المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب كم يؤدى في صدقة الفطر) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٥

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَتَى تُؤَدَّى)

- ‌(بَاب كَمْ يُؤَدَّى فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَوَى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ)

- ‌(بَاب فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(باب في الزكاة تحمل من بلد إلى بلد)

- ‌(بَاب مَنْ يُعْطِي مِنْ الصَّدَقَةِ وَحَدُّ الْغِنَى)

- ‌(بَاب مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ)

- ‌(بَاب كَمْ يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَاب مَا تَجُوزُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ)

- ‌(باب في الاستعفاف)

- ‌(بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ)

- ‌(بَاب الْفَقِيرِ يُهْدِي لِلْغَنِيِّ مِنْ الصَّدَقَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا)

- ‌(بَاب فِي حُقُوقِ الْمَالِ)

- ‌(بَاب حَقِّ السَّائِلِ)

- ‌(بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ)

- ‌(بَاب مَا لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ)

- ‌(بَاب الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(بَاب عَطِيَّةِ مَنْ سأل بالله عز وجل

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُخْرِجُ [1673] مِنْ نَصَرَ يَنْصُرُ (مِنْ مَالِهِ) فَلَا يَبْقَى فِي يَدِهِ شَيْءٌ)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَنِيحَةِ)

- ‌(بَاب أَجْرِ الْخَازِنِ)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةِ)

- ‌(بَاب فِي صِلَةِ الرَّحِمِ)

- ‌(بَاب فِي الشُّحِّ)

- ‌10 - كِتَاب اللُّقَطَةِ

- ‌11 - كِتَاب الْمَنَاسِك

- ‌(بَاب فَرْضِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ)

- ‌(بَاب لا صرورة)

- ‌(بَابُ التَّزَوُّدِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْكَرِيِّ)

- ‌(بَاب فِي الصَّبِيِّ يَحُجُّ)

- ‌(باب في المواقيت)

- ‌(بَاب الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ)

- ‌(بَاب الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَاب التَّلْبِيدِ)

- ‌(بَاب فِي الْهَدْيِ)

- ‌(بَاب فِي هَدْيِ الْبَقَرِ)

- ‌(بَاب فِي الْإِشْعَارِ)

- ‌(باب تعديل الْهَدْيِ)

- ‌(بَاب مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ [1757] بِبَلَدِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ)

- ‌(بَاب فِي رُكُوبِ الْبُدْنِ)

- ‌(بَابَ الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ)

- ‌(بَاب كَيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ)

- ‌(باب وَقْتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَاب الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي إِفْرَادِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي الْإِقْرَانِ)

- ‌(باب الرجل يهل الخ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ التَّلْبِيَةُ)

- ‌(باب متى يقطع الحاج التَّلْبِيَةَ)

- ‌(بَاب مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَةَ)

- ‌(باب المحرم يؤدب غلامه)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثِيَابِهِ)

- ‌(بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاحَ)

- ‌(بَاب فِي الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا)

- ‌(بَاب فِي الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(بَاب يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ)

- ‌(باب المحرم يغتسل)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ)

- ‌(بَاب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ)

- ‌(بَاب لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ)

- ‌(باب الجراد للمحرم)

- ‌(بَاب فِي الْفِدْيَةِ)

- ‌(بَاب الْإِحْصَارِ)

- ‌(بَاب دُخُولِ مَكَّةَ)

- ‌(باب في رفع اليد إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(بَاب فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ)

- ‌(بَاب اسْتِلَامِ الْأَرْكَانِ)

- ‌(بَاب الطَّوَافِ الْوَاجِبِ)

- ‌(بَاب الِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّمَلِ)

- ‌(بَاب الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ)

- ‌ بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(بَاب طَوَافِ الْقَارِنِ)

- ‌(بَاب طَوَافِ الْقَارِنِ)

- ‌(بَاب الْمُلْتَزَمِ)

- ‌(بَاب صفة حجة النبي)

- ‌(بَاب الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَةَ)

- ‌(باب الخطبة بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب التَّعْجِيلِ)

- ‌(بَاب يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)

- ‌(بَاب الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ)

- ‌(بَاب مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب النُّزُولِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب أَيِّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ)

- ‌(بَاب أَيِّ وَقْتٍ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ)

- ‌(بَاب مَا يَذْكُرُ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب الْقَصْرِ لِأَهْلِ مَكَّةَ)

- ‌(بَاب فِي رَمْيِ الْجِمَارِ)

- ‌(بَاب الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ)

- ‌(باب العمرة)

- ‌(باب المهلة بالعمرة تحيض [1995] قبل إِتْمَامُ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْمَقَامِ فِي الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْمَقَامِ فِي الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْوَدَاعِ [2002] مِنَ الْبَيْتِ)

- ‌(بَاب الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ)

- ‌(بَاب طَوَافِ الْوَدَاعِ)

- ‌(بَاب التَّحْصِيبِ)

- ‌(باب من قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ فِي حَجِّهِ)

- ‌(بَاب فِي مَكَّةَ [2016] هَلْ يُبَاحُ فِيهَا شَيْءٌ مَا لَا يُبَاحُ فِي غَيْرِهَا)

- ‌(باب تحريم مَكَّةَ)

- ‌(بَاب فِي نَبِيذِ السِّقَايَةِ)

الفصل: ‌(باب كم يؤدى في صدقة الفطر)

يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَأَمّا تَأْخِيرُهَا عن يوم العيد

فقال بن رَسْلَانَ إِنَّهُ حَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي تَأْخِيرِهَا إِثْمٌ كَمَا فِي إِخْرَاجِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ

8 -

(بَاب مَتَى تُؤَدَّى)

[1610]

(قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصلاة) قال بن التِّينِ أَيْ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى صَلَاةِ العيد وبعد صلاة الفجر

قال بن عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ يُقَدِّمُ الرَّجُلُ زَكَاتَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ بَيْنَ يَدَيْ صَلَاتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ ربه فصلى وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ نَزَلَتْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ

وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ التَّقَيُّدَ بِقَبْلِ صَلَاةِ الْعِيدِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِصِدْقِ الْيَوْمِ عَلَى جَمِيعِ النَّهَارِ

وَقَدْ رواه أبو معشر عن نافع عن بن عُمَرَ بِلَفْظِ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَهَا قَبْلَ أَنْ نُصَلِّيَ فَإِذَا انْصَرَفَ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ وَقَالَ أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ

أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ولكن أبو معشر ضعيف

وهم بن الْعَرَبِيِّ فِي عَزْوِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لِمُسْلِمٍ

وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى كَرَاهَةِ تَأْخِيرِهَا عَنِ الصَّلَاةِ وحمله بن حَزْمٍ عَلَى التَّحْرِيمِ (قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ يَوْمَ الْفِطْرِ (بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْجِيلِ الْفِطْرَةِ قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ وَقَدْ جَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ وَمِثْلَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ

وَقَالَ أَحْمَدُ لَا تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا إِلَّا كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ

وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ مُطْلَقًا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمْ فعل بن عُمَرَ

9 -

(بَاب كَمْ يُؤَدَّى فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

[1611]

(وَقَرَأَهُ عَلَى مَالِكٍ أَيْضًا) الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْلَمَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى مَالِكٍ الْإِمَامِ كَمَا كَانَ دَأْبُ مَالِكٍ وَتَمَّ حَدِيثُهُ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ

ص: 4

رسول الله فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَمَرَّةً قَرَأَ مَالِكٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ لَكِنْ زَادَ مَالِكٌ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى

فَلَفْظُ مالك في الموطأ عن نافع عن بن عمر أن رسول الله فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى (فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مِنَ الفرائض

وقد نقل بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ بِالْوُجُوبِ دُونَ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ

قَالُوا إِذْ لَا دَلِيلَ قَاطِعٌ تَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضِيَّةُ

