الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخروج قبل انتهاء الدوام
المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 12/02/1426هـ
السؤال
أنا موظف حكومي، وعملي عبارة عن مرشد ديني (كلمات - محاضرات - تدريس للقرآن الكريم - الإشراف على المسابقات) ، فهل يجب علي وجوباً البقاء داخل العمل إذا انتهيت من مهمتي أو المسألة متى ما قدمت الذي يراد مني فلي الخروج حتى وإن بقي من الدوام ساعات، علماً أنه لم يتوفر لي إلى الآن مكتب خاص؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد:
الموظف الحكومي أجير خاص، والأجير الخاص هو من قُدّر نفعه بالزمن، أو هو من استؤجر مدة معلومة يستحق صاحب العمل نفعه في جميعها لا يشاركه فيها أحد، فيجب على كل موظف أن يشغل الوقت المخصص للعمل في العمل الذي خُصص له، وهو من الأمانات التي أمر الله -تعالى-، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برعايتها وحفظها، قال سبحانه: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
…
" [النساء: 58] ، قال ابن كثير رحمه الله: (يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-قال: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك"رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وهو يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلاة والزكاة والصيام، والكفارات، والنذور، وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض
…
) .
وقال سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون"[الأنفال: 27] .
وقد وعظ الشيخ المعمَّر بن علي البغدادي نظام الملك الوزير موعظة بليغة، ومنها: (معلوم يا صدر الإسلام أن آحاد الرعية من الأعيان مخيرون في القاصد والوافد، إن شاءوا وَصَلَوا، وإن شاؤا فصلوا، وأما من توشح بولاية فليس مخيراً في القاصد والوافد؛ لأن من هو على الخليفة أمير فهو في الحقيقة أجير، قد باع زمنه وأخذ ثمنه، فلم يبق له من نهاره ما يتصرف فيه على اختياره
…
) .
وكما أن الإنسان يرغب في أخذ أجره كاملاً ولا يحب أن يبخس منه شيء فعليه ألا يبخس شيئاً وقت العمل بصرفه في غير صالح العمل، وقد ذمّ الله المطففين في المكاييل والموازين الذي يستوفون حقوقهم ويبخسون حقوق غيرهم فقال:"ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين"[المطففين: 1-2] .
والمرشد الديني يقوم بوظيفة عظيمة، وفي جلوسه خير كثير، يراجع كتاباً، ويعالج مشكلة، ويجيب سائلاً، ويقضي حاجة محتاج، وإذا خرج من مقر عمله فاته هذا الخير، وحرم الناس نفعه الذي طلب منه بذله للناس.
وعليه فلا يجوز خروج الموظف من العمل إلا إذا كان خروجه على ضوء العقد المتفق عليه مع الجهة الحكومية، أو كان بإذن من المدير العام للدائرة التي هو فيها بعد قيامه بما يجب عليه، سواء كان الإذن صريحاً، أو كان غير صريح بأن علم المدير المسؤول بخروجه ولم ينكر عليه، إذا لم يكن عدم الإنكار لمانع ولا محاباة له دون غيره، لاسيما من هم من أمثاله، وإلا لم يجز. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.