الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جمع الزكاة لسداد دين الميت
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 6/2/1425هـ
السؤال
توفي والدنا منذ خمس سنوات، وترك لنا محلاً تجارياً وبعض العقار، وبيتاً نسكنه، بِيْعَت جميع الأراضي لتسديد الدين، والآن مضى على وفاة والدي خمس سنوات ولم يسدد من الدين إلا الربع، مع العلم أننا مقتصدون بنسبة (80%) عما كنا عليه قبل وفاة والدي، هذا بالإضافة إلى أني استدنت أنا أيضاً مبلغاً وقدره:(250،000) ؛ وذلك للزواج وشراء سيارة، وبدأت مشروعاً بعد زواجي وأنا طالب في الجامعة؛ حتى أوفر مصاريف لي ولزوجتي، وللأسف لم أوفق في المشروع، وخسرت فيه، مع العلم أني أعمل خارج مؤسستنا حالياً؛ لتخفيف المصاريف.
س1: هل يجوز أن يسدد باقي دين والدي من الزكاة؟ وهل يجوز أن نطلبها من الناس؟
ٍ2: هل يجوز سداد ديني من الصدقة أو الزكاة؟ والدتي طريحة الفراش منذ ثلاثة أشهر أو أكثر وأحد أهم الأسباب التفكير في الدين) . أفتونا، وجزاكم الله خيرا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالأصل أن دين الميت لا يقضى من الزكاة، بل يقضى من تركة الميت على القول الراجح، وهو قول الجمهور؛ لأن الزكاة تمليك، والميت لا يملك؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قُدِّم إليه ميت ليصلي عليه قال:"هل عليه دين؟ " فإن قيل نعم، تأخر، ولم يصل عليه، وإلا صلى عليه انظر ما رواه البخاري (2291) من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
ولما فتح الله عليه، وكثر المال كان صلى الله عليه وسلم يقضي ديون الموتى من بيت المال، وقال صلى الله عليه وسلم:"أنا أولى الناس بالمؤمنين في كتاب الله عز وجل فأيكم ما ترك ديناً أو ضيعةً فادعوني، فأنا وليه" رواه البخاري (2398) ومسلم (1619) واللفظ له من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وعلى هذا، فإن وفت فالحمد لله، وإلا ذهب الدين على صاحبه، وليس له مطالبة الورثة بسداد الدين؛ لأن الدين إنما كان على مورثهم، وأما هم فلم تُشغل ذممهم بشيء من الدين، ما لم يبق من تركته شيء، فإنه يجب عليهم أن يؤدوه إلى الدائن؛ لأن حقه قد تعلق به.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء، فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته" رواه البخاري (2297) وغيره، واللفظ له، ووجه الاستدلال أنه صلى الله عليه وسلم جعل ما يتركه الميت من الأموال لورثته "ومن ترك مالاً فلورثته"، ولم يجعل وفاء ما وجب عليه من دين لا وفاء له لم يجعله على ورثته" فمن مات وعليه دين، ولم يترك وفاءً فعلينا قضاؤه".
ويظهر من سؤالك أن الدين أكثر من التركة، ولذا يجب عليكم أن تبيعوا كل التركة لسداد الدين؛ لأنها قد تعلق بها حق الدائن، فهو أحق الناس بها، وأولى بها منكم، إلا إذا رضي أن تبقى لكم ويستوفي هو حقه من ريعها.
فإن فضل من الدين شيءٌ عجزت عن وفائه التركة، فليس عليكم أن تؤدوه من أموالكم؛ لأن الدين - كما قلت سابقاً- متعلق بذمة ميتكم فقط، ولا يلحق ذممكم منها شيء البتة، بل يُؤدى ما بقي من الدين من صدقات بيت مال المسلمين؛ لدلالة الحديث السابق.
أما إذا رغبتم أن تستبقوا بعض ما تركه لكم ميتكم من مؤسسة لقطع غيار السيارات وفيلا تسكنونها، أو غيرها من مال التركة، فإنه يجب عليكم أن تؤدوا مثل ثمنها- كما هو تقديره في السوق- للدائن؛ لأن الدائن أحق بها منكم.
وليس عليكم أن تشقوا على أنفسكم، فتتكلفوا سداد الدين من خالص أموالكم التي هي من غير التركة؛ إذ ليس له الحق أن يطالبكم بشيء هو أصلاً ليس متعلقاً بذمتكم.
وما غرمتموه (بالاستدانة) زائداً عن مقدرا ما استبقيتموه من التركة من أجل قضاء دين ميتكم فإنه يُبيح لكم أن تأخذوا من الزكاة قدر ما يقضي ديونكم، لأنكم غارمون، ولكن بشرط أن تكونوا عاجزين عن سدادها.
أما إذا كنتم قد قضيتم بعض دين ميتكم من بعض أموالكم من غير أن يضطركم إلى الاستدانة، فلا يحق لكم أن تستوفوها من الزكاة
وأما ما تسأل عنه من سداد دينك من الزكاة ففيه تفصيل:
إن كان راتبك يفي بحاجاتك وحاجات عيالك، وسداد ما وجب عليك سداده في السنة، فلا يجوز لك أخذ الزكاة.
أما إذا كان راتبك لا يفي بحاجاتك وحاجات عيالك وسداد ما وجب عليك سداده في العام، فأنت من أهل الزكاة، فخذها ولا حرج؛ حتى تقضي دينك.
فرج الله همكم، ونفس كربكم، وقضى دينكم والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.