المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة لقمان (31) : الآيات 6 إلى 7] - التحرير والتنوير - جـ ٢١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 53 إِلَى 55]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 69]

- ‌30- سُورَة الرّوم

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 2 الى 5]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 14 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 31 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 44 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 48 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 52 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 60]

- ‌31- سُورَةُ لُقْمَانَ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 2 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 20 الى 21]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 31 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة لُقْمَان (31) : آيَة 34]

- ‌32- سُورَةُ السَّجْدَةِ

- ‌مِنْ أَغْرَاضِ هَذِهِ السُّورَةُ

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 15 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 18 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة السجده (32) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة السجده (32) : الْآيَات 28 إِلَى 30]

- ‌33- سُورَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 18 الى 19]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 28 الى 29]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 30]

الفصل: ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 6 إلى 7]

أُضِيفَ إِلَيْهِ مَا هُوَ اسْمُ جُزْئِهِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ آيَاتُ. وَالْعَامِلُ فِي الْحَالِ مَا فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَحْدَهُ بِرَفْعِ رَحْمَةٌ عَلَى جَعْلِ هُدىً خَبَرًا ثَانِيًا عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ.

وَمَعْنَى الْمُحْسِنِينَ: الْفَاعِلُونَ لِلْحَسَنَاتِ، وَأَعْلَاهَا الْإِيمَانُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَلِذَلِكَ خُصِّتْ هَذِهِ الثَّلَاثُ بِالذِّكْرِ بَعْدَ إِطْلَاقِ الْمُحْسِنِينَ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ، وَإِنْ كَانَ الْمُحْسِنُونَ يَأْتُونَ بِهَا وَبِغَيْرِهَا.

وَزِيَادَةُ وَصْفِ الْكِتَابِ بِ رَحْمَةً بَعْدَ هُدىً لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصِدُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ قِصَّةَ لُقْمَانَ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْقِصَّةِ رَحْمَةٌ لِمَا تَتَضَمَّنُهُ مِنَ الْآدَابِ وَالْحِكْمَةِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى الْهُدَى أَنَّهُ تَخَلَّقَ بِالْحِكْمَةِ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، وَالْخَيْرُ الْكَثِيرُ: رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

والزَّكاةَ هُنَا الصَّدَقَةُ وَكَانَتْ مَوْكُولَةً إِلَى هِمَمِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ مَضْبُوطَةٍ بِوَقْتٍ وَلَا بِمِقْدَارٍ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ إِلَى هُمُ الْمُفْلِحُونَ فِي أَوَّلِ سُورَة الْبَقَرَة [4- 5] .

[6- 7]

[سُورَة لُقْمَان (31) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (7)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ [لُقْمَان: 2] . وَالْمَعْنَى: أَنَّ حَالَ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُحْسِنِينَ، وَأَنَّ مِنَ النَّاسِ مُعْرِضِينَ عَنْهُ يُؤْثِرُونَ لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِي يَهْدِي إِلَيْهِ الْكِتَابُ. وَهَذَا مِنْ مُقَابَلَةِ الثَّنَاءِ عَلَى آيَاتِ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ بِضِدِّ ذَلِكَ فِي ذَمِّ مَا يَأْتِي بِهِ بَعْضُ النَّاسِ، وَهَذَا تَخَلُّصٌ مِنَ الْمُقَدِّمَةِ إِلَى مَدْخَلٍ لِلْمَقْصُودِ وَهُوَ تَفْظِيعُ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَمُشَايِعُوهُ مِنَ اللَّهْوِ بِأَخْبَارِ الْمُلُوكِ الَّتِي لَا تُكْسِبُ صَاحِبَهَا كَمَالًا وَلَا حِكْمَةً.

ص: 141

وَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ فِي قَوْلِهِ مِنَ النَّاسِ لِلتَّشْوِيقِ إِلَى تَلَقِّي خَبَرِهِ الْعَجِيبِ. وَالِاشْتِرَاءُ كِنَايَةٌ عَنِ الْعِنَايَةِ بِالشَّيْءِ وَالِاغْتِبَاطِ بِهِ وَلَيْسَ هُنَا اسْتِعَارَةً بِخِلَافِ قَوْلِهِ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [16] فَالِاشْتِرَاءُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي صَرِيحِهِ وَكِنَايَتِهِ: فَالصَّرِيحُ تَشْوِيهٌ لِاقْتِنَاءِ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ قِصَصَ رُسْتَمَ وَإِسْفِنْدِيَارَ وَبَهْرَامَ، وَالْكِنَايَةُ تَقْبِيحٌ لِلَّذِينَ الْتَفُّوا حَوْلَهُ وَتَلَقَّوْا أَخْبَارَهُ، أَيْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْغَلُهُ لَهْوُ الْحَدِيثِ وَالْوَلَعُ بِهِ عَنِ الِاهْتِدَاءِ بِآيَاتِ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ.

