الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في تفاوته في العذاب وذكر هونهم عذابا
5604 -
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أهون أهل النار عذابا رجل في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل بالقمقم. رواه البخاري
(1)
ومسلم
(2)
ولفظه:
إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا، وإنه لأهونهم عذابا.
قوله: "عن النعمان بن بشير" تقدم الكلام على مناقبه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أهون أهل النار عذابا رجل في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل بالقمقم" الحديث. ورواه مسلم ولفظه: "إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشركان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل" الحديث، أخمص القدمين هو بفتح الهمزة وهو المتجافي من الرجل من باطنها عن الأرض فلا تمسّه وأصله من الضمور.
وفي النهاية
(3)
: الأخمص من القدم الموضع الذي لا يلتصق بالأرض منها عند الوطئ، اهـ. وهو بمعناه.
(1)
صحيح البخاري (6561).
(2)
صحيح مسلم (323)(213).
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 100).
قوله: "ويغلي منهما دماغه" الغليان معروف وهو شدة اضطراب [الماء] ونحوه [على]
(1)
النار لشدة إيقادها، يقال: غلت القدر تغلي غليا وغليانا وأغليتها أنا.
قوله: "كما يغلي المرجل بالقمقم" والمرجل بكسر الميم وفتح الجيم وهو قدر معروف سواء كان من حديد أو نحاس أو حجارة أو خزف هذا هو الأصح وقيل هو القدر من النحاس يعني خاصة والأول أعرف والميم فيه زائدة كذا في جميع الروايات، [وذكره] ابن الصابوني كما يغلي المرجل والقمقم وهذا بيّن إن ساعدته الرواية. وزعم بعضهم أن الذي في الصحيح مغير ثم تكلف فيه ما يبعد، والقمقم فارسي معرب، [اهـ]
(2)
. وفي هذا الحديث وما أشبهه تصريح بتفاوت عذاب أهل النار كما أن [نعيم أهل الجنة متفاوت، والله تعالى أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم:] أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار، الحديث، والنعل مؤنثة وهي التي تلبس في الرجل والشراك بكسر الشين وهو أحد سيور النعل وهو الذي يكون على وجهها وعلى ظهر القدم [انتهى].
5605 -
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أهون أهل النار عذابا رجل منتعل بنعلين من نار يغلي منهما دماغه مع أجزاء العذاب، ومنهم من في النار إلى كعبيه مع أجزاء العذاب، ومنهم من في النار إلى ركبتيه
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
مع أجزاء العذاب، ومنهم من قد اغتمر. رواه أحمد
(1)
والبزار
(2)
ورواته رواة الصحيح، وهو في مسلم
(3)
مختصرا: إن أدنى أهل النار عذابا منتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حر نعليه.
قوله: "وعن أبي سعيد" هو الخدري، تقدم وتقدم معنى هذا الحديث في الحديث قبله، وكذلك حديث أبي هريرة الذي بعده بمعناه.
5606 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن أدنى أهل النَّار عذَابا الَّذِي لَهُ نَعْلَانِ من نَار يغلي مِنْهُمَا دماغه رَوَاهُ الطَّبَرَانيِّ بإسْنَاد صَحِيح وَابْن حبَان فِي صَحِيحه
(4)
.
5607 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أهون أهل النار عذابا أبو طالب وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه. رواه مسلم.
(5)
قوله: "وعن ابن عباس" تقدمت ترجمته. قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أهون أهل النار عذابا أبو طالب"[الحديث. أبو طالب] اسمه عبد مناف بن عبد المطلب عم
(1)
مسند أحمد (11739).
(2)
البزار (3502 كشف الأستار)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 395) رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح. صحيح الترغيب والترهيب (3686).
(3)
صحيح مسلم (361)(211).
(4)
أخرجه البزار (8363)، وابن حبان (7472)، والطبرانى في الأوسط (6/ 232 رقم 6271)، والحاكم (4/ 580). وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووفقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (1680) وصحيح الترغيب (3687). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(5)
صحيح مسلم (362)(212).