قَالَ الْحَافِظُ وفي نقل الإجماع نظر لأن إبراهيم بن عُلَيَّةَ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ كَيْسَانَ الْأَصَمَّ قَالَا إِنَّ وُجُوبَهَا نُسِخَ وَاسْتُدِلَّ لَهُمَا بِمَا رَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا نَزَلَتِ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَانَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ

قَالَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيًا مَجْهُولًا وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى النَّسْخِ لِاحْتِمَالِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ نُزُولَ فَرْضِ الْوَاجِبِ سُقُوطُ فَرْضٍ آخَرَ

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى قَدْ أَفْلَحَ من تزكى نَزَلَتْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ كَمَا رَوَى ذَلِكَ بن خُزَيْمَةَ (زَكَاةُ الْفِطْرِ) أُضِيفَتِ الزَّكَاةُ إِلَى الْفِطْرِ لِكَوْنِهَا تَجِبُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ كَمَا فِي الْفَتْحِ

وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ وَقْتُ وُجُوبِهَا طُلُوعُ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ مَحِلًّا لِلصَّوْمِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ الْفِطْرُ الْحَقِيقِيُّ بِالْأَكْلِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّانِي قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ مَالِكٍ (صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ) الصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رِطْلٍ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْحِجَازِ كَافَّةً وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةِ

وَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ إِلَى أَنَّ الصَّاعَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ مَبْسُوطًا فِي بَابِ مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي يُجْزِئُ بِهِ الْغُسْلُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ

(قَالَ الطِّيبِيُّ) دَلَّ عَلَى أَنَّ النِّصَابَ ليس بشرط

قال القارىء أَيْ لِلْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا

فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَجِبُ إِذَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ لِيَوْمِ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ قَدْرُ صدقة الفطر

ص: 5

أَقُولُ وَهَذَا تَقْدِيرُ نِصَابٍ كَمَا لَا يَخْفَى إِلَّا أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَيَّدُوا هَذَا الْإِطْلَاقَ بِأَحَادِيثَ وَرَدَتْ تُفِيدُ التَّقْيِيدَ بِالْغِنَى وَصَرَفُوهُ إِلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَالْعُرْفِيِّ وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا مِنْهَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ انْتَهَى (عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُهَا عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ ظَاهِرُهُ إِلْزَامُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فَيَلْزَمُ السَّيِّدَ إِخْرَاجُهُ عَنْهُ

وَقَالَ دَاوُدُ لَازِمٌ لِلْعَبْدِ وَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ الْكَسْبِ حَتَّى يَكْسَبَ فَيُؤَدِّيَهُ

(مِنَ الْمُسْلِمِينَ) وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُزَكِّي عَنْ عَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا لِلتِّجَارَةِ أَوِ الْخِدْمَةِ لِأَنَّ عُمُومَ اللَّفْظِ شَمَلَهُمْ كُلَّهُمْ وَفِيهِ وُجُوبُهَا عَلَى الصَّغِيرِ مِنْهُمْ وَالْكَبِيرِ وَالْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَكَذَلِكَ الْآبِقِ مِنْهُمْ وَالْمَرْهُونِ وَالْمَغْصُوبِ وَفِي كُلِّ مَنْ أُضِيفَ إِلَى مِلْكِهِ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَكِّي عَنْ عَبِيدِهِ الْكُفَّارِ لِقَوْلِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَيَّدَهُ بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ عَبْدَهُ الذِّمِّيَّ لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ قول مالك والشافعي وأحمد وبن حَنْبَلٍ

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُؤَدِّي عَبْدُهُ الذِّمِّيُّ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِخْرَاجَ أَقَلِّ مِنْ صَاعٍ لَا يُجْزِئُ وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ التَّمْرَ وَالشَّعِيرَ وَهُمَا قُوتُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَقِيَاسُ مَا يَقْتَاتُونَهُ مِنَ الْبُرِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَقْوَاتٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ صَاعٍ

