المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْقُرْطُبِيُّ اخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يُسْبِغْ هَلِ الْمُرَادُ بِهِ - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٥

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَتَى تُؤَدَّى)

- ‌(بَاب كَمْ يُؤَدَّى فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَوَى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ)

- ‌(بَاب فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(باب في الزكاة تحمل من بلد إلى بلد)

- ‌(بَاب مَنْ يُعْطِي مِنْ الصَّدَقَةِ وَحَدُّ الْغِنَى)

- ‌(بَاب مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ)

- ‌(بَاب كَمْ يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَاب مَا تَجُوزُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ)

- ‌(باب في الاستعفاف)

- ‌(بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ)

- ‌(بَاب الْفَقِيرِ يُهْدِي لِلْغَنِيِّ مِنْ الصَّدَقَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا)

- ‌(بَاب فِي حُقُوقِ الْمَالِ)

- ‌(بَاب حَقِّ السَّائِلِ)

- ‌(بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ)

- ‌(بَاب مَا لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ)

- ‌(بَاب الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(بَاب عَطِيَّةِ مَنْ سأل بالله عز وجل

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُخْرِجُ [1673] مِنْ نَصَرَ يَنْصُرُ (مِنْ مَالِهِ) فَلَا يَبْقَى فِي يَدِهِ شَيْءٌ)

- ‌(باب الرخصة في ذلك)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَنِيحَةِ)

- ‌(بَاب أَجْرِ الْخَازِنِ)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةِ)

- ‌(بَاب فِي صِلَةِ الرَّحِمِ)

- ‌(بَاب فِي الشُّحِّ)

- ‌10 - كِتَاب اللُّقَطَةِ

- ‌11 - كِتَاب الْمَنَاسِك

- ‌(بَاب فَرْضِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ)

- ‌(بَاب لا صرورة)

- ‌(بَابُ التَّزَوُّدِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْكَرِيِّ)

- ‌(بَاب فِي الصَّبِيِّ يَحُجُّ)

- ‌(باب في المواقيت)

- ‌(بَاب الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ)

- ‌(بَاب الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَاب التَّلْبِيدِ)

- ‌(بَاب فِي الْهَدْيِ)

- ‌(بَاب فِي هَدْيِ الْبَقَرِ)

- ‌(بَاب فِي الْإِشْعَارِ)

- ‌(باب تعديل الْهَدْيِ)

- ‌(بَاب مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ [1757] بِبَلَدِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ)

- ‌(بَاب فِي رُكُوبِ الْبُدْنِ)

- ‌(بَابَ الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ)

- ‌(بَاب كَيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ)

- ‌(باب وَقْتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَاب الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي إِفْرَادِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب فِي الْإِقْرَانِ)

- ‌(باب الرجل يهل الخ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ التَّلْبِيَةُ)

- ‌(باب متى يقطع الحاج التَّلْبِيَةَ)

- ‌(بَاب مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَةَ)

- ‌(باب المحرم يؤدب غلامه)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثِيَابِهِ)

- ‌(بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاحَ)

- ‌(بَاب فِي الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا)

- ‌(بَاب فِي الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(بَاب يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ)

- ‌(باب المحرم يغتسل)

- ‌(بَاب الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ)

- ‌(بَاب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ)

- ‌(بَاب لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ)

- ‌(باب الجراد للمحرم)

- ‌(بَاب فِي الْفِدْيَةِ)

- ‌(بَاب الْإِحْصَارِ)

- ‌(بَاب دُخُولِ مَكَّةَ)

- ‌(باب في رفع اليد إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(بَاب فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ)

- ‌(بَاب اسْتِلَامِ الْأَرْكَانِ)

- ‌(بَاب الطَّوَافِ الْوَاجِبِ)

- ‌(بَاب الِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّمَلِ)

- ‌(بَاب الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ)

- ‌ بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(بَاب طَوَافِ الْقَارِنِ)

- ‌(بَاب طَوَافِ الْقَارِنِ)

- ‌(بَاب الْمُلْتَزَمِ)

- ‌(بَاب صفة حجة النبي)

- ‌(بَاب الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَةَ)

- ‌(باب الخطبة بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب التَّعْجِيلِ)

- ‌(بَاب يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)

- ‌(بَاب الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ)

- ‌(بَاب مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ)

