الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العمل في شركة تتعامل مع الأمريكيين في العراق
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 25/5/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أعمل في شركة لتجميع المولدات الكهربائية وملحقاتها وصيانتها، وهذه الشركة تتعامل مع القوات الأمريكية الموجودة في العراق، حيث تقوم ببيعها بعض المولدات وصيانتها لهم عبر فريق موجود في العراق؛ وذلك بصفتها وكيلة لبعض الشركات الأوروبية في الشرق الأوسط، ولكن التجميع والصناعة نقوم به نحن في بلدنا، ومن ثم يتم توريده إلى العراق، وأحياناً نعلم أن ما نصنعه أو نجمعه هو للأمريكيين، وأحياناً يكون لغيرهم، ولكن البعض يبرر أن الأمريكان إن لم يشتروا منا فسوف يشترون من غيرنا، فلن تنقطع بهم السبل، فلم لا نستفيد نحن منهم، ونقوي اقتصادنا، وندخل أموالاً إلى بلادنا عوضاً عن أن تستفيد الشركات الأمريكية أو الأوروبية أو غيرها، والبعض يقول إنه يجوز بيع العدو أشياء لا يستعملونها في محاربة المسلمين، ومنهم من يقول إنك تعمل في قسم تصنيع تلك البضاعة ويعرضها قسم المبيعات للبيع، فالمسؤولية واقعة على قسم المبيعات لا على قسم التصنيع، وأنت مجرد مهندس في قسم التصنيع والصيانة، وتأخذ أجرك على ما تعمل، فنحن محتارون؛ فأفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
الأصل في عقود المعاوضات في الشريعة الإسلامية هو الحل، وإنما تحرم إذا كانت في عين محرمة كصناعة الخمر، أو تربية الخنازير، أو كانت تؤول إلى تقوية العدو على المسلمين إذا كانت الحرب قائمة بيننا وبينهم - كبيعهم السلاح زمن الفتنة- (وقت الحرب) ، ليتقووا به على المسلمين، أو ترويج صناعات ومنتجات العدو.
إذا كان هذا الترويج من قبلنا كشراء بضائع منه، لا يمكن أن يستثمرها عند غيرنا، ونعلم أن مقاطعتنا سوف توقف مصانعه، وتلحق به الضرر حتماً، فحينئذ تتعين مقاطعته ويحرم إبرام العقود معه ما دامت الحرب قائمة بيننا وبينه، ويظهر - من سؤالك - أنك أجير متعاقد مع شركة تقوم بتجميع المولدات الكهربائية، ثم تقوم الشركة ببيعها إلى القوات الأمريكية المستعمرة للعراق، وبعضها يباع للأمريكيين أو غيرهم خارج العراق، وليس في إمكانك كأجير أن تمتنع عن العمل، بل لا يجوز لك ذلك؛ فإن العقد شريعة المتعاقدين ويجب الوفاء به؛ لقوله تعالى:"أوفوا بالعقود"[المائدة: 1] ، وإنما يقع الإثم فيما يباع على القوات الأمريكية في العراق على مالكي الشركة أو مديرها التنفيذي، أو من يخطط للتعريف إذا كان أو كانوا مسلمين، وإن كانوا كفاراً فليس بعد الكفر ذنب.
والخلاصة: أنك لم تباشر الحرام، وإنما أنت أجير في عمل حلال، وما قد ينتج من الشركة من حرام إنما يقع على من يقوم به، أو يتسبب فيه مباشرة، وإن كنت أنصح لك أن تبحث عن عمل لا شبهة فيه، ولو كان أقل دخلاً أو راتباً من عملك هذا ما دام يتردد في نفسك منه شيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"الإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر.. فاستفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك"رواه أحمد (17545) ، والدارمي (2533) . وفق الله الجميع إلى كل خير.