الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 15]
وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلاً (15)
هَؤُلَاءِ هُمْ بَنُو حَارِثَةَ وَبَنُو سَلَمَةَ وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ [الْأَحْزَاب: 13] وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم أَيْ كَانُوا يَوْمَ أُحُدٍ جَبُنُوا ثُمَّ تَابُوا وَعَاهَدُوا النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ فِي غَزْوَةٍ بَعْدَهَا، وَهُمُ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما [آل عمرَان: 122] فَطَرَأَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ نِفَاقٌ وَضَعْفٌ فِي الْإِيمَانِ فَذَكَّرَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ وَأَرَاهُمْ أَنَّ مِنْهُمْ فَرِيقًا قُلَّبًا لَا يَرْعَى عَهْدًا وَلَا يَسْتَقِرُّ لَهُمُ اعْتِقَادٌ وَأَنَّ ذَلِكَ لِضَعْفِ يَقِينِهِمْ وَغَلَبَةِ الْجُبْنِ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَدْعُوَهُمْ إِلَى نَبْذِ عَهْدِ اللَّهِ. وَهَذَا تَنْبِيهٌ لِلْقَبِيلَيْنِ لِيَزْجُرُوا مَنْ نَكَثَ مِنْهُمْ. وَتَأْكِيدُ هَذَا الْخَبَرِ بِلَامِ الْقَسَمِ وَحَرْفِ التَّحْقِيقِ وَفِعْلِ كَانَ، مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ مُوَجَّهٌ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ تَنْزِيلًا لِلسَّامِعِينَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَتَرَدَّدُ فِي أَنَّهُمْ عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَى الثَّبَاتِ.
وَزِيَادَةُ مِنْ قَبْلُ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الْعَهْدَ قَدِيمٌ مُسْتَقِرٌّ وَهُوَ عَهْدُ يَوْمِ أُحُدٍ.
وَجُمْلَةُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ عاهَدُوا.
وَالتَّوْلِيَةُ: التَّوَجُّهُ بِالشَّيْءِ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْوَلْيِ وَهُوَ الْقُرْبُ، قَالَ تَعَالَى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [الْبَقَرَة: 144] .
والْأَدْبارَ: الظُّهُورُ. وَتَوْلِيَةُ الْأَدْبَارِ: كِنَايَةٌ عَنِ الْفِرَارِ فَإِنَّ الَّذِي اسْتَأْذَنُوا لِأَجْلِهِ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ أَرَادُوا مِنْهُ الْفِرَارَ أَلَا تَرَى قَوْلَهُ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً [الْأَحْزَاب: 13] ، وَالْفِرَارُ مِمَّا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَى تَرْكِهِ.
وَجُمْلَةُ وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا إِلَخْ
…
وَالْمُرَادُ بِعَهْدِ اللَّهِ: كُلُّ عَهْدٍ يُوَثِّقُهُ الْإِنْسَانُ مَعَ رَبِّهِ.
وَالْمَسْئُولُ: كِنَايَةٌ عَنِ الْمُحَاسَبِ عَلَيْهِ
كَقَوْلِ النبيء صلى الله عليه وسلم: «وكلكم مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ» ،
وَكَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْد قَوْله تَعَالَى: لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ [الْأَحْزَاب: 8] وَهَذَا تهديد.