الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صرف الزكاة للانتخابات العراقية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 10/09/1426هـ
السؤال
إن أهل السنة في العراق يمرون بظروف سيئة للغاية، جراء تسلط الكفرة وأعوانهم الموالين لهم والمستقوين بهم، وبعد مشاورات بين المطلعين على أوضاع العراق الحالية، والذين يعايشونها ويلامسون ما يجري في هذا البلد المسلم، توصل أهل السنة إلى أنه يجب المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وذلك من باب تخفيف الشر عن أهل السنة.
والسؤال هو: هل يجوز استخدام أموال الزكاة لدعم مرشحي أهل السنة في الانتخابات؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
(وفي سبيل الله) هو المصرف السابع من مصارف الزكاة الثمانية في آية [التوبة:60]"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم".
وقد اختلف العلماء قديماً وحديثاً في معنى (سبيل الله) في الآية على قولين:
القول الأول: وهو مذهب جمهور الفقهاء ممن لا يحصون في الماضي والحاضر، يخصونه بالجهاد بمعناه الخاص، وهو غزو الكفار، وما يحتاج إليه الغزاة من سلاح وعتاد ونفقة، ويلحق به بعضهم الحج، فتنفق فيه الزكاة كالغزو.
القول الثاني: تعميم معنى (سبيل الله) ، فيشمل كل وجوه البر والخير، وقال بهذا القول من الصحابة أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم ومن التابعين الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وقال به الكاساني من الحنفية، وابن عبد الحكم، وابن جزي من المالكية، والقفال، والرازي من الشافعية، ومن الفقهاء المعاصرين الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ويوسف القرضاوي، وعبد الكريم زيدان، وأبو بكر الجزائري، وبحث هذا الموضوع في المجمع العلمي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي في الدورة (الثامنة) المنعقدة في جمادى الأولى عام (1405هـ) برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وأجاز بالأكثرية (جواز صرف الزكاة للدعوة إلى الله، وما يعين عليها ويدخل في أعمالها) .
والذي يظهر رجحان القول الثاني؛ لعموم لفظ (سبيل الله) في نصوص الكتاب والسنة، كقوله تعالى:"مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم". [البقرة:261]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"جاهدوا المشركين بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم" أخرجه أبو داود (2504) والنسائي (3096) . فالجهاد أعم من القتال بالأنفس.
ثم إن الإنفاق من الزكاة على الدعوة إلى الله أولى من الإنفاق على من يريد الحج؛ لأن من لم يجد الزاد والراحلة للحج غير مستطيع له، فلا يجب عليه، ثم إن نفع الحج قاصر على صاحبه فقط، ونفع الدعوة متعدٍ إلى الغير، وعام للمسلمين.
ومن أراد التوسع في أدلة القولين فليراجع كتابنا (مصرف "في سبيل الله" بين الخصوص والعموم) .
وبناءً على هذا فإني أرى جواز دفع الزكاة لإخواننا أهل السنة في العراق للمشاركة في الانتخابات البرلمانية ودعم المرشحين منهم؛ وذلك إذا كان في دخولهم الانتخابات مصلحة راجحة، وتقليل للشر، ودفع ومدافعة لمخالفيهم من الكفار وحلفائهم الذين يسوقون لمشروع المحتل.
وإنني لأهيب بإخواني المسلمين المبادرة إلى ذلك؛ نصرة للحق ومنعاً للباطل وأداءً للواجب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وصحابته أجمعين.