المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الروم (30) : الآيات 48 إلى 49] - التحرير والتنوير - جـ ٢١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 53 إِلَى 55]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 69]

- ‌30- سُورَة الرّوم

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 2 الى 5]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 14 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 31 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 44 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 48 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 52 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 60]

- ‌31- سُورَةُ لُقْمَانَ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 2 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 20 الى 21]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 31 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 34]

- ‌32- سُورَةُ السَّجْدَةِ

- ‌مِنْ أَغْرَاضِ هَذِهِ السُّورَةُ

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 15 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 18 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 28 إِلَى 30]

- ‌33- سُورَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 18 الى 19]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 28 الى 29]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 30]

الفصل: ‌[سورة الروم (30) : الآيات 48 إلى 49]

لَمَحْقُوقَهٌ أَنْ تَسْتَجِيبِي لِصَوْتِهِ فَإِنَّ وَعْدَ الصَّادِقِ حَقٌّ. قَالَ تَعَالَى: وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ [الْأَنْبِيَاء: 104] . وَقَدِ اخْتَصَرَ طَرِيقَ الْإِفْصَاحِ عَنْ هَذَا الْغَرَضِ أَعْنِي غَرَضِ الْوَعْدِ بِالنَّصْرِ وَالْوَعِيدِ لَهُ فَأُدْرِجَ تَحْتَ ذِكْرِ النَّصْرِ مَعْنَى الِانْتِصَارِ، وَأُدْرِجَ ذِكْرُ الْفَرِيقَيْنِ: فَرِيقُ الْمُصَدِّقِينَ الْمَوْعُودُ، وَفَرِيقُ الْمُكَذِّبِينَ الْمُتَوَعَّدُ، وَقَدْ أُخْلِيَ الْكَلَامُ أَوَّلًا عَنْ ذِكْرِهِمَا.

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ شُعْبَةَ رَاوِي عَاصِمٍ أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ على قَوْله قًّا

فَيكون فِي انَ

ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الِانْتِقَامِ، أَيْ وَكَانَ الِانْتِقَامُ مِنَ الْمُجْرِمِينَ حَقًّا، أَيْ: عَدْلًا، ثُمَّ يسْتَأْنف بقوله لَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ

وَكَأَنَّهُ أَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْ إِيهَامِ أَنْ يَكُونَ لِلْعِبَادِ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ

إِيجَابًا فِرَارًا مِنْ مَذْهَبِ الِاعْتِزَالِ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ كَمَا عَلِمْتَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةٍ: وَهُوَ وَقْفٌ ضَعِيفٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْكَوَاشِيُّ عَنْ أبي حَاتِم.

[48- 49]

[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 48 إِلَى 49]

اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)

جَاءَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى أُسْلُوبِ أَمْثَالِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْله هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ [الرّوم: 27]، وَجَاءَتِ الْمُنَاسَبَةُ هُنَا لِذِكْرِ الِاسْتِدْلَالِ بِإِرْسَالِ الرِّيَاحِ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ [الرّوم: 46] اسْتِدْلَالًا عَلَى التَّفَرُّدِ بِالتَّصَرُّفِ وَتَصْوِيرِ الصُّنْعِ الْحَكِيمِ الدَّالِّ عَلَى سَعَةِ الْعِلْمِ، ثُمَّ أَعْقَبَ بِالِاسْتِدْلَالِ بِإِرْسَالِ الرِّيَاحِ تَوَسُّلًا إِلَى ذِكْرِ إِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا الْمُسْتَدَلِّ بِهِ عَلَى الْبَعْثِ، فَقَدْ أَفَادَتْ صِيغَةُ الْحَصْرِ بِقَوْلِهِ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ أَنه هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي هَذَا الشَّأْنِ الْعَجِيبِ دُونَ غَيْرِهِ، وَكَفَى بِهَذَا إِبْطَالًا لِإِلَهِيَّةِ الْأَصْنَامِ، لِأَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ مِثْلَ هَذَا الصُّنْعِ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ التَّصَرُّفَات فِي شؤون نَفْعِ الْبَشَرِ.

وَالتَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ فِي: يُرْسِلُ، وفَتُثِيرُ، وفَيَبْسُطُهُ، ويَجْعَلُهُ

ص: 120

لِاسْتِحْضَارِ الصُّوَرِ الْعَجِيبَةِ فِي تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى كَأَنَّ السَّامِعَ يُشَاهِدُ تَكْوِينَهَا مَعَ الدَّلَالَةِ عَلَى تَجَدُّدِ ذَلِكَ.

وَجُمِعَ الرِّياحَ لِمَا شَاعَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ مِنْ إِطْلَاقِهَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ عَلَى رِيحِ الْبِشَارَةِ بِالْمَطَرِ لِأَنَّ الرِّيَاحَ الَّتِي تُثِيرُ السَّحَابَ هِيَ الرِّيَاحُ الْمُخْتَلِفَةُ جِهَاتُ هُبُوبِهَا بَيْنَ: جَنُوبٍ وَشَمَالٍ وَصَبًا وَدَبُورٍ، بِخِلَافِ اسْمِ الرِّيحِ الْمُفْرَدَةِ فَإِنَّهُ غَلَبَ فِي الِاسْتِعْمَالِ إِطْلَاقُهُ عَلَى رِيحِ الْقُوَّةِ وَالشِّدَّةِ لِأَنَّهَا تَتَّصِلُ وَارِدَةً مِنْ صَوْبٍ وَاحِدٍ فَلَا تَزَالُ تَشْتَدُّ.

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا هَبَّتِ الرِّيحُ قَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا لَا رِيحًا»

(1)

. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [164] .

وَالْإِثَارَةُ: تَحْرِيكُ الْقَارِّ تَحْرِيكًا يَضْطَرِبُ بِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ. وَإِثَارَةُ السَّحَابِ إِنْشَاؤُهُ بِمَا تُحْدِثُهُ الرِّيَاحُ فِي الْأَجْوَاءِ مِنْ رُطُوبَةٍ تَحْصُلُ مِنْ تَفَاعُلِ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ.

وَالْبَسْطُ: النَّشْرُ. وَالسَّمَاءُ: الْجَوُّ الْأَعْلَى وَهُوَ جَوُّ الْأَسْحِبَةِ.

وكَيْفَ هُنَا مُجَرَّدَةٌ عَنْ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ، وَمَوْقِعُهَا الْمَفْعُولِيَّةُ الْمُطلقَة من فَيَبْسُطُهُ لِأَنَّهَا نَائِبَةٌ عَنِ الْمَصْدَرِ، أَيْ: يَبْسُطُهُ بَسْطًا كَيْفِيَّتُهُ يَشَاؤُهَا اللَّهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [6] . وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا شَرْطٌ لَمْ يُصَادِفِ الصَّوَابَ.

وكِسَفاً بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ جَمْعُ كِسْفٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، وَيُقَالُ: كِسْفَةٌ بَهَاءِ تَأْنِيثِ وَهُوَ الْقِطْعَةُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [92] . وَتَقَدَّمَ الْكِسَفُ فِي قَوْلِهِ فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاء [187] . وَالْمعْنَى: أَنه يَبْسُطُ السَّحَابَ فِي السَّمَاءِ تَارَةً، أَيْ يَجْعَلُهُ مُمْتَدًّا عَامًّا فِي جَوِّ السَّمَاءِ وَهُوَ الْمُدَجَّنُ الَّذِي يُظْلِمُ بِهِ الْجَوُّ وَيُقَالُ الْمُغْلَقُ، وَيَجْعَلُهُ كِسَفَا أَيْ تَارَةً أُخْرَى كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْمُقَابَلَةُ، أَيْ: يَجْعَلُهُ غَمَامَاتٍ لِأَنَّ حَالَةَ جَعْلِهِ كِسَفًا غَيْرُ حَالَةِ بَسْطِهِ فِي

(1) عَن الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد ضَعِيف. [.....]

