الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اقتداء المسافر بالمقيم
المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان
رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 29/4/1422
السؤال
ما حكم اقتداء المسافر بالمقيم في الصلاة؟
الجواب
اختلف الفقهاء في اتمام المسافر بمقيم، هل يلزم المسافر الاتمام، أو لا، على أقوال، أوجزها في أربعة، وهي كالتالي:
القول الأول: أنه يجب على المسافر أن يتم إذا صلى خلف مقيم، سواء أدرك جميع الصلاة أو بعضها وهذا القول لجمهور العلماء من الأئمة الأربعة، وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وجماعة من التابعين وبه قال الثوري والأوزاعي وأبو ثور، وغيرهم، بل حكى الشافعي في الأم إجماع العلماء على ذلك.
واستدلوا على ذلك:
1-
عموم قوله صلى الله عليه وسلم (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه) متفق عليه.
قالوا ومفارقة إمامه اختلاف عليه، فلم يجز مع إمكان متابعته.
2-
ما أخرجه مسلم والنسائي والطيالسي وأحمد وابن خزيمة من طرق عن قتادة عن موسى بن سلمة قال قلت لابن عباس: كيف أصلي بمكة إذا لم أصلي في جماعة؟ قال ركعتين، سنة أبي القاسم. قالوا: فمفهومه أنه إذا صلى مع جماعة يتمون فيتم مثلهم، والسنة تتصرف إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
3-
ولأن هذا فعل من تقدم من الصحابة ابن عباس وكذا ابن مسعود كما في مصنف ابن أبى شيبة وكذا ابن عمر كما في الموطأ عن نافع أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته.
قالوا هذا فعل أو فتوى من سمينا من الصحابة ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفاً، فكان كالإجماع.
4-
ولأن هذه الصلاة مردودة من أربع إلى ركعتين فلا يصليها خلف من يصلي الأربع كالجمعة.
القول الثاني: قال طاووس والشعبي وتميم بن جذلم في المسافر يدرك من صلاة المقيم ركعتين تجزيان
القول الثالث: وقال إسحاق له أن يقصر مطلقاً لأنها صلاة يجوز فعلها ركعتين فلم تزد بالإتمام.
القول الرابع: وقال ابن حزم: يجب على المسافر أن يقصر ولوائتم بمقيم -،ونقله عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم عن أبيه. واستدل على ذلك:
1-
بأن واجب المسافر ركعتان في كل حال منفردا أوإماماً أو مأموما كما جاء في النصوص.
2-
ولأن المقيم خلف المسافر يتم، ولا ينتقل إلى حكم إمامه في التقصير، فكذلك المسافر خلف المقيم يقصر، ولا ينتقل إلى حكم إمامه في الاتهام وكل أحد يصلي لنفسه، وإمامة كل واحد منهما للأخر جائزة، ولافرق. وقال: فالواجب على المسافر جملة القصر والمقيم جملة يتم ولا يراعي أحد منهما إماماً.
والذي يظهر ترجيح القول الأول قول الجمهور والأئمة الأربعة، لأنه قول ثلاثة من الصحابة ابن عباس وابن مسعود ولا مخالف لهم من الصحابة وقد ذهب بعض الفقها والأصوليون إلى أن قول أو فعل الصحابي في مسألة لا نص صريح فيها أنه حجة، وقد رجحه ابن القيم ونسبه إلى جمهور الأئمة ومال إليه ابن تيمية في الفتاوى. وأما قول ابن عباس (تلك سنة أبى القاسم) فليست صريحة في الرفع، وفي مثل هذه الصيغة اختلاف بين العلماء، ولو كانت مثل هذه الصيغة تفيد الرفع فما يمنع الصحابة من رفع الحديث إلى النبي ـصلى الله غليه وسلم ـ مباشرة فهو أقوى في الاستدلال، فلعل مرادهم الاستنباط من عموم النصوص أو مرادهم أن هذا هو الذي عليه العمل، أو غير ذلك من الاحتمالات.
وعلى كل حال فقوله ((تلك سنة آبي القاسم صلى الله عليه وسلم) تضفي على القول الأول قوة، وتقدمه على غيره من الأقوال.
وفي القول الثاني وجاهة ـوان كان دون سابقه ـ لعدم صورة المخالفة في إقتداء المسافر بالمقيم.
واضعفها الرابع قول إبن حزم في إيجاب القصر ـ وقياسه مع منعه القياس ذلك على إتمام المقيم خلف المسافر ولاينظر إلى حال إمامه - وفي مخالفته لأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم ما يدل على بعده - وقد تعقبه الشيخ الألباني رحمه الله بما يغني عن التفصيل في تعقبه - والله أعلم.
وبناء على ما تقدم فلا ينوي المسافر- على رأي الجمهور - الانفصال عن الإمام المقيم إذا صلى ركعتين. وأما على رأي إسحاق فله ذلك - وأبن حزم يوجب أن ينوي الانفصال. والله أعلم