- ‌(بَاب النُّزُولِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب أَيِّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ)

- ‌(بَاب أَيِّ وَقْتٍ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ)

- ‌(بَاب مَا يَذْكُرُ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بِمِنًى)

- ‌(بَاب الْقَصْرِ لِأَهْلِ مَكَّةَ)

- ‌(بَاب فِي رَمْيِ الْجِمَارِ)

- ‌(بَاب الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ)

- ‌(باب العمرة)

- ‌(باب المهلة بالعمرة تحيض [1995] قبل إِتْمَامُ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْمَقَامِ فِي الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْمَقَامِ فِي الْعُمْرَةِ)

- ‌(بَاب الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ)

- ‌(بَاب الْوَدَاعِ [2002] مِنَ الْبَيْتِ)

- ‌(بَاب الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ)

- ‌(بَاب طَوَافِ الْوَدَاعِ)

- ‌(بَاب التَّحْصِيبِ)

- ‌(باب من قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ فِي حَجِّهِ)

- ‌(بَاب فِي مَكَّةَ [2016] هَلْ يُبَاحُ فِيهَا شَيْءٌ مَا لَا يُبَاحُ فِي غَيْرِهَا)

- ‌(باب تحريم مَكَّةَ)

- ‌(بَاب فِي نَبِيذِ السِّقَايَةِ)

الفصل: الْقُرْطُبِيُّ اخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يُسْبِغْ هَلِ الْمُرَادُ بِهِ

الْقُرْطُبِيُّ اخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يُسْبِغْ هَلِ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ الْأَعْضَاءِ فَيَكُونُ وُضُوءًا لُغَوِيًّا أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ الْعَدَدِ فَيَكُونُ وُضُوءًا شَرْعِيًّا

قَالَ كِلَاهُمَا مُحْتَمَلٌ لَكِنْ يُعَضِّدُ مَنْ قَالَ بِالثَّانِي مَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وُضُوءًا خَفِيفًا لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي النَّاقِصِ خَفِيفٌ

فَإِنْ قُلْتَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ وَلَكِنَّهُ خَفَّفَ ثُمَّ لَمَّا نَزَلَ تَوَضَّأَ وُضُوءًا آخَرَ وَأَسْبَغَهُ وَالْوُضُوءُ لَا يُشْرَعُ مَرَّتَيْنِ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ

قاله بن عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ الْعَيْنِيُّ قُلْتُ لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّةِ تَكْرَارِ الْوُضُوءِ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثَانِيًا لِحَدَثٍ طَارِئٍ (ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ) قَالَ الْعَيْنِيُّ كَأَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ خَشْيَةَ مَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنَ التَّشْوِيشِ بِقِيَامِهَا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

(أَفَضْتُ) أَيْ رَجَعَتُ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ (فَمَا مَسَّتْ قَدَمَاهُ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْزِلْ لِحَاجَةٍ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَحَدِيثُ أُسَامَةَ الْمُتَقَدِّمُ يُعَارِضُ ذَلِكَ لَكِنْ يُرَجَّحُ حَدِيثُ أُسَامَةَ عَلَى حَدِيثِ الشَّرِيدِ لِأَنَّهُ الْمُثْبِتُ وَكَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِهِ وَلَمْ يَرَ الشَّرِيدُ نُزُولَهُ صلى الله عليه وسلم فَلِذَا نَفَاهُ عَلَى عِلْمِهِ

وَقَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ هَذَا الْحَدِيثُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَّةَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى

5 -

(بَاب الصَّلَاةِ)

بِجَمْعٍ [1926] بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ هُوَ الْمُزْدَلِفَةُ

(صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا) قَالَ

ص: 281

الْخَطَّابِيُّ هَذَا سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا كَمَا سَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا وَمَعْنَاهُ الرُّخْصَةُ دُونَ الْعَزِيمَةِ إِلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ مُتَابَعَةُ السُّنَّةِ وَالتَّمَسُّكُ بِهَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ فَصَلَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهِمَا صَلَّاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْمُزْدَلِفَةَ فقال أكثر الفقهاء إن ذلك يجزيه مَعَ الْكَرَاهَةِ لِفِعْلِهِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ صَلَّاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِي جَمْعًا كَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَحَكَى نَحْوًا مِنْ هَذَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَجْزَأَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَلَمْ يَرَوْا عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