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا يجزيه مِنَ الْبُرِّ أَقَلُّ مِنْ صَاعٍ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وأصحابه والثوري يجزيه مِنَ الزَّبِيبِ نِصْفُ صَاعٍ كَالْقَمْحِ

وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِخْرَاجُ نِصْفِ صَاعِ الْبُرِّ

كَذَا فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ لِلْخَطَّابِيِّ

وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ

[1612]

(بِمَعْنَى) حَدِيثِ (مَالِكٍ) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ نَافِعٍ عن بن عمر قال فرض رسول الله زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ

ص: 6

وَالنَّسَائِيُّ (رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ) الْمُكَبَّرُ (الْعُمَرِيُّ) أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ بلفظ فرض رسول الله صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ (رَوَاهُ سَعِيدُ) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (الْجُمَحِيُّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الْمُخَفَّفَةِ مَنْسُوبٌ إِلَى جُمَحَ بْنِ عُمَرَ (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) الْمُصَغَّرِ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي المستدرك بلفظ أن رسول الله فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ بُرٍّ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَصَحَّحَهُ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ

وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ أَيِ الْمُصَغَّرُ

وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَالْمَشْهُورُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) الْمُصَغَّرِ (لَيْسَ فِيهِ) فِي حَدِيثِ زَكَاةِ الْفِطْرِ لَفْظُ (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبِي أُسَامَةَ كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُصَغَّرِ عَنْ نَافِعٍ عن بن عمر قال فرض رسول الله زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ

وَالْمَعْنَى أَنَّ سَعِيدًا الْجُمَحِيَّ رَوَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ فَذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ لَفْظَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا غَيْرُ سَعِيدٍ مِثْلُ رُوَاةِ عُبَيْدِ اللَّهِ مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبِي أُسَامَةَ كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَأَبَانَ كَمَا سَيَجِيءُ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فَلَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ لَفْظَ الْمُسْلِمِينَ

[1613]

(صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أو تمر) انتصب صاعا على التميز أَوْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ (عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ) وُجُوبُ فِطْرَةِ الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ وَالْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا وليه إن كان للصغير مال ولا وَجَبَتْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ

وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هِيَ عَلَى الْأَبِ مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى من صام

ونقل بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْجَنِينِ

وَكَانَ أَحْمَدُ يَسْتَحِبُّهُ وَلَا يُوجِبُهُ كَذَا في الفتح

ص: 7

(زَادَ مُوسَى) بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِي رِوَايَتِهِ (وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مُسَدَّدٌ وَقَدْ ذَكَرَهَا أَيْضًا عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عن نافع عن بن عُمَرَ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ

قَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُهُ وُجُوبُهَا عَلَى الْمَرْأَةِ سَوَاءً كَانَ لَهَا زَوْجٌ أَمْ لا وبه قال الثوري وأبو حنيفة وبن الْمُنْذِرِ

وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ تَجِبُ عَلَى زَوْجِهَا تَبَعًا لِلنَّفَقَةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (قَالَ فِيهِ أَيُّوبُ) السَّخْتِيَانِيُّ (وَعَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي الْعُمَرِيُّ فِي حَدِيثِهِمَا) أَيْ كَمَا زَادَ عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ نَافِعٍ جُمْلَةَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَذَا زَادَهَا أَيُّوبُ وَعَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ أَيْضًا وَرِوَايَةُ أَيُّوبَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَرِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي سُنَنِهِ

وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو قلابة الرقاشي ومحمد بن وضاح وتبعهم بن الصَّلَاحِ وَمَنْ تَبِعَهُ إِنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دُونَ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ بن عَبْدِ الْبَرِّ فَقَالَ كُلُّ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ قَالُوا فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَحْدَهُ فَلَمْ يَقُلْهَا

قَالَ وَأَخْطَأَ مَنْ ظَنَّ أَنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِهَا فَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَكَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَالْحَاكِمِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَيْ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْحَاكِمِ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ عند الشيخين والدارقطني وبن خزيمة

