المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ليس منا من حلق ولا خرق ولا صلق - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١٤

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْهِيب من النِّيَاحَة على الْمَيِّت والنعي وَلَطم الخد وخمش الْوَجْه وشق الجيب

- ‌إن الميت ليعذب ببكاء الحي

- ‌لا تصلي الملائكة على نائحة ولا مرنة

- ‌النهي عن النعي

- ‌ليس منا من حلق ولا خرق ولا صلق

- ‌التَّرْهِيب من إحداد الْمَرْأَة على غير زَوجهَا فَوق ثَلَاث

- ‌[التَّرْهِيب من أكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حق]

- ‌التَّرْغِيب فِي زِيَارَة الرِّجَال الْقُبُور والترهيب من زِيَارَة النِّسَاء واتباعهن الْجَنَائِز

- ‌التَّرْهِيب من الْمُرُور بقبور الظَّالِمين وديارهم ومصارعهم مَعَ الْغَفْلَة عَمَّا أَصَابَهُم وَبَعض مَا جَاءَ فِي عَذَاب الْقَبْر ونعيمه وسؤال مُنكر وَنَكير عليهما السلام

- ‌فوائد يختم بها الباب:

- ‌[التَّرْهِيب من الْجُلُوس على الْقَبْر وَكسر عظم الْميِّت]

- ‌كتاب البعث وأهوال يوم القيامة

- ‌فصل في النفخ في الصور وقيام الساعة

- ‌فصل في الحشر وغيره

- ‌فصل في ذكر الحساب وغيره

- ‌فصل في الحوض والميزان والصراط

- ‌فصل في الشفاعة وغيرها

- ‌كتاب صفة الجنة والنار الترغيب في سؤال الجنة والاستعاذة من النار

- ‌الترهيب من النار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه

- ‌فصل فِي شدَّة حرهَا وَغير ذَلِك

- ‌فصل في ظلمتها وسوادها وشررها

- ‌فصل في أوديتها وجبالها

- ‌فصل في بعد قعرها

- ‌فصل في سلاسلها وغير ذلك

- ‌فصل في حيّاتها وعقاربها

- ‌فصل في شراب أهل النار

- ‌فصل في طعام أهل النار

- ‌شراب أهل النار

- ‌في عظم أهل النار وقبحهم فيها

- ‌فصل في تفاوته في العذاب وذكر هونهم عذابا

- ‌فصل في بكائهم وشهيقهم

- ‌الترغيب الجنة ونعيمها ويشتمل على فصول

- ‌فصل في صفة دخول أهل الجنة الجنة وغير ذلك

- ‌عدد أبواب الجنة ثمانية:

- ‌فصل فيما لأدنى أهل الجنة

- ‌فصل في درجات الجنة وغرفها

- ‌فصل فِي بِنَاء الْجنَّة وترابها وحصبائها وَغير ذَلِك

- ‌فصل في حياض الجنة وعرفها

- ‌فصل في أنهار الجنة

الفصل: ‌ليس منا من حلق ولا خرق ولا صلق

‌ليس منا من حلق ولا خرق ولا صلق

5364 -

وَعَن أبي بردة قَالَ وجع أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه وَرَأسه فِي حجر امْرَأَة من أَهله فَأَقْبَلت تصيح برنة فَلم يسْتَطع أَن يرد عَلَيْهَا شَيْئا فَلَمَّا أَفَاق قَالَ أَنا بَرِيء مِمَّن برئ مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة. رواه البخاري وابن ماجه والنسائي إلا أنه قال: أبرأ إليكم كما برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من حلق ولا خرق ولا صلق

(1)

.

[الصالقة]: التي ترفع صوتها بالندب والنياحة. [والحالقة]: التي تحلق رأسها عند المصيبة. [والشاقة]: التي تشق ثوبها.

قوله: "وعن أبي [بردة] " أبو [بردة] اسمه عامر بن عبد الله بن قيس، من الطبقة الثانية من التابعين من أهل الكوفة وقال ابن عساكر: كان أبو بردة أحول، ولما ولي القضاء كان سعيد بن جبير كاتبه، ولما ولي يزيد بن المهلب خراسان قال: دلوني على رجل جامع لخصال الخير، فدل على أبي بردة، فلما رآه رأى مخبره أفضل من منظره، فقال له: إني موليك على كذا وكذا. قال: أعفني. قال: لا أعفيك. فقال: حدثني أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من ولي عملا وهو يعلم أنه ليس بأهل له فليتبوأ مقعده من النار". ولست بأهل لهذا. فقال له يزيد: الان حرضتني على نفسك، خذ عهدك واخرج،

(1)

أخرجه البخاري (1296) ومسلم (167 - 104) وابن ماجه (1586)، والنسائى في المجتبى 4/ 36 (1877).