ص: 121

السَّمَاءِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الذِّكْرِ مُرَادًا مِنْهُ اخْتِلَافُ أَحْوَالِ السَّحَابِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا: أَنَّ اخْتِلَافَ الْحَالِ آيَةٌ عَلَى سَعَةِ الْقُدْرَةِ.

وَالْخِطَابُ فِي فَتَرَى الْوَدْقَ خِطَابٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ سَمَاعُ هَذَا وَتَتَأَتَّى مِنْهُ رُؤْيَةُ الْوَدْقِ. وَالْوَدْقُ: الْمَطَرُ. وَضَمِيرُ خِلالِهِ لِلسَّحَابِ بِحَالَتَيْهِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَهُمَا حَالَةُ بَسْطِهِ فِي السَّمَاءِ وَحَالَةُ جَعْلِهِ كِسَفًا فَإِنَّ الْمَطَرَ يَنْزِلُ مِنْ خِلَالِ السَّحَابِ الْمُغْلَقِ وَالْغَمَامَاتِ. وَالْخِلَالُ: جَمْعُ خَلَلٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْفُرْجَةُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي سُورَةِ النُّورِ [43] .

وَذِكْرُ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْعِبَادِ فِي وَقْتِ نُزُولِ الْمَطَرِ وَفِي وَقْتِ انْحِبَاسِهِ بَيْنَ اسْتِبْشَارٍ وَإِبْلَاسٍ إِدْمَاجٌ لِلتَّذْكِيرِ بِرَحْمَةِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ وَلِلِاعْتِبَارِ بِاخْتِلَافِ تَأَثُّرَاتِ نُفُوسِهِمْ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَفِي ذَلِكَ إِيمَاءٌ إِلَى عَظِيمِ تَصَرُّفِ اللَّهِ فِي خِلْقَةِ الْإِنْسَانِ إِذْ جَعَلَهُ قَابِلًا لِاخْتِلَافِ الِانْفِعَالِ مَعَ اتِّحَادِ الْعَقْلِ وَالْقَلْبِ كَمَا جَعَلَ السَّحَابَ مُخْتَلِفَ الِانْفِعَالِ مِنْ بَسْطٍ وَتَقْطُعٍ مَعَ اتِّحَادِ الْفِعْلِ وَهُوَ خُرُوجُ الْوَدْقِ مِنْ خِلَالِهِ.

وإِنْ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ كانُوا مُخَفِّفَةٌ مُهْمَلَةٌ عَنِ الْعَمَلِ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَمُبْلِسِينَ اللَّامُ الْفَارِقَةُ بَيْنَ إِنِ الْمُخَفَّفَةِ وَإِنِ الشَّرْطِيَّةِ.

وَالْإِبْلَاسُ: يَأْسٌ مَعَ انْكِسَارٍ. وَقَوْلُهُ مِنْ قَبْلِهِ تَكْرِيرٌ لِقَوْلِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ [الرّوم: 49] لِتَوْكِيدِ مَعْنَى قَبْلِيَّةِ نُزُولِ الْمَطَرِ وَتَقْرِيرِهِ فِي نُفُوسِ السَّامِعِينَ. قَالَ ابْنُ

عَطِيَّةَ: أَفَادَ التَّأْكِيدُ الْإِعْلَامَ بِسُرْعَةِ تَقَلُّبِ قُلُوبِ الْبَشَرِ مِنَ الْإِبْلَاسِ إِلَى الِاسْتِبْشَارِ اهـ. يَعْنِي أَنَّ إِعَادَةَ قَوْلِهِ مِنْ قَبْلِهِ زِيَادَةُ تَنْبِيهٍ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنْ قَبْلِ نُزُولِ الْمَطَرِ. وَقَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : «فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ عَهْدَهُمْ بِالْمَطَرِ قَدْ تَطَاوَلَ فَاسْتَحْكَمَ إِبْلَاسَهُمْ فَكَانَ الِاسْتِبْشَارُ عَلَى قَدْرِ اغْتِمَامِهِمْ» اهـ.

ص: 122