زاد الحافظ بن حَجَرٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَعَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فِي زِيَادَتِهِمَا وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ والمعلى بن إسماعيل عند بن حبان وبن أبي ليلى عند الدارقطني وبن الجارود قال الحافظ وذكر شيخنا بن الْمُلَقِّنِ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ نَافِعٍ بِالزِّيَادَةِ

وَقَدْ تَتَبَّعْتُ تَصَانِيفَ الْبَيْهَقِيِّ فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ انْتَهَى

قال الشيخ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَدِ اشْتُهِرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَعْنِي قَوْلَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهَا

قَالَ أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ لَيْسَ أَحَدٌ يَقُولُ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مَالِكٍ

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ لَهُ زَادَ فِيهِ مَالِكٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ نَافِعٍ فَلَمْ يَقُولُوا فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى

قَالَ فَمِنْهُمُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَحَدِيثُهُ أَيْضًا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ كلهم يرووه عن نافع عن بن عُمَرَ فَلَمْ يَقُولُوا فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَتَبِعَهَا عَلَى هَذِهِ

ص: 8

الْمَقَالَةِ جَمَاعَةٌ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ

فَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ مِنَ الثِّقَاتِ سَبْعَةٌ عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُعَلَّى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ انْتَهَى

هَذَا كُلُّهُ مِنْ غَايَةِ الْمَقْصُودِ

[1614]

(أَوْ سُلْتٍ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ نَوْعٌ مِنَ الشَّعِيرِ يُشْبِهُ الْبُرَّ

قَالَهُ السِّنْدِيُّ وَفِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ نَوْعٌ مِنَ الشَّعِيرِ وَهُوَ كَالْحِنْطَةِ فِي مَلَاسَتِهِ وَكَالشَّعِيرِ فِي بُرُودَتِهِ وَطَبْعِهِ انْتَهَى

وَفِي الصِّرَاعِ جو برهنه يَعْنِي بي بوست (مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ) أَيْ عِوَضًا مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ دَاوُدَ وَهُوَ ضعيف انتهى

والحديث أعله بن الجوزي بعبد العزيز وقال قال بن حِبَّانَ كَانَ يُحَدِّثُ عَنِ التَّوَهُّمِ فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ إِنَّمَا عَدَّلَ الْقِيمَةَ فِي الصَّاعِ مُعَاوِيَةُ فَأَمَّا عُمَرُ فَإِنَّهُ كَانَ أَشَدَّ اتِّبَاعًا لِلْأَثَرِ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ انْتَهَى

قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ وَعَبْدُ العزيز هذا وإن كان بن حِبَّانَ تَكَلَّمَ فِيهِ فَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَالْمُوَثِّقُونَ لَهُ أَعْرَفُ مِنَ الْمُضَعِّفِينَ وقد أخرج له البخاري استشهادا انْتَهَى

[1615]

(فَعَدَلَ النَّاسُ) أَيْ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه وَمَنْ مَعَهُ (مِنْ بُرٍّ) فَجَعَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ سِوَى الْحِنْطَةِ صَاعًا وَفِي الْحِنْطَةِ نصف صاع ومثله عن طاووس وبن المسيب وبن الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ ثُمَّ قَالَ فَهَذَا كُلُّ مَا رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَعَنْ تَابِعِيهِمْ كُلُّهَا عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مِنَ الْحِنْطَةِ نِصْفُ صَاعٍ وَمَا علمنا أحدا من أصحاب رسول الله وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُخَالِفَ ذَلِكَ إِذْ قَدْ صَارَ إِجْمَاعًا فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وعمر وعثمان وعلي انتهى مختصرا

قال بن الْمُنْذِرِ لَا نَعْلَمُ فِي الْقَمْحِ خَبَرًا ثَابِتًا عن النبي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنِ الْبُرُّ

