المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة لقمان (31) : آية 19] - التحرير والتنوير - جـ ٢١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 53 إِلَى 55]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 69]

- ‌30- سُورَة الرّوم

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 2 الى 5]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 14 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 31 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 44 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 48 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 52 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 60]

- ‌31- سُورَةُ لُقْمَانَ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 2 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 20 الى 21]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 31 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 34]

- ‌32- سُورَةُ السَّجْدَةِ

- ‌مِنْ أَغْرَاضِ هَذِهِ السُّورَةُ

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 15 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 18 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 28 إِلَى 30]

- ‌33- سُورَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 18 الى 19]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 28 الى 29]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 30]

الفصل: ‌[سورة لقمان (31) : آية 19]

وَمَوْقِعُ جُمْلَةِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ يَجُوزُ فِيهِ مَا مَضَى فِي جُمْلَةِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لُقْمَان: 13] وَجُمْلَةِ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [لُقْمَان: 16]، وَجُمْلَةِ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لُقْمَان: 17] .

[19]

[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 19]

وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)

بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ لَهُ آدَابَ حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ مَعَ النَّاسِ قَفَّاهَا بِحُسْنِ الْآدَابِ فِي حَالَتِهِ الْخَاصَّةِ، وَتِلْكَ حَالَتَا الْمَشْيِ وَالتَّكَلُّمِ، وَهَمَا أَظْهَرُ مَا يَلُوحُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ آدَابِهِ.

وَالْقَصْدُ: الْوَسَطُ الْعَدْلُ بَيْنَ طَرَفَيْنِ، فَالْقَصْدُ فِي الْمَشْيِ هُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ طَرَفِ التَّبَخْتُرِ وَطَرَفِ الدَّبِيبِ وَيُقَالُ: قَصَدَ فِي مَشْيِهِ. فَمَعْنَى اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ: ارْتَكِبِ الْقَصْدَ.

وَالْغَضُّ: نَقْصُ قُوَّةِ اسْتِعْمَالِ الشَّيْءِ. يُقَالُ: غَضَّ بَصَرَهُ، إِذَا خَفَضَ نَظَرَهُ فَلَمْ يُحَدِّقْ. وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ فِي سُورَةِ النُّورِ [30] .

فَغَضُّ الصَّوْتِ: جَعْلُهُ دُونَ الْجَهْرِ. وَجِيءَ بِ مِنْ الدَّالَّةِ عَلَى التَّبْعِيضِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ يَغُضُّ بَعْضَهُ، أَيْ بَعْضَ جَهْرِهِ، أَيْ يَنْقُصُ مِنْ جُهُوَرَتِهِ وَلَكِنَّهُ لَا يَبْلُغُ بِهِ إِلَى التَّخَافُتِ وَالسِّرَارِ.

وَجُمْلَةُ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ تَعْلِيلٌ عَلَّلَ بِهِ الْأَمْرَ بِالْغَضِّ مِنْ صَوْتِهِ بِاعْتِبَارِهَا مُتَضَمِّنَةً تَشْبِيهًا بَلِيغًا، أَيْ لِأَنَّ صَوْتَ الْحَمِيرِ أَنْكَرُ الْأَصْوَاتِ. وَرَفْعُ الصَّوْتِ فِي

الْكَلَامِ يُشْبِهُ نَهِيقَ الْحَمِيرِ فَلَهُ حَظٌّ مِنَ النَّكَارَةِ.

وأَنْكَرَ: اسْمُ تَفْضِيلٍ فِي كَوْنِ الصَّوْتِ مَنْكُورًا، فَهُوَ تَفْضِيلٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْفِعْلِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَجْهُولِ وَمِثْلُهُ سَمَاعِيٌّ وَغَيْرُ شَاذٍّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ:«أَشْغَلُ مِنْ ذَاتِ النَّحْيَيْنِ» أَيْ أَشَدُّ مَشْغُولِيَّةً مِنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أُرِيدَتْ فِي هَذَا الْمَثَلِ.

