المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما تجوز فيه المسألة) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٥

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَتَى تُؤَدَّى)

- ‌(بَاب كَمْ يُؤَدَّى فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَوَى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ)

- ‌(بَاب فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(باب في الزكاة تحمل من بلد إلى بلد)

- ‌(بَاب مَنْ يُعْطِي مِنْ الصَّدَقَةِ وَحَدُّ الْغِنَى)

- ‌(بَاب مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ)

- ‌(بَاب كَمْ يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَاب مَا تَجُوزُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ)

- ‌(باب في الاستعفاف)

- ‌(بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ)

- ‌(بَاب الْفَقِيرِ يُهْدِي لِلْغَنِيِّ مِنْ الصَّدَقَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا)

- ‌(بَاب فِي حُقُوقِ الْمَالِ)

- ‌(بَاب حَقِّ السَّائِلِ)

- ‌(بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ)

- ‌(بَاب مَا لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ)

- ‌(بَاب الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(بَاب عَطِيَّةِ مَنْ سأل بالله عز وجل

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُخْرِجُ [1673] مِنْ نَصَرَ يَنْصُرُ (مِنْ مَالِهِ) فَلَا يَبْقَى فِي يَدِهِ شَيْءٌ)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَنِيحَةِ)

- ‌(بَاب أَجْرِ الْخَازِنِ)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةِ)

- ‌(بَاب فِي صِلَةِ الرَّحِمِ)

- ‌(بَاب فِي الشُّحِّ)

- ‌10 - كِتَاب اللُّقَطَةِ

- ‌11 - كِتَاب الْمَنَاسِك

- ‌(بَاب فَرْضِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ)

- ‌(بَاب لا صرورة)

- ‌(بَابُ التَّزَوُّدِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْكَرِيِّ)

- ‌(بَاب فِي الصَّبِيِّ يَحُجُّ)

- ‌(باب في المواقيت)

- ‌(بَاب الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ)

- ‌(بَاب الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَاب التَّلْبِيدِ)

- ‌(بَاب فِي الْهَدْيِ)

- ‌(بَاب فِي هَدْيِ الْبَقَرِ)

- ‌(بَاب فِي الْإِشْعَارِ)

- ‌(باب تعديل الْهَدْيِ)

- ‌(بَاب مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ [1757] بِبَلَدِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ)

- ‌(بَاب فِي رُكُوبِ الْبُدْنِ)

- ‌(بَابَ الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ)

- ‌(بَاب كَيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ)

- ‌(باب وَقْتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَاب الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي إِفْرَادِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي الْإِقْرَانِ)

- ‌(باب الرجل يهل الخ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ التَّلْبِيَةُ)

- ‌(باب متى يقطع الحاج التَّلْبِيَةَ)

- ‌(بَاب مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَةَ)

- ‌(باب المحرم يؤدب غلامه)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثِيَابِهِ)

- ‌(بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاحَ)

- ‌(بَاب فِي الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا)

- ‌(بَاب فِي الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(بَاب يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ)

- ‌(باب المحرم يغتسل)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ)

- ‌(بَاب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ)

- ‌(بَاب لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ)

- ‌(باب الجراد للمحرم)

- ‌(بَاب فِي الْفِدْيَةِ)

- ‌(بَاب الْإِحْصَارِ)

- ‌(بَاب دُخُولِ مَكَّةَ)

- ‌(باب في رفع اليد إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(بَاب فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ)

- ‌(بَاب اسْتِلَامِ الْأَرْكَانِ)

- ‌(بَاب الطَّوَافِ الْوَاجِبِ)

- ‌(بَاب الِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّمَلِ)

- ‌(بَاب الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ)

- ‌ بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(بَاب طَوَافِ الْقَارِنِ)

- ‌(بَاب طَوَافِ الْقَارِنِ)

- ‌(بَاب الْمُلْتَزَمِ)

- ‌(بَاب صفة حجة النبي)

- ‌(بَاب الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَةَ)

- ‌(باب الخطبة بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب التَّعْجِيلِ)

- ‌(بَاب يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)

- ‌(بَاب الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ)