ص: 42

فإني غير معفيك، فخرج وأقام مدة ثم قدم عليه، فقال: حدثني أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله".

وأنا أسألك بوجه الله أن تعفيني. فأعفاه ومات بالكوفة سنة ثلاث ومئة، وقيل: سنة أربع، وقيل: سنة ست، وقيل: سنة سبع ومئة روى عن الزبير بن العوام، وعوف بن مالك، وسمع أباه، وعلى بن أبى طالب، روى عنه جماعات من التابعين وغيرهم، منهم الشعبي، وأبو إسحاق السبيعى، وعبد الملك بن عمير، وعمر بن عبد العزيز، واتفقوا على توثيقه وجلالته

(1)

.

قوله: "وجع أبو موسى الأشعري ورأسه في حجر امرأة من أهله فأقبلت تصيح برنّة فلم يستطع أن يرد عليها" الحديث، وجع هو بفتح الواو وكسر الجيم وأبو موسى الأشعري اسمه عبد الله بن قيس تقدم الكلام على مناقبه رضي الله عنه.

قوله: "ورأسه في حجر امرأة من أهله" الحجر هو بفتح الحاء وكسرها لغتان

(2)

.

وقوله: "فأقبلت تصيح برنة" هو بفتح الراء وتشديد النون. قال صاحب المطالع: الرنة صوت مع البكاء فيه ترجيع كالقلقلة واللقلقة، يقال: أرنت فهي مُرِنة ولا [يقال] رنّت

(3)

، وتقدم ذلك في أحاديث الباب. وقال ثابت في الحديث: لُعنة المرنة، ولعله من نقلة الحديث، هذا كلام صاحب المطالع

(4)

اهـ.

(1)

مرآة الزمان (10/ 370)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 178 - 179).

(2)

الكواكب الدراري (7/ 91).

(3)

مطالع الأنوار (3/ 160).

(4)

المصدر السابق وفيه: لعنت الرانة ولعله من النقلة.

ص: 43

قوله: "فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم" كذا هو في هذا الحديث، ممن وروي مما برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا هو في الأصول مما وهو صحيح أي من الشيء الذي برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قوله: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة" الحديث، والمراد بالتبري المبالغة في الزجر وليس المراد التبري من الدين والخروج منه كما في قوله تعالى:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}

(2)

فإن الشرك كفر والمعاصي سواه ليست بكفر عند أهل السنة

(3)

.

قال النووي

(4)

: ويجوز أن يرد به ظاهره وهو البراءة من فاعلة هذه الأمة ولا يقدر فيه حذف ومن قدر فيه حذفا قال أنا بريء من فعلهن أو ما يستوجبن من العقوبة وأصل البراءة الانفصال وهذا التقدير هو كلام القاضي عياض

(5)

فالصالقة التي ترفع صوتها بالندب والنياحة اهـ، قاله الحافظ وقال بعض العلماء: الصالقة بالصاد والسين أصلها السالقة بالسين المهملة والسلق رفع الصوت بالعويل والندب عند المصيبة وقريبا منه قوله تعالى: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ}

(6)

والصاد قد تبدل من السين وهما لغتان السلق

(1)

شرح النووي على مسلم (2/ 110).

(2)

سورة التوبة، الآية:3.

(3)

الاعلام بفوائد عمدة الأحكام (4/ 484).

(4)

شرح النووي على مسلم (2/ 111).

(5)

إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 377).

(6)

سورة الأحزاب، الآية:19.

ص: 44

والصلق، هذا هو المشهور عند أهل اللغة.

وقال ابن الأعرابي

(1)

الصلق ضرب الوجه ويجوز أن يراد التي تلطم وجهها، وقيل: الصالقة هي الشديدة الصوت، وقيل: الصلق الولولة والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة، اهـ، قاله الحافظ وفي معناه قطعه وحرقه، والشاقة التي تشق ثوبها، اهـ. قاله الحافظ.

