الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26 -
(بَاب الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ)
[1809]
(امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَفْتُوحَةً فَمُثَلَّثَةٍ سَاكِنَةٍ فَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْعَلَمِيَّةِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ أَوِ التَّأْنِيثِ لِكَوْنِهِ اسْمَ قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ (فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا) وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا (وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ) وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلًا جَمِيلًا (أَدْرَكَتْ أَبِي) حَالَ كَوْنِهِ (شَيْخًا) مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ وَقَوْلُهُ (كَبِيرًا) يَصِحُّ صِفَةً وَلَا يُنَافِي اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْحَالِ نَكِرَةً إذا لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْهَا (لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ) صِفَةٌ ثَانِيَةٌ وَيُحْتَمَلُ الْحَالُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ وَإِنْ شَدَدْتُهُ خَشِيتُ عَلَيْهِ (أَفَأَحُجُّ) نِيَابَةً (عَنْهُ قَالَ نَعَمْ) أَيْ حُجِّي عَنْهُ (وَذَلِكَ) أَيْ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ (فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ) قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ فِي الْحَدِيثِ رِوَايَاتٌ أُخَرُ فَفِي بَعْضِهَا أَنَّ السَّائِلَ رَجُلٌ وَأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ يَحُجُّ عَنْ أُمِّهِ فَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الْقَضِيَّةِ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ الْحَجُّ عَنِ الْمُكَلَّفِ إِذَا كَانَ مَيْئُوسًا مِنْهُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ مِثْلُ الشَّيْخُوخَةِ فَإِنَّهُ مَيْئُوسٌ زَوَالُهَا وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ لِأَجْلِ مَرَضٍ أَوْ جُنُونٍ يُرْجَى بُرْؤُهُمَا فَلَا يَصِحُّ
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ مَعَ الزِّيَادَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ التَّحْجِيجِ عَنْهُ مِنَ الْأَمْرَيْنِ عَدَمُ ثَبَاتِهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْخَشْيَةُ عَنِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ مِنْ شَدِّهِ فَمَنْ لَا يَضُرُّهُ الشَّدُّ كَالَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْمِحَفَّةِ لَا يُجْزِئُهُ حَجُّ الْغَيْرِ عَنْهُ
وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِالْحَجِّ عَنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْحَجُّ عَنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تُبَيِّنْ أَنَّ أَبَاهَا مُسْتَطِيعٌ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا الْإِجْزَاءُ لَا الْوُجُوبُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَبِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهَا قَدْ عَرَفَتْ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَى أَبِيهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهَا إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ دَالَّةٌ عَلَى عِلْمِهَا بِشَرْطِ دليل الوجوب وهو الاستطاعة
واتفق القائلون فإجزاء الْحَجِّ عَنْ فَرِيضَةِ الْغَيْرِ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا عَنْ مَوْتٍ أَوْ عَدَمِ قُدْرَةٍ عَنْ عَجْزٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى جَوَازِ النِّيَابَةِ عَنِ الْغَيْرِ فيه
مُطْلَقًا لِلتَّوْسِيعِ فِي النَّفْلِ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْحَجَّ عَنْ فَرْضِ الْغَيْرِ لَا يُجْزِئُ أَحَدًا وَأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَخْتَصُّ بِصَاحِبَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِصَاصُ خِلَافَ الْأَصْلِ إِلَّا أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِزِيَادَةِ رِوَايَةٍ فِي الْحَدِيثِ بِلَفْظِ حُجِّي عَنْهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَكِ وَرُدَّ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ رُوِيَتْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ
وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْوَلَدِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ وَقَدْ نَبَّهَ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْعِلَّةِ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ
فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ فَجَعَلَهُ دَيْنًا وَالدَّيْنُ يَصِحُّ أَنْ يَقْضِيَهُ غَيْرُ الْوَلَدِ بِالِاتِّفَاقِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
[1810]
(عن بن رَزِينٍ) هُوَ لَقِيطٌ الْعُقَيْلِيُّ (وَلَا الظِّعَنَ) بِكَسْرِ الظَّاءِ وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِهَا مَصْدَرُ ظَعَنَ يَظْعُنُ بِالضَّمِّ إِذَا سَارَ