- ‌(بَاب مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب النُّزُولِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب أَيِّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ)

- ‌(بَاب أَيِّ وَقْتٍ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ)

- ‌(بَاب مَا يَذْكُرُ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب الْقَصْرِ لِأَهْلِ مَكَّةَ)

- ‌(بَاب فِي رَمْيِ الْجِمَارِ)

- ‌(بَاب الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ)

- ‌(باب العمرة)

- ‌(باب المهلة بالعمرة تحيض [1995] قبل إِتْمَامُ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْمَقَامِ فِي الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْمَقَامِ فِي الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْوَدَاعِ [2002] مِنَ الْبَيْتِ)

- ‌(بَاب الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ)

- ‌(بَاب طَوَافِ الْوَدَاعِ)

- ‌(بَاب التَّحْصِيبِ)

- ‌(باب من قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ فِي حَجِّهِ)

- ‌(بَاب فِي مَكَّةَ [2016] هَلْ يُبَاحُ فِيهَا شَيْءٌ مَا لَا يُبَاحُ فِي غَيْرِهَا)

- ‌(باب تحريم مَكَّةَ)

- ‌(بَاب فِي نَبِيذِ السِّقَايَةِ)

الفصل: ‌(باب ما تجوز فيه المسألة)

من الصدقة (فراس وبن أبي ليلى عن عطية) رواية بن أَبِي لَيْلَى أَخْرَجَهَا الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثار قال المنذري وعطية هو بن سَعْدٍ أَبُو الْحَسَنِ الْعَوْفِيُّ الْكُوفِيُّ وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ انْتَهَى

5 -

(بَاب كَمْ يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْ الزَّكَاةِ)

[1638]

(عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ) مُصَغَّرًا (وَدَاهُ) مِنَ الدِّيَةِ (بِمِائَةٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُشْبِهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم إِنَّمَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ عَلَى مَعْنَى الْحَمَالَةِ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ

لِأَنَّهُ شَجَرَ بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَبَيْنَ أَهْلِ خَيْبَرَ فِي دَمِ الْقَتِيلِ الَّذِي وُجِدَ بِهَا مِنْهُمْ فَإِنَّهُ لَا مَصْرِفَ لِمَالِ الصَّدَقَاتِ فِي الدِّيَاتِ

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَدْرِ مَا يُعْطَى الْفَقِيرُ مِنَ الصَّدَقَةِ فَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَنْ يَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَهُ عِيَالٌ

وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ لَا يُدْفَعُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الزَّكَاةِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا

وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ

وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ فِيهِ فَإِذَا زَالَ اسْمُ الْفَقْرِ عَنْهُ لَمْ يُعْطَ

وَقَدْ يَحْتَجُّ بِهَا مَنْ يَرَى جَمْعَ الصَّدَقَةِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ الثَّمَانِيَةِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا فِي الْقِصَّةِ الْمَشْهُورَةِ انْتَهَى

6 -

(بَاب مَا تَجُوزُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ)

[1639]

(حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ) بِفَتْحَتَيْنِ نِسْبَةً إِلَى نَمَرَ (قَالَ الْمَسَائِلُ) جَمْعُ الْمَسْأَلَةِ وَجُمِعَتْ

ص: 33

لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَالْمُرَادُ هُنَا سُؤَالُ أَمْوَالِ النَّاسِ (كَدُوحٍ) مِثْلُ صَبُورٍ لِلْمُبَالَغَةِ مِنَ الْكَدْحِ بِمَعْنَى الْجَرْحِ أَوْ هِيَ آثَارُ الْخُمُوشِ

قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ فَالْإِخْبَارُ بِهِ عَنِ الْمَسَائِلِ بِاعْتِبَارِ مَنْ قَامَتْ بِهِ أَيْ سَائِلُ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ جَارِحٌ لَهُمْ بِمَعْنَى مُؤْذِيهِمْ أَوْ جَارِحٌ وَجْهَهُ وَبِضَمِّ الْكَافِ جَمْعُ كَدْحٍ وَهُوَ أَثَرٌ مُسْتَنْكَرٌ مِنْ خَدْشٍ أَوْ عَضٍّ وَالْجَمْعُ هُنَا أَنْسَبُ لِيُنَاسِبَ الْمَسَائِلَ (يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ) أَيْ يَجْرَحُ وَيَشِينُ بِالسَّائِلِ (وَجْهَهُ) وَيَسْعَى فِي ذَهَابِ عِرْضِهِ بِالسُّؤَالِ يُرِيقُ مَاءَ وَجْهِهِ فَهِيَ كَالْجِرَاحَةِ

وَالْكَدْحُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْجَرْحِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه (فَمَنْ شَاءَ) أَيِ الْإِبْقَاءَ (أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ) أَيْ مَاءَ وَجْهِهِ مِنَ الْحَيَاءِ بِتَرْكِ السُّؤَالِ وَالتَّعَفُّفِ (مَنْ شَاءَ) أَيْ عَدَمَ الْإِبْقَاءِ (تَرَكَ) أَيْ ذَلِكَ الْإِبْقَاءَ (إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ) أَيْ حَكَمٌ وَمَلِكٌ بِيَدِهِ بَيْتُ الْمَالِ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ سُؤَالِ السُّلْطَانِ مِنَ الزَّكَاةِ أَوِ الْخُمُسِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَخُصُّ بِهِ عُمُومَ أَدِلَّةِ تَحْرِيمِ السُّؤَالِ (أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا) أَيْ عِلَاجًا آخَرَ غَيْرَ السُّؤَالِ أَوْ لَا يُوجَدُ مِنَ السُّؤَالِ فِرَاقًا وَخَلَاصًا

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ الَّتِي لَا بُدَّ عِنْدَهَا مِنَ السُّؤَالِ كَمَا فِي الْحَمَالَةِ وَالْجَائِحَةِ وَالْفَاقَةِ بَلْ يَجِبُ حال الاضطرار في العري والجوع

وفي سُبُلِ السَّلَامِ وَأَمَّا سُؤَالُهُ مِنَ السُّلْطَانِ فَإِنَّهُ لَا مَذَمَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْأَلُ مِمَّا هُوَ حَقٌّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا مِنَّةٌ لِلسُّلْطَانِ عَلَى السَّائِلِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فَهُوَ كَسُؤَالِ الْإِنْسَانِ وَكِيلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي لَدَيْهِ

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ وَإِنْ سَأَلَ السُّلْطَانَ تَكَثُّرًا فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ فِيهِ وَلَا إِثْمَ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ قَيِّمًا لِلْأَمْرِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ

وَقَدْ فَسَّرَ الْأَمْرَ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ حَدِيثُ قَبِيصَةَ وَفِيهِ لَا يَحِلُّ السُّؤَالُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ ذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ الْحَدِيثَ

وَقَوْلُهُ أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا أَيْ لَا يَتِمُّ لَهُ حُصُولُهُ مَعَ ضَرُورَةٍ إِلَّا بِالسُّؤَالِ وَيَأْتِي حَدِيثُ قَبِيصَةَ قَرِيبًا وَهُوَ مُبَيِّنٌ وَمُفَسِّرٌ لِلْأَمْرِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ

[1640]

(عَنْ قَبِيصَةَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ فَصَادٌ مُهْمَلَةٌ (بْنِ مُخَارِقٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ فَخَاءٌ مُعْجَمَةٌ فَرَاءٌ مَكْسُورَةٌ بَعْدَ الْأَلِفِ فَقَافٌ (الْهِلَالِيِّ) وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِدَادُهُ فِي أَهْلِ

ص: 34

الْبَصْرَةِ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ قَطَنٌ وَغَيْرُهُ (قَالَ تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ مَا يَتَحَمَّلُهُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ دِيَةٍ أَوْ غَرَامَةٍ لدفع وقوع حرب بسفك الدماء بين الفريقين

ذكره بن الْمَلِكِ

قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ مَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِنْسَانُ مِنَ الْمَالِ أَيْ يَسْتَدِينُهُ وَيَدْفَعُهُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ فَتَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْحَمَالَةُ فِي الْمَعْصِيَةِ

