المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة السجده (32) : آية 14] - التحرير والتنوير - جـ ٢١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 53 إِلَى 55]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 69]

- ‌30- سُورَة الرّوم

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 2 الى 5]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 14 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 31 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 44 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 48 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 52 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 60]

- ‌31- سُورَةُ لُقْمَانَ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 2 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 20 الى 21]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 31 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 34]

- ‌32- سُورَةُ السَّجْدَةِ

- ‌مِنْ أَغْرَاضِ هَذِهِ السُّورَةُ

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 15 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 18 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 28 إِلَى 30]

- ‌33- سُورَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 18 الى 19]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 28 الى 29]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 30]

الفصل: ‌[سورة السجده (32) : آية 14]

إِرْجَاعُهُمْ إِلَى الدُّنْيَا لِيَعْمَلُوا الصَّالِحَاتِ مُقْتَضًى لِحِكْمَتِنَا لَكُنَّا جَبَلْنَاهُمْ عَلَى الْهُدَى فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا فَكَانُوا يَأْتُونَ الصَّالِحَاتِ بِالْقَسْرِ وَالْإِلْجَاءِ. فَالْمُرَادُ الْقَوْلُ مَا أَوْعَدَ اللَّهُ بِهِ أَهْلَ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ.

والْجِنَّةِ: الجنّ وهم الشَّيَاطِين.

وَجَعَلَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ قَوْلَهُ وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها إِلَى آخِرِهِ جَوَابًا مُوَجَّهًا مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى الْمُجْرِمِينَ عَنْ قَوْلِهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا [السَّجْدَة: 12] إِلَخْ.

وَوُجُودُ الْوَاوِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكَلَامِ يُنَادِي عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ جَوَابًا لِقَوْلِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ أَقَلُّ مِنْ أَنْ يُجْعَلُوا أَهْلًا لِتَلَقِّي هَذِهِ الْحِكْمَةِ بَلْ حَقُّهُمُ الْإِعْرَاضُ عَنْ جَوَابِهِمْ كَمَا جَاءَ فِي آيَة سُورَة الْمُؤمنِينَ [106- 108] : قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُلَاقِي سُؤَالَهُمْ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوا الرُّجُوعَ لِيَعْمَلُوا صَالِحًا وَلَمْ يَكُنْ كَلَامُهُمُ اعْتِذَارًا عَنْ ضَلَالِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُؤْتِهِمُ الْهُدَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا هَذَا بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ سَاقَهُ لِلرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام وَالْمُؤْمِنِينَ لِيُحِيطُوا عِلْمًا بِدَقَائِقِ الْحِكْمَةِ الرَّبَّانِيَّةِ.

وَعَدَلَ عَنِ الْإِضَافَةِ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي فَلَمْ يَقُلْ: حَقَّ قَوْلِي، لِأَنَّهُ أُرِيدَ الْإِشَارَةُ إِلَى قَوْلٍ مَعْهُودٍ وَهُوَ مَا فِي سُورَةِ ص [85] : لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ أَيْ حَقَّ الْقَوْلُ الْمَعْهُودُ. وَاجْتُلِبَتْ مِنَ الِابْتِدَائِيَّةُ لِتَعْظِيمِ شَأْنِ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِنَ اللَّهِ.

وَعَدَلَ عَنْ ضَمِيرِ الْعَظَمَةِ إِلَى ضَمِيرِ النَّفْسِ لِإِفَادَةِ الِانْفِرَادِ بِالتَّصَرُّفِ وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ، مَعَ مَا فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ من التفنن.

[14]

[سُورَة السجده (32) : آيَة 14]

فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14)

هَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا [السَّجْدَة: 12] الَّذِي هُوَ إِقْرَارٌ بِصِدْقِ مَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ، الْمُؤْذِنُ بِهِ قَوْلُهُمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا. فَالْفَاءُ لِتَفْرِيعِ جَوَابٍ

ص: 224

عَنْ إِقْرَارِهِمْ إِلْزَامًا لَهُمْ بِمُوجَبِ إِقْرَارِهِمْ، أَيْ فَيَتَفَرَّعُ عَلَى اعْتِرَافِكُمْ بِحَقِيَّةِ مَا كَانَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ أَنْ يَلْحَقَكُمْ عَذَابُ النَّارِ.

وَمَجِيءُ التَّفْرِيعِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى مَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُخَاطَبِ فِيهِ إِلْزَامٌ بِالْحُجَّةِ كَالْفَاءَاتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ [الْحجر: 34] وَقَوْلِهِ قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: 79- 82]، وَقَوْلِهِ: فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: 84- 85] فَهَذِهِ خَمْسُ فَاءَاتٍ كُلُّ فَاءٍ مِنْهَا هِيَ تَفْرِيعٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْعَطْفِ بِالْوَاوِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [124] .

وَاسْتِعْمَالُ الذَّوْقِ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْإِحْسَاسِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [95] . وَمَفْعُولُ (ذُوقُوا) مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، أَيْ فَذُوقُوا مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِمَّا دَعَاكُمْ إِلَى أَنْ تَسْأَلُوا الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا.

وَالنِّسْيَانُ الْأَوَّلُ: الْإِهْمَالُ وَالْإِضَاعَةُ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَنَسِيَ فِي سُورَةِ طه [88] .

وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَيْ: بِسَبَبِ إِهْمَالِكُمُ الِاسْتِعْدَادَ لِهَذَا الْيَوْمِ. وَالنِّسْيَانُ فِي قَوْلِهِ نَسِيناكُمْ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحِرْمَانِ مِنَ الْكَرَامَةِ مَعَ الْمُشَاكَلَةِ.

