الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة الاستغفار
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة التسابيح والحاجة
التاريخ 30/3/1424هـ
السؤال
سؤالي يتعلق "بصلاة الاستغفار":فقد تحدث الكثير من العلماء جزاهم الله خيراً عن أن هذه الصلاة بدعة ولا أصل لها! وأن ما ورد من الأحاديث فيها هي أحاديثٌ ضعيفة! ولكن من خلال تصفحي لـ "صحيح سنن ابن ماجة" للعلامة الشيخ / محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله أورد في الباب 190 "باب ما جاء في صلاة الاستغفار" حديثين أحدهما لأبي رافع والآخر لابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكلا الحديثين يخبر عن هذه الصلاة وصفتها والترغيب فيها، ثم أورد الألباني أن كلا الحديثين "صحيح"! فأردت الاستفسار منكم عن كيفية توافق هذا الكلام وحكم هذه الصلاة في الدين؟! وإذا كانت "بدعة" فكيف يتم التوفيق بين بدعيتها وصحة حديثي سنن ابن ماجة رحمه الله؟! ولكم جزيل الشكر على ما تقدمون للدين من جهد وبذل.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الحديثان اللذان أشار إليهما السائل يتعلقان بصلاة التسبيح، وقد بوب ابن ماجة لهذين الحديثين بقوله:"باب ما جاء في صلاة التسبيح"، ولم أطلع على أحدٍ من أهل العلم أطلق عليها صلاة الاستغفار، كما ذكر السائل. وعلى كل حال، فإن صلاة التسبيح قد وردت في عدد من الأحاديث، ومنها ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه: يا عباس يا عمّاه ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل لك عشر خصال، إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته عشر خصالٍ، أن تصلي أربع ركعاتٍ، تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعةٍ قلتَ وأنت قائم: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقول وأنت راكع عشراً، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً فتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تُفعل في أربع ركعاتٍ، إن استطعت أن تصلِّيها في كل يومٍ مرةً فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرةً، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرةً، فإن لم تفعل ففي عمرك مرةً " رواه ابن ماجة بهذا اللفظ (كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة التسبيح، رقم الحديث:1387)، وأبو داود (كتاب: الصلاة، باب: صلاة التسبيح، رقم الحديث: 1297) ، وروى الترمذي نحو هذا الحديث من رواية أبي رافع (كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة التسبيح، رقم الحديث: 482) ، وابن ماجة (كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة التسبيح، رقم الحديث:1386) . وقال أبو عيسى الترمذي: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة التسبيح غير حديث. قال: "ولا يصح منه كبير شيء". أما حكم هذه الصلاة، فقد اختلف فيه
أهل العلم، فمنهم من قال بمشروعيتها، وأنه يستحب للإنسان القيام بأدائها طلباً لثوابها الوارد في حديث ابن عباس وأبي رافع ونحوهما، ومنهم من قال: بعدم مشروعيتها، وأنه لا يجوز فعلها. والسبب في اختلافهم في حكمها: الاختلاف في صحة الأحاديث الواردة في فضلها، فمن رأى أن هذه الأحاديث صحيحة أو حسنة، احتج بها وقال بمشروعية هذه الصلاة، ومن رأى أن هذه الأحاديث ضعيفة أو شاذة، لم يحتج بها وقال بعدم مشروعية هذه الصلاة. ومن خلال هذا الكلام يتبين أنه لا إشكال في المسألة؛ لأن من صحح أحاديثها قال بمشروعيتها، ومن لم يصححها قال بعدم مشروعيتها. وفيما يأتي أذكر عدداً من النقول عن أهل العلم فيما يتعلق بحكم هذه الصلاة:
(1)
قال ابن عابدين: قوله: (وأربع صلاة التسبيح) يفعلها في كل وقت لا كراهة فيه، أو في كل يوم أو ليلة مرة، وإلا ففي كل أسبوع أو جمعة أو شهر أو العمر، وحديثها حسن لكثرة طرقه) حاشية ابن عابدين (2/27) .
(2)
وذكر الخطاب أن صلاة التسبيح من النوافل أو الفضائل، وكلاهما مستحب الفعل عند المالكية. مواهب الجليل (1/381) .
(3)
وقال النووي: "قال القاضي حسين وصاحبا التهذيب والتتمة ......: يستحب صلاة التسبيح للحديث الوارد فيها، وفي هذا الاستحباب نظر؛ لأن حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروف، فينبغي ألا يفعل بغير حديث، وليس حديثها بثابت، وقد قال العقيلي: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت، وكذا ذكر أبو بكر بن العربي وآخرون، أنه ليس فيه حديث صحيح ولا حسن والله أعلم" المجموع شرح المهذب (3/547-548) .
(4)
وقال ابن قدامة: (فأما صلاة التسبيح، فإن أحمد قال: ما يعجبني، قيل له: لم؟ قال: ليس فيها شيء يصح، ونفض يده كالمنكر) المغني (1/437-438) . ولكن الذي ينبغي أن يقال في هذه المسألة: إنه لا إنكار على من فعلها؛ لأنها من المسائل المختلف فيها، ومن فعلها فقد تمسك بأحاديث مرويةٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى صحتها أو يقلد من يرى صحتها. ثم إن بعض أهل العلم يحتج بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، ولذلك قال ابن قدامة:"وإن فعلها إنسان فلا بأس؛ فإن النوافل والفضائل لا يشترط صحة الحديث فيها". والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.