الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في صفة دخول أهل الجنة الجنة وغير ذلك
5621 -
عَن عَليّ رضي الله عنه أَنه سَأل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن هَذِه الأيَة {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)}
(1)
إِلَى آخرهَا قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا الْوَفْد إِلَّا ركب قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم إِذا خَرجُوا من قُبُورهم استقبلوا بِنُوق بيض لَهَا أَجْنِحَة عَلَيْهَا رحال الذَّهَب شرك نعَالهمْ نور يتلألأ كل خطْوَة مِنْهَا مثل مد الْبَصَر وينتهون إِلَى بَاب الْجنَّة فَإِذا حَلقَة من ياقوتة حَمْرَاء على صَفَائِح الذَّهَب وَإِذا شَجَرَة على بَاب الْجنَّة يَنْبع من أَصْلهَا عينان فَإِذا شربوا من أَحدهمَا جرت فِي وُجُوههم بنضرة النَّعيم وَإِذا توضؤوا من الأخْرَى لم تشعث أشعارهم أبدا فيضربون الْحلقَة بالصفيحة فَلَو سَمِعت طنين الْحلقَة يَا عَليّ فَيبلغ كل حوراء أَن زَوجهَا قد أقبل فتستخفها العجلة فتبعث قيمها فَيفتح لَهُ الْبَاب فلولا أَن الله عز وجل عرفه نَفسه لخر لَهُ سَاجِدا مِمَّا يرى من النُّور والبهاء فَيَقُول أَنا قيمك الَّذِي وكلت بِأَمْرك فيتبعه فيقفو أثره فَيَأْتِي زَوجته فتستخفها العجلة فَتخرج من الْخَيْمَة فتعانقه وَتقول أَنْت حبي وَأَنا حبك وَأَنا الراضية فَلَا أَسخط أبدا وَأَنا الناعمة بِلَا أبأس أبدا وَأَنا الخالدة فَلَا أظعن أبدا فَيدْخل بَيْتا من أساسه إِلَى سقفه مائَة ألف ذِرَاع مَبْنيّ على جندل اللُّؤْلُؤ والياقوت طرائق خضر وطرائق صفر مَا مِنْهَا طَريقَة تشاكل صاحبتها فَيَأْتِي الأريكة فَإِذا عَلَيْهَا سَرِير على السرير سَبْعُونَ فراشا على كل
(1)
سورة مريم، الآية:85.
فرَاش سَبْعُونَ زَوْجَة على كل زَوْجَة سَبْعُونَ حلَّة يرى مخ سَاقهَا من بَاطِن الْحلَل يقْضِي جماعهن فِي مِقْدَار لَيْلَة تجْرِي من تَحْتهم أَنهَار مطردَة أَنهَار من مَاء غير آسن صَاف لَيْسَ فِيهِ كدر وأنهار من عسل مصفى لم يخرج من بطُون النَّحْل وأنهار من خمر لَذَّة للشاربين لم تعصره الرِّجَال بأقدامها وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه لم يخرج من بطُون الْمَاشِيَة فَإِذا اشتهوا الطَّعَام جَاءَتْهُم طير بيض فَترفع أَجْنِحَتهَا فَيَأْكلُونَ من جنوبها من أَي الألوان شاؤوا ثمَّ تطير فتذهب وفيهَا ثمار متدلية إِذا اشتهوها انْبَعَثَ الْغُصْن إِلَيْهِم فَيَأْكلُونَ من أَي الثِّمَار شاؤوا إِن شَاءَ قَائِما وَإِن شَاءَ مُتكئا وَذَلِكَ قَوْله {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}
(1)
وَبَين أَيْديهم خدم كَاللُّؤْلُؤِ رواه ابن أبي الدنيا في كتاب صفة الجنة
(2)
عن الحارث، وهو الأعور عن علي مرفوعا هكذا، ورواه ابن أبي الدنيا
(3)
أيضًا والبيهقي
(4)
وغيرهما عن عاصم بن ضمرة عن علي موقوفا عليه بنحوه
(1)
سورة الرحمن، الآية:51.
