الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40 -
(بَاب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ)
[1846]
بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ دَابَّةٍ وَهِيَ مَا دَبَّ مِنَ الْحَيَوَانِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الطَّيْرِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ أَخْرَجَ الطَّيْرَ مِنَ الدَّوَابِّ فَحَدِيثُ الْبَابِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَيْهِ
(خَمْسٌ) أَيْ مِنَ الدَّوَابِّ كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ (لَا جُنَاحَ) أَيْ لَا إِثْمَ وَلَا جَزَاءَ وَالْمَعْنَى لَا حَرَجَ (فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) أَيْ فِي أَرْضِهِ
وَوَرَدَ فِي لَفْظٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَتِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ الْحَدِيثَ
وَعِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ لِيَقْتُلِ الْمُحْرِمُ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَيُحْتَمَلُ النَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ
وَقَدْ رَوَى الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَالْحِدَأَةِ وَهَذَا الْأَمْرُ وَرَدَ بَعْدَ نَهْيِ الْمُحْرِمِ عَنِ الْقَتْلِ وَفِي الْأَمْرِ الْوَارِدِ بَعْدَ النَّهْيِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ هَلْ يُفِيدُ الْوُجُوبَ أَوْ لَا قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ (الْعَقْرَبُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ هذا اللفظ للذكر والأنثى
قال بن الْمُنْذِرِ لَا نَعْلَمُهُمُ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ قَتْلِ العقرب (وَالْغُرَابِ) هَذَا الْإِطْلَاقُ مُقَيَّدٌ بِمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ الْأَبْقَعِ وَهُوَ الَّذِي فِي ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ بَيَاضٌ وَقَدِ اعْتَذَرَ بن بطال وبن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَبُولِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ بِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ شُعْبَةَ لَا يَرْوِي عَنْ شُيُوخِهِ الْمُدَلِّسِينَ إِلَّا مَا هُوَ مَسْمُوعٌ لَهُمْ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بَلْ صَرَّحَ النَّسَائِيُّ بِسَمَاعِ قَتَادَةَ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إِخْرَاجِ الْغُرَابِ الصَّغِيرِ الَّذِي يَأْكُلُ الْحَبَّ مِنْ ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُ غُرَابُ الزَّرْعِ وَأَفْتَوْا بِجَوَازِ أَكْلِهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ من الغربان ملحقا بالأبقع انتهى
قال بن الْمُنْذِرِ أَبَاحَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ قَتْلَ الْغُرَابِ فِي الْإِحْرَامِ إِلَّا عَطَاءً قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَمْ يُتَابِعْ أَحَدٌ عَطَاءً عَلَى هَذَا (وَالْفَأْرَةُ) بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَيَجُوزُ فِيهَا التَّسْهِيلُ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ قَتْلِهَا لِلْمُحْرِمِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا جَزَاءٌ إِذَا قَتَلَهَا المحرم أخرجه عنه بن الْمُنْذِرِ
وَقَالَ هَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ وَخِلَافُ قَوْلِ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ (وَالْحِدَأَةُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ بِغَيْرِ مَدٍّ عَلَى وزن عنبة
وَحَكَى صَاحِبُ الْمُحْكَمِ فِيهِ الْمَدَّ (وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ) اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ إِنَّهُ الْأَسَدُ
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ وَأَيُّ كَلْبٍ أَعْقَرُ مِنَ الْحَيَّةِ
وَقَالَ زُفَرُ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الذِّئْبُ خَاصَّةً وَقَالَ فِي الْمُوَطَّأِ كُلُّ مَا عَقَرَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ وَأَخَافَهُمْ مِثْلُ الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ فَهُوَ عَقُورٌ
وَكَذَا نَقَلَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ سُفْيَانَ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْكَلْبُ خَاصَّةً وَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ فِي هَذَا الْحُكْمِ سِوَى الذِّئْبِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ
[1847]
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ
[1848]
(وَالْفُوَيْسِقَةُ) تَصْغِيرُ فَاسِقَةٍ لِخُرُوجِهَا مِنْ جُحْرِهَا عَلَى النَّاسِ وَإِفْسَادِهَا
وَأَصْلُ الْفِسْقِ هُوَ الْخُرُوجُ وَمِنْ هَذَا سُمِّيَ الْخَارِجُ عَنِ الطَّاعَةِ فَاسِقًا وَيُقَالُ فَسَقَتِ الرُّطَبَةُ عَنْ قِشْرِهَا إِذَا خَرَجَتْ عَنْهُ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ (وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ بِهِ الْغُرَابُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَأْكُلُ الْحَبَّ وَهُوَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ مَالِكٌ مِنْ جُمْلَةِ الْغِرْبَانِ وَأَيْضًا قَالَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَعْيَانِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَاسَ عَلَيْهَا كُلَّ سَبْعٍ ضَارٍ وَكُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِأَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَعْيَانِ سِبَاعٌ ضَارِيَةٌ وَبَعْضُهَا هَوَامٌّ قَاتِلَةٌ وَبَعْضُهَا طَيْرٌ لَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى السِّبَاعِ وَلَا هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْهَوَامِّ وَإِنَّمَا هُوَ حَيَوَانٌ مُسْتَخْبَثُ اللَّحْمِ غَيْرُ مُسْتَطَابِ الْأَكْلِ وَتَحْرِيمُ الْأَكْلِ يَجْمَعُهُنَّ كُلَّهنَّ فَاعْتَبَرَهُ وَجَعَلَهُ دَلِيلَ الْحُكْمِ وَقَالَ مَالِكٌ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْغُرَابَ الصَّغِيرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَقْتُلُ الْكَلْبَ وَسَائِرَ مَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ وَقَاسُوا عَلَيْهِ الذِّئْبَ وَلَمْ يَجْعَلُوا عَلَى قَاتِلِهِ فِدْيَةً وَقَالُوا فِي السَّبُعِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ إِنْ قَتَلَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدِ ابْتَدَأَهُ الْمُحْرِمُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ من دم