وَاللَّهْوُ: مَا يُقْصَدُ مِنْهُ تَشْغِيلُ الْبَالِ وَتَقْصِيرُ طُولِ وَقْتِ الْبِطَالَةِ دُونَ نَفْعٍ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَتْ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ اللَّهْوَ بَلْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ. ولَهْوَ الْحَدِيثِ مَا كَانَ مِنَ الْحَدِيثِ مُرَادًا لِلَّهْوِ فَإِضَافَةُ لَهْوَ إِلَى الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَى مِنَ التَّبْعِيضِيَّةِ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ النُّحَاةِ، وَبَعْضُهُمْ لَا يُثْبِتُ الْإِضَافَةَ عَلَى مَعْنَى مِنَ التَّبْعِيضِيَّةِ فَيَرُدُّهَا إِلَى مَعْنَى اللَّامِ.

وَتَقَدَّمَ اللَّهْوُ فِي قَوْلِهِ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [32] .

وَالْأَصَحُّ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ فِي تِجَارَةٍ إِلَى بِلَادِ فَارِسَ فَيَتَلَقَّى أَكَاذِيبَ الْأَخْبَارِ عَنْ أَبْطَالِهِمْ فِي الْحُرُوبِ الْمَمْلُوءَةِ أُكْذُوبَاتٍ فَيَقُصُّهَا عَلَى قُرَيْشٍ فِي أَسْمَارِهِمْ وَيَقُولُ: إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ يُحَدِّثُكُمْ بِأَحَادِيثِ عَادٍ وَثَمُودَ فَأَنَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَحَادِيثِ رُسْتَمَ وَإِسْفِنْدِيَارَ وَبَهْرَامَ. وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ قَالَ: إِنَّ النَّضْرَ كَانَ يَشْتَرِي مِنْ بِلَادِ فَارِسَ كُتُبَ أَخْبَارِ مُلُوكِهِمْ فَيُحَدِّثُ بِهَا قُرَيْشًا، أَيْ بِوَاسِطَةِ مَنْ يُتَرْجِمُهَا لَهُمْ. وَيَشْمَلُ لَفْظُ النَّاسِ أَهْلَ سَامِرِهِ الَّذِينَ يُنْصِتُونَ لِمَا يَقُصُّهُ عَلَيْهِمْ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى إِثْرَهُ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.

وَقِيلَ الْمُرَادُ بِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ مَنْ يَقْتَنِي الْقَيْنَاتِ الْمُغَنِّيَاتِ.

رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ: «لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَاتِ وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ»

، فِي مِثْلِ ذَلِكَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلَى آخَرِ الْآيَةِ. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا

ص: 142

يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يَضْعُفُ فِي الْحَدِيثِ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا- يَعْنِي الْبُخَارِيَّ- يَقُولُ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يَضْعُفُ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي «الْعَارِضَةِ» : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ. الثَّانِي أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قِيلَ هُوَ ابْنُ خَطَلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً مُغَنِّيَةً فَشُغِلَ النَّاسُ بِهَا عَنِ اسْتِمَاعِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم اهـ. وَأَلْفَاظُ الْآيَةِ أَنْسَبُ انْطِبَاقًا عَلَى قِصَّةِ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ.

وَمَعْنَى لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيُلْهِيَ قُرَيْشًا عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ سَبِيلٌ مُوَصِّلٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ إِلَى الدِّينِ الَّذِي أَرَادَهُ، فَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ مُجَرَّدَ اللَّهْوِ بَلْ تَجَاوَزَهُ إِلَى الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَهَذَا زِيَادَةٌ فِي تَفْظِيعِ عَمَلِهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُور لِيُضِلَّ بِضَمِّ الْيَاءِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِفَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ لِيَزْدَادَ ضَلَالًا عَلَى ضَلَالَةٍ إِذْ لَمْ يَكْتَفِ لِنَفْسِهِ بِالْكُفْرِ حَتَّى أَخَذَ يَبُثُّ ضَلَالَهُ لِلنَّاسِ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ مَآلُ الْقِرَاءَتَيْنِ مُتَّحِدَ الْمَعْنَى.

وَيَتَعَلَّقُ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِفِعْلِ يَشْتَرِي وَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِأَنَّ أَصْلَ تَعَلُّقِ الْمَجْرُورَاتِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمُتَعَلِّقِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، فَالْمَعْنَى: يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، أَيْ عَنْ غَيْرِ بَصِيرَةٍ فِي صَالِحِ نَفْسِهِ حَيْثُ يَسْتَبْدِلُ الْبَاطِلَ بِالْحَقِّ.

وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي يَتَّخِذَها عَائِدٌ إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّ السَّبِيلَ تُؤَنَّثُ. وَقَرأَ الْجُمْهُورُ وَيَتَّخِذَها بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى يَشْتَرِي، أَيْ يَشْغَلُ النَّاسَ بِلَهْوِ الْحَدِيثِ لِيَصْرِفَهُمْ عَنِ الْقُرْآنِ وَيَتَّخِذُ سَبِيلَ الله هزؤا. وقرأه حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ وَخَلَفٍ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى لِيُضِلَّ، أَيْ يُلْهِيهِمْ بِلَهْوِ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّهُمْ وَلِيَتَّخِذَ دِينَ الْإِسْلَامِ هُزْءًا. وَمَآلُ الْمَعْنَى مُتَّحِدٌ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ لِأَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ وَمِنْ غَرَضِهِ. وَأَمَّا الْإِضْلَالُ فَقَدْ رُجِّحَ فِيهِ جَانِبُ التَّعْلِيلِ لِأَنَّهُ الْعِلَّةُ الْبَاعِثَةُ لَهُ عَلَى مَا يَفْعَلُ.

ص: 143

وَالْهُزْؤُ: مَصْدَرُ هَزَأَ بِهِ إِذَا سَخِرَ بِهِ كَقَوْلِه وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً [الْبَقَرَة: 231] وَلَمَّا كَانَ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ صَادِقًا عَلَى النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ وَالَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ إِلَى قِصَصِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ جِيءَ فِي وَعِيدِهِمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.

واختبر اسْمُ الْإِشَارَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا يَرِدُ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنَ الْخَبَرِ إِنَّمَا اسْتَحَقَّهُ

لِأَجْلِ مَا سَبَقَ اسْمَ الْإِشَارَةِ مِنَ الْوَصْفِ.

وَجُمْلَةُ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ جُمْلَةِ مَنْ يَشْتَرِي وَجُمْلَةِ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا فَهَذَا عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ يَشْتَرِي إِلَخْ. وَالتَّقْدِيرُ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي إِلَخْ وإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً فَالْمَوْصُولُ وَاحِدٌ وَلَهُ صِلَتَانِ: اشْتِرَاءُ لَهْوِ الْحَدِيثِ للضلال، والاستكبار عِنْد مَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُ الْقُرْآنِ.

وَدَلَّ قَوْلُهُ تُتْلى عَلَيْهِ أَنَّهُ يُوَاجَهُ بِتَبْلِيغِ الْقُرْآنِ وَإِسْمَاعِهِ. وَقَوْلُهُ وَلَّى تَمْثِيلٌ لِلْإِعْرَاضِ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى [النازعات: 22] .

ومُسْتَكْبِراً حَالٌ، أَيْ هُوَ إِعْرَاضُ اسْتِكْبَارٍ لَا إِعْرَاضُ تَفْرِيطٍ فِي الْخَيْرِ فَحَسْبُ.

وَشُبِّهَ فِي ذَلِكَ بِالَّذِي لَا يَسْمَعُ الْآيَاتِ الَّتِي تُتْلَى عَلَيْهِ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ هُوَ عَدَمُ التَّأَثُّرِ وَلَوْ تَأَثُّرًا يَعْقُبُهُ إِعْرَاضٌ كَتَأَثُّرِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وكَأَنْ مُخَفَّفَةٌ مِنْ (كَأَنَّ) وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ مُسْتَكْبِراً. وَكَرَّرَ التَّشْبِيهَ لِتَقْوِيَتِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الْكَيْفِيَّةِ فِي أَنَّ عَدَمَ السَّمْعِ مَرَّةً مَعَ تَمَكُّنِ آلَةِ السَّمْعَ وَمَرَّةً مَعَ انْعِدَامِ قُوَّةِ آلَتِهِ فَشُبِّهَ ثَانِيًا بِمَنْ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرٌ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ مَعْنَى كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها. وَمِثْلُ هَذَا التَّشْبِيهِ الثَّانِي قَوْلُ لَبِيَدٍ:

فَتَنَازَعَا سَبِطًا يَطِيرُ ظِلَالُهُ

كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يَشِبُّ ضِرَامُهَا

مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابِتِ عَرْفَجٍ

كَدُخَانِ نَارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُهَا

وَالْوَقْرُ: أَصْلُهُ الثِّقَلُ، وَشَاعَ فِي الصَّمَمِ مَجَازًا مَشْهُورًا سَاوَى الْحَقِيقَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ

ص: 144