فِي رِوَايَةٍ بِإِقَامَةِ جَمْعٍ بَيْنَهُمَا

وَفِي رِوَايَةٍ صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ بِإِقَامَةٍ

وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ يُقِيمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُؤَذِّنُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا انتهى

[1928]

(شبابة) هو بن سُوَارٍ فَهُوَ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عن بن أَبِي ذِئْبٍ (وَلَمْ يُنَادِ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ لَمْ يُؤَذِّنْ فِي الْأُولَى وَتَخْصِيصُ الْأُولَى لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَذَانٌ فِي الْأُولَى فَفِي الثانية

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَذَهَبَ سُفْيَان الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَة إِلَى أَنَّهُ يُصَلِّيهِمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَة لَهُمَا كَمَا جَاءَ فِي بعض روايات حديث بن عمر

ص: 282

بِالْأَوْلَى (وَلَمْ يُسَبِّحْ) أَيْ لَمْ يُصَلِّ النَّافِلَةَ

[1929]

(فِي هَذَا الْمَكَانِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُؤَذِّنُ وَيُصَلِّيهِمَا بِإِقَامَتَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا سُنَّ لِصَلَاةِ الْوَقْتِ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لَمْ تُصَلَّ فِي وَقْتِهَا فَلَا يُؤَذَّنُ لَهَا كَمَا لَا يُؤَذَّنُ لِلْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُؤَذَّنُ لِلْأُولَى وَيُقَامُ لَهَا ثُمَّ يُقَامُ لِلْأُخْرَى بِلَا أَذَانٍ وقد روى هذا في حديث جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ فِي قِصَّةِ الْحَجِّ أَنَّهُ فَعَلَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ

وَقَالَ مَالِكٌ يُؤَذَّنُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَيُقَامُ لَهَا فَيُصَلِّي بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يُجْمَعَانِ بإقامة واحدة على حديث بن عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ

وَقَالَ أَحْمَدُ أَيَّهُمَا فَعَلْتَ أَجْزَأَكَ انْتَهَى

وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَقَدْ سَبَقَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُتَقَدِّمَةٌ لِأَنَّ مَعَ جَابِرٍ رضي الله عنه زِيَادَةَ عِلْمٍ وَزِيَادَةُ الثقة مقبولة ولأن جابر اعْتَنَى الْحَدِيثَ وَنَقَلَ حَجَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَقْصَاةً فَهُوَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْأَذَانُ لِلْأُولَى مِنْهُمَا وَيُقِيمُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ إِقَامَةً فَيُصَلِّيهِمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَيُتَأَوَّلُ حَدِيثُ إِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ لَهَا إِقَامَةٌ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا لِيُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ

[1930]

(قَالَا صَلَّيْنَا مع بن عُمَرَ بِالْمُزْدَلِفَةِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْعُلَمَاءِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ يُقِيمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يُؤَذِّنُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال بن عَبْد الْبَرّ وَهُوَ مَحْفُوظ مِنْ رِوَايَات الثِّقَات إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الْمَغْرِب وَالْعِشَاء بِجَمْعٍ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَة

قُلْت وَقَدْ ثبت ذلك عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَة

ص: 283

وَالثَّانِي أَنَّهُ يُقِيمُ مَرَّةً وَاحِدةً لِلْأُولَى فَقَطْ وَلَا أَذَانَ أَصْلًا

وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِلْأُولَى وَيُقِيمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَابِلَةِ

وَالرَّابِعُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِلْأُولَى فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ

وَالْخَامِسُ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَيُقِيمُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ

وَالسَّادِسُ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَا يُقِيمُ أَصْلًا

وَأَصْلُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ إِمَّا الْأَخْبَارُ أَوِ الآثار وأشد الاضطراب في ذلك عن بن عُمَرَ رضي الله عنه فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ عَمَلِهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَرُوِيَ عَنْهُ مَوْقُوفًا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ وَرُوِيَ عَنْهُ مُسْنَدًا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَرُوِيَ عَنْهُ مسند الْجَمْعُ بِإِقَامَتَيْنِ انْتَهَى

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1931]

(ثَلَاثًا وَاثْنَتَيْنِ) أَيِ الْمَغْرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ

قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا يُقْصَرُ بَلْ يُصَلَّى ثَلَاثًا أَبَدًا وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَفِيهِ أَنَّ الْقَصْرَ فِي الْعِشَاءِ وَغَيْرِهَا مِنَ الرُّبَاعِيَّاتِ أَفْضَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وقال مالك صليهما بأذانين وإقامتين وهو مذهب بن مسعود

وفي صحيح البخاري من حديث بن مَسْعُود أَنَّهُ صَلَّى صَلَاتَيْنِ كُلّ وَاحِدَة وَحْدهَا بأذان وإقامة

قال بن الْمُنْذِر وَرَوَى هَذَا عُمَر رضي الله عنه

قال بن عَبْد الْبَرّ وَلَا أَعْلَم فِي ذَلِكَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوه وَلَكِنَّهُ رَوَى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ كَذَلِكَ

وَمَذْهَب إِسْحَاق وَسَالِم وَالْقَاسِم أَنَّهُ يُصَلِّيهِمَا بِإِقَامَتَيْنِ فَقَطْ وحجتهم حديث بن عُمَر الْمُتَقَدِّم هُوَ رِوَايَة عَنْ أَحْمَد وَمَذْهَب أَحْمَد وَالشَّافِعِيّ فِي الْأَصَحّ عَنْهُ وَأَبِي ثَوْر وَعَبْد الْمَلِك الْمَاجِشُونِ وَالطَّحَاوِيّ أَنَّهُ يُصَلِّيهِمَا بِأَذَانٍ وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ

وَحُجَّتهمْ حَدِيث جَابِر الطَّوِيل

ص: 284

[1932]

(حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ) وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1933]

(فَلَمْ يَكُنْ يَفْتُرُ) أَيْ يَمَلُّ وَيَضْعُفُ (أَقَامَ أَوْ أَمَرَ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (فَقَالَ الصَّلَاةَ) أَيْ صَلُّوا الصَّلَاةَ أَوْ قَامَتِ الصَّلَاةُ (دَعَا بِعَشَائِهِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ طَعَامُ الْعَشِيَّةِ (قَالَ) أَيِ الْأَشْعَثُ (حَدِيثِ أَبِي

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وَقَدْ تَكَلَّفَ قَوْم الْجَمْع بَيْن هَذِهِ الْأَحَادِيث بضروب من التكلف

وعن بن عُمَر فِي ذَلِكَ ثَلَاث رِوَايَات

إِحْدَاهُنَّ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنهمَا بِإِقَامَتَيْنِ فَقَطْ وَالثَّانِيَة أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنهمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَة لَهُمَا وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ الرِّوَايَتَيْنِ وَالثَّالِثَة أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ أنس بن سيرين قال وقفت مع بن عُمَر بِعَرَفَة وَكَانَ يُكْثِر أَنْ يَقُول لَا إله إلا الله وحده لا شريك له لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير فَلَمَّا أَفَضْنَا مِنْ عَرَفَة دَخَلَ الشِّعْب فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى جَمْع فَعَرَضَ رَاحِلَته ثُمَّ قَالَ الصَّلَاة

فَصَلَّى الْمَغْرِب وَلَمْ يُؤَذِّن وَلَمْ يُقِمْ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ الصَّلَاة ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاء وَلَمْ يُؤَذِّن وَلَمْ يُقِمْ

وَالصَّحِيح فِي ذَلِكَ كُلّه الْأَخْذ بِحَدِيثِ جَابِر وَهُوَ الْجَمْع بَيْنهمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ لِوَجْهَيْنِ اِثْنَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّ الْأَحَادِيث سَوَاء مُضْطَرِبَة مُخْتَلِفَة فهذا حديث بن عُمَر فِي غَايَة الِاضْطِرَاب كَمَا تَقَدَّمَ فَرُوِيَ عن بن عُمَر مِنْ فِعْله الْجَمْع بَيْنهمَا بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة وَرُوِيَ عَنْهُ الْجَمْع بَيْنهمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَة وَرُوِيَ عَنْهُ الْجَمْع بَيْنهمَا بِأَذَانٍ وَاحِد وَإِقَامَة وَاحِدَة وَرُوِيَ عَنْهُ مُسْنَدًا إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْجَمْع

ص: 285

أَيْ سُلَيْمٍ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ للأحاديث الصحيحة عن بن عُمَرَ فِي هَذَا وَعَلَّاجُ بْنُ عَمْرٍو ذَكَرَ البخاري أنه رأى بن عُمَرَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّ سُلَيْمَ بْنَ الْأَسْوَدِ وَهُوَ أبو الشعثاء قد سمع من بن عُمَرَ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا جَاءَ فِيهِ

وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ كُلَّ صَلَاةٍ وَحْدَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْعَشَاءُ بَيْنَهُمَا

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَقَالَ قَوْلُهُ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ يَعْنِي لِكُلِّ صَلَاةٍ دُونَ أَذَانٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِأَذَانٍ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَهُوَ حَجٌّ وَاحِدٌ لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ هُنَا لِذِكْرِ أَذَانٍ وَلَا نَفْيِهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى هَذَا وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي إِثْبَاتِ جَابِرٍ إِقَامَتَهُنَّ وَنَصَّ بن عُمَرَ عَلَى إِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَعَلَّهُ يَعْنِي بِوَاحِدَةٍ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ يَعْنِي دُونَ أَذَانٍ فِيهَا وَبَقِيَتِ الْأُولَى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

بَيْنهمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَة وَرُوِيَ عَنْهُ مَرْفُوعًا الْجَمْع بَيْنهمَا بِإِقَامَتَيْنِ وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا الْجَمْع بَيْنهمَا بِأَذَانٍ وَاحِد وَإِقَامَة وَاحِدَة لَهُمَا وَعَنْهُ مَرْفُوعًا الْجَمْع بَيْنهمَا دُون ذِكْر أَذَان وَلَا إِقَامَة وَهَذِهِ الرِّوَايَات صَحِيحَة عَنْهُ فَيَسْقُط الْأَخْذ بها لاختلافها واضطرابها

وأما حديث بن مَسْعُود فَإِنَّهُ مَوْقُوف عَلَيْهِ مِنْ فِعْله

وَأَمَّا حديث بن عَبَّاس فَغَايَته أَنْ يَكُون شَهَادَة عَلَى نَفْي الْأَذَان وَالْإِقَامَة الثَّابِتَيْنِ وَمَنْ أَثْبَتَهُمَا فَمَعَهُ زِيَادَة عِلْم وَقَدْ شَهِدَ عَلَى أَمْر ثَابِت عَايَنَهُ وَسَمِعَهُ

وَأَمَّا حَدِيث أُسَامَة فَلَيْسَ فِيهِ الْإِتْيَان بِعَدَدِ الْإِقَامَة لَهُمَا وَسَكَتَ عَنْ الْأَذَان وَلَيْسَ سُكُوته عَنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى حَدِيث مَنْ أَثْبَتَهُ سَمَاعًا صَرِيحًا بَلْ لَوْ نَفَاهُ جُمْلَة لَقَدَّمَ عَلَيْهِ حَدِيث مَنْ أَثْبَتَهُ لِتَضَمُّنِهِ زِيَادَة عَلَى خَفِيَتْ عَلَى النَّافِي

الْوَجْه الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ صَحَّ مِنْ حَدِيث جَابِر فِي جَمْعه صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَة أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنهمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يَأْتِ فِي حَدِيث ثَابِت قَطُّ خِلَافه وَالْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ بِمُزْدَلِفَةِ كَالْجَمْعِ بَيْنهمَا بِعَرَفَة لَا يَفْتَرِقَانِ إِلَّا فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فَلَوْ فَرَضْنَا تَدَافُع أَحَادِيث الْجَمْع بِمُزْدَلِفَةَ جُمْلَة لَأَخَذْنَا حُكْم الْجَمْع مِنْ جَمْع عَرَفَة

ص: 286

[1934]

(وَصَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنَ الْغَدِ) أَيْ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ (قَبْلَ وَقْتِهَا) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ بِجَمْعٍ الَّتِي هِيَ الْمُزْدَلِفَةُ وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ مِيقَاتِهَا الْمُعْتَادَةِ وَلَكِنْ بَعْدَ تَحَقُّقِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ وَقْتِهَا الْمُرَادُ قَبْلَ وَقْتِهَا الْمُعْتَادَةِ لَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِجَائِزٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ

وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ أَنَّ بن مسعود صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ بِالْمُزْدَلِفَةِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْفَجْرَ هَذِهِ السَّاعَةَ وَفِي رِوَايَةٍ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي هَذَا الْمَكَانِ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ

وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حُجَّةٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِي غَيْرِ هَذَا الْيَوْمِ

وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ وَلَكِنْ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا

وَقَدْ يَحْتَجُّ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْعِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السفر لأن بن مَسْعُودٍ مِنْ مُلَازِمِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَا رَآهُ يَجْمَعُ إِلَّا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ

وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ جَوَازُ الْجَمْعِ فِي جَمِيعِ الْأَسْفَارِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْقَصْرُ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَفْهُومٌ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِالْمَفْهُومِ وَلَكِنْ إِذَا عَارَضَهُ مَنْطُوقٌ قَدَّمْنَاهُ عَلَى الْمَفْهُومِ وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِجَوَازِ الْجَمْعِ ثُمَّ هُوَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ بِالْإِجْمَاعِ فِي صَلَاتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَاتٍ

انْتَهَى كَلَامُهُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[1935]

(فَلَمَّا أَصْبَحَ يَعْنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيْ بِمُزْدَلِفَةَ (فقال هذا قزح) بضم القاف وفتح الزاء كَعُمَرَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْعَدْلِ وَالْعَلَمِيَّةِ اسْمٌ لِمَوْقِفِ الْإِمَامِ بِمُزْدَلِفَةَ وَتَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الترمذي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ إِلَّا مِنْ هذا الوجه

ص: 287

[1936]

(وقفت ها هنا) أَيْ قُرْبَ الصَّخَرَاتِ (وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ) أَيْ يَصِحُّ الْوُقُوفُ فِيهَا إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ (وَوَقَفْتُ ها هنا) أَيْ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِمُزْدَلِفَةَ وَهُوَ الْبِنَاءُ الْمَوْجُودُ بِهَا الْآنَ (وَجَمْعٌ) أَيِ الْمُزْدَلِفَةُ (كُلُّهَا مَوْقِفٌ) أَيْ إِلَّا وَادِي مُحَسِّرٍ قِيلَ جَمْعٌ عَلَمٌ لِمُزْدَلِفَةَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهِ

وَقِيلَ غَيْرُ ذلك (ونحرت ها هنا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ) يَعْنِي كُلُّ بُقْعَةٍ مِنْهَا يَصِحُّ النَّحْرُ فِيهَا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنِ الْأَفْضَلُ النَّحْرُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي نَحَرَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم كَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ

وَمَنْحَرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُوَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى الَّتِي تَلِي مسجد منى كذا قال بن التِّينِ وَحَدُّ مِنًى مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ إِلَى الْعَقَبَةِ (فِي رِحَالِكُمْ) الْمُرَادُ بِالرِّحَالِ الْمَنَازِلُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ رَحْلُ الرَّجُلِ مَنْزِلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَبَرٍ

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1937]

(قَالَ كُلُّ عَرَفَةَ) أَيْ أَجْزَائُهَا وَمَوَاضِعُهَا وَوُجُوهُ جِبَالِهَا (مَوْقِفٌ) أَيْ مَوْضِعُ وُقُوفٍ لِلْحَجِّ (وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ) أَيْ مَوْضِعُ نَحْرٍ وَذَبْحٍ لِلْهَدَايَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجِّ (وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ) أَيْ لِوُقُوفِ صُبْحِ الْعِيدِ (وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ) بِكَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فَجٍّ وَهُوَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ (طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ) أَيْ يَجُوزُ دُخُولُ مَكَّةَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهَا وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءَ أَفْضَلُ وَيَجُوزُ النَّحْرُ فِي جَمِيعِ نَوَاحِيهَا لِأَنَّهَا مِنَ الْحَرَمِ وَالْمَقْصُودُ نَفْيُ الْحَرَجِ

ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ

وَيَجُوزُ ذَبْحُ جَمِيعِ الْهَدَايَا فِي أَرْضِ الْحَرَمِ بِالِاتِّفَاقِ إِلَّا أَنَّ مِنًى أَفْضَلُ لِدِمَاءِ الْحَجِّ وَمَكَّةَ لَا سِيَّمَا الْمَرْوَةَ لِدِمَاءِ الْعُمْرَةِ وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ تَخْصِيصِهِمَا بِالذِّكْرِ

كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1938]

(لَا يُفِيضُونَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ لَا يَدْفَعُونَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ (عَلَى ثَبِيرَ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وكسر

ص: 288