رسول الله صلى الله عليه وسلم مات قبل الهجرة ولرسول الله صلى الله عليه وسلم خمسون سنة إلا ثلاثة أشهر وأياما، قاله الكرماني
(1)
. وتقدم معنى النعل وثبت في الصحيح أن العباس
(2)
قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك ويغضب لك فهل ينفعه ذلك؟ قال: نعم، وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح. وفي الصحيح أيضا من طريق أبي سعيد
(3)
أنه صلى الله عليه وسلم قال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منهما دماغه. واعلم أن أهل الكفر لا تنفعهم شفاعة الشافعين ونهى عن الاستغفار له ولمثله ولكنه رجى له أن تناله بركته ويخفف عنه بسبب ما كان منه إليه من الحماية والعون على تبليغ الرسالة فيخفف من عذابه فتكون الشفاعة بالحال لا بالمقال. وفي رواية يونس عن أبي إسحاق وهي أنه قال: يغلي منهما دماغه حتى يسيل على قدميه.
قوله: "يحوطك" هو بفتح الياء وضم الحاء. قال أهل اللغة. يقال حاطه يحوطه حوطا وحياطة إذا صانه وحفظه وذبّ عنه و [توفر] على مصالحه، والضحضاح بفتح الضادين المعجمتين وسكون الحاء المهملة أي شيء قليل كضحضاح الماء وهو [ما] يبقى منه على وجه الأرض، قاله عياض
(4)
، والضحضاح في [الأصل] ما ردق من الماء على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين
(1)
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (15/ 97).
(2)
صحيح مسلم (358)(209).
(3)
صحيح مسلم (360)(210).
(4)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 596).
وضحضح الشراب إذا رقّ فاستعاره للنار. وفي حديث آخر: إنه لفي ضحضاح من النار ولولاي لكان في الطمطام. الطمطام في الأصل معظم ماء البحر فاستعاره هاهنا لمعظم النار حيث استعار ليسيرها الضحضاح وهو الماء القليل الذي يبلغ الكعبين وأصله من طمّ الشيء إذا عظم وطمّ الماء إذا كثر وهو طام، اهـ. قاله في النهاية
(1)
. وفيه تفاوت عذاب أهل النار كما تقدم. فإن قلت: أعمال الكفرة هباء منثور لا فائدة فيها.
قلت: هذا النفع هو ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصائصه، اهـ. أقاله الكرماني
(2)
في شرح البخاري]
(3)
وفي الصحيح
(4)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عمّه أبي طالب عند موته وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: يا عم، قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله. فقال له أبو جهل وابن أبي أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال: أنا على ملة عبد المطلب، وهذا الحديث يقتضي أن عبد المطلب مات على الشرك، ووجدت في بعض [نسخ] المسعودي اختلافا في عبد المطلب وأنه قد قيل فيه مات مسلمًا لما رأى من الدلائل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلم أنه لا يبعث إلا بالتوحيد، ذكره السهيلي في كتاب الروض الأنف على سيرة بن هشام
(5)
.
(1)
النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 75)(ضحضح)، (3/ 139)(طمطم).
(2)
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (23/ 55).
(3)
حصل تأخير لهذه العبارة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(ذكره السهيلي في كتاب الروض الأنف على سيرة بن هشام).
(4)
صحيح مسلم (39)(24).
(5)
الروض الأنف (4/ 19).
تنبيه: ومن باب النظر في حكمة الله تعالى ومشاكلة الجزاء
للعمل أن أبا طالب كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجملته متحزبا له إلا أنه كان مثبتا لقدميه على ملة عبد المطلب [حتى قال عند الموت أنا على ملة عبد المطلب]
(1)
فسلط العذاب على قدميه خاصة لتثبته إياهما على ملة آبائه، ثبتنا الله على الصراط المستقيم. ولعل هذا مذكور في الروض الأنف على سيرة ابن هشام. [والله تعالى أعلم].
5608 -
وعن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل النار عذابا لرجل عليه نعلان يغلي منهما دماغه كأنه مرجل مسامعه جمر، وأضراسه جمر، وأشفاره لهب النار، وتخرج أحشاء جنبيه من قدميه، وسائرهم كالحب القليل في الماء الكثير فهو يفور. رواه البزار
(2)
مرسلًا بإسناد صحيح.