(2)
ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (7)، وابن أبي حاتم (البداية والنهاية 20/ 104) وقال ابن كثير في البداية والنهاية (20/ 106) وقد رويناه في الجعديات من كلام علي بن أبي طالب موقوفا عليه، وهو أشبه بالصحة، والله سبحانه أعلم، فقال أبو القاسم البغوي: حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي، الألباني في السلسلة الضعيفة (6724) وضعفه جدًا الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2181).
(3)
ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (8).
(4)
البيهقي في البعث والنشور (246)، وأخرجه إسحاق في مسنده كما في المطالب العالية (18/ 647)، والبغوي في الجعديات، كما في المطالب، وابن أبي شيبة في المصنف (15851)، ومن طريقه أبو نعيم في صفة الجنة (280)(281) والمروزي في زياداته على =
وهو أصح وأشهر.
وَلَفظ ابْن أبي الدُّنْيَا قَالَ يساق الَّذين اتَّقوا رَبهم إِلَى الْجنَّة زمرا حَتَّى إِذا انْتَهوا إِلَى بَاب من أَبْوَابهَا وجدوا عِنْده شَجَرَة يخرج من تَحت سَاقهَا عينان تجريان فعمدوا إِلَى إِحْدَاهمَا كَأَنَّمَا أمروا بهَا فَشَرِبُوا مِنْهَا فأذهبت مَا فِي بطونهم من أَذَى أَو قذى أَو بَأْس ثمَّ عَمدُوا إِلَى الأخْرَى فتطهروا مِنْهَا فجرت عَلَيْهِم بنضرة النَّعيم فَلَنْ تَتَغَيَّر أبشارهم تغيرا بعْدهَا أبدًا وَلنْ تشعث أشعارهم كَأَنَّمَا دهنوا بالدهان ثمَّ انْتَهوا إِلَى خَزَنَة الْجنَّة فَقَالُوا {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} الزمر 37 قَالَ ثمَّ تلقاهم أَو يلقاهم الْولدَان يطيفون بهم كمَا يطِيف ولدان أهل الدُّنْيَا بالحميم يقدم من غيبته فَيَقُولُونَ أبشر بِمَا أعد الله لَك من الْكَرَامَة قَالَ ثمَّ ينْطَلق غُلَام من أُولَئِكَ الْولدَان إِلَى بعض أَزوَاجه من الْحور الْعين فَيَقُول قد جَاءَ فلَان باسمه الَّذِي يدعى بِهِ فِي الدُّنْيَا فَتَقول أَنْت رَأَيْته فَيَقُول أَنا رَأَيْته وَهُوَ ذَا بإثري فيستخف إِحْدَاهُنَّ الْفَرح حَتَّى تقوم على أُسْكُفَّة بَابهَا فَإِذا انْتهى إِلَى منزله نظر إِلَى أَي شَيْء أساس بُنْيَانه فَإِذا جندل اللُّؤْلُؤ فَوْقه صرح أَخْضَر وأصفر وأحمر وَمن كل لون ثمَّ رفع رَأسه فَنظر إِلَى سقفه فَإِذا مثل الْبَرْق لَوْلا أَن الله قدر لَهُ الألَم أَن يذهب ببصره ثمَّ طأطأ رَأسه فَنظر إِلَى أَزوَاجه وأكواب مَوْضُوعَة ونمارق مصفوفة وزرابي
= الزهد لابن المبارك (1450)، وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (4/ 69)، والطبري في تفسيره (24/ 22)، وقال ابن حجر في المطالب العالية (18/ 649) هذا حديث صحيح، وحكمه حكم المرفوع، إذ لا مجال للرأي في مثل هذه الأمور.