قَالَهُ السُّيُوطِيُّ وَقَالَ السِّنْدِيُّ الظَّعَنُ بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ سُكُونِ الثَّانِي وَفِي الْمَجْمَعِ الظَّعْنُ الرَّاحِلَةُ أَيْ لَا يَقْوَى عَلَى السَّيْرِ وَلَا عَلَى الرُّكُوبِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ (قَالَ احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ) الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ حَجِّ الْوَلَدِ عَنْ أَبِيهِ الْعَاجِزِ عَنِ الْمَشْيِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
وَقَدْ جَزَمَ بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدُ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْمُزَنِيُّ وَالْمَشْهُورُ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَلَا خِلَافَ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا أَعْلَمُ فِي إِيجَابِ الْعُمْرَةِ حَدِيثًا أَجْوَدَ مِنْ هَذَا وَلَا أَصَحَّ مِنْهُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله قَوْل الْإِمَام أَحْمَد قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ مُسْلِم سَمِعْت أَحْمَد بْن حَنْبَل يَقُول فَذَكَرَهُ وفي سنن بن مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْط الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَة قالت يارسول اللَّه هَلْ عَلَى النِّسَاء جِهَاد قَالَ جِهَاد لَا قِتَال فِيهِ الْحَجّ وَالْعُمْرَة
وَاحْتَجَّ مَنْ نَفَى الْوُجُوب بِحَدِيثِ جَابِر أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَة أَوَاجِبَة هِيَ قَالَ لَا وَأَنْ
[1811]
(يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ فَمُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ (أَوْ قَرِيبٌ لِي) شَكٌّ مِنَ الراوي والحديث أخرجه أيضا بن حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ قَالَ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ أَصَحُّ مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا وَالرَّفْعُ زِيَادَةٌ يَتَعَيَّنُ قَبُولُهَا إِذَا جَاءَتْ من طريق ثقة وهي ها هنا كَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي رَفَعَهُ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ الْحَافِظُ وَهُوَ ثِقَةٌ مُحْتَجٌّ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَتَابَعَهُ عَلَى رَفْعِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ وَكَذَا رَجَّحَ عبد الحق وبن الْقَطَّانِ رَفْعَهُ وَقَدْ رَجَّحَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وقال أحمد رفعه خطأ
وقال بن الْمُنْذِرِ لَا يَثْبُتُ رَفْعُهُ
وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَمَالَ إِلَى صِحَّتِهِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ وَسَوَاءً كَانَ مُسْتَطِيعًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَفْصِلْ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي سَمِعَهُ يُلَبِّي عَنْ شُبْرُمَةَ وَهُوَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنَّهُ يُجْزِئُ حَجُّ مَنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَتَضَيَّقْ عَلَيْهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ لَيْسَ فِي الْبَابِ أَصَحُّ مِنْهُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
تَعْتَمِر خَيْر لَك رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث الْحَجَّاج بْن أَرْطَاة عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر عن جابر وقال
حَسَن صَحِيح
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَذَا رَوَاهُ الْحَجَّاج مَرْفُوعًا وَالْمَحْفُوظ إِنَّمَا هُوَ عَنْ جَابِر مَوْقُوف عَلَيْهِ غَيْر مَرْفُوع
وَقَدْ نُوقِشَ التِّرْمِذِيّ فِي تصحيحه فإن مِنْ رِوَايَة الْحَجَّاج بْن أَرْطَاة وَقَدْ ضُعِّفَ وَلَوْ كَانَ ثِقَة فَهُوَ مُدَلِّس كَبِير وَقَدْ قَالَ عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر لَمْ يَذْكُر سَمَاعًا وَلَا رَيْب أَنَّ هَذَا قَادِح فِي صِحَّة الْحَدِيث
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيّ لَيْسَ فِي الْعُمْرَة شَيْء ثَابِت بِأَنَّهَا تَطَوُّع وَقَدْ رَوَى عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِإِسْنَادٍ ضَعِيف لَا تَقُوم بِمِثْلِهِ حُجَّة تَمَّ كَلَامه قال البيهقي وروى بن لَهِيعَة عَنْ عَطَاء عَنْ جَابِر مَرْفُوعًا الْحَجّ وَالْعُمْرَة فَرِيضَتَانِ وَاجِبَتَانِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيف لَا يَصِحّ
فَقَدْ سَقَطَ الِاحْتِجَاج بِرِوَايَةِ جابر من الطريقين
وفي سنن بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث عُمَر بْن قَيْس
أَخْبَرَنِي طَلْحَة بْن يَحْيَى عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ طَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول الْحَجّ جِهَاد وَالْعُمْرَة تَطَوُّع رَوَاهُ عَنْ هِشَام عَمَّار عَنْ الْحَسَن بْن يَحْيَى الْخُشَنِيِّ