الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مزاح المصلي للطفل
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 25/7/1424هـ
السؤال
لدي طفلة تبلغ من العمر 4 أعوام، وطفل يبلغ عامين، في بعض الأحيان وأنا أصلي في البيت، يلعبون بجواري، وأحياناً يحاولون أن يجلسوا على ظهري في وضع السجود، أو على رجلي في وضع التشهد، أو أن أحملهم وأداعبهم أثناء الصلاة، وقد يتعرض أحدهم إلى خطر (مكان الكهرباء مثلا) وأنا أصلي، فهل مداعبة الأطفال أو كف الأذى عنهم، أو الإشارة لهم بشيء أثناء الصلاة حرام؟ مع العلم أنني بالطبع أفقد التركيز والخشوع في صلاتي، وإنني أؤديها كمجرد فرض دون خشوع في معظم الأحيان، حتى ولو أن الأطفال ليسوا معي، فإني أجاهد نفسي لكي أتمعن في صلاتي، ولكن في أغلب الأحيان يغلب علي السهو، فهل تقبل صلاتي على هذا النحو؟ مع العلم أنني لا أترك فرضاً، وأصلي بعض النوافل؟ وشكرا. ً
الجواب
إذا كان هذا الأمر من دون اختيار لك، وخشيت عليهم لو تركتيهم أن يزيد تشويشهم عليك في الصلاة فلا بأس، أما إذا كان يمكن دفعهم ومنعهم فإن هذا المتعين، والنبي – صلى الله عليه وسلم حمل أمامة بنت بنته خوفاً عليها من أن يصدر منها تشويش يؤذي النبي – صلى الله عليه وسلم ويؤذي جميع المصلين، انظر ما رواه البخاري (516) ، ومسلم (543) ، حديث أبي قتادة – رضي الله عنه وليس هذا دليلاً على أن الإنسان إذا دخل في الصلاة يبدأ اللعب مع أطفاله، قد جاء في سؤالك أنك تداعبين أطفالك أثناء الصلاة، ومن أركان الصلاة الطمأنينة والمداعبة عبث، والعبث يبطل الصلاة، فيجب عليك وعلى غيرك أن تتقوا الله وتؤدوا الصلاة تامة بأركانها وشروطها، وواجباتها، وأن يبعد الإنسان عنه ما يشغله عن الخشوع، لأن الخشوع هو لب الصلاة، والله – تعالى- يقول:"قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون"[المؤمنون:1-2]، ويقول – جل وعلا-:"ألم يأن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق"[الحديد:16] ، فيجب على الإنسان أن يزيل عنه المشاغل الحسية والمعنوية، ولهذا نهى النبي – صلى الله عليه وسلم الإنسان إذا كان بحضرة طعام أو يدافع الأخبثين أن يصلي، وأمره أن يتخلص من هذه قبل الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام:"لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان"رواه مسلم (560) من حديث – عائشة – رضي الله عنها، وهذه الأخت السائلة تقول: إنها تداعب الأطفال في أثناء الصلاة، فمداعبتهم هذا عبث وتعمد، وكثرة العبث تبطل الصلاة، فعلى هذه السائلة وغيرها أن ينتبهوا لهذه المسألة، وقالت: إنها تفقد بالطبع التركيز والخشوع في صلاتها التي تؤديها، كمجرد فرض، دون خشوع في معظم الأحيان، هذا دليل على أنها جعلت الصلاة مجرد حركات لا روح فيها، وهذا تلاعب وإهمال وعدم مبالاة في حق الصلاة، وقالت أيضاً: حتى لو أن الأطفال ليسوا معي فإني أجاهد نفسي لكي أتمعن في صلاتي، ولكن
في أغلب الأحيان يغلب علي السهو فهل تقبل الصلاة على هذا النحو؟.
فنقول: كما نبهنا في البداية عليها أن تجتهد في إصلاح نفسها، والصلاة فيها شغل في ذاتها، فليس فيها فراغ، ليس فيها أوقات يكون الإنسان فيها معذوراً أن يعمل ما شاء، فإن الإنسان من حين أن يكبَّر تكبيرة الإحرام فإنه مشتغل بأذكار وأعمال حتى ينتهي من صلاته بالسلام، والنبي – صلى الله عليه وسلم يقول:"إن في الصلاة لشغلاً" رواه البخاري (1216)، ومسلم (538) من حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه يعني: أن الصلاة جوهرها كله مشغل للإنسان، فهي تشتمل على تكبير وتلاوة، وركوع ودعاء، واستغفار، وغير ذلك، فليس فيه مجال للإنسان أن يفسح لنفسه أن يذهب يميناً وشمالاً ويسرح في أفكاره وغيرها، وإنما عليه أن يتأمل ما يقرأ، ويتأمل حال ركوعه وحال سجوده، وما يقول فيهما، وحال قراءته وفي تشهده، كل ذلك يكون مشتملاً لما يتلو، وهذا الشغل مدعاة أن ينصرف عن الخواطر التي تخطر له وتؤذيه في الصلاة، والنبي – صلى الله عليه وسلم أخبر:"أن الرجل لينصرف، أي من الصلاة – وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها" رواه أبو داود (796) من حديث عمار بن ياسر – رضي الله عنهما، ويكتب لك من صلاتك بقدر ما فيها من الخشوع، ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت، وإن أجزأت عن الفريضة، لكن من حيث ترتب الثواب عليها لا يحصل الإنسان إلا قدر الوقت الذي كان فيها خاشعاً، وقد قال عليه الصلاة والسلام:"لا تجزئ صلاةٌ لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود" رواه الترمذي (265) والنسائي (1027) ، وأبو داود (855) وابن ماجة (870) ، من حديث أبي مسعود البدري – رضي الله عنه – وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "من صلى الصلاة لوقتها، وأسبغ لها وضوءها، وأتم لها قيامها وخشوعها وركوعها وسجودها خرجت وهي بيضاء مسفرةٌ، تقول: حفظك الله كما حفظتني، ومن صلى الصلاة لغير وقتها فلم يسبغ لها وضوءها، ولم يتم لها خشوعها ولا ركوعها ولا
سجودها خرجت وهي سوداء مظلمةٌ تقول: ضيعك الله كما ضيعتني حتى إذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق، ثم ضُرِب بها وجهه" رواه الطبراني في الأوسط (3095) من حديث أنس رضي الله عنه، فعلى الإنسان أن ينتبه للصلاة، لأنها الركن الثاني من أركان الإسلام، ولا يستخف بها كما جاء في سؤال السائلة، ونسأل الله الهداية للجميع.