مبثوثة فنظروا إِلَى تِلْكَ النِّعْمَة ثمَّ اتكئوا {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} الأعْرَاف 34 الآيَة ثمَّ يُنَادي مُنَاد تحيون فَلَا تموتون أبدا وتقيمون فَلا تظعنون أبدا وتصحون أرَاهُ قَالَ فَلا تمرضون أبدا.
[الجندل]: الحجر.
[الآسن] بمد الهمزة وكسر السين المهملة: هو المتغير.
[الحميم]: القريب.
[الأكواب]: جمع كوب، وهو كوز لا عروة له، وقيل: لا خرطوم له، فإذا كان له خرطوم فهو إبريق.
[النمارق]: الوسائد، واحدها نمرقة.
[الزرابي]: البسط الفاخرة، واحدها زريبة.
ما بين مصراعين في الجنة كمسيرة أربعين سنة.
قوله: "عن علي رضي الله عنه"- تقدم الكلام على مناقبه وسبب قتله في أول كتاب النكاح. قوله رضي الله عنه: "أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)}
(1)
الآية"، الوفد جمعه وفود والوفود قي اللغة القوم المكرمون يفدون من بلادهم جماعتهم إلى ملكهم فيُنزلهم ويُكرمهم. وقال المفسرون:{وَفْدًا} ركبانا، وهي عادة الوفود لأنهم سراة الناس، فشبه أهل الجنة بأولئك كرامة
(1)
سورة مريم، الآية: 85 - 86.
لهم، وعن علي: يحشرون على النوق المحلاة بحلية الجنة خطمها من ياقو وزبرجد. وروي أن كلا منهم يركب ما أحب فمنهم من يركب الخيل ومنهم من يركب السفن فتجيء عائمة بهم. وأما قوله: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)}
(1)
[أي مشاة على وجوههم عطاشا ولفظ السوق يتضمن الهوان]
(2)
فيساقون كما تساق الإبل وغيرها من الأنعام تسوقهم الملائكة بسياط النار إلى النار كأنهم نعم عطاش تساق إلى الماء. [انتهى.] [قال الزمخشري: وحقيقة الورد المسير إلى الماء، قال:
ردى ردى ورد قطاة صما
…
كدرية أعجبها برد الما
فسمى به الواردون. وقرأ الحسن: يحشر المتقون، ويساق المجرمون]
(3)
وقال البغوي: الورد جماعة يردون الماء ولا يرد أحد الماء إلا بعد العطش، اهـ. قوله:"شرك نعالهم نور يتلألأ" الشرك جمع شراك، والشراك بكسر الشين وهو أحد سيور النعل وهو الذي يكون على وجهها وعلى ظهر القدم، وتقدم ذكره في مواضع. قوله:"وينتهون إلى باب الجنة" الحديث، وفي رواية الحاكم:"حتى [يقرعوا] باب الجنة" هذا محمول على الباب المخصوص بجنات المؤمن ولا يكون المراد به الباب الكبير الجامع الشامل لجميع جنات المؤمنين الذي هو باب الجنة الكبرى فإن ذلك الباب يفتحه النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
سورة مريم، الآية:86.
(2)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(3)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
[أولا] كما تقرر في الأحاديث ثم يصير مفتوحا للمؤمنين، [وأما أول من يدخل الجنة من هذه الأمة فقد روى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي وأنا أول من يدخل بعد أبي بكر، قاله
(1)
في حادي [الأرواح]
(2)
.