قال بعض العلماء: وفي معنى ذلك التي تصبغ ثيابها بما يفسد ماليتها من سواد ونحوه، ففي هذا الحديث دليل على تحريم هذه الأفعال القبيحة الدالة على التسخط وعدم الرضى بما قضاه الله تعالى، والمعنى في تحريم ذلك أنه يشبه التظلم ممن ظلمه والاستعانة من ذلك وذلك عدل من الله العزيز الحكيم، اهـ. قاله الشيخ تقي الدين الحصني

(2)

.

ومتى حصل شيء من هذه الأشياء فإثمه على فاعله خاصة لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}

(3)

، وما أحسن قول الشيخ جمال الدين بن نباتة:

ولو جاز فرط الحزن لم يستفد به

فما بالنا لا نستفيد ونأثم

وفي الحديث إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان التبري من أهل هذه البدع

(1)

شرح النووي على مسلم (2/ 110)، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام (4/ 484) وحكى القاضي عياض: عن ابن الأعرابي: أن الصلق ضرب الوجه وهو غريب، والمشهور المعروف ما أسلفناه. وقال ابن حجر في فتح الباري (3/ 166) الصلق ضرب الوجه حكاه صاحب المحكم والأول أشهر.

(2)

كفاية الأخيار (ص 165 - 166).

(3)

سورة الأنعام، الآية:164.

ص: 45

والمعاصي

(1)

، اهـ.

5365 -

وَعَن أسيد بن أبي أسيد التَّابِعِيّ عَن امْرَأَة من المبايعات قَالَت كَانَ فِيمَا أَخذ علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمَعْرُوف الَّذِي أَخذ علينا أَن لَا نخمش وَجها وَلَا نَدْعُو ويلا وَلَا نشق جيبا وَلَا ننشر شعرًا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

(2)

.

قوله: "وعن أسيد بن أبي أسيد التابعي" هو أبو سعيد أسيد بن أسيد البراد، أسيد وأبو أسيد: بفتح الهمزة، وكسر السين فيهما، واسم أبي أسيد يزيد، من أهل المدينة، روى عن عبد الله بن أبي قتادة، روى عنه ابن أبي ذئب، وسليمان بن بلال. وهو صالح الحديث

(3)

.

قوله: "عن امرأة من المبايعات قالت: كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نخمش وجها ولا ندعو ويلا ولا نشق جيبا ولا ننشر شعرا" الحديث، المبايعة مأخوذة من البيع وهو أخذ العهد، وقال الحسن في قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} إلى قوله: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}

(4)

أي لا يشققن جيوبهن ولا يخمشن

(1)

النجم الوهاج (3/ 90).

(2)

أخرجه: أبو داود (3131)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 64)، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (25/ 184)، وقال النووي في خلاصة الأحكام (2/ 1054) ورواه أبو داود ولم يضعفه وقال في رياض الصالحين (ص: 466): رواه أبو داود بإسناد حسن وصححه الألباني صحيح أبي داود (2685)، وصحيح الترغيب والترهيب (3535)، وأحكام الجنائز (1/ 30).

(3)

جامع الأصول (12/ 180).

(4)

سورة الممتحنة، الآية:12.

ص: 46

وجوههن ولا ينشرن شعورهن ولا يدعون ويلا، قيل هو دعوى الجاهلية، قاله الكرماني

(1)

، فبعث الله تعالى محمد صلى الله عليه وسلم بمحو آثار الجاهلية وكان من شأنهم إذا مات لهم ميت أن يخمشوا الوجوه وينتفوا الشعور ويشقوا الجيوب ويخربوا البيوت فزجرهم صلى الله عليه وسلم عما كانوا يفعلون

(2)

، اهـ.

5366 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعن الخامشة وَجههَا والشاقة جيبها والداعية بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه.

(3)

قوله: "وعن أبي أمامة" واسمه صدي بن عجلان الباهلي تقدم الكلام على مناقبه.

قوله: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الخامشة وجهها والشاقة جيبها والداعية بالويل والثبور" الحديث، أجمعت الأمة على تحريم النياحة والدعاء بدعوى الجاهلية والدعاء بالويل والثبور عند المصيبة

(4)

وتقدم الكلام على خمش الوجه وشق الجيب وعلى اللعن والله أعلم.

(1)

الكواكب الدراري (7/ 89).

(2)

نوادر الأصول (1/ 142).

(3)

ابن حبان (3156)، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (11343)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 130/ 7591)، و (8/ 187/ 7775)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5092)، والسلسلة الصحيحة (2147)، وفي صحيح الترغيب والترهيب (3536).

(4)

الأذكار (ص 251).

ص: 47