ص: 9

بِالْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ فَلَمَّا كَثُرَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ رَأَوْا أَنَّ نِصْفَ صَاعٍ مِنْهُ يَقُومُ مَقَامَ صَاعٍ مِنَ الشَّعِيرِ وَهُمُ الْأَئِمَّةُ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُعْدَلَ عَنْ قَوْلِهِمْ إِلَّا إِلَى قَوْلِ مِثْلِهِمْ ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وبن عباس وبن الزُّبَيْرِ وَأُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ بِأَسَانِيدَ قَالَ الْحَافِظُ صَحِيحَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ انْتَهَى

قال الحافظ وهذا مصير من بن الْمُنْذِرِ إِلَى اخْتِيَارِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ لَكِنْ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لم يوافق على ذلك وكذلك بن عُمَرَ فَلَا إِجْمَاعَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا لِلطَّحَاوِيِّ

وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَغَيْرِهِ

وَذَهَبَ أَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّ الْبُرَّ وَالزَّبِيبَ كَذَلِكَ يَجِبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاعٌ

(فَأَعْوَزَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ أَيِ احْتَاجَ يُقَالُ أَعْوَزنِي الشَّيْءُ إِذَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّمْرَ أَفْضَلُ مَا يُخْرَجُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَقَدْ رَوَى جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مِجْلِزٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ قَدْ أَوْسَعَ اللَّهُ وَالْبُرُّ أَفْضَلُ مِنَ التَّمْرِ أَفَلَا تُعْطِي الْبُرَّ قَالَ لَا أُعْطِي إِلَّا كَمَا كَانَ يُعْطِي أَصْحَابِي

وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخْرِجُونَ مِنْ أَعْلَى الْأَصْنَافِ الَّتِي يُقْتَاتُ بِهَا لِأَنَّ التَّمْرَ أَعْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ فِي حديث أبي سعيد وإن كان بن عُمَرَ فَهِمَ مِنْهُ خُصُوصِيَّةَ التَّمْرِ بِذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ [1616](صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ) قَالَ الْحَافِظُ هَذَا يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الطَّعَامِ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ وقد حكى الخطابي أن المراد بالطعام ها هنا الْحِنْطَةُ وَأَنَّهُ اسْمٌ خَاصٌّ لَهُ

قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ذِكْرُ الشَّعِيرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَاتِ وَالْحِنْطَةُ أَعْلَاهَا فَلَوْلَا أَنَّهُ أَرَادَهَا بِذَلِكَ لَكَانَ ذِكْرُهَا عِنْدَ التَّفْصِيلِ كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَقْوَاتِ وَلَا سِيَّمَا حَيْثُ عُطِفَتْ عَلَيْهَا بِحَرْفٍ أَوِ الْفَاصِلَةِ وَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ وَقَدْ كَانَتْ لَفْظَةُ الطَّعَامِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْحِنْطَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَتَّى إِذَا قِيلَ اذْهَبْ إِلَى سُوقِ الطَّعَامِ فَهُوَ مِنْهُ سُوقُ الْقَمْحِ وَإِذَا غَلَبَ الْعُرْفُ نَزَلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا

ص: 10

غَلَبَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِ كَانَ خُطُورُهُ عِنْدَ الإطلاق أقرب انتهى

وقد رد ذلك بن الْمُنْذِرِ وَقَالَ ظَنَّ أَصْحَابُنَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ حِنْطَةً وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَجْمَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ فَسَّرَهُ ثُمَّ أَوْرَدَ طَرِيقَ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامُنَا الشَّعِيرَ وَالزَّبِيبَ وَالْأَقِطَ وَالتَّمْرَ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا قَالَ

وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ نَحْوَهُ من طريق أخرى

وأخرج بن خزيمة والحاكم في صحيحهما أن أبا سعيد قال ما ذَكَرُوا عِنْدَهُ صَدَقَةَ رَمَضَانَ لَا أُخْرِجُ إِلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَاعَ تَمْرٍ أَوْ صَاعَ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ أَوْ صَاعَ أَقِطٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ فَقَالَ لَا تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ لَا أَقْبَلُهَا وَلَا أعمل بها

