الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل أقطع صلاتي إذا نادتني أمي
؟
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 6/12/1422
السؤال
ما حكم قطع الصلاة إذا سمع المرء أمه تناديه؟ وهل هناك اختلاف في الحكم بين الصلاة النافلة والفرض؟
الجواب
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله، فالجواب على هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل إليك بيانه:
أولاً: إن كانت الصلاة فريضة، فلا يخلو نداء الأم عن حالتين:
أولاهما: أن يكون نداؤها ضرورياً لا يمكن تأجيله كإنقاذها من حريق، أو غرق، أو عدو، أو سبع، فهنا لا بأس أن يفعل ما في وسعه لإنقاذها، ثم يعود إلى صلاته، قال أحمد:"إذ رأى صبيين يتخوف أن يلقي أحدهما صاحبه في البئر، فإنه يذهب إليهما فيخلصهما ويعود إلى صلاته"(انظر: الشرح الكبير 3/614، طبعة التركي والحلو)، وقال صاحب الشرح:" فإن خاف على نفسه من الحريق ونحوه في الصلاة ففر منه بنى على صلاته وأتمها صلاة خائف". (انظر: الشرح الكبير 3/615) .
ثانيهما: أن يكون نداؤها غير ضروري يمكن تأجيله، فهنا يلزم إتمام الصلاة ويحرم قطعها أو كثرة العمل في أثنائها كثرة فاحشة، سيما لغير حاجة؛ لأن الصلاة حق لله – عز وجل، وحقه مقدم على حق الوالدين لما في البخاري (7534) ومسلم (85) من حديث ابن مسعود – رضي الله عنهما "سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، فما تركت أن أستزيده إلا إرعاءً عليه"، وهذا لفظ مسلم، وقد ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم فتح الباب لعائشة – رضي الله عنها – وهو يصلي انظر ما رواه الترمذي (601) وأبو داود (922) والنسائي (1206) ، وفي البخاري (516) ومسلم (543) من حديث أبي قتادة – رضي الله عنه – كان – عليه السلام يؤم الناس وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود حملها.
ولا يشرع في جميع الأحوال الكلام في الصلاة؛ لأنه يبطلها إذا كان من غير جنسها، ومن جهة ثانية فلو أمكنه تخفيف الصلاة من غير إخلال بأركانها وواجباتها ليتسنى له إجابة أمه فحسن، إذ قد صحَّ عنه عليه الصلاة والسلام قوله:" إني لأقوم إلى الصلاة، وأنا أريد أن أطَوِّلَ فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه ". رواه البخاري (707) من حديث أبي قتادة –رضي الله عنه.
ثانياً: إن كانت الصلاة نافلة، وغلب على ظنه أن أمه ستعذره إذا علمت أنه في صلاة، وليس في إجابتها دفع ضرورة قائمة فالأولى إتمام الصلاة خفيفة، فالمبادرة إلى إجابة النداء مع الاعتذار بلباقة وأدب، وإنما قلت: يتم الصلاة خفيفة ولا يقطعها فراراً من مغبة مخالفة قوله -تعالى-: " ولا تبطلوا أعمالكم "[محمد:33] ، فقد منع بعض أهل العلم قطع النافلة إذا أقيمت الفريضة للآية المذكورة، وأما إذا غلب على ظنه أن أمه لن تعذره إن تأخر عن إجابتها فلا بأس أن يقطع صلاته؛ لأن حق الأم مقدم على نوافل العبادات وطاعتها في المعروف حتم لازم، والله أعلم.