وَاللِّقَاءُ: حَقِيقَتُهُ الْعُثُورِ عَلَى ذَاتٍ، فَمِنْهُ لِقَاءُ الرَّجُلِ غَيْرَهُ وَتَجِيءُ مِنْهُ الْمُلَاقَاةُ، وَمِنْهُ:

لِقَاءُ الْمَرْءِ ضَالَّةً أَوْ نَحْوَهَا. وَقَدْ جَاءَ مِنْهُ: شَيْءٌ لَقًى، أَيْ مَطْرُوحٌ. وَلِقَاءُ الْيَوْمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَجَازٌ فِي حُلُولِ الْيَوْمِ وَوُجُودِهِ عَلَى غَيْرِ تَرَقُّبٍ كَأَنَّهُ عُثِرَ عَلَيْهِ.

وَإِضَافَةُ (يَوْمٍ) إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ تَهَكُّمٌ بِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَهُ فَلَمَّا تَحَقَّقُوهُ جُعِلَ كَأَنَّهُ أَشَدُّ اخْتِصَاصًا بِهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِعَارَةِ التَّهَكُّمِيَّةِ لِأَنَّ الْيَوْمَ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الْقَوْمِ أَوِ الْجَمَاعَةِ إِذَا كَانَ يَوْمَ انْتِصَارٍ لَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ قَالَ السَّمَوْأَلُ:

وَأَيَّامُنَا مَشْهُورَةٌ فِي عَدُوِّنَا

لَهَا غُرَرٌ مَعْلُومَةٌ وَحُجُولُ

ص: 225

وَيَقُولُونَ: أَيَّامُ بَنِي فُلَانٍ عَلَى بَنِي فُلَانٍ، أَيْ أَيَّامُ انْتِصَارِهِمْ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيرَ الْإِضَافَةِ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ وَهِيَ تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ الْمُنْتَزَعَ مِنَ الْمِلْكِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:

وَأَيَّامٍ لَنَا غُرٍّ طِوَالٍ وَقَالَ تَعَالَى: ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ [النبأ: 39]، أَيْ: يَوْمُ نَصْرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي الْآخِرَةِ نَصْرًا مُؤَبَّدًا، أَيْ لَيْسَ كَأَيَّامِكُمْ فِي الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ أَيَّامُ نَصْرٍ زَائِلٍ.

وَالْإِشَارَةُ بِ هَذَا إِلَى الْيَوْمِ تَهْوِيلًا لَهُ.

وَجُمْلَةُ إِنَّا نَسِيناكُمْ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِأَنَّ الْمُجْرِمِينَ إِذَا سَمِعُوا مَا عَلِمُوا مِنْهُ أَنَّهُمْ مُلَاقُو الْعَذَابِ مِنْ قَوْلِهِ فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا تَطَلَّعُوا إِلَى مَعْرِفَةِ مَدَى هَذَا الْعَذَابِ الْمَذُوقِ وَهَلْ لَهُمْ مِنْهُ مَخْلَصٌ وَهَلْ يُجَابُونَ إِلَى مَا سَأَلُوا مِنَ الرَّجْعَةِ إِلَى الدُّنْيَا لِيَتَدَارَكُوا مَا فَاتَهُمْ مِنَ التَّصْدِيقِ، فَأُعْلِمُوا بِأَن الله مهمل شَأْنَهُمْ، أَيْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَرْكِهِمْ فِيمَا أُذِيقُوهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ طَهَ [126] قَوْلُهُ: قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى فَشُبِّهَ بِالنِّسْيَانِ إِظْهَارًا لِلْعَدْلِ فِي الْجَزَاءِ وَأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ الْمُجَازَى عَنْهُ. وَقَدْ حُقِّقَ هَذَا الْخَبَرُ بِمُؤَكِّدَاتٍ وَهِيَ حَرْفُ التَّوْكِيدِ. وَإِخْرَاجُ الْكَلَامِ فِي صِيغَةِ الْمَاضِي عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ مِنْ زَمَنِ الْحَالِ لِإِفَادَةِ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ حَتَّى كَأَنَّهُ مَضَى وَوَقَعَ.

وَقَوْلُهُ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ عَطْفٌ عَلَى فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ، وَهُوَ وَإِنْ أَفَادَ تَأْكِيدَ تَسْلِيطِ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ عَطْفَهُ مُرَاعًى فِيهِ مَا بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ مِنَ الْمُغَايَرَةِ بِالْمُتَعَلِّقَاتِ وَالْقُيُودِ مُغَايَرَةً اقْتَضَتْ أَنْ تُعْتَبَرَ الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ مُفِيدَةً فَائِدَةً أُخْرَى فَالْجُمْلَةُ الْأُولَى تَضَمَّنَتْ أَنَّ مِنْ سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِمْ تِلْكَ الْإِذَاقَةِ إِهْمَالَهُمُ التَّدَبُّرَ فِي حُلُولِ هَذَا الْيَوْمِ، وَالْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ تَضَمَّنَتْ أَنَّ ذَلِكَ الْعَذَابَ مُسْتَمِرٌّ وَأَنَّ سَبَبَ اسْتِمْرَارِ الْعَذَابِ وَعَدَمِ تَخْفِيفِهِ أَعْمَالُهُمُ الْخَاطِئَةُ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ نِسْيَانِهِمْ لِقَاءَ يومهم ذَلِك.

ص: 226