قوله: "وعن عبيد بن عمير" ابن قتادة الليثي المكي وكنيته أبو عاصم، من الطبقة الأولى من أهل مكة، وقال ابن سعد بإسناده عن ثابت قال: أولى من قص عبيد بن عمير الليثي، على عهد عمر بن الخطاب توفي عبيد بن عمير سنة سبع
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (8/ 215): رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر مرسلا، ورواته ثقات. ورواه الحافظ المنذري في كتاب الترغيب وقال: رواه مرسلا بإسناد صحيح ولم يعزه لأحد. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2170) وقال: قوله: (البزار) ملحق من بعض النساخ، فإن الحديث لم يذكره الهيثمي أصلًا في المجمع. وهو في الزهد كما قال (1/ 193/ 309)، وكذا ابن أبي شيبة (13/ 157/ 1598) والله أعلم. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (2976).
وسبعين بمكة وأسند عن أبي بن كعب، وأبي ذر، وأبي قتادة، وأبي الدرداء، وعبد الله بن عمر، وابن عمرو، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة رضي الله عنهم في آخرين. وروى عنه من كبار التابعين: مجاهد، وعطاء، وأبو حازم. [قال ابن سعد:] وكان ثقة كثير الحديث.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أدنى أهل النار عذابا لرجل عليه نعلان يغلي منهما دماغه" الحديث، تقدم تفسير ذلك في أحاديث الباب. قوله صلى الله عليه وسلم:"مسامعه جمر وأضراسه جمر وأشفره جمر" مسامعه هي جمع مسمع وهو آلة السمع أو جمع سِمَع على غير قياس كمشابه وملامح والمسمع بالفتح [خرقها] ومنه حديث أبي جهل أن محمدا ترك يثرب وأنه حنق عليكم نفيتموه نفي القراد عن المسامع يعني عن الآذان [قاله في النهاية
(1)
.. ] وتقدم معنى الأضراس والمراد بالأشفار هدب العينين وهو الشعر المستر سل عليهما.
5609 -
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه، ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته. رواه مسلم
(2)
.
وفي رواية له: منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى عنقه.
(1)
النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 402).
(2)
صحيح مسلم (32)(2845).
قوله: "وعن سمرة بن جندب" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته" هو بضم الحاء واسكان الجيم وفتح الزاي المعجمة، وهو معقد الإزار والسراويل ويجمع على حُجَز، ومنه الحديث: فأنا آخذ بحجزكم عن النار، قاله في النهاية
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته" والترقوة بفتح التاء وضم القاف وهي العظم الذي بين [ثغرة] النحر والعاتق. وفي حديث آخر ومنهم من تأخذه النار إلى حقويه بفتح الحاء وكسرها أي خاصرتيه وأصله معقد الإزار من الإنسان وهو الخاصرتان وهو بمعنى الحجزة، والمراد هنا ما يحاذي ذلك الموضع من جنبيه.
5610 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن جهنم لما سيق إليها أهلها تلقتهم فلفحتهم لفحة فلم تدع لحما على عظم إلا ألقته على العرقوب. رواه الطبراني في الأوسط
(2)
والبيهقي
(3)
مرفوعًا، ورواه غيرهما
(1)
النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 344).
(2)
المعجم الأوسط (278،)(9365)، ومن طريقه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 272)، وفي الحلية (4/ 363)، قال أبو نعيم: لم يروه مرفوعا متصلا عن أبي سنان عن عبدالله إلا محمد بن سليمان بن الاصبهاني ورواه ابن عيينة وابن فضيل وجرير عن أبي سنان فاختلفوا فأوقفه ابن فضيل على أبي هريرة
…
ثم خرجه. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 389) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه محمد بن سليمان بن الأصبهاني، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2171)، و الضعيفة (5302).
(3)
البيهقي في البعث والنشور (510).
موقوفا عليه وهو أصح
(1)
.
قوله: "وعن أبي هريرة" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "إن جهنم لما سيق إليها أهلها تلقتهم فلفحتهم لفحة لم تدع لحما على عظم إلى ألقته على العرقوب" الحديث، تقدم الكلام على جهنم أعاذنا الله منها ولفح النار هو حرها ووهجها.