وَفِي النَّيْلِ وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أن الحمالة لابد أَنْ تَكُونَ لِتَسْكِينِ فِتْنَةٍ

وَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ فِتْنَةٌ اقْتَضَتْ غَرَامَةً فِي دِيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَامَ أَحَدُهُمْ فَتَبَرَّعَ بِالْتِزَامِ ذَلِكَ وَالْقِيَامِ بِهِ حَتَّى تَرْتَفِعَ تِلْكَ الْفِتْنَةُ الثَّائِرَةُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَانُوا إِذَا عَلِمُوا أَنَّ أَحَدَهُمْ تَحَمَّلَ حَمَالَةً بَادَرُوا إِلَى مَعُونَتِهِ وَأَعْطَوْهُ مَا تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ وَإِذَا سَأَلَ لِذَلِكَ لَمْ يُعَدَّ نَقْصًا فِي قَدْرِهِ بَلْ فَخْرًا (فَقَالَ أَقِمْ) أمر من الإقامة بمعنى أثبت واصبروكن فِي الْمَدِينَةِ مُقِيمًا (حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ) أَيْ يَحْضُرُنَا مَالُهَا (فَنَأْمُرُ لَكَ بِهَا) أَيْ بِالصَّدَقَةِ أو بالحمالة (ثم قال ياقبيصة إِنَّ الْمَسْأَلَةَ) أَيِ السُّؤَالُ وَالشَّحْذَةُ (لَا تَحِلُّ إلا لأحد ثلاثة) في شرح بن الْمَلِكِ قَالُوا هَذَا بَحْثُ سُؤَالِ الزَّكَاةِ وَأَمَّا سُؤَالُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى كَسْبٍ لِكَوْنِهِ زَمِنًا أَوْ ذَا عِلَّةٍ أُخْرَى جَازَ لَهُ السُّؤَالُ بِقَدْرِ قُوتِ يَوْمِهِ وَلَا يَدَّخِرُ وَكَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ لِاشْتِغَالِ الْعِلْمِ جَازَ لَهُ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَإِنْ تَرَكَهُ لِاشْتِغَالِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَصِيَامِهِ لَا تَجُوزُ لَهُ الزَّكَاةُ وَيُكْرَهُ لَهُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ

قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ (رَجُلٍ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ أَحَدِ وَقَالَ بن الْمَلِكِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَبِالرَّفْعِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ حَازَتْ بِشَرْطِ أَنْ يَتْرُكَ الْإِلْحَاحَ وَالتَّغْلِيطَ فِي الْخِطَابِ (حَتَّى يُصِيبَهَا) أَيْ إِلَى أَنْ يَجِدَ الْحَمَالَةَ أَوْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ (ثُمَّ يُمْسِكُ) أَيْ عَنِ السُّؤَالِ يَعْنِي إِذَا أَخَذَ مِنَ الصَّدَقَاتِ مَا يُؤَدِّي ذَلِكَ الدَّيْنَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ آخر منها

ذكره بن الْمَلِكِ (أَصَابَتْهُ جَائِرَةٌ) أَيْ آفَةٌ وَحَادِثَةٌ مُسْتَأْصِلَةٌ مِنْ جَاحَهُ يَجُوحُهُ إِذَا اسْتَأْصَلَهُ وَهُوَ الْآفَةُ الْمُهْلِكَةُ لِلثِّمَارِ وَالْأَمْوَالِ (فَاجْتَاحَتْ) أَيِ اسْتَأْصَلَتْ وَأَهْلَكَتْ (مَالَهُ) مِنْ ثِمَارِ بُسْتَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ (فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ سُؤَالُ الْمَالِ مِنَ النَّاسِ (حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ إِلَى أَنْ يُدْرِكَ مَا تَقُومُ بِهِ حَاجَتُهُ الضَّرُورِيَّةُ (مِنْ عَيْشٍ) أَيْ مَعِيشَةٍ مِنْ قُوتٍ وَلِبَاسٍ (أَوْ قَالَ) شَكٌّ مِنَ