قال بن خُزَيْمَةَ ذِكْرُ الْحِنْطَةِ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَلَا أَدْرِي مِمَّنِ الْوَهْمُ (أَنَّ مُدَّيْنِ) الْمُدُّ رُبْعُ الصَّاعِ (مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ وَبِالْمَدِّ هِيَ الْقَمْحُ الشَّامِيُّ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه مطولا ومختصرا (رواه بن عُلَيَّةَ) هُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعُلَيَّةُ هِيَ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ (وَعَبْدَةُ) بْنُ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيُّ (وَغَيْرُهُمَا) كَأَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ الْوَهْبِيِّ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِمَعْنَاهُ) وَوَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ إِلَى بن عُلَيَّةَ فِيمَا يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عن بن علية عن بن إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَذُكِرَ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فَقَالَ لَا أُخْرِجُ إِلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ فِي عَهْدِ رسول الله صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ فَقَالَ لَا تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ لَا أَقْبَلُهَا وَلَا أَعْمَلُ بِهَا وَصَحَّحَهُ (وَذَكَرَ رَجُلٌ وَاحِدٌ) وَهُوَ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ (فِيهِ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ (أَوْ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ) وَلَفْظُ الدَّارَقُطْنِيِّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ قَالَا أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ حدثنا بن عُلَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بن

ص: 11

عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَذَكَرُوا عِنْدهُ صَدَقَةَ رَمَضَانَ فَقَالَ لَا أُخْرِجُ إِلَّا مَا كُنْتُ أخرج على عهد رسول الله صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ قَالَ لَا تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ لَا أَقْبَلُهَا وَلَا أَعْمَلُ بِهَا (وَلَيْسَ بمحفوظ) قال الشيخ تقي الدين قال بن خُزَيْمَةَ وَذِكْرُ الْحِنْطَةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَلَا أَدْرِي مِمَّنِ الْوَهْمِ

وَقَوْلُ الرَّجُلِ أَوْ مُدَّيْنِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْحِنْطَةِ فِي أَوَّلِ الْخَبَرِ خَطَأٌ وَوَهْمٌ إِذْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ مَعْنًى انْتَهَى

[1617]

(أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ بن عُلَيَّةَ الْمَذْكُورُ (لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْحِنْطَةِ) وَاعْلَمْ أن المؤلف أورد قبل ذلك رواية بن علية معلقا ثم أورد ها هنا متصلا بذكر مسدد عن إسماعيل بن عُلَيَّةَ (قَدْ ذَكَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ) الْأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ هُوَ شَيْخُ شَيْخِ أَبِي دَاوُدَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ أَبُو دَاوُدَ رَوَى مُعَاوِيَةُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ وَرَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ (أَوْ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ) عَنْ مُعَاوِيَةَ وَالْمَحْفُوظُ مِنْ رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن شبية حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا نُعْطِي زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ

[1618]

(أَخْبَرَنَا يحيى) أي بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَكِلَاهُمَا أَيْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ويحيى القطان يروي عن بن عَجْلَانَ (أَوْ أَقِطٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ لَبَنٌ يَابِسٌ غَيْرُ مَنْزُوعِ الزَّبَدِ

وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ يُتَّخَذُ مِنَ اللَّبَنِ الْمَخِيضِ يُطْبَخُ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتَّصِلَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِجْزَائِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ لِأَنَّهُ غَيْرَ مُقْتَاتٍ وَبِهِ

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَّا أَنَّهُ أَجَازَ إِخْرَاجَهُ بَدَلًا عَنِ الْقِيمَةِ عَلَى قَاعِدَتِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يُجْزِئُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُجْزِئُ مَعَ عَدَمِ وِجْدَانِ غَيْرِهِ

وَزَعَمَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ دُونَ أَهْلِ الْحَاضِرَةِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُمْ بِلَا خِلَافٍ وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ قَطَعَ الجمهور بأن

ص: 12