فائدة في الصحيحين
(2)
من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اشتكت النار إلى ربها فقالت: أي ربي أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفسًا في الشتاء ونفسا في الصيف. فأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها وأشد ما تجدون من الحر من سمومها. فقوله: "فقالت النار" الظاهر أن ذلك قول حقيقي إذا لا مانع في أن الله تعالى ينطق النار كما روي أنه لما ناجى موسى عليه اللام اعتزل جبريل عليه السلام يبكي ويقول: ما أدري ما يناجيه به، فأنطق الله تعالى جبة موسى عليه الصلاة والسلام فقالت لجبريل: أنا أقرب منك إلى جسد موسى ولا أدري ما يناجيه به ولا أسمعه. وأبعدَ بعضهم فحمل القول في الحديث على لسان الحال كقول الشاعر:
شكى إليّ جملي طول السُّرى
…
صبرا جميلا فكلانا مبتلى
والمراد بالزمهرير شدة البرد وهو الذي أعده الله عذابا للكفار في الدار الآخرة.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح
(1)
البيهقي في البعث والنشور (511).
(2)
البخاري (536)، وصحيح مسلم (185)(617) عن أبي هريرة.
باردة يصدع العظام بردها فيسألون الحر
(1)
. وعن مجاهد قال: يهربون إلى الزمهرير فإذا وقعوا فيه حطم عظامهم حتى يسمع لها نقيض
(2)
. وعن كعب
(3)
قال: إن في جهنم بردا هو الزمهرير يسقط اللحم حتى [يستغيثوا] بحر جهنم وعن عبد الملك بن عمير قال
(4)
: بلغني أن أهل النار سألوا خازنها أن يخرجهم إلى جانبها فأخرجوا فقتلهم البرد والزمهرير حتى رجعوا إليها فدخلوها مما وجدوه من البرد.
وقد قال الله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا}
(5)
. وقال الله تعلى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57)}
(6)
، قال ابن عباس
(7)
: الغساق الزمهرير البارد الذي يحرق من برده. وقال مجاهد
(8)
: هو الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده. وقيل: الغساق البارد المنتن، وتقدم أيضًا ذكر الغساق قريبًا، أجارنا الله من ذلك بمنه وكرمه يا من تتلى عليه أوصاف جهنم ويشاهد تنفّسها كل عام حتى يحس به ويتألم وهو
(1)
صفة النار (152).
(2)
صفة النار (102).
(3)
حلية الأولياء ج 5/ 370).
(4)
صفة النار (151).
(5)
سورة النبأ، الآية: 24 - 25.
(6)
سورة ص، الآية:57.
(7)
صفة النار (153).
(8)
تفسير ابن أبي حاتم (10/ 3395/ 19100) وعزاه السيوطي في الدر المنثور (8/ 396) لابن المنذر وابن أبي حاتم.
مصر على ما يقتضي دخولها مع أنه يعلم، ستعلم إذا جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام من يندم ألك صبر على سعيرها وزمهريرها، قل وتكلم، ما كان صلاحك يرجى والله أعلم. قاله ابن رجب
(1)
.
5611 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله تَعَالَى فَيُؤْخَذ بالنواصي والأقدام الرَّحْمَن 14 قَالَ يجمع بَين رَأسه وَرجقَيْهِ ثمَّ يقصف كمَا يقصف الْحَطب رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مَوْقُوفا
(2)
.
5612 -
وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه أَنه قَرَأَ هَذِه الآيَة كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا ليذوقوا الْعَذَاب النِّسَاء 65 قَالَ يَا كعْب أَخْبرنِي عَن تَفْسِيرهَا فَإِن صدقت صدقتك وَإِن كذبت رددت عَلَيْك فَقَالَ إِن جلد ابْن آدم يحرق ويجدد فِي سَاعَة أَو فِي يَوْم مِقْدَار سِتَّة آلاف مرّة قَالَ صدقت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ
(3)
.
5613 -
وَرُوِيَ أَيْضا عَن الْحسن وَهُوَ الْبَصْرِيّ قَالَ كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا ليذوقوا الْعَذَاب قَالَ تأكلهم النَّار كلل يَوْم سبعين ألف مرّة كلما أكلتهم قيل لَهُم عودوا فيعودون كمَا كَانُوا
(4)
.