ص: 35

الرَّاوِي (سِدَادًا) بِالْكَسْرِ مَا يُسَدُّ بِهِ الْفَقْرُ وَيُدْفَعُ وَيَكْفِي الْحَاجَةَ (وَرَجُلٌ) أَيْ غَنِيٌّ (أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ) أَيْ حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ اشْتُهِرَ بِهَا بَيْنَ قومه (حتى يقول) أي على رؤوس الْأَشْهَادِ (ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَى) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ مَقْصُورًا أَيِ الْعَقْلِ الْكَامِلِ (أَصَابَتْ فُلَانًا الْفَاقَةُ) أَيْ يَقُولُ ثَلَاثَةٌ مِنْ قَوْمِهِ هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّهُمْ أَخَبَرُ بِحَالِهِ وَالْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي ثُبُوتِ الْفَاقَةِ (فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ فَبِسَبَبِ هَذِهِ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ صَارَتْ حَلَالًا لَهُ (وَمَا سِوَاهُنَّ) أَيْ هذه الأقسام الثلاثة (سحت) بضمتين وبسكن الثَّانِي وَهُوَ الْأَكْثَرُ هُوَ الْحَرَامُ لَا يَحِلُّ كسبه لأنه بسحت الْبَرَكَةَ أَيْ يُذْهِبُهَا (يَأْكُلُهَا) أَيْ يَأْكُلُ مَا يَحْصُلُ لَهُ بِالْمَسْأَلَةِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ

وَالْحَاصِلُ يَأْكُلُ حَاصِلَهَا

قَالَ فِي السُّبُلِ يَأْكُلُ أَيِ الصَّدَقَةَ أُنِّثَ لِأَنَّهُ جَعَلَ السُّحْتَ عِبَارَةً عَنْهَا وَإِلَّا فَالضَّمِيرُ لَهُ انْتَهَى

(صَاحِبُهَا سُحْتًا) نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ بَدَلٍ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَأْكُلُهَا أو حالا قال بن الْمَلِكِ وَتَأْنِيثُ الضَّمِيرِ بِمَعْنَى الصَّدَقَةِ وَالْمَسْأَلَةِ

وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تَحْرُمُ الْمَسْأَلَةُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ لِمَنْ تَحَمَّلَ حَمَالَةً وَذَلِكَ أَنْ يَتَحَمَّلَ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ دَيْنًا أَوْ دِيَةً أَوْ يُصَالِحُ بِمَالٍ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ

وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ مِنْ مَالِهِ وَهَذَا هُوَ أَحَدُ الْخَمْسَةِ الَّذِي يَحِلُّ لَهُمْ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ كَمَا سَلَفَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ

وَالثَّانِي مَنْ أَصَابَ مَالَهُ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ أَوْ أَرْضِيَّةٌ كَالْبَرْدِ وَالْغَرَقِ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَا يَقُومُ بِعَيْشِهِ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ مَا يَقُومُ بِحَالِهِ وَيَسُدُّ خَلَّتَهُ وَالثَّالِثُ مَنْ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ وَلَكِنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُ بِحَالِهِ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْعُقُولِ لَا مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْغَبَاوَةُ وَالتَّغْفِيلُ وَإِلَى كَوْنِهِمْ ثَلَاثَةً ذَهَبَتِ الشَّافِعِيَّةُ لِلنَّصِّ فَقَالُوا لَا يُقْبَلُ فِي الْإِعْسَارِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ

وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إِلَى كِفَايَةِ الِاثْنَيْنِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الشَّهَادَاتِ وحملوا على الْحَدِيثَ عَلَى النَّدْبِ ثُمَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْغِنَى ثُمَّ افْتَقَرَ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ السُّؤَالُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا لَهُ بِالْفَاقَةِ يُقْبَلُ قوله

وقد ذهب إلى تحريم السؤال بن أَبِي لَيْلَى وَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِهِ الْعَدَالَةُ

وَالظَّاهِرُ مِنَ الْأَحَادِيثِ تَحْرِيمُ السُّؤَالِ إِلَّا لِلثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ أو أن لم يكن المسؤول السُّلْطَانَ كَمَا سَلَفَ كَذَا فِي السُّبُلِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[1641]