وَإِنَّمَا جَمَعَ الْحَمِيرِ فِي نَظْمِ الْقُرْآنِ مَعَ أَن صَوت مُفردا وَلَمْ يَقُلِ الْحِمَارَ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِلَامِ الْجِنْسِ يَسْتَوِي مُفْرَدُهُ وَجَمْعُهُ. وَلِذَلِكَ يُقَالُ: إِنَّ لَامَ الْجِنْسِ إِذَا دَخَلَتْ

ص: 168

عَلَى جَمْعٍ أَبْطَلَتْ مِنْهُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ. وَإِنَّمَا أُوثِرَ لَفْظُ الْجَمْعِ لِأَنَّ كَلِمَةَ الْحَمِيرِ أَسْعَدُ بِالْفَوَاصِلِ لِأَنَّ مِنْ مَحَاسِنِ الْفَوَاصِلِ وَالْأَسْجَاعِ أَنْ تَجْرِيَ عَلَى أَحْكَامِ الْقَوَافِي، وَالْقَافِيَةُ الْمُؤَسَّسَةُ بِالْوَاوِ أَوِ الْيَاءِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ مَعَهَا أَلِفُ تَأْسِيسٍ فَإِنَّ الْفَوَاصِلَ الْمُتَقَدِّمَةَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ [لُقْمَانَ: 12] هِيَ: حَمِيدٌ، عَظِيمٌ، الْمَصِيرُ، خَبِيرٌ، الْأُمُورِ، فَخُورٍ، الْحَمِيرِ. وَفَوَاصِلُ الْقُرْآنِ تَعْتَمِدُ كَثِيرًا عَلَى الْحَرَكَاتِ وَالْمُدُودِ وَالصِّيَغِ دُونَ تَمَاثُلِ الْحُرُوفِ وَبِذَلِكَ تُخَالِفُ قَوَافِيَ الْقَصَائِدِ. وَهَذَا وَفَاءٌ بِمَا وَعَدْتُ بِهِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ مِنْ ذِكْرِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ تَتَبُّعِي لِمَا أُثِرَ مِنْ حِكْمَةِ لُقْمَانَ غَيْرَ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْآلُوسِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» مِنْهَا ثَمَانِيًا وَعِشْرِينَ حِكْمَةً وَهِيَ:

قَوْلُهُ لِابْنِهِ: أَيْ بُنَيَّ، إِنِ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ، وَقَدْ غَرِقَ فِيهَا أُنَاسٌ كَثِيرٌ فَاجْعَلْ سَفِينَتَكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَحَشَوْهَا الْإِيمَانُ، وَشِرَاعَهَا التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَعَلَّكَ أَنْ تَنْجُوَ وَلَا أَرَاكَ نَاجِيًا.

وَقَوْلُهُ: مَنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظٌ كَانَ لَهُ مِنَ اللَّهِ عز وجل حَافِظٌ، وَمَنْ أَنْصَفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ زَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ عِزًّا، وَالذُّلُّ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَقْرَبُ مِنَ التَّعَزُّزِ بِالْمَعْصِيَةِ.

وَقَوْلُهُ: ضَرْبُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ كَالسَّمَادِ لِلزَّرْعِ.

وَقَوْلُهُ: يَا بُنَيَّ إيَّاكَ وَالدَّيْنَ فَإِنَّهُ ذُلُّ النَّهَارِ وَهَمُّ اللَّيْلِ.

وَقَوْلُهُ: يَا بُنَيَّ ارْجُ اللَّهَ عز وجل رَجَاء لَا يجرّئك عَلَى مَعْصِيَتِهِ تَعَالَى، وَخَفِ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَوْفًا لَا يُؤَيِّسُكَ مِنْ رَحْمَتِهِ تَعَالَى شَأْنُهُ.

وَقَوْلُهُ: مَنْ كَذَبَ ذَهَبَ مَاءُ وَجْهِهِ، وَمَنْ سَاءَ خُلُقُهُ كَثُرَ غَمُّهُ، وَنَقْلُ الصُّخُورِ مِنْ مَوَاضِعِهَا أَيْسَرُ مِنْ إِفْهَامِ مَنْ لَا يَفْهَمُ.

وَقَوْلُهُ: يَا بُنَيَّ حَمَلْتُ الْجَنْدَلَ وَالْحَدِيدَ وَكُلَّ شَيْءٍ ثَقِيلٍ فَلَمْ أَحْمِلْ شَيْئًا هُوَ أَثْقَلُ مِنْ جَارِ السُّوءِ، وَذُقْتُ الْمَرَارَ فَلَمْ أَذُقْ شَيْئًا هُوَ أَمَرُّ مِنَ الْفَقْرِ.