(1)
لطائف المعارف لابن رجب (ص: 333).
(2)
أخرجه البيهقى في البعث (538). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (2172). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(3)
أخرجه البيهقى في البعث (577). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (2173).
ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(4)
أخرجه البيهقى في البعث (578). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (2174). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
5614 -
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة. ثم يقال له: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يارب، ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك من شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط. رواه مسلم
(1)
.
قوله: "وعن أنس" هو ابن مالك تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة ثم يقال له: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب" الحديث، الصبغة بفتح الصاد، ومعنى فيصبغ في النار أي يغمس في النار غمسة كما يغمس الثوب في الصبغ ويجوز أن يكون بمعنى يغير لأنه نقل عن الفراء أنه قال: أصل الصبغ التغيير ونقل الشيء من حال إلى حال. قاله في شرح مشارق الأنوار
(2)
، وفي حديث آخر:[أصبغوا] في النار، قاله في النهاية
(3)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة" الحديث. والبؤس بالهمز هو الشدة وهو ضد النعيم وتقدم الكلام على الصبغ [أنه الغمس]
(4)
.
(1)
صحيح مسلم (55)(2807).
(2)
انظر: مطالع الأنوار على صحاح الآثار (4/ 259).
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 10).
(4)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
5615 -
وعن سويد بن غفلة رضي الله عنه قال: إذا أراد الله أن ينسى أهل النار جعل للرجل منهم صندوقا على قدره من نار لا ينبض منه عرق إلا فيه مسمار من نار، ثم تضرم فيه النار، ثم يقفل بقفل من نار، ثم يجعل ذلك الصندوق في صندوق من نار ثم يضرم بينهما نار، ثم يقفل بقفل من نار، ثم يجعل ذلك الصندوق في صندوق من نار ثم يضرم بينهما نار ثم يقفل، ثم يلقى أو يطرح في النار فذلك قوله. من فرقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون، وذلك قوله:[لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون] قال: فما يرى أن في النار أحدا غيره. رواه البيهقي
(1)
بنحوه من حديث ابن مسعود بإسناد منقطع. [قال الحافظ]: سويد بن غفلة ولد في العام الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهو عام الفيل، وقدم المدينة حين دفنوا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وتوفي في زمن الحجاج وهو ابن خمس وعشرين، وقيل: سبع وعشرين ومائة. قوله: "وعن سُويد بن غفَلة"[وغَفَلَة] بغين معجمة وفاء مفتوحتين، ومن قال: عقلة بالعين المهملة والقاف فهو تصحيف ظاهر وخطأ بيّن وهو أبو أمية سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر بن وداع الجعفي الكوفي التابعي المخضرم بفتح الراء، أدرك الجاهلية كثيرا وأسلم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم
(1)
البيهقي في البعث والنشور (539)، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (35414)، وابن أبي الدنيا في صفة النار (161) والطبراني في المعجم الكبير (9/ 224/ 9087)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 176): وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2175) وقال: بل هو مقطوع؛ لأن سويد بن غفلة ليس صحابيًا كما يستفاد من ترجمة المؤلف وغيره إياه، فلو أنه رفع الحديث لكان مرسلًا، فكيف وهو لم يرفعه. بإسناد حسن موقوفًا.
يره وأدّى صدقته إلى مُصدّق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قصد المدينة فوصلها في يوم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وبلال وأبي ذر وغيرهم. قال هشيم بلغ سويد بن غفلة مائة وثمانيا وعشرين سنة وقال ابن نمير: توفي سنة إحدى وثمانين وله مائة وعشرون سنة، وقيل: توفي ابن مائة وإحدى وثلاثين بالكوفة. والله أعلم.
قوله: "إذا أراد الله أن ينسى أهل النار جعل للرجل منهم صندوقا على قدره من نار لا ينبض منه عرق إلا فيه مسمار من نار" الحديث، الصندوق بضم الصاد وفتحها معروف. وقوله:"لا ينبض منه عرق" أي لا يتحرك، قوله:"ثم تضرم بينهما نار" بضم التاء وإسكان الضاد أي تحرق سريعا. قال أهل اللغة: ضرمت الثار بكسر الراء وتضرمت وأضرمت أي التهبت وأضرمتها أنا وضرمتها.