المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة سبإ (34) : آية 24] - التحرير والتنوير - جـ ٢٢

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 45 الى 46]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 60 إِلَى 61]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 64 إِلَى 65]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 66]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 67 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 69]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 70 إِلَى 71]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 72]

- ‌[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 73]

- ‌34- سُورَةُ سَبَأٍ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : الْآيَات 29 إِلَى 30]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : الْآيَات 40 إِلَى 41]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : الْآيَات 51 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة سبإ (34) : آيَة 54]

- ‌35- سُورَةُ فَاطِرٍ

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : الْآيَات 13 الى 14]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : الْآيَات 19 الى 23]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : الْآيَات 29 إِلَى 30]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : الْآيَات 42 الى 43]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة فاطر (35) : آيَة 45]

- ‌36- سُورَةُ يس

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 2 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 20 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

الفصل: ‌[سورة سبإ (34) : آية 24]

الصِّفَتَيْنِ لِمُنَاسَبَةِ مَقَامِ الْجَوَابِ، أَيْ قَدْ قَضَى بِالْحَقِّ لِكُلِّ أَحَدٍ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ حَالُ أَحَدٍ وَلَا يَعُوقُهُ عَنْ إِيصَالِهِ إِلَى حَقِّهِ عَائِقٌ وَلَا يَجُوزُ دُونَهُ حَائِلٌ. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ فِي سُورَةِ الْحَجِّ [62] .

وَاعْلَم أَنه قد وَرَدَ فِي صِفَةِ تَلَقِّي الْمَلَائِكَةِ الْوَحْيَ أَنَّ مَنْ يَتَلَقَّى مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْوَحْيَ يَسْأَلُ الَّذِي يُبَلِّغُهُ إِلَيْهِ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ كَمَا

فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» وَغَيْرِهِ: أَنَّ نَبِيءَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ»

اهـ. فَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: قَضَى صَدَرَ مِنْهُ أَمْرُ التَّكْوِينِ الَّذِي تَتَوَلَّى الْمَلَائِكَةُ تَنْفِيذَهُ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:«فِي السَّمَاءِ» يَتَعَلَّقُ بِ «قَضَى» بِمَعْنَى أَوْصَلَ قَضَاءَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَيْثُ مَقَرُّ الْمَلَائِكَةِ، وَقَوْلُهُ:«خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ» أَيْ خَوْفًا وَخَشْيَةً، وَقَوْلُهُ: فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ أَيْ أُزِيلَ الْخَوْفُ عَنْ نُفُوسِهِمْ.

وَفِي حَدِيثِ ابْن عَبَّاس عِنْد التِّرْمِذِيِّ «إِذَا قَضَى رَبُّنَا أَمْرًا سَبَّحَ لَهُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ» قَالَ: «ثُمَّ أَهْلُ كُلِّ سَمَاءٍ»

الْحَدِيثَ.

وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمُرَادُ فِي آيَةِ سُورَةِ سَبَأٍ وَإِنَّمَا هَذِهِ صِفَةُ تَلَقِّي الْمَلَائِكَةِ أَمْرَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَكَانَتْ أَقْوَالُهُمْ عَلَى سُنَّةٍ وَاحِدَةٍ.

وَلَيْسَ تَخْرِيجُ الْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَفْسِيرِ سُورَةِ سَبَأٍ مُرَادًا بِهِ أَنَّهُ وَارِدٌ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنَّ مِنْ صُوَرِ مَعْنَاهُ مَا ذُكِرَ فِي سُورَةِ سَبَأٍ. وَهَذَا يُغْنِيكَ عَنِ الِالْتِجَاءِ إِلَى تَكَلُّفَاتٍ تَعَسَّفُوهَا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَتَعَلُّقِهَا بِمَا قبلهَا.

[24]

[سُورَة سبإ (34) : آيَة 24]

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24)

انْتِقَالٌ مِنْ دَمْغِ الْمُشْرِكِينَ بِضَعْفِ آلِهَتِهِمْ وَانْتِفَاءِ جَدْوَاهَا عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَى إِلْزَامِهِمْ بُطْلَانَ عِبَادَتِهَا بِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الْعِبَادَةِ هُوَ الَّذِي يَرْزُقُ عِبَادَهُ فَإِنَّ الْعِبَادَةَ شُكْرٌ وَلَا يَسْتَحِقُّ الشُّكْرَ إِلَّا الْمُنْعِمُ،

ص: 191

وَهَذَا احْتِجَاجٌ بِالدَّلِيلِ النظري لِأَن الِاعْتِرَاف بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ يَسْتَلْزِمُ انْفِرَادَهُ بِإِلَهِيَّتِهِ إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِبَعْضِ صِفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ وَيُشَارَكَ فِي بَعْضٍ آخَرَ فَإِنَّ الْإِلَهِيَّةَ حَقِيقَةٌ لَا تَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ وَالتَّبْعِيضَ.