يَا بُنَيَّ لَا تُرْسِلْ رَسُولَكَ جَاهِلًا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ حَكِيمًا فَكُنْ رَسُولَ نَفْسِكَ.

ص: 169

يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّهُ شَهِيٌّ كَلَحْمِ الْعُصْفُورِ عَمَّا قَلِيلٍ يُغْلَى صَاحِبُهُ.

يَا بُنَيَّ، احْضُرِ الْجَنَائِزَ وَلَا تَحْضُرِ الْعُرْسَ فَإِنَّ الْجَنَائِزَ تُذَكِّرُكَ الْآخِرَةَ وَالْعُرْسَ يُشَهِّيكَ الدُّنْيَا.

يَا بُنَيَّ، لَا تَأْكُلْ شِبَعًا عَلَى شِبَعٍ فَإِنَّ إِلْقَاءَكَ إِيَّاهُ لِلْكَلْبِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَأْكُلَهُ.

يَا بُنَيَّ، لَا تَكُنْ حُلْوًا فَتُبْلَعْ وَلَا تَكُنْ مُرًّا فَتُلْفَظْ.

وَقَوْلُهُ لِابْنِهِ: لَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا الْأَتْقِيَاءُ، وَشَاوِرْ فِي أَمْرِكَ الْعُلَمَاءَ.

وَقَوْلُهُ: لَا خَيْرَ لَكَ فِي أَنْ تَتَعَلَّمَ مَا لَمْ تَعْلَمْ وَلَمَّا تَعْمَلْ بِمَا قَدْ عَلِمْتَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ احْتَطَبَ حَطَبًا فَحَمَلَ حُزْمَةً وَذَهَبَ يَحْمِلُهَا فَعَجَزَ عَنْهَا فَضَمَّ إِلَيْهَا أُخْرَى.

وَقَوْلُهُ: يَا بُنَيَّ، إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُوَاخِيَ رَجُلًا فَأَغْضِبْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ أَنْصَفَكَ عِنْدَ غَضَبِهِ وَإِلَّا فَاحْذَرْهُ.

وَقَوْلُهُ: لِتَكُنْ كَلِمَتُكَ طَيِّبَةً، وَلْيَكُنْ وَجْهُكَ بَسْطًا تَكُنْ أَحَبَّ إِلَى النَّاسِ مِمَّنْ يُعْطِيهِمُ الْعَطَاءَ.

وَقَوْلُهُ: يَا بُنَيَّ، أَنْزِلْ نَفْسَكَ مِنْ صَاحِبِكَ مَنْزِلَةَ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ بِكَ وَلَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ.

يَا بُنَيَّ، كُنْ كَمَنْ لَا يَبْتَغِي مَحْمَدَةَ النَّاسِ وَلَا يَكْسِبُ ذَمَّهُمْ فَنَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ.

وَقَوْلُهُ: يَا بُنَيَّ، امْتَنِعْ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ فِيكَ فَإِنَّكَ مَا سَكَتَّ سَالِمٌ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لَكَ مِنَ الْقَوْلِ مَا يَنْفَعُكَ.

وَأَنَا أُقَفِّي عَلَيْهَا مَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْآلُوسِيُّ. فَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي «الْمُوَطَّأِ» فِيمَا جَاءَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ مِنْ كِتَابِ «الْجَامِعِ» : مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ أَوْصَى ابْنَهُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، جَالِسِ الْعُلَمَاءَ وَزَاحِمْهُمْ بِرُكْبَتَيْكَ فَإِنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْقُلُوبَ بِنُورِ الْعِلْمِ كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ

بِوَابِلِ السَّمَاءِ.

ص: 170

وَفِيهِ فِيمَا جَاءَ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ من كتاب وَفِيه فِيمَا جَاءَ فِي الصدْق وَالْكذب مِنْ كِتَابِ «الْجَامِعِ» أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ قِيلَ لِلُقْمَانَ: مَا بَلَغَ بِكَ مَا نَرَى- يُرِيدُونَ الْفَضْلَ؟ فَقَالَ: صِدْقُ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ، وَتَرْكُ مَا لَا يَعْنِينِي.

