الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستشعار عن بعد وظهور الهلال
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
كتاب الصيام/ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال
التاريخ 15/2/1425هـ
السؤال
هل الاستشعار عن بعد في معرفة ظهور الهلال بمعنى مولد الهلال معتبر في بداية الشهر القمري أم لا؟ أم لا بد من الرؤية البصرية للهلال في اعتباره بداية الشهر؟ مع ذكر الأدلة على ذلك.
ملاحظة: بعد معرفة مولد الهلال بالتحديد كم يلزم من الوقت لظهوره حقيقة؟ وهل من الفقهاء من اعتبر بداية الشهر بالاستشعار عن بعد؟
الجواب
الجواب عن هذا السؤال هو أنه فيما يتعلق بالجانب الشرعي، وبإثبات دخول شهر رمضان أو خروجه فيجب أن نعمل بالحساب الفلكي فيما يتعلق بالنفي، فإذا قيل بأن ولادة الهلال ولادة فلكية تكون بعد غروب الشمس، يعني تغرب الشمس، ولما يولد الهلال بعد، يعني: حيث ولد الساعة التاسعة أو العاشرة أو الثامنة أو نحو ذلك، وجاء من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس مباشرة، فهذا يجب أن تُرد هذه الرؤية مهما كانت، فهي شهادة غير صحيحة، إما أن يكون صاحبها واهماً ومغتراً بكوكب، أو نحو ذلك، أو أن يكون كاذباً، فلا شك أن الشهادة معروف بأن من شروطها أن تنفك عما يكذبها حسًّا أو عقلاً، وهذه الشهادة لم تنفك عما يكذبها بل الهلال لم يولد؛ فكيف يرى قبل ولادته؟ هذا فيما يتعلق بالنفي؛ أما فيما يتعلق بالإثبات فإذا كان الهلال مولوداً قبل غروب الشمس، ومع ذلك لم يأتِ من يشهد بالرؤية فنقول يجب أن يكون إثبات الرؤية عن طريق الشهادة بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" رواه البخاري (1909) ، ومسلم (1081) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فإذا كان الهلال مولوداً قبل غروب الشمس، ومع ذلك لم يره راءٍ، فلا عبرة بكونه مولوداً ولم يره أحد؛ لأننا متعبدون بإثبات الهلال إثباتاً شرعيًّا صحيحًا نافياً لما يكون سبباً من أسباب رده؛ متعبدون بإثبات الهلال بالرؤية لا بالحساب الفلكي.
وبناءً على هذا فينبغي أن يكون هذا محل اعتبار، أما من يقول بأن الرؤية وإن كان الهلال مولوداً فينبغي أن تكون ممكنة الرؤية فنقول هذا شرط غير صحيح، والذين يقولون بشرط إمكان الرؤية هم مختلفون في متى تمكن الرؤية، هل تمكن أن تكون على زاوية محددة على درجة محدودة؟ هم مختلفون في تقدير الزاوية البُعدية، وفي تقدير الدرجة نفسها، فبعضهم يقول: سبع درجات، وبعضهم يقول: خمس درجات، وبعضهم يقول: أربع درجات، فهذا فيه خلاف، وبناء على هذا فيجب علينا ألا يكون للقول بإمكان الرؤية اعتبار، فالله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، وعنده من القدرة سبحانه وتعالى ما يجعل لبعض عباده من قوة الإبصار ما يبصرون القمر وهو يساير الشمس، سواء كان خلفها أو أمامها، أو عن يمينها، أو عن يسارها، فهناك مجموعة من الناس منَّ الله سبحانه وتعالى عليهم بقوة الإبصار، ولا يتأثرون بأشعة الشمس، يعني على أساس أن أشعة الشمس تمنع الرؤية، فهذا في الواقع غير معتبر، - والله أعلم-.
ولعل السائل يتحدث عن الاستشعار يريد به إمكان الرؤية وعدم إمكانها، فنحن نفرق بين إمكان الرؤية وبين ولادة الهلال، أما الولادة فهي معتبرة في حال النفي، ولا يجوز أن تثبت رؤية، والحال أن الهلال لم يولد، وقد غربت الشمس قبل ولادته، فهذا لا يجوز أن نثبت رؤية تأتي بهذا الشيء، أما إذا كانت الولادة موجودة قبل غروب الشمس، ولكن هناك من يقول باستحالة الرؤية، فنقول كلمة (استحالة) هذه غير صحيحة؛ بل من رأى الهلال وهو مولود فرؤيته معتبرة، فيجب إجراء ما يتعلق بهذه الرؤية والأخذ بها.