الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إقامة الجمعة في مسجد آخر من غير حاجة
المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 27/08/1426هـ
السؤال
عندنا ثلاثة مساجد في القرية، بين كل مسجد وآخر أقل من نصف كيلو متر، وتقام الجمعة في مسجد واحد، ولكن ظهر شخص أقام الجمعة في أحد المسجدين الآخرين بحجة الأجر لصاحب المسجد الذي بناه، لكونه أخاً له، مع أن عدد المصلين لا يتجاوز الخمسين في القرية كلها ويكفيهم المسجد الأول.
السؤال: هل تجوز إقامة جمعة في المسجد المذكور، مع العلم أن بيت الشخص المذكور بجانب المسجد القديم الذي تقام فيه الجمعة من قبل، ولكنه يذهب للمسجد الثاني الذي هو أبعد عن بيته، فهل يجوز له ذلك العمل؟ وبماذا تنصحونه؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد:
حول إقامة الجمعة في مسجد آخر في القرية مع أن المسجد الأول كاف:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى (12/351) : اعلم -وفقك الله- أن الذي عليه جمهور أهل العلم تحريم تعدد الجمعة في قرية واحدة إلا من حاجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقيم في مدينته مدة حياته سوى جمعة واحدة، وهكذا في عهد خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين- وهكذا في سائر الأمصار الإسلامية في صدر الإسلام؛ وما ذاك إلا أن الجماعة مرغب فيها من جهة الشرع المطهر، لما في اجتماع المسلمين في مكان واحد حال إقامة الجمعة والعيد من التعاون على البر والتقوى وإقامة شعائر الإسلام، ولما في ذلك أيضاً من الائتلاف بينهم والمودة والتعارف والتفقه في الإسلام، وتأسي بعضهم ببعض في فعل الخير، ولما في ذلك أيضاً من زيادة الفضل والأجر بكثرة الجماعة وإغاظة أعداء الإسلام من المنافقين وغيرهم باتحاد الكلمة وعدم الفرقة.
وقد وردت النصوص الكثيرة في الكتاب والسنة في الحث على الاجتماع والائتلاف والتحذير من الفرقة والاختلاف، فمن ذلك قول الله عز وجل:"واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"[آل عمران: 103]، وقوله تعالى:"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات"[ال عمران: 105]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويسخط لكم ثلاثاً؛ يرضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم".
ومما تقدم يتضح لكم أن الواجب هو اجتماع أهل المدينة أو القرية على جمعة واحدة، كما يجتمعون في صلاة عيد واحدة حيث أمكن ذلك دون مشقة؛ للأدلة المتقدمة والأسباب السالفة والمصلحة الكبرى في الاجتماع.
وأما إن دعت الحاجة الشديدة إلى إقامة جمعتين أو أكثر في البلد أو الحارة الكبيرة فلا بأس بذلك في أصح قولي العلماء..أ. هـ.
وما دام الأمر على نحو ما ذكر في السؤال من تقارب القرية، وأن المسجد الأول كافٍ دون وجود مشقة على المصلين فلا تجوز إقامة جمعة ثانية في القرية، وعلى الشخص الآخر الذي أقام جمعة ثانية أن يعود مع إخوانه ويقيم الجمعة معهم، ولا يُعد حرصه على وصول الأجر لأخيه مسوغاً لإقامة جمعة ثانية؛ لأن مصلحة اجتماع المسلمين أعظم من مصلحة وصول الثواب إلى أخيه، ويمكنه أن يوصل إلى أخيه ما شاء من أعمال البر المشروعة كالدعاء له والصدقة عنه، دون الحاجة إلى تفريق المسلمين وحرمانهم من المنافع العظيمة المتقدمة الحاصلة بالاجتماع للصلاة، أسأل الله -تعالى- أن يرزق عباده الفقه في الدين، وأن يجمع كلمتهم على الحق والهدى إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.