الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل في اللقطة زكاة
؟
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط
التاريخ 08/05/1425هـ
السؤال
ما هو تعريف اللقطة في الإسلام؟ وما نسبة الزكاة المفروضة عليها؟ وهل يعتبر البترول من اللقطة؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فاللُقَطَة في اللغة: بفتح القاف اسم للملتقط؛ لأن ما جاء على فُعَلَة فهو اسم للفاعل، كقولهم: هُمَزَة ولُمَزَة، واللُقْطَة بسكون القاف: المال الملقوط، مثل: الضُّحْكَة: الذي يُضحك منه.
أما في الاصطلاح الفقهي فهي: المال الضائع من ربه، يلتقطه غيره.
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أحكام اللقطة، ووضح الأمر الواجب على من وجد مالاً لغيره، فقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق، فقال:"اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنةً، ثم استنفق بها (ولتكن وديعة عندك) ، فإن جاء ربها (يوما من الدهر) ، فأدها إليه" فسئل عن ضالة الإبل، فقال:"ما لك ولها، دعها فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها". فسئل عن الشاة، فقال:"خذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب" متفق عليه من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه. وقد اشتمل هذا الحديث وغيره على عدد من الأحكام المتعلقة باللقطة، ومنها:
أولاً: لقطة الذهب والورق، فيجب على من التقطها أن يعرف وكاءها وعفاصها.
والوكاء: الخيط الذي يشد به المال في الخرقة ونحوها، والعفاص: الوعاء الذي يكون الذهب أو الورق فيه، ثم يعرفها سنة كاملة في مجامع الناس وأسواقهم وحول المساجد والجوامع، فإن جاء صاحبها ووصفها كما هي دفعها إليه الملتقط، وإن لم يأتِ صاحبها فإن الملتقط يملكها بذلك، وتكون كبقية ماله، إلا إن جاء صاحبها بعد ذلك فهو أحق بها. وهذا الحكم هو حكم كل مال ثمين ملتقط، كالأوراق النقدية المتداولة اليوم والجواهر والآلات والأجهزة وسائر الأشياء الثمينة والنفيسة.
ثانياً: لا يجوز التقاط ضالة الإبل، وهي الإبل التي ضلت عن صاحبها؛ لأنها لا تتضرر بذلك، فإن معها حذاءها وسقاءها، وحذاؤها: خفها، فإنه لقوته وصلابته يجري مجرى الحذاء، وسقاؤها: بطنها، فإنها تأخذ فيه ماءً كثيراً ويبقى معها ويمنعها من العطش.
ثالثاً: يجوز التقاط ضالة الغنم، ويملكها ملتقطها بعد تعريفها التعريف الشرعي، وجاز التقاط الغنم دون الإبل؛ لأن الغنم ليست كالإبل، بل هي ضعيفة معرضة للموت ما لم يحفظها صاحبها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:" خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب".
رابعاً: رخص الرسول صلى الله عليه وسلم فيما لا تتبعه همة أوساط الناس، فيجوز التقاطه ولا يجب التعريف به، فقد روى أبو داود بإسناده عن جابر رضي الله عنه، قال:"رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه، يلتقطه الرجل ينتفع به".
ولا تختص اللقطة بنسبة معينة للزكاة فيها، بل متى ما ملكها الإنسان أصبحت كبقية ماله، فإن كانت من الذهب والفضة، فزكاتها زكاة الذهب والفضة، وهكذا.
وهناك شيء آخر قد يشتبه باللقطة، وهو: الركاز، وتعريفه: ما وجد من دِفن الجاهلية، أي: من أموال الجاهلية، ويعتبر ذلك بأن ترى عليه علاماتهم، كأسماء ملوكهم، أو صورهم، أو صور صُلُبِهم، أو صور أصنامهم، أو نحو ذلك. فإن كان عليه علامة الإسلام، أو اسم النبي صلى الله عليه وسلم، أو أحدٍ من خلفاء المسلمين، أو والٍ لهم، أو آية من قرآن، أو نحو ذلك، فهو لقطة؛ لأنه ملكُ مسلمٍ لم يعلم زواله عنه، فيبقى على ما كان عليه.
وقد أوجب الشارع الزكاة في الركاز بنسبة معينة، وهي الخمس، والأصل فيه ما روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"وفي الركاز الخمس" متفق عليه.
ولا يعد البترول (النفط) من اللقطة؛ لأن اللقطة كما سبق في تعريفها مختصة بالمال الضائع من ربه، والبترول ليس كذلك، فهو موجود في باطن الأرض، ولا يتصور ضياعه، وأغلبه لم يسبق عليه ملكٌ لأحد، وإنما هو من جملة ما يكون في باطن الأرض، مما يطلق عليه أهل العلم: المعادن، وقد تكلم العلماء على المعادن وقسموها إلى قسمين: معادن ظاهرة، ومعادن باطنة، وذكروا أحكام كلٍ من القسمين، وما يجوز امتلاكه منها وما لا يجوز، وما يكون تابعاً للأرض إذا بيعت وما لا يكون كذلك.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.