وَفِي «جَامِعِ الْمُسْتَخْرَجَةِ» لِلْعُتْبِيِّ قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ لِيَكُنْ أَوَّلُ مَا تُفِيدُ مِنَ الدُّنْيَا بَعْدَ خَلِيلٍ صَالِحٍ امْرَأَةً صَالِحَةً. وَفِي «أَحْكَامِ الْقُرْآنِ» لِابْنِ الْعَرَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ:

أَنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِنَّ النَّاسَ قَدْ تَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ مَا يُوعَدُونَ وَهُمْ إِلَى الْآخِرَةِ سِرَاعًا يَذْهَبُونَ، وَإِنَّكَ قَدِ اسْتَدْبَرْتَ الدُّنْيَا مُنْذُ كُنْتَ وَاسْتَقْبَلْتَ الْآخِرَةَ، وَإِنَّ دَارًا تَسِيرُ إِلَيْهَا أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ دَارٍ تَخْرُجُ عَنْهَا. وَقَالَ: لَيْسَ غِنًي كَصِحَّةٍ، وَلَا نِعْمَةٌ كَطِيبِ نَفْسٍ. وَقَالَ: يَا بُنَيَّ لَا تُجَالِسِ الْفُجَّارَ وَلَا تُمَاشِهِمْ اتَّقِ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ عَذَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فَيُصِيبَكَ مَعَهُمْ، وَقَالَ: يَا بُنَيَّ، جَالِسِ الْعُلَمَاءِ وَمَاشِهِمْ عَسَى أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْهِمْ رَحْمَةٌ فَتُصِيبَكَ مَعَهُمْ. وَفِي «الْكَشَّافِ» : أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ: إِنْ كُنْتَ تَرَانِي غَلِيظَ الشَّفَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا كَلَامٌ رَقِيقٌ، وَإِنْ كُنْتَ تَرَانِي أَسْوَدَ فَقَلْبِي أَبْيَضُ. وَأَنَّ مَوْلَاهُ أَمَرَهُ بِذَبْحِ شَاةٍ وَأَنْ يَأْتِيَهُ بِأَطْيَبِ مُضْغَتَيْنِ فَأَتَاهُ بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِذَبْحِ أُخْرَى وَأَنْ أَلْقِ مِنْهَا أَخْبَثَ مُضْغَتَيْنِ، فَأَلْقَى اللِّسَانَ وَالْقَلْبَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: هُمَا أَطْيَبُ مَا فِيهَا إِذَا طَابَا وَأَخْبَثُ مَا فِيهَا إِذَا خَبُثَا.

وَدَخَلَ عَلَى دَاوُدَ وَهُوَ يَسْرُدُ الدُّرُوعَ فَأَرَادَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَمَّاذَا يَصْنَعُ، فَأَدْرَكَتْهُ الْحِكْمَةُ فَسَكَتَ، فَلَمَّا أَتَمَّهَا دَاوُدُ لَبِسَهَا وَقَالَ: نِعْمَ لَبُوسُ الْحَرْبِ أَنْتِ. فَقَالَ لُقْمَانُ: الصَّمْتُ حِكْمَةٌ وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ. وَفِي «تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّة» : قيل لُقْمَان: أَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ فَقَالَ: الَّذِي لَا يُبَالِي أَنْ يَرَاهُ النَّاسُ سَيِّئًا أَوْ مُسِيئًا.

وَفِي «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» : كَانَ لُقْمَانُ يُفْتِي قَبْلَ مَبْعَثِ دَاوُدَ فَلَمَّا بُعِثَ دَاوُدُ قَطَعَ الْفَتْوَى.

فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: أَلَا أَكْتَفِي إِذَا كُفِيتُ. وَفِيهِ: إِنَّ الْحَاكِمَ بِأَشَدِّ الْمَنَازِلِ وَكَدَرِهَا يَغْشَاهُ الْمَظْلُومُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ إِنْ يُصِبْ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْجُوَ وَإِنْ أَخْطَأَ أَخْطَأَ

ص: 171

طَرِيقَ الْجَنَّةِ. وَمَنْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا ذَلِيلًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَرِيفًا. وَمَنْ يَخْتَرِ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ تَفُتْهُ الدُّنْيَا وَلَا يُصِبِ الْآخِرَةَ. وَفِي «تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ» : أَنَّ دَاوُدَ سَأَلَ لُقْمَانُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَقَالَ:

أَصْبَحْتُ فِي يَدِي غَيْرِي. وَفِي «دُرَّةِ التَّنْزِيلِ» الْمَنْسُوبِ لِفَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيِّ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: إِنَّ اللَّهَ رَضِيَنِي لَكَ فَلَمْ يُوصِنِي بِكَ وَلَمْ يَرْضَكَ لِي فَأَوْصَاكَ بِي. وَفِي «الشِّفَاءِ» لِعِيَاضٍ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: إِذَا امْتَلَأَتِ الْمَعِدَةُ نَامَتِ الْفِكْرَةُ وَخَرِسَتِ الْحِكْمَةُ وَقَعَدَتِ الْأَعْضَاءُ عَنِ الْعِبَادَةِ.

وَفِي كِتَابِ «آدَابِ النِّكَاحِ» لِقَاسِمِ بْنِ يَأْمُونَ التَّلِيدِيِّ الْأَخْمَاسِيِّ (1) : أَنَّ مِنْ وَصِيَّةِ لُقْمَانَ: يَا بُنَيَّ إِنَّمَا مَثَلُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ كَمَثَلِ الدُّهْنِ فِي الرَّأْسِ يُلِينُ الْعُرُوقَ وَيُحَسِّنُ الشَّعْرَ، وَمَثَلُهَا كَمَثَلِ التَّاجِ عَلَى رَأْسِ الْمَلِكِ، وَمَثَلُهَا كَمَثَلِ اللُّؤْلُؤِ وَالْجَوْهَرِ لَا يَدْرِي أَحَدٌ مَا قِيمَتُهُ. وَمَثَلُ الْمَرْأَةِ السُّوءِ كَمَثَلِ السَّيْلِ لَا يَنْتَهِي حَتَّى يَبْلُغَ مُنْتَهَاهُ: إِذَا تَكَلَّمَتْ أَسْمَعَتْ، وَإِذَا مَشَتْ أَسْرَعَتْ، وَإِذَا قَعَدَتْ رَفَعَتْ، وَإِذَا غَضِبَتْ أَسْمَعَتْ. وَكُلُّ دَاءٍ يَبْرَأُ إِلَّا دَاءَ امْرَأَةِ السُّوءِ.

يَا بُنَيَّ، لَأَنْ تُسَاكِنَ الْأَسَدَ وَالْأُسُودَ (2) خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُسَاكِنَهَا: تَبْكِي وَهِيَ الظَّالِمَةُ، وَتَحْكُمُ وَهِيَ الْجَائِرَةُ، وَتَنْطِقُ وَهِيَ الْجَاهِلَةُ وَهِيَ أَفْعَى بِلَدْغِهَا.

وَفِي «مَجْمَعِ الْبَيَانِ» لِلطَّبَرَسِيِّ: يَا بُنَيَّ، سَافِرْ بِسَيْفِكَ وَخُفِّكَ وَعِمَامَتِكَ وَخِبَائِكَ وَسِقَائِكَ وَخُيُوطِكَ وَمِخْرَزِكَ، وَتَزَوَّدْ مَعَكَ مِنَ الْأَدْوِيَةِ مَا تَنْتَفِعُ بِهِ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ، وَكُنْ لِأَصْحَابِكَ مُوَافِقًا إِلَّا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عز وجل. يَا بُنَيَّ، إِذَا سَافَرْتَ مَعَ قَوْمٍ فَأَكْثِرِ اسْتِشَارَتَهُمْ فِي أَمْرِكَ وَأُمُورِهِمْ، وَأَكْثِرِ التَّبَسُّمَ فِي وُجُوهِهِمْ، وَكُنْ كَرِيمًا عَلَى زَادِكَ بَيْنَهُمْ، فَإِذَا دَعَوْكَ فَأَجِبْهُمْ، وَإِذَا اسْتَعَانُوا بِكَ فَأَعْنِهِمْ، وَاسْتَعْمِلْ طُولَ الصَّمْتِ

(1) بالمكتبة الأحمدية عدد 2128 وطبع فِي فاس سنة 1317.

(2)

يُرِيد ذكر الحيّات.

ص: 172