الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التكبير الجماعي قبل صلاة العيد
المجيب عبد العزيز بن باز رحمه الله
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 27/9/1423هـ
السؤال
كيف نؤدي التكبير يوم العيد؛ حيث نلاحظ أنه يؤدى بطريقة جماعية وسمعنا من ينكر ذلك.
الجواب
الأصل في التكبير في ليلة العيد، وقبل صلاة العيد في الفطر من رمضان، وفي عشر ذي الحجة، وأيام التشريق أنه مشروع في هذه الأوقات العظيمة وفيه فضل كثير؛ لقوله تعالى في التكبير في عيد الفطر:" ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " وقوله تعالى في عشر ذي الحجة وأيام التشريق:" ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " الآية، وقوله عز وجل:" واذكروا الله في أيام معدودات " الآية.
ومن جملة الذكر المشروع في هذه الأيام المعلومات والمعدودات التكبير المطلق والمقيد، كما دلت على ذلك السنة المطهرة وعمل السلف، وصفة التكبير المشروع: أن كل مسلم يكبر لنفسه منفرداً ويرفع صوته به حتى يسمعه الناس فيقتدوا به ويذكرهم به. أما التكبير الجماعي المبتدع فهو أن يرفع جماعة - اثنان فأكثر - الصوت بالتكبير جميعاً يبدؤونه جميعاً ويُنْهونه جميعاً بصوت واحد وبصفة خاصة.
وهذا العمل لا أصل له ولا دليل عليه، فهو بدعة في صفة التكبير ما أنزل الله بها من سلطان، فمن أنكر التكبير بهذه الصفة فهو محق؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " أي مردود غير مشروع، وقوله صلى الله عليه وسلم:" وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ".
والتكبير الجماعي محدث فهو بدعة، وعمل الناس إذا خالف الشرع المطهر وجب منعه وإنكاره؛ لأن العبادات توقيفية لا يشرع فيها إلا ما دل عليه الكتاب والسنة، أما أقوال الناس وآراؤهم فلا حجة فيها إذا خالفت الأدلة الشرعية، وهكذا المصالح المرسلة لا تثبت بها العبادات، وإنما تثبت العبادة بنص من الكتاب أو السنة أو إجماع قطعي.
والمشروع أن يكبر المسلم على الصفة المشروعة الثابتة بالأدلة الشرعية وهي التكبير فرادى.
وقد أنكر التكبير الجماعي ومنع منه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية رحمه الله وأصدر في ذلك فتوى، وصدر مني في منعه أكثر من فتوى، وصدر في منعه - أيضاً - فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وألّف فضيلة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله رسالة قيمة في إنكاره والمنع منه، وهي مطبوعة ومتداولة وفيها من الأدلة على منع التكبير الجماعي ما يكفي ويشفي - والحمد لله - وأما الإحتجاج بفعل عمر رضي الله عنه والناس في مِنَى بحيث كان يكبر في قبته فيكبر الناس بتكبيره حتى ترتج منى بالتكبير فلا حجة فيه؛ لأن عمله رضي الله عنه وعمل الناس في منى ليس من التكبير الجماعي، وإنما هو من التكبير المشروع؛ لأنه رضي الله عنه يرفع صوته بالتكبير عملاً بالسنة وتذكيراً للناس بها فيكبرون، كلٌ يكبر على حاله، وليس في ذلك اتفاق بنيهم وبين عمر رضي الله عنه على أن يرفعوا التكبير بصوت واحد من أوله إلى آخره كما يفعل أصحاب التكبير الجماعي الآن، وهكذا جميع ما يروى عن السلف الصالح رحمهم الله في التكبير كله على الطريقة الشرعية، ومن زعم خلاف ذلك فعليه الدليل، وهكذا النداء لصلاة العيد، أو التراويح، أو القيام، أو الوتر كله بدعة لا أصل له، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة العيد بغير أذان ولا إقامةُ، ولم يقل أحد من أهل العلم فيما نعلم أن هناك نداء بألفاظ أخرى، وعلى من زعم ذلك إقامةُ الدليل، والأصل عدمه، فلا يجوز أن يُشرَّع أحد عبادة قولية أو فعلية إلا بدليل من الكتاب العزيز أو السنة الصحيحة أو إجماع أهل العلم - كما تقدم- لعموم الأدلة الشرعية الناهية عن البدع والمحذرة منها، ومنها قول الله سبحانه:" أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " ومنها الحديثان السابقان في أول هذه الكلمة، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته.
وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة: " أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " خرجه مسلم في صحيحه، والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة.
والله المسؤول أن يوفقنا وسائر إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا جميعاً من دعاة الهدى وأنصار الحق، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من كل ما يخالف شرعه إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
(مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز رحمه الله)