ومنهم من يدخل الجنة من أي [بابها] شاء ومنهم [من يختص بباب] ويشارك غيره فيما عداه مع ما يقترن بذلك من تسليم الملائكة عليهم وملاقاة أهاليهم وحورهم وولدانهم وهدايتهم إلى قصورهم وسرورهم بقصورهم وما تشتمل عليه مساكنهم من عجائب الغرف والتحف وارتفاعها [واتساعها] وغزارة أزهارها والتفاف أشجارها [وتنوع ثمارها] وملابسهم وحللهم وحليهم وأوانيهم الذهب والفضة وحسن هيئاتهم [وكمال] ارجهم وطيب عرفهم وصفاء أوقاتهم وسلامة [عيشهم] من التنغصات واجتماعهم مع أحبابهم في أنعم الحالات وأكمل المسرات وجلوسهم على الأرائك ومنابر النور ومرفقتهم للنبيين والصديقين والشهداء وتنعمهم بمشاهدتهم و [بـ] مجالستهم وزيارتهم لربهم سبحانه وتعالى وأحضورهم، عنده في مقعد صدق ومشاهدتهم لجمال وجهه الكريم وتشنف سماعهم بمخاطباته تعالى لهم وكمال طمأنينتهم برضاه تعالى عنهم واستقرار البسط التام بدوام رضاه
(1)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 113)
(2)
حصل تأخير لهذه الفقرة في النسخة الهندية، ووردت بعد قوله:(ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، اهـ.).
سبحانه عنهم ودوام خلودهم في الجنة ما اشتملت عليه من النعم والكرامات إلى غير ذلك مما لا يدخل تحت حصر النقول ولا إحصاء العقول وكيف يحاط بالجنة علما على جهة التفصيل والحق سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}
(1)
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن الله تعالى أنه قال: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، اهـ.
قوله: "فإذا حلقة من ياقوتة حمراء" الحلقة بسكون اللام وفتحها لغتان وتقدم الكلام عليها. قوله: "لم تشعث أبدا" الشعث هو ترك الدهن [والطيب].
قوله: "فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل " الحديث، الحوراء هي المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين وسيأتي الكلام على الحوراء العين مبسوطا إن شاء الله تعالى.
قوله: "فيتبعه ويقفو أثره" فيه لغتان فصيحتان مشهورتان كسر الهمزة وإسكان الثاء المثلثة وبفتحهما والله أعلم.
قوله: "فتخرج من الخيمة فتعانقه" سيأتي الكلام على ذكر الخيمة والخيام في بابه قريبا إن شاء الله تعالى. والمعانقة المحاضنة.
قوله: "مبني على جندل اللؤلؤ والياقوت طرائق حمر وطرائق صفر" الحديث، الجندل هو الحجر، قاله الحافظ.
(1)
سورة السجدة، الآية:17.
قوله: "فيأتي الأريكة فإذا عليها سرير على السرير سبعون فراشا" الحديث. الأريكة قال الأزهوي
(1)
كل ما يتكأ عليه فهو أريكة. قال الله تعالى. {عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ}
(2)
وتجمع الأريكة على أرائك والأرائك هي السرر التي تكون في الحجال والحجال هي البشاخين.
وقال مجاهد، عن ابن عباس في تفسير الأرائك قال: لا تكون أريكة حتى يكون السرير في الحجلة فإن كان سرير بغير حجلة لا يكون أريكة وإن كان حجلة بغير سرير [لم تكن] أريكة، في الحديث أن خاتم النبوة كان مثل زر الحجلة وهو الزر الذي يجمع به بين طرفيها من جملة أزرارها.
وقال الجوهوي في صحاحه
(3)
: الأريكة سرير منجد مزين في قبة أو بيت ومقتضى كلام الجوهوي هذا أن الأريكة مجموعة من ثلاثة أشياء وهي السرير والفرش والقبة أو البيت وبه قال السهيلي وغيره [فقال: قلت: ههنا ثلاثة أشياء: أحدها السرير والثاني الحجلة وهي البشخانة التي تعلق فوقه والثالث الفراش الذي على السرير ولا يسمى السرير أريكة حتى يجمع ذلك كله، والسرير يجمع أسرّة وسُرُر بضمتين وجاء فتح الراء، وقيل هو مأخوذ من السرور لأنه مجلس السرور.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أنهار من ماء غير آسن"، الآسن قد ضبطة الحافظ وفسّره
(1)
تهذيب اللغة (10/ 193).
(2)
سورة يس، الآية:56.
(3)
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (4/ 1572).