الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ تَطَرَّقَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى تَجْهِيلِ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّهُمْ لَا تَغُوصُ أَفْهَامُهُمْ فِي الِاعْتِبَارِ بِالْأَحْدَاثِ وَلَا فِي أَسْبَابِ نُهُوضِ وَانْحِدَارِ الْأُمَمِ مِنَ الْجَانِبِ الرَّبَّانِيِّ، وَمِنْ ذَلِكَ إِهْمَالُهُمِ النَّظَرَ فِي الْحَيَاةِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَتَّعِظُوا بِهَلَاكِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ الْمُمَاثِلَةِ لَهُمْ فِي الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ، وَانْتَقَلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى ذِكْرِ الْبَعْثِ. وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ وَلِوَحْدَانِيَّتِهِ تَعَالَى بِدَلَائِلَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فِي
تَكْوِينِ نِظَامِ الْعَالَمِ وَنِظَامِ حَيَاةِ الْإِنْسَانِ. ثُمَّ حَضَّ النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهَذَا الدِّينِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. وَنَظَّرَ بَيْنَ الْفَضَائِلِ الَّتِي يَدْعُو إِلَيْهَا الْإِسْلَامُ وَبَيْنَ حَالِ الْمُشْرِكِينَ وَرَذَائِلِهِمْ، وَضَرَبَ أَمْثَالًا لِإِحْيَاءِ مُخْتَلَفِ الْأَمْوَاتِ بَعْدَ زَوَالِ الْحَيَاةِ عَنْهَا وَلِإِحْيَاءِ الْأُمَمِ بَعْدَ يَأْسِ النَّاسِ مِنْهَا، وَأَمْثَالًا لِحُدُوثِ الْقُوَّةِ بَعْدَ الضَّعْفِ وَبِعَكْسِ ذَلِكَ. وَخَتَمَ ذَلِكَ بِالْعَوْدِ إِلَى إِثْبَاتِ الْبَعْثِ ثُمَّ بِتَثْبِيتِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم وَوَعْدِهِ بِالنَّصْرِ.
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ دِينٌ فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهِ وَأَنَّ مَنِ ابْتَغَى غَيْرَهُ دِينًا فَقَدْ حَاوَلَ تَبْدِيلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ وَأَنَّى لَهُ ذَلِك.
[1]
[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 1]
بسم الله الرحمن الرحيم
الم (1)
تَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى نَظِيرِهِ فِي سُوَرٍ كَثِيرَةٍ وَخَاصَّةً فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ، وَأَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ إِحْدَى ثَلَاثِ سُوَرٍ مِمَّا افْتُتِحَ بِحُرُوفِ التَّهَجِّي الْمُقَطَّعَةِ غَيْرِ مُعَقَّبَةٍ بِمَا يُشِيرُ إِلَى الْقُرْآنِ، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ مَرْيَمَ.
[2- 5]
[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 2 الى 5]
غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)
غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ.
قَوْلُهُ غُلِبَتِ الرُّومُ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمِ فَائِدَتِهِ عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ، أَيْ نَحْنُ نَعْلَمُ بِأَنَّ الرُّومَ غُلِبَتْ، فَلَا يَهِنْكُمْ ذَلِكَ وَلَا تَطَاوَلُوا بِهِ عَلَى رَسُولِنَا وَأَوْلِيَائِنَا فَإِنَّا