الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَامَتِ السُّورَةُ عَلَى تَقْرِيرِ أُمَّهَاتِ أُصُولِ الدِّينِ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ وَأَتَمِّهِ مِنْ إِثْبَات الرسَالَة، وَالْوَحي، وَمُعْجِزَةِ الْقُرْآنِ، وَمَا يُعْتَبَرُ فِي صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِثْبَاتِ الْقَدَرِ، وَعِلْمِ اللَّهِ، وَالْحَشْرِ، وَالتَّوْحِيدِ، وَشُكْرِ الْمُنْعِمِ، وَهَذِهِ أُصُولُ الطَّاعَةِ بِالِاعْتِقَادِ وَالْعَمَلِ، وَمِنْهَا تَتَفَرَّعُ الشَّرِيعَةُ. وَإِثْبَاتُ الْجَزَاءِ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مَعَ إِدْمَاجِ الْأَدِلَّةِ مِنَ الْآفَاقِ وَالْأَنْفُسِ بِتَفَنُّنٍ عَجِيبٍ، فَكَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ جَدِيرَةً بِأَنْ تُسَمَّى «قَلْبَ الْقُرْآنِ» لِأَنَّ مِنْ تَقَاسِيمِهَا تَتَشَعَّبُ شَرَايِينُ الْقُرْآنِ كُلِّهِ، وَإِلَى وَتِينِهَا يَنْصَبُّ مَجْرَاهَا.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: إِنَّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ صِحَّتُهُ بِاعْتِرَافٍ بِالْحَشْرِ، وَالْحَشْرُ مُقَرَّرٌ فِي هَذِهِ
السُّورَةِ بِأَبْلَغِ وَجْهٍ، كَمَا سُمِّيَتِ الْفَاتِحَةُ أُمَّ الْقُرْآنِ إِذْ كَانَتْ جَامِعَةً لِأُصُولُ التدبر فِي أفانينه كَمَا تَكُونُ أُمُّ الرَّأْسِ مَلَاكَ التَّدَبُّرِ فِي أُمُور الْجَسَد.
[1]
[سُورَة يس (36) : آيَة 1]
بسم الله الرحمن الرحيم
يس (1)
الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الْوَاقِعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّورِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ: يَا إِنْسَانُ، بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ. وَعَنْهُ أَنَّهَا كَذَلِكَ بِلُغَةِ طَيِّءٍ، وَلَا أَحْسَبُ هَذَا يَصِحُّ عَنْهُ لِأَنَّ كِتَابَتَهَا فِي الْمَصَاحِفِ عَلَى حَرْفَيْنِ تُنَافِي ذَلِكَ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ يس مِنْ أَسْمَاءِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم. وَبَنَى عَلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بْنِ بِكْرٍ الْحِمْيَرِيُّ شَاعِرُ الرَّافِضَةِ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ بِالسَّيِّدِ الْحِمْيَرِيِّ قَوْلَهُ:
يَا نَفْسُ لَا تَمْحَضِي بِالْوِدِّ جَاهِدَةً
…
عَلَى الْمَوَدَّةِ إِلَّا آلَ يَاسِينَا
وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ [130] سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ فَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ يَعْنِي آلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: إِنَّ يس اخْتِزَالُ: يَا سَيِّدُ، خِطَابًا لِلنَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم وَيُوهِنُهُ نُطْقُ الْقُرَّآءِ بِهَا بِنُونٍ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُسَمِّي ابْنَهُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ وَمِنْهُمُ الشَّيْخُ يس بن زين الدِّينِ الْعُلَيْمِيُّ الْحِمْصِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 1061 صَاحِبُ