(يَسْأَلُهُ) حَالٌ أَوِ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ (فَقَالَ أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ) بِهَمْزَةِ اسْتِفْهَامِ تَقْرِيرِيٍّ وَمَا نَافِيَةٌ

ص: 36

(قَالَ بَلَى حِلْسٌ) أَيْ فِي بَيْتِيَّ حِلْسٌ بِكَسْرِ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ لَامِ كِسَاءٌ غَلِيظٌ يَلِي ظَهْرَ الْبَعِيرِ تَحْتَ الْقَتَبِ (نَلْبَسُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (بَعْضَهُ) أَيْ بِالتَّغْطِيَةِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ (وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ) أَيْ بِالْفَرْشِ (وَقَعْبٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ قَدَحٌ (نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ) مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ أَوْ زَائِدَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ (قَالَ ائْتِنِي بِهِمَا) أَيْ بِالْحِلْسِ وَالْقَعْبِ (قَالَ) أَيْ أَنَسٌ (مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ) أَيِ الْمَتَاعَيْنِ فِيهِ غَايَةُ التَّوَاضُعِ وَإِظْهَارُ الْمَرْحَمَةِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ إِذَا خَرَجَ عَلَيْهِمَا رَغَّبَ فِيهِمَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِمَا مَا فِيهِ مِنَ التَّأْكِيدِ فِي هَذَا الْأَمْرِ الشَّدِيدِ (آخُذُهُمَا) بِضَمِّ الْخَاءِ وَيُحْتَمَلُ كَسْرُهَا (قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ) ظَرْفٌ فَقَالَ (أَوْ ثَلَاثًا) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ (وَقَالَ اشْتَرِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفِي لُغَةٍ بِسُكُونِهَا (بِأَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الدِّرْهَمَيْنِ طَعَامًا (فَأَنْبِذْهُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيِ اطْرَحْهُ (إِلَى أَهْلِكَ) أَيْ مِمَّنْ يَلْزَمُكَ مُؤْنَتُهُ (وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الدَّالِ أَيْ فَأْسًا قِيلَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ وَالتَّشْدِيدِ (فَأَتَاهُ به) أي بعد ما اشْتَرَاهُ (فَشَدَّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ يُقَالُ شَدَّ يَشِدُّ شِدَّةً أَيْ قَوِيَ فَهُوَ شَدِيدٌ (عُودًا) أَيْ مُمْسِكًا (بِيَدِهِ) الْكَرِيمَةِ

وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَحْكَمَ فِي الْقَدُومِ مِقْبَضًا مِنَ الْعُودِ وَالْخَشَبِ لِيُمْسَكَ بِهِ الْقَدُومُ لِأَنَّ الْقَدُومَ بِغَيْرِ الْمِقْبَضِ لَا يَسْتَطِيعُ الرَّجُلُ بِهِ قَطْعَ الْحَطَبِ وَغَيْرِهِ بِلَا كُلْفَةٍ فَلِذَلِكَ فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم تَفَضُّلًا وَامْتِنَانًا عَلَيْهِ

وَفِي الْفَارِسِيَّةِ بمحكم كرد دران قدوم رسة رابدست خود (فَاحْتَطِبْ) أَيِ اطْلُبِ الْحَطَبَ وَاجْمَعْ (وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) أَيْ لَا تَكُنْ هُنَا هَذِهِ الْمُدَّةَ حَتَّى لَا أَرَاكَ

وَهَذَا مِمَّا أُقِيمَ فِيهِ الْمُسَبَّبُ مَقَامَ السَّبَبِ

وَالْمُرَادُ نَهْيُ الرَّجُلِ عَنْ تَرْكِ الِاكْتِسَابِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا نَهْيَ نَفْسِهِ عَنِ الرُّؤْيَةِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

وَقَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ سِيبَوَيْهِ من كلامهم لا أرينك ها هنا وَالْإِنْسَانُ لَا يَنْهَى نَفْسَهُ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى لَا تكون ها هنا فإن من كان ها هنا رَأَيْتُهُ وَنَظِيرُهُ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ النَّهْيُ عَنِ الْمَوْتِ وَالْمَعْنَى عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الْمَوْتَ فَيَنْتَهُونَ عَنْهُ وإنما

ص: 37