِنَ الْبَيْتِ) الْحِجْرُ بِكَسْرِ الْحَاءِ اسْمُ الْحَائِطِ الْمُسْتَدِيرِ إِلَى جانب الكعبة الغربي

قاله بن الْأَثِيرِ

قَالَ الْعَيْنِيُّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عَلَى صِفَةِ نِصْفِ الدَّائِرَةِ وَقَدْرُهَا تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا وَقَالُوا سِتَّةُ أَذْرُعٍ مِنْهُ مَحْسُوبٌ مِنَ الْبَيْتِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الزَّائِدِ خِلَافٌ (بَعْضُهُ مِنَ الْبَيْتِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْحِجْرَ لَيْسَ كُلُّهُ مِنَ الْبَيْتِ بَلِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْبَيْتِ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مُتَّصِلٍ بِالْبَيْتِ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْبَغَوِيُّ وَتُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ

وَأَمَّا رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الجُدُرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ نَعَمْ فَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحِجْرَ كُلُّهُ مِنَ الْبَيْتِ وَبِذَلِكَ كَانَ يُفْتِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَتُؤَيِّدُهَا رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ فَقَالَ صَلِّي فِي الْحِجْرِ إِنْ أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ

الْحَدِيثَ قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ الْحِجْرَ كُلَّهُ مِنَ الْبَيْتِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَرَجَّحَهُ بن الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ (إِنْ كَانَتْ سَمِعَتْ هَذَا) لَيْسَ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ التَّضْعِيفِ لِرِوَايَتِهَا وَالتَّشْكِيكِ فِي صِدْقِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ صِدِّيقَةً حَافِظَةً وَلَكِنْ كَثِيرًا يَقَعُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ صُورَةُ التَّشْكِيكِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْيَقِينِ وَالتَّقْرِيرِ كَقَوْلِهِ تعالى وإن أدري لعله فتنة لكم وكقوله قل إن ضللت فإنما أضل عن نفسي قَالَهُ النَّوَوِيُّ (إِنِّي لَأَظُنُّ) جَزَاءُ شَرْطٍ يُرِيدُ إِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ استلامها فكان بن عُمَرَ عَلِمَ تَرْكَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الِاسْتِلَامَ وَلَمْ يَعْلَمْ عِلَّتَهُ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِخَبَرِ عَائِشَةَ هَذَا عَرَفَ عِلَّةَ ذَلِكَ وَهُوَ كَوْنُهُمَا لَيْسَا عَلَى الْقَوَاعِدِ بَلْ أَخْرَجَ مِنْهُ بَعْضَ الْحِجْرِ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ رُكْنَ الْبَيْتِ الَّذِي مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَالرُّكْنَانِ اللَّذَانِ الْيَوْمَ مِنْ جِهَةِ الْحِجْرِ لَا يُسْتَلَمَانِ كَمَا لَا يُسْتَلَمُ سَائِرُ الْجُدُرِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُخْتَصٌّ بِالْأَرْكَانِ وَعَنْ عُرْوَةَ وَمُعَاوِيَةَ اسْتِلَامُ الْكُلِّ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْبَيْتِ شيئا مهجورا

وذكر عن بن الزبير أيضا وكذا عن جابر وبن عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضي الله عنهما وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُسْتَلَمُ إِلَّا الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ خَاصَّةً وَلَا يُسْتَلَمُ الْيَمَانِيُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ فَإِنِ اسْتَلَمَهُ فَلَا بَأْسَ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ

وَقَالَ القسطلاني وهذا الذي قاله بن عُمَرَ مِنْ فِقْهِهِ وَمِنْ تَعْلِيلِ الْعَدَمِ بِالْعَدَمِ عَلَّلَ عَدَمَ الِاسْتِلَامِ بِعَدَمِ أَنَّهَا مِنَ الْبَيْتِ انْتَهَى (وَرَاءَ الْحَجْرِ) أَيِ الْحَطِيمِ (إِلَّا لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ

ص: 230

الْبَيْتِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ ومسلم قول بن عُمَرَ هَذَا بِمَعْنَاهُ عَنْ عَائِشَةَ فِي أَثْنَاءِ عِمَارَةِ الْبَيْتِ انْتَهَى

[1876]

(لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ) وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَيَرُدُّ الْحَدِيثُ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ وَفِيهِ مَقَالٌ انتهى

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد روى بن حبان في صحيحه عن بْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَسْح الْحَجَر وَالرُّكْن الْيَمَانِيّ يَحُطّ الْخَطَايَا حَطًّا

وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث حَنْظَلَة بْن أَبِي سُفْيَان قَالَ رَأَيْت طَاوُسًا يَمُرّ بِالرُّكْنِ فَإِنْ وَجَدَ عَلَيْهِ زِحَامًا مَرَّ وَلَمْ يزاحم وإن رَآهُ خَالِيًا قَبَّلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ رَأَيْت بن عباس فعل مثل ذلك ثم قال بن عَبَّاس رَأَيْت عُمَر بْن الْخَطَّاب فَعَلَ مِثْل ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ عُمَر إِنَّك حَجَر لَا تَنْفَع وَلَا تَضُرّ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَبَّلَك مَا قَبَّلْتُك ثُمَّ قَالَ عُمَر رضي الله عنه رَأَيْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَعَلَ مِثْل ذَلِكَ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ النَّسَائِيُّ كَمْ يُقَبِّل الْحَجَر وَفِي النَّسَائِيِّ عَنْ عُمَر أَنَّهُ قَبَّلَ الْحَجَر الْأَسْوَد وَالْتَزَمَهُ وَقَالَ رَأَيْت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم بِك حَفِيًّا

وفي النسائي عن بن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ الْحَجَر الْأَسْوَد مِنْ الْجَنَّة

وَفِي صَحِيح أَبِي حَاتِم عَنْ نَافِع بْن شَيْبَة الْحَجَبِيّ قَالَ سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَقُول سَمِعْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول وَهُوَ مُسْنِد ظَهْره إِلَى الْكَعْبَة الرُّكْن وَالْمَقَام يَاقُوتَتَان مِنْ يَاقُوت الْجَنَّة وَلَوْلَا أَنَّ اللَّه طَمَسَ نُورهمَا لَأَضَاءَا مَا بَيْن المشرق والمغرب

وفي صحيحه أيضا عن بن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إِنَّ لِهَذَا الْحَجَر لِسَانًا وَشَفَتَيْنِ يَشْهَدَانِ لِمَنْ اِسْتَلَمَهُ يَوْم الْقِيَامَة بِحَقٍّ

وَفِي صَحِيحه أَيْضًا عَنْهُ عَنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لَيَبْعَثَنَّ اللَّه هَذَا الرُّكْن يَوْم الْقِيَامَة لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِر بِهِمَا وَلِسَان يَنْطِق بِهِ يَشْهَد لِمَنْ اِسْتَلَمَهُ بِالْحَقِّ وَأَخْرَجَ النسائي عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوف بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَته فَإِذَا اِنْتَهَى إِلَى الرُّكْن أَشَارَ إِلَيْهِ وَفِي الصَّحِيح عَنْ بن عُمَر أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ اِسْتِلَام الْحَجَر فَقَالَ رَأَيْت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمهُ وَيُقَبِّلهُ

رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَهَذَا يَحْتَمِل الْجَمْع بَيْنهمَا وَيَحْتَمِل أَنَّهُ رَآهُ يَفْعَل هَذَا تَارَة

وَهَذَا تارة

ص: 231