الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلِيٌّ أَمَّا إِذَا أَوْسَعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا أَعْطُوا صَاعًا مِنْ بُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى مَنْ صَامَ) وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَرَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَصُومُ لَكِنْ قَوْلُهُ هَذَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
1 -
(بَاب فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)
[1623]
(عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) سَاعِيًا (عَلَى الصَّدَقَةِ) وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّهَا صَدَقَةُ الْفَرْضِ لِأَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ لَا يُبْعَثُ عَلَيْهَا السُّعَاةُ (منع بن جَمِيلٍ) أَيْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ وَلَمْ يُؤَدُّوهَا إِلَى عمر قال في الفتح بن جَمِيلٍ هَذَا لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ (مَا يَنْقِمُ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مَا يُنْكِرُ نِعْمَةَ اللَّهِ أَوْ يَكْرَهُ (فَأَغْنَاهُ اللَّهُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَغْنَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا لِدُخُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ فَأَصْبَحَ غَنِيًّا بَعْدَ فَقْرِهِ بِمَا أَفَاءَ اللَّهُ وَأَبَاحَ لِأُمَّتِهِ مِنَ الْغَنَائِمِ
وَهَذَا السِّيَاقُ مِنْ بَابِ تَأْكِيدِ الْمَدْحِ بِمَا يُشْبِهُ الذَّمَّ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ إِلَّا مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ أَغْنَاهُ فَلَا عُذْرَ لَهُ
وَفِيهِ التَّعْرِيضُ بِكُفْرَانِ النِّعَمِ وَتَفْرِيعٌ بِسُوءِ الصَّنِيعِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِحْسَانِ (فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا) وَالْمَعْنَى إِنَّكُمْ تَظْلِمُونَهُ بِطَلَبِكُمُ الزَّكَاةَ مِنْهُ إِذْ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لِأَنَّهُ (فَقَدِ احْتَبَسَ) أَيْ وَقَفَ قَبْلَ الْحَوْلِ (أَدْرَاعَهُ) جَمْعُ دِرْعِ الْحَدِيدِ (وَأَعْتُدَهُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ جَمْعُ عَتَدٍ بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ مَا يَعُدُّهُ الرَّجُلُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّلَاحِ
وَقِيلَ الْخَيْلُ خَاصَّةً
قَالَ فِي النَّيْلِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْ خَالِدٍ زَكَاةَ أَعْتَادِهِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ وَأَنَّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله قَالَ التِّرْمِذِيّ سَأَلْت أَبَا عَبْد اللَّه البخاري عن حديث الحسن وخطبنا بن عَبَّاس فَقَالَ إِنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَرَضَ صَدَقَة الْفِطْر فَقَالَ رَوَى غَيْر يَزِيد بْن هَارُون عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ الحسن خطب
الزَّكَاةَ فِيهَا وَاجِبَةٌ فَقَالَ لَهُمْ لَا زَكَاةَ عَلَيَّ فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ خَالِدًا مَنَعَ الزَّكَاةَ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَظْلِمُونَهُ لِأَنَّهُ حَبَسَهَا وَوَقَفِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَبْلَ الْحَوْلِ عَلَيْهَا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لَأَعْطَاهَا وَلَمْ يَشُحَّ بِهَا لِأَنَّهُ قَدْ وَقَفَ أَمْوَالَهُ لِلَّهِ تَعَالَى مُتَبَرِّعًا فَكَيْفَ يَشِحُّ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ
وَاسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا وُجُوبَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ خِلَافًا لِدَاوُدَ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ وَبِهِ قَالَتِ الْأُمَّةُ بِأَسْرِهَا إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَبَعْضَ الْكُوفِيِّينَ (فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا) مَعَهَا وَمِمَّا يُقَوِّي أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ تَعَجَّلَ مِنَ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعُمَرَ إِنَّا كُنَّا تَعَجَّلْنَا صَدَقَةَ مَالِ الْعَبَّاسِ عَامَ الْأَوَّلِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي صَدَقَةِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه هِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا فَإِنَّهُ يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَسْلُفُ مِنْهُ صَدَقَةَ سَنَتَيْنِ فَصَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ مَحِلِّهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَأَجَازَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ تَعْجِيلَهَا قَبْلَ أَوَانِ مَحِلِّهَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَرَى تَعْجِيلَهَا عَنْ وَقْتِ مَحِلِّهَا
وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ لِلصَّلَاةِ وَقْتًا وَلِلزَّكَاةِ وَقْتًا فَمَنْ صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ أَعَادَ وَمَنْ زَكَّى قَبْلَ الْوَقْتِ أَعَادَ
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ هُوَ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَبَضَ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ صَدَقَةَ ذَلِكَ الْعَامِ الَّذِي شَكَاهُ فِيهَا الْعَامِلُ وَتَعَجَّلَ صَدَقَةَ الْعَامِ الثَّانِي فَقَالَ هِيَ وَمِثْلُهَا أَيِ الصَّدَقَةُ الَّتِي قَدْ حَلَّتْ وَأَنْتَ تُطَالِبُهُ بِهَا مَعَ مِثْلِهَا مِنْ صَدَقَةِ عَامٍ وَاحِدٍ (أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ الْأَبِ) أَيْ مِثْلُهُ تَفْضِيلًا لَهُ وَتَشْرِيفًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَحَمَّلِ عَنْهُ بِهَا
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
بن عَبَّاس فَكَأَنَّهُ رَأَى هَذَا أَصَحّ قَالَ التِّرْمِذِيّ وإنما قال البخاري هذا لأن بن عَبَّاس كَانَ بِالْبَصْرَةِ فِي أَيَّام عَلِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ فِي أَيَّام عُثْمَان وَعَلِيّ رضي الله عنهما كان بالمدينة
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله لفظ مسلم وأبي داود فهي علي ومثلها معها وفيه قولان أحدهما أنه كان تسلف منه صدقة عامين والثاني أنه تحملها عنه يؤديها عنه
ولفظ البخاري والنسائي فهي عليه صدقة ومثلها معها وفيه قولان أحدهما أنه جعله مصرفا لها وهذا قبل تحريمها على بني هاشم والثاني أنه أسقطها عنه عامين لمصلحة كما فعل عمر عام الرمادة
ولفظ بن إسحاق هي عليه ومثلها ومعها حكاه البخاري وفيه قولان أحدهما أنه أنظره بها ذلك العام إلى القابل فيأخذها ومثلها والثاني أن هذا مدح للعباس وأنه سمح بما طلب منه لا يمتنع من إخراج ما عليه بل يخرجه ومثله معه
وقال موسى بن عقبة فهي له ومثلها معها ذكره بن حبان وفيه قولان أحدهما أن له بمعنى عليه كقوله تعالى {وإن أسأتم فلها} والثاني إطلاقها له وإخراج النبي صلى الله عليه وسلم عنه من عنده برا به ولهذا قَالَ أَمَا شَعَرْت أَنَّ عَمّ الرَّجُل صِنْو أبيه
فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ كَمَا هُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[1624]
(قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ تَجِبُ الزَّكَاةُ وَقِيلَ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ حَالًّا بِمُضِيِّ الْحَوْلِ (فَرَخَّصَ لَهُ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ (في ذلك) أي تعجيل الصدقة
قال بن الْمَلِكِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ بَعْدَ حُصُولِ النِّصَابِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَكَذَا عَلَى جَوَازِ تَعْجِيلِ الْفِطْرَةِ بَعْدَ دُخُولِ رَمَضَانَ
وَفِي سُبُلِ السَّلَامِ لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ جَوَازُهُ بِالْمَالِكِ وَلَا يَصِحُّ مِنَ الْمُتَصَرِّفِ بِالْوِصَايَةِ وَالْوِلَايَةِ
وَاسْتَدَلَّ مَنْ مَنَعَ التَّعْجِيلَ مُطْلَقًا بِحَدِيثِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهَذَا لَا يَنْفِي جَوَازَ التَّعْجِيلِ وَبِأَنَّهُ كَالصَّلَاةِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا قِيَاسَ مَعَ النَّصِّ
قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ وَحُجَيَّةُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ شَيْخٌ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ شِبْهُ الْمَجْهُولِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ هُشَيْمٍ مُعْضَلًا
قَالَ وَحَدِيثُ هُشَيْمٍ أَصَحُّ
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَأَنَّ الْمُرْسَلَ فِيهِ أَصَحُّ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ عَلَى الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فَرَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ كَمَا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَمَرَّةً قَالَ الْحَجَّاجُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ حُجْرٍ الْعَدَوِيِّ كَمَا عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ طَلْحَةَ مَرْفُوعًا
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ اخْتَلَفُوا عَنِ الْحَكَمِ فِي إِسْنَادِهِ وَالصَّحِيحُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ مرسل انتهى