وَأُعِيدَ الْأَمْرُ بِالْقَوْلِ لِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِالْمَقُولِ فَإِنَّ أَصْلَ الْأَمْرِ بِالْقَوْلِ فِي مَقَامِ التَّصَدِّي لِلتَّبْلِيغِ دَالٌّ عَلَى الِاهْتِمَامِ، وَإِعَادَةُ ذَلِكَ الْأَمْرِ زِيَادَةٌ فِي الِاهْتِمَامِ.

ومَنْ اسْتِفْهَامٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الْخَطَأِ وَلِذَلِكَ أَعْقَبَ بِالْجَوَابِ مِنْ طَرَفِ السَّائِلِ بِقَوْلِهِ:

قُلِ اللَّهُ لِتَحَقُّقِ أَنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ الْجَوَابَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ إِلَى قَوْلِهِ: فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فِي سُورَةِ يُونُسَ [31] . وَتَقَدَّمَ نَظِير صدر هَذِه الْآيَةِ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ.

وَعَطْفٌ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ إِبْرَازُ الْمَقْصِدِ بِطَرِيقَةٍ خَفِيَّةٍ تُوقِعُ الْخَصْمَ فِي شَرَكِ الْمَغْلُوبِيَّةِ وَذَلِكَ بِتَرْدِيدِ حَالَتَيِ الْفَرِيقَيْنِ بَيْنَ حَالَةِ هُدًى وَحَالَةِ ضَلَالٍ لِأَنَّ حَالَةَ كُلِّ فَرِيقٍ لَمَّا كَانَتْ عَلَى الضِّدِّ مِنْ حَالِ الْفَرِيقِ الْآخَرِ بَيْنَ مُوَافَقَةِ الْحَقِّ وَعَدَمِهَا، تَعَيَّنَ أَنَّ أَمْرَ الضَّلَالِ وَالْهُدَى دَائِرٌ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ لَا يَعْدُوَانِهِمَا. وَلِذَلِكَ جِيءَ بِحَرْفِ أَوْ الْمُفِيدِ لِلتَّرْدِيدِ الْمُنْتَزَعِ مِنَ

وَهَذَا اللَّوْنُ مِنَ الْكَلَامِ يُسَمَّى الْكَلَامَ الْمُنْصِفَ وَهُوَ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْمُجَادِلُ لِخَصْمِهِ مُوجِبَ تَغَيُّظٍ وَاحْتِدَادٍ فِي الْجِدَالِ، وَيُسَمَّى فِي عِلْمِ الْمُنَاظَرَةِ إِرْخَاءَ الْعِنَانِ لِلْمُنَاظِرِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَرِينَةُ إِلْزَامِهِمُ الْحُجَّةَ قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ.

وَمِنْ لَطَائِفِهِ هُنَا أَنِ اشْتَمَلَ عَلَى إِيمَاءٍ إِلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فِي أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ بِطَرِيقِ مُقَابَلَةِ الْجَانِبَيْنِ فِي تَرْتِيبِ الْحَالَتَيْنِ بِاللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ وَهُوَ أَصْلُ اللَّفِّ. فَإِنَّهُ ذَكَرَ ضَمِيرَ جَانِبِ الْمُتَكَلِّمِ وَجَمَاعَتِهِ وَجَانِبِ الْمُخَاطَبِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ حَالَ الْهُدَى وَحَالَ الضَّلَالِ عَلَى تَرْتِيبِ ذِكْرِ الْجَانِبَيْنِ، فَأَوْمَأَ إِلَى أَنَّ الْأَوَّلِينَ مُوَجَّهُونَ إِلَى الْهُدَى وَالْآخِرِينَ مُوَجَّهُونَ إِلَى الضَّلَالِ الْمُبِينِ، لَا سِيَّمَا بَعْدَ قَرِينَةِ الِاسْتِفْهَامِ، وَهَذَا أَيْضًا مِنَ التَّعْرِيضِ وَهُوَ أَوْقَعُ مِنَ التَّصْرِيحِ لَا سِيَّمَا فِي اسْتِنْزَالِ طَائِرِ الْخَصْمِ.

وَفِيهِ أَيْضًا تَجَاهُلُ الْعَارِفِ فَقَدِ الْتَأَمَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ ثَلَاثَةُ مُحَسِّنَاتٍ مِنَ الْبَدِيعِ وَنُكْتَةٌ مِنَ الْبَيَانِ فَاشْتَمَلَتْ عَلَى أَرْبَعِ خُصُوصِيَّاتٍ.

ص: 192