الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِفَتْحِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ تَامًّا فَهُوَ كَيَدٍ وَبِكَسْرِهَا حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ أَيْ مُكَمَّلًا عَطَاؤُهُ (طَيِّبَةً) أَيْ رَاضِيَةً غَيْرَ شَحِيحَةٍ (بِهِ) أَيْ بِالْعَطَاءِ (حَتَّى يَدْفَعَهُ) عَطْفٌ عَلَى يُعْطِي فَالْخَازِنُ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ صِفَاتٌ لَهُ وَخَبَرُهُ أَحَدُ المتصدقين وهذه الأوصاف لابد مِنِ اعْتِبَارِهَا فِي تَحْصِيلِ أَجْرِ الصَّدَقَةِ لِلْخَازِنِ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا لَمْ تَصِحَّ مِنْهُ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُ الْخِيَانَةِ فَكَيْفَ يَحْصُلُ لَهُ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَفْسُهُ بِذَلِكَ طَيِّبَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَا يُؤْجَرُ (أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَمْ نَرْوِهِ إِلَّا بِالتَّثْنِيَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَازِنَ بِمَا فَعَلَ مُتَصَدِّقٌ وَصَاحِبُ الْمَالِ مُتَصَدِّقٌ آخَرُ فَهُمَا مُتَصَدِّقَانِ
قَالَ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ عَلَى الْجَمْعِ فَتُكْسَرُ الْقَافُ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُتَصَدِّقٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَصَدِّقِينَ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَكَةَ فِي الطَّاعَةِ تُوجِبُ الْمُشَارَكَةَ فِي الْأَجْرِ وَمَعْنَى الْمُشَارَكَةِ أَنَّ لَهُ أَجْرًا كَمَا أَنَّ لِصَاحِبِهِ أَجْرًا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُزَاحِمَهُ فِي أَجْرِهِ بَلِ الْمُرَادُ الْمُشَارَكَةُ فِي الطَّاعَةِ فِي أَصْلِ الثَّوَابِ فَيَكُونُ لِهَذَا ثَوَابٌ وَلِهَذَا ثَوَابٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ ثَوَابِهِمَا سَوَاءً بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَوَابُ هَذَا أَكْثَرَ وَقَدْ يَكُونُ عَكْسُهُ فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِكُ خَازِنَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيُوصِلَهَا إِلَى مُسْتَحِقٍّ لِلصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ وَإِنْ أَعْطَاهُ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا أَوْ نَحْوَهُمَا حَيْثُ لَيْسَ لَهُ كَثِيرُ قِيمَةٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى مُحْتَاجٍ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يُقَابِلُ ذَهَابُ الْمَاشِي إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ الرُّمَّانَةِ وَنَحْوِهَا فَأَجْرُ الْخَازِنِ أَكْثَرُ وَقَدْ يَكُونُ الذَّهَابُ مِقْدَارَ الرمانة فيكون الأجر سواء
قال بن رَسْلَانَ وَيَدْخُلُ فِي الْخَازِنِ مَنْ يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ عَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَغُلَامٍ وَمَنْ يَقُومُ عَلَى طَعَامِ الضِّيفَانِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
4 -
(بَاب الْمَرْأَةِ)
الخ [1685](إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ) أَيْ تَصَدَّقَتْ كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ (غَيْرَ مُفْسِدَةٍ) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَيْ غَيْرَ مُسْرِفَةٍ فِي التَّصَدُّقِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى إِذْنِ الزَّوْجِ لَهَا بِذَلِكَ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً
وَقِيلَ هَذَا جَارٍ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ فَإِنَّ عَادَاتِهِمْ أَنْ يَأْذَنُوا لِزَوْجَاتِهِمْ وَخَدَمِهِمْ بِأَنْ يُضَيِّفُوا الْأَضْيَافَ وَيُطْعِمُوا السَّائِلَ وَالْمِسْكِينَ وَالْجِيرَانَ فَحَرَّضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ الْحَسَنَةِ
وَالْخَصْلَةِ الْمُسْتَحْسَنَةِ (لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ) أَيَّ شَيْئًا مِنَ النَّقْصِ أَوْ مِنَ الْأَجْرِ أَيْ مِنْ طَعَامٍ أُعِدَّ لِلْأَكْلِ وَجُعِلَتْ مُتَصَرِّفَةً وَجُعِلَتْ لَهُ خَازِنًا فَإِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْهُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَعُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَبْذِيرٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَأَمَّا جَوَازُ التَّصَدُّقِ مِنْهُ فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ صَرِيحًا نَعَمِ الْحَدِيثُ الْآتِي دَلَّ عَلَى جَوَازِ التَّصَدُّقِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ
وَقَالَ مُحْيِ السُّنَّةَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَكَذَا الْخَادِمُ
وَالْحَدِيثُ الدَّالُ عَلَى الْجَوَازِ أُخْرِجَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ يُطْلِقُونَ الْأَمْرَ لِلْأَهْلِ وَالْخَادِمِ فِي التَّصَدُّقِ وَالْإِنْفَاقِ عِنْدَ حُضُورِ السَّائِلِ وَنُزُولِ الضَّيْفِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ لِلْبُخَارِيِّ لَا تُوعِي فَيُوعِي اللَّهُ عَلَيْكِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
[1686]
(جليلة) أي عظيمة القدر أن طَوِيلَةُ الْقَامَةِ (مِنْ نِسَاءِ مُضَرَ) وَهِيَ قَبِيلَةٌ (إِنَّا كَلٌّ) بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ ثِقَلٌ وَعَيَاكٌ (وَأَرَى) أَيْ أَظُنُّ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ (فَمَا يَحِلُّ لَنَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِمْ (قَالَ الرَّطْبُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ مِنَ الْمَرَقِ وَاللَّبَنِ وَالْفَاكِهَةِ وَالْبُقُولِ وَمِثْلِ ذَلِكَ وَقَعَ فِيهَا لِلْمُسَامَحَةِ بِتَرْكِ الِاسْتِئْذَانِ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ الْمُسْتَحْسَنَةِ بِخِلَافِ الْيَابِسِ
ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ (وَتُهْدِينَهُ) أَيْ تُرْسِلِينَهُ هَدِيَّةً (الرَّطْبُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ ضِدُّ الْيَابِسِ (وَالرُّطَبُ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ بِالْفَارِسِيَّةِ خرماتر وَهُوَ رُطَبُ التَّمْرِ وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ وَسَائِرُ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ دُونَ الْيَابِسَةِ (وَكَذَا رَوَاهُ) الْحَدِيثَ (الثَّوْرِيُّ) سُفْيَانُ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ (عَنْ يُونُسَ) بْنِ عُبَيْدٍ فَتَابَعَ سُفْيَانُ عَبْدَ السَّلَامِ بْنَ حَرْبٍ وَهَذِهِ إِشَارَةٌ مِنَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى أَنَّ يُونُسَ قَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَالثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ السَّلَامِ قَدِ اتَّفَقَا فِي رِوَايَتِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[1687]
(إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ) أَيْ تَصَدَّقَتْ (مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا) أَيْ مِنْ مَالِهِ (مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ) أي مع علمها برضى الزَّوْجِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى النَّوْعِ الَّذِي سُومِحَتْ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ (فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ) قِيلَ هَذَا مُفَسَّرٌ بِمَا إِذَا أَخَذَتْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهَا وَتَصَدَّقَتْ بِهِ فَعَلَيْهَا غُرْمُ مَا أَخَذَتْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِذَا عَلِمَ الزَّوْجُ وَرَضِيَ بِذَلِكَ فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ بِمَا تَصَدَّقَتْ مِنْ نَفَقَتِهَا وَنِصْفُ أَجْرِهِ لَهُ بِمَا تَصَدَّقَتْ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهَا لِأَنَّ الأكثر حق الزوج
قاله القارىء
قال النووي واعلم أنه لابد فِي الْعَامِلِ وَهُوَ الْخَازِنُ وَفِي الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ مِنْ إِذْنِ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ أَصْلًا فَلَا أَجْرَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بَلْ عَلَيْهِمْ وِزْرٌ بِتَصَرُّفِهِمْ فِي مَالِ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ
وَالْإِذْنُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا الْإِذْنُ الصَّرِيحُ فِي النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ
وَالثَّانِي الْإِذْنِ الْمَفْهُومِ مِنِ اطِّرَادِ الْعُرْفِ كَإِعْطَاءِ السَّائِلِ كِسْرَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ وَاطِّرَادُ الْعُرْفِ فِيهِ وَعُلِمَ بِالْعُرْفِ رِضَاءُ الزَّوْجِ وَالْمَالِكِ بِهِ فَإِذْنُهُ فِي ذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَهَذَا إِذَا عُلِمَ رِضَاهُ لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ وَعُلِمَ أَنَّ نَفْسَهُ كَنُفُوسِ غَالِبِ النَّاسِ فِي السَّمَاحَةِ بِذَلِكَ وَالرِّضَاءِ بِهِ فَإِنِ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ وَشُكَّ فِي رِضَاهُ أَوْ كَانَ شَحِيحًا يَشِحُّ بِذَلِكَ وَعُلِمَ مِنْ حَالِهِ ذَلِكَ أَوْ شُكَّ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا التَّصَدُّقُ فِي مَالِهِ إِلَّا بِصَرِيحِ إِذْنِهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ فَمَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ وَيَكُونُ مَعَهَا إِذْنٌ عَامٌّ سَابِقٌ مُتَنَاوِلٌ لِهَذَا الْقَدْرِ وَغَيْرِهِ وَذَلِكَ الْإِذْنُ الَّذِي قَدْ بَيَّنَاهُ سَابِقًا إما بالصريح وإما بالعرف لابد مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ الْأَجْرَ مُنَاصَفَةً
وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إِذَا أَنْفَقَتْ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ صَرِيحٍ وَلَا مَعْرُوفٍ مِنَ الْعُرْفِ فَلَا أَجْرَ لَهَا بَلْ عَلَيْهَا وِزْرٌ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي قَدْرٍ يَسِيرٍ يُعْلَمُ رِضَاءُ الْمَالِكِ بِهِ فِي الْعَادَةِ فَإِنْ زَادَ عَلَى التَّعَارُفِ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامٍ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ فَأَشَارَ صلى الله عليه وسلم أنه قدر يعلم رضى الزَّوْجِ بِهِ فِي الْعَادَةِ وَبَيَّنَهُ بِالطَّعَامِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْمَحُ بِهِ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْوَالِ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْخَازِنِ النَّفَقَةُ عَلَى عِيَالِ صَاحِبِ الْمَالِ وَغِلْمَانِهِ وَمَصَالِحِهِ وَقَاصِدِيهِ مِنْ ضَيْفٍ وبن سَبِيلٍ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَلِكَ صَدَقَتُهُمُ الْمَأْذُونُ فِيهَا بِالصَّرِيحِ أَوِ الْعُرْفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ انْتَهَى
قُلْتُ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْبُيُوعِ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ وَفِي النَّفَقَاتِ عَنْ يَحْيَى وَمُسْلِمٌ فِي الزَّكَاةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَالْمُؤَلِّفُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَلَّالِ كُلِّهِمْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا تَصُمِ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنْ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ قَوِيٌّ مُتَّصِلُ الْإِسْنَادِ لَيْسَ فِيهِ عِلَّةٌ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاجِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[1688]
(قَالَ لَا) أَيْ لَا يَحِلُّ لَهَا التَّصْدِيقُ (إِلَّا مِنْ قُوتِهَا) أَيْ مِنْ قُوتِ نَفْسِهَا وَهُوَ مَا أَعْطَاهَا الزَّوْجُ لِتَأْكُلَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ لَكِنْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَا تُنْفِقِ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا قيل يارسول اللَّهِ وَلَا الطَّعَامُ قَالَ ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ
فَإِنْ قُلْتَ أَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ جَاءَتْ مُخْتَلِفَةً فَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْمَرْأَةِ أَنْ تُنْفِقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ الْمَذْكُورُ وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ بِحُصُولِ الْأَجْرِ لَهَا فِي ذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورُ وَمِنْهَا مَا قُيِّدَ فِيهِ التَّرْغِيبُ فِي الْإِنْفَاقِ بِكَوْنِهِ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَبِكَوْنِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ وَهُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَيْضًا وَمِنْهَا مَا هُوَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْهَا مَا قُيِّدَ الْحُكْمُ فِيهِ بِكَوْنِهِ رَطْبًا وَهُوَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
قُلْتُ كَيْفِيَّةُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ الْبِلَادِ وَبِاخْتِلَافِ حَالِ الزَّوْجِ مِنْ مُسَامَحَتِهِ وَرِضَاهُ بِذَلِكَ أَوْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ وَبِاخْتِلَافِ الْحَالِ فِي الشَّيْءِ الْمُنْفَقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا يُتَسَامَحُ بِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَطَرٌ فِي نَفْسِ الزَّوْجِ يَبْخَلُ بِمِثْلِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رَطْبًا يُخْشَى فَسَادُهُ إِنْ تَأَخَّرَ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ يُدَّخَرُ وَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْفَسَادُ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا) أَيْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَوْقُوفُ (يُضَعِّفُ حَدِيثَ هَمَّامِ) بْنِ مُنَبِّهٍ
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وُجِدَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأَكْثَرُ عَنْهَا