الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ وَاحْتُجَّ لَهُ أَيْضًا بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ
وَقَوْلُهُ إِلَّا بِمَكَّةَ فَاسْتَثْنَاهُ مِنْ بَيْنِ الْبِقَاعِ
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى تَخْصِيصِ ركعتي الطواف مِنْ بَيْنِ الصَّلَاةِ وَقَالُوا إِذَا كَانَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ غَيْرَ مَحْظُورٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ وكان من سنة الطواف أن يصلي الركعتان بَعْدَهُ فَقَدْ عُقِلَ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُنْهًى عَنْهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
4 -
(بَاب طَوَافِ الْقَارِنِ)
(إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا طَوَافَهُ الْأَوَّلَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّعْيَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَا يُكَرَّرُ بَلْ يُقْتَصَرُ مِنْهُ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهُ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا وَأَنَّ الْقَارِنَ يَكْفِيهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ
وَفِيهِ خِلَافٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ
قال المنذري أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن ماجه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فَقَالَ بَعْضهمْ طَوَافًا وَاحِدًا أَيْ طَوَافَيْنِ عَلَى صِفَة وَاحِدَة فَالْوَاحِدَة رَاجِعَة إِلَى صِفَة الطَّوَاف لَا إِلَى نَفْسه وَهَذَا فِي غَايَة الْبُعْد وَسَيَأْتِي الْكَلَام يَشْهَد بِبُطْلَانِهِ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَرَادَ بِهِ أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ كَانُوا قَارِنِينَ خَاصَّة
فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُفْرِدًا وَأَمَرَ أَصْحَابه أَنْ يُحِلُّوا مِنْ إِحْرَامهمْ إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْي فَاكْتَفَى هُوَ وَأَصْحَابه الْقَارِنُونَ بِطَوَافٍ وَاحِد وَهَذَا بَعِيد جِدًّا فَإِنَّ الَّذِينَ قَرَنُوا مِنْ أَصْحَابه كُلّهمْ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْي مِنْ سَائِرهمْ وَهُمْ آحَاد يَسِيرَة لَمْ يَبْلُغُوا الْعَشَرَة وَلَا الْخَمْسَة بَلْ الْحَدِيث ظَاهِر جِدًّا فِي اِكْتِفَائِهِمْ كُلّهمْ بِطَوَافٍ وَاحِد بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة وَلَمْ يَأْتِ لِهَذَا الْحَدِيث مُعَارِض إِلَّا حَدِيث عَائِشَة وَقَدْ ذَكَرَ بَعْض الْحُفَّاظ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَة مِنْ قَوْل عُرْوَة لَا مِنْ قولها
وقد ثبت عن بن عَبَّاس اِكْتِفَاء الْمُتَمَتِّع بِسَعْيٍ وَاحِد
رَوَى الْإِمَام أَحْمَد فِي مَنَاسِك اِبْنه عَبْد اللَّه عَنْ الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاء عن بن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقُول الْقَارِن وَالْمُفْرِد وَالْمُتَمَتِّع يَجْزِيه طَوَاف الْبَيْت وَسَعْي بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة وَلَكِنْ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ بن عَبَّاس أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَة الْحَجّ فَقَالَ أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار وَأَزْوَاج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّة الْوَدَاع وَأَهْلَلْنَا فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّة قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم اِجْعَلُوا إِهْلَالكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَة إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْي طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَة وَأَتَيْنَا النِّسَاء وَلَبِسْنَا الثِّيَاب وَقَالَ مَنْ قَلَّدَ الْهَدْي فَإِنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغ الْهَدْي مَحِلّه ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّة التَّرْوِيَة أَنْ نُهِلّ بِالْحَجِّ فَإِذَا فَرَغْنَا مِنْ الْمَنَاسِك جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَة فَقَدْ تَمَّ حَجّنَا وَعَلَيْنَا الْهَدْي كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى {فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْي فَمَنْ لَمْ يَجِد فَصِيَام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} إلى أمصاركم الشاة تجزىء فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ فِي عَام بَيْن الْحَجّ وَالْعُمْرَة فَإِنَّ اللَّه أَنْزَلَهُ فِي كِتَابه وَسُنَّة نَبِيّه صلى الله عليه وسلم وَأَبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيْر أَهْل مَكَّة وَذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيث
فَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّ الْمُتَمَتِّع يَسْعَى سَعْيَيْنِ وَهَذَا مِثْل حَدِيث عَائِشَة سَوَاء بَلْ هُوَ أَصْرَح مِنْهُ فِي تَعَدُّد السَّعْي عَلَى الْمُتَمَتِّع فَإِنْ صَحَّ عن بن عَبَّاس مَا رَوَاهُ الْوَلِيد عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاء فَلَعَلَّ عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَة رِوَايَتَيْنِ كَمَا عَنْ الْإِمَام أَحْمَد فِيهَا رِوَايَتَانِ
وَفِي مَسَائِل عَبْد اللَّه قَالَ قُلْت لِأَبِي الْمُتَمَتِّع كَمْ يَسْعَى بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة قَالَ إِنْ طَافَ طَوَافَيْنِ فَهُوَ أَجْوَد وَإِنْ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا فَلَا بَأْس قَالَ وَإِنْ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا فَهُوَ أَعْجَب إِلَيَّ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِر وَأَحْمَد فَهِمَ مِنْ حَدِيث عَائِشَة قَوْلهَا فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَة ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَر بَعْد أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى بِحَجِّهِمْ أَنَّ هَذَا طَوَاف الْقُدُوم وَاسْتُحِبَّ فِي رِوَايَة الْمَرُّوذِيّ وَغَيْره لِلْقَادِمِ مِنْ عَرَفَة إِذَا كَانَ مُتَمَتِّعًا أَنْ يَطُوف طَوَاف الْقُدُوم
وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْض أَصْحَابه ذَلِكَ وَفَهِمَ مِنْ حَدِيث عَائِشَة أَنَّ الْمُرَاد بِهِ طَوَاف الْفَرْض وَهَذَا سَهْو مِنْهُ فَإِنَّ طَوَاف الْفَرْض مُشْتَرَك بَيْن الْجَمِيع وَعَائِشَة أَثْبَتَتْ لِلْمُتَمَتِّعِ مَا نَفَتْهُ عَنْ الْقَارِن وَلَيْسَ الْمُرَاد بِحَدِيثِ عَائِشَة إِلَّا الطَّوَاف بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة وَاَللَّه أَعْلَم
[1896]
(الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ) أَيِ الَّذِينَ وَافَقُوا مَعَهُ فِي الْقُرْآنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ تَرْجَمَةِ الْبَابِ لِلْمُؤَلِّفِ
وَقِيلَ بَلْ مُطْلَقًا وَالصَّحَابَةُ كَانُوا مَا بَيْنَ قَارِنٍ وَمُتَمَتِّعٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكْفِيهِ سَعْيٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ بَنَى النَّسَائِيُّ تَرْجَمَتَهُ فَقَالَ كَمْ طَوَافُ الْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (لَمْ يَطُوفُوا) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (حَتَّى رَمَوُا الْجَمْرَةَ) يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[1897]
(قَالَ لَهَا طَوَافُكِ إِلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَارِنَ يَكْفِيهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَمَا مَرَّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ من الصحابة بن عُمَرَ وَجَابِرٌ وَعَائِشَةُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ وَغَيْرِهِمْ
وَذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ وَجَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ وَالْأَحَادِيثُ متواردة على معنى حديث عائشة عن بن عُمَرَ وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمَا
وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالطَّوَافَيْنِ لقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وَلَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ التَّمَامَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَطُفْ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا
وَقَدِ اكْتَفَى صلى الله عليه وسلم بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَاحِدٍ وَكَانَ قَارِنًا كَمَا هُوَ الْحَقُّ
وَاعْلَمْ أَنَّ عَائِشَةَ قَدْ أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ وَلَكِنَّهَا حَاضَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ارْفُضِي عُمْرَتَكِ
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى رَفْضِهَا إِيَّاهَا رَفْضُ الْعَمَلِ فِيهَا وَإِتْمَامُ أَعْمَالِهَا الَّتِي هِيَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَتَقْصِيرُ شَعْرِ الرَّأْسِ فَأَمَرَهَا صلى الله عليه وسلم بِالْإِعْرَاضِ عَنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَأَنْ تُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَتَصِيرَ قَارِنَةً وَتَقِفُ بِعَرَفَاتٍ وَتَفْعَلُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ فَتُؤَخِّرُهُ حَتَّى تَطْهُرَ
وَمِنْ أَدِلَّةِ أَنَّهَا صَارَتْ قَارِنَةً قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَهَا طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ الْحَدِيثَ
فَإِنَّهُ صَرِيحٌ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ
وَيَتَعَيَّنُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِر أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَائِشَة لَمَّا طُفْت بِالْكَعْبَةِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَة حَلَلْت مِنْ حَجّك وَعُمْرَتك جَمِيعًا قَالَتْ يَا رَسُول اللَّه إِنِّي أَجِد فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حِين حَجَجْت قَالَ فَاذْهَبْ بِهَا يَا عَبْد الرَّحْمَن فَأَعْمِرْهَا مِنْ التَّنْعِيم