الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة الجماعة في غير المسجد
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 05/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
السؤال: إذا كان هناك مجموعة أكثر من اثنين، والمسجد بعيد عنهم، وحانت الصلاة، فهل يجوز لهم أن يصلوا فرادى؟ أم يجب عليهم أن يصلوا جماعة؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
صلاة الجماعة واجبة على الرجال الأصحاء، على الصحيح من أقوال أهل العلم، والأدلة على ذلك كثيرة، ومنها:
(1)
قوله تعالى: "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك"[النساء:102]، ووجه الاستدلال بالآية: أن الله سبحانه وتعالى أمرهم بالصلاة في الجماعة، ثم أعاد هذا الأمرسبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله:"ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك"وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، ولو كانت الجماعة سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف.
(2)
قوله تعالى: "واركعوا مع الراكعين"[البقرة:43] قال الكاساني: أمر الله سبحانه وتعالى بالركوع مع الراكعين، وذلك يكون في حال المشاركة في الركوع، فكان أمراً بإقامة الصلاة بالجماعة، ومطلق الأمر لوجوب العمل (بدائع الصنائع1/155) .
(3)
وفي الصحيحين - البخاري (7224)، ومسلم (651) - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقا سمينا أو مِرْمَاتَين حسنتين لشهد العشاء ".
قال ابن المنذر رحمه الله: (وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة؛ إذ غير جائز أن يحرق رسول الله صلى الله عليه وسلم من تخلف عن ندب وعما ليس بفرض)(الأوسط 4/134) . وإذا ثبت وجوب صلاة الجماعة، وأنها واجبة على الأعيان، فالواجب فعلها في المسجد إذا كان الإنسان يسمع النداء إلا من كان معذوراً بمرض أو خوف؛ لما ثبت في حديث ابن أم مكتوم رضي الله عنه وهو رجل أعمى- أنه قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال:"هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال:"فأجب" أخرجه مسلم في صحيحه (635)، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " أخرجه ابن ماجة (793) ، والدارقطني في سننه (1350) ، والحاكم في المستدرك (855) بإسناد صحيح، قيل لابن عباس رضي الله عنهما ما هو العذر؟ قال:"خوف أو مرض". والمقصود بسماع النداء: سماعه بالصوت المعتاد بدون مكبرٍ عند هدوء الأصوات وعدم وجود ما يمنع السمع، مع مراعاة أن المؤذنين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذنون على مكان مرتفع، كسطح المسجد ونحوه، وكانت أبنية المنازل قابلة لنفاذ الصوت وانتشاره، مما يمكن وصول صوت المؤذن إلى مسافة ليست بالقصيرة. وإذا كان الإنسان لا يسمع النداء لبعد بيته عن المسجد، فإنه يجوز له أن يصلي في بيته، فإن كان واحداً صلى بمفرده، وإن كان مع غيره - كحال السائل - فالواجب عليهم أن يصلوا جماعة؛ لما سبق ذكره من الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة في المسجد، ولكن لما كانوا بعيدين عن المسجد أبيح لهم ترك الصلاة في المسجد؛ لأنهم معذورون في ذلك، ولكنهم غير معذورين في ترك الجماعة فيبقى وجوبها عليهم. وإذا أقيمت الصلاة فإن من كان
حاضراً معهم ولم يصل بعد فإنه يصلي معهم؛ طلباً لأجر الجماعة، فإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين أو بخمسٍ وعشرين درجة. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم.