المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النهي عن النعي - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١٤

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْهِيب من النِّيَاحَة على الْمَيِّت والنعي وَلَطم الخد وخمش الْوَجْه وشق الجيب

- ‌إن الميت ليعذب ببكاء الحي

- ‌لا تصلي الملائكة على نائحة ولا مرنة

- ‌النهي عن النعي

- ‌ليس منا من حلق ولا خرق ولا صلق

- ‌التَّرْهِيب من إحداد الْمَرْأَة على غير زَوجهَا فَوق ثَلَاث

- ‌[التَّرْهِيب من أكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حق]

- ‌التَّرْغِيب فِي زِيَارَة الرِّجَال الْقُبُور والترهيب من زِيَارَة النِّسَاء واتباعهن الْجَنَائِز

- ‌التَّرْهِيب من الْمُرُور بقبور الظَّالِمين وديارهم ومصارعهم مَعَ الْغَفْلَة عَمَّا أَصَابَهُم وَبَعض مَا جَاءَ فِي عَذَاب الْقَبْر ونعيمه وسؤال مُنكر وَنَكير عليهما السلام

- ‌فوائد يختم بها الباب:

- ‌[التَّرْهِيب من الْجُلُوس على الْقَبْر وَكسر عظم الْميِّت]

- ‌كتاب البعث وأهوال يوم القيامة

- ‌فصل في النفخ في الصور وقيام الساعة

- ‌فصل في الحشر وغيره

- ‌فصل في ذكر الحساب وغيره

- ‌فصل في الحوض والميزان والصراط

- ‌فصل في الشفاعة وغيرها

- ‌كتاب صفة الجنة والنار الترغيب في سؤال الجنة والاستعاذة من النار

- ‌الترهيب من النار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه

- ‌فصل فِي شدَّة حرهَا وَغير ذَلِك

- ‌فصل في ظلمتها وسوادها وشررها

- ‌فصل في أوديتها وجبالها

- ‌فصل في بعد قعرها

- ‌فصل في سلاسلها وغير ذلك

- ‌فصل في حيّاتها وعقاربها

- ‌فصل في شراب أهل النار

- ‌فصل في طعام أهل النار

- ‌شراب أهل النار

- ‌في عظم أهل النار وقبحهم فيها

- ‌فصل في تفاوته في العذاب وذكر هونهم عذابا

- ‌فصل في بكائهم وشهيقهم

- ‌الترغيب الجنة ونعيمها ويشتمل على فصول

- ‌فصل في صفة دخول أهل الجنة الجنة وغير ذلك

- ‌عدد أبواب الجنة ثمانية:

- ‌فصل فيما لأدنى أهل الجنة

- ‌فصل في درجات الجنة وغرفها

- ‌فصل فِي بِنَاء الْجنَّة وترابها وحصبائها وَغير ذَلِك

- ‌فصل في حياض الجنة وعرفها

- ‌فصل في أنهار الجنة

الفصل: ‌النهي عن النعي

‌النهي عن النعي

5359 -

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت لما جَاءَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قتل زيد بن حَارِثَة وجعفر بن أبي طَالب وَعبد الله بن رَوَاحَة جلس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعرف فِيهِ الْحزن قَالَت وَأَنا أطلع منَ شقّ الْبَاب وَأَتَاهُ رجل فَقَالَ أَي رَسُول الله إِن نسَاء جَعْفَر وَذكر بكاءهن فَأمر أَن ينهاهن فَذهب الرجل ثمَّ أَتَى فَقَالَ وَالله لقد غلبنني أَو غلبننا فَزَعَمت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ فاحث فِي أفواههن التُّرَاب فَقلت أرْغم الله أَنْفك فوَالله مَا أَنْت بفاعل وَلَا تركت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من العنا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

(1)

.

قوله: "وعن عائشة" تقدم الكلام على مناقبها رضي الله عنها.

قولها: "لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعرف فيه الحزن. قالت: وأنا أطّلع من شق الباب. فأتاه رجل فقال: أي رسول الله إن نساء جعفر، وذكر بكاءهن، فأمره أن ينهاهن" الحديث، تقدم الكلام على قتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة في الجهاد على مناقبهم أيضًا.

وقولها: "وأنا أطلع من شق الباب" هو بفتح الشين وهو معروف.

وقوله: "إن نساء جعفر" خبره محذوف أي يبكين.

(1)

أخرجه البخاري (1305) و (4263)، ومسلم (30 - 935).

ص: 30

قوله: "فأمره أن ينهاهن" الحديث. والنهي عن البكاء إنما هو إذا كان مع النياحة ونحوها.

قوله: فذهب الرجل ثم أتى فقال: والله لقد غلبنني أو غلبننا الحديث: معناه: لم يطعن الناهي لهن عن البكاء إما لأنه لم يصرح لهن بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهن فظنن منه أنه [كالمتحسب] في ذلك وكالمرشد للمصلحة أو لأنهن غلبن في أنفسهن على سماع النهي لحرارة المصيبة والله أعلم. قاله القرطبي

(1)

.

قوله: فاحث في أفواههن التراب، هو بضم الثاء المثلثة وكسرها يقال حثا يحثو أو حثا يحثي لغتان، وهذا يدل على أنهن صرخن إذ لو كان بكاء العين فقط لم يكن لملئ أفواههن بالتراب معنى وليس أمره عليه السلام للرجل بذلك ليفعله بهن على كل حال ولكن على طريق أن هذا مما [يسكتهن] لو فعلته، فافعله إن أمكنك، وهو لا يمكنك [وأمره]صلى الله عليه وسلم بذلك مبالغة في إنكار البكاء عليهن ومنعهن منه ثم تأوّله بعضهم على أنه بكاء بنوح وصياح ولهذا تأكد النهي ولو كان مجرد دمع العين لم ينه عنه لأنه صلى الله عليه وسلم فعله وأخبر أنه ليس بحرام وأنه رحمة وتأوله بعضهم على أنه كان بكاء من غير نياحة ولا صوت قال: ويبعد أن الصحابيات يتمادين بعد تكرار نهيهن على محرم [وإنما كان أي منهن مجرّد]

(2)

والنهي عنه نهي تنزيه أو أدب لا للتحريم فلهذا أصررن

(1)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (8/ 66).

(2)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 31

عليه متأولات. قال الكرماني

(1)

: ويحتمل أن الرجل لم يُسند النهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلهذا لم يُطعنه. اهـ، وفيه دليل على أن المنهي عن المنكر إذا لم ينته عوقب وأدِّب إن أمكن ذلك وإلا فالملاطفة فيه أولى إن نفعت، قاله القرطبي

(2)

.

قولها رضي الله عنها: "فقلت: أرغم الله أنفك، فوالله ما أنت بفاعل" الحديث، أي ألصق بالرغام وهو بفتح الراء وهو التراب وهو إشارة إلى [إذلاله] وإهانته

(3)

دعت عليه عائشة لأنها فهمت أنه أحرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة تكراره عليه وإخباره ببكائهن، ولذلك قالت له والله ما تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم به أي لا تقدر على فعله لتعذره عليك ولا تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء، ولم تُرِد الاعتراض على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره، قاله القرطبي

(4)

.

قولها رضي الله عنها: "ما أنت بفاعل ولا تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء" العناء بفتح العين المهملة والمد المشقة والتعب بتردادك عليه وإغرائك إياه، قاله عياض

(5)

. قال النووي

(6)

: معناه أنك قاصر لا تقوم بما أمرت به من

(1)

الكواكب الدراري (7/ 94).

(2)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (8/ 67).

(3)

شرح النووي على مسلم (6/ 237).

(4)

المفهم (8/ 67).

(5)

إكمال المعلم (3/ 278).

(6)

شرح النووي على مسلم (6/ 237).

ص: 32

الإنكار لنقصك وتقصيرك ولا تخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقصورك عن ذلك حتى يرسل غيرك وتستريح من العناء، وفي حديث عبد العزيز: ولا تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العي، والعيّ بكسر العين المهملة أي التعب وهو بمعنى العناء والله أعلم.

5360 -

وَعَن حُذَيفَة رضي الله عنه أَنه قَالَ إِذْ حضر إِذا أَنا مت فَلَا يُؤذن عَليّ أحد إِنِّي أَخَاف أَن يكون نعيا وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينْهَى عَن النعي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ

(1)

وَقَالَ حَدِيث حسن وَذكره رزين فَزَاد فِيهِ فَإِذا مت فصلوا عَليّ وسلوني إِلَى رَبِّي سلا وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه

(2)

إِلَّا أَنه قَالَ كَانَ حُذَيْفَة إِذا مَاتَ لَهُ الْمَيِّت قَالَ لَا تؤذنوا بِهِ أحدا إِنِّي أَخَاف أَن يكون نعيا إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هَاتين ينْهَى عَن النعي.

5361 -

وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ ينْهَى عَن النعي وَقَالَ إيَّاكمْ والنعي فَإِنَّهُ من عمل الْجَاهِلِيَّة قَالَ عبد الله والنعي أَذَان بِالْمَيتِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مَرْفُوعا وَقَالَ غَرِيب وَرَوَاهُ من طَرِيق أُخْرَى قَالَ نَحوه وَلم يرفعهُ وَلم يذكر فِيهِ والنعي أَذَان بِالْمَيتِ وَقَالَ وَهَذَا أصح

(3)

وَقد كره بعض أهل الْعلم النعي والنعي عِنْدهم أَن يُنَادى فِي النَّاس أَن فلَانا مَاتَ

(1)

الترمذي (986): فلا تؤاذنوا بي وفي نسخة: فلا تؤاذنوا بي إلى أحد. وفي نسخة قال: حسن صحيح ..

(2)

ابن ماجه (1476).

(3)

أخرجه الترمذي (984) مرفوعا و (985). وضعفه الألباني في تخريج إصلاح المساجد (108)، وضعيف الترغيب (2070).

ص: 33

ليشهدوا جنَازَته وَقَالَ بعض أهل الْعلم لَا بَأْس أَن يعلم الرجل أهل قرَابَته وإخوانه انْتهى.

قوله: "وعن حذيفة" هو ابن اليمان، تقدم الكلام على مناقبه رضي الله عنه.

قوله: "أنه قال: لما حضر إذا أنا متّ فلا تؤذنّ عليّ أحدا إني أخاف أن يكون نعيا، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النعي" الحديث.

وفي حديث ابن مسعود بعده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن النعي وقال: إياكم والنعي فإنه من عمل الجاهلية، الحديث. والنعي بإسكان العين مخففا وبكسرها وتشديد الياء

(1)

هو إشاعة الإخبار بموت الميت

(2)

.

وقال [الهروي]: النعي بسكون العين الفعل والنعي بكسرها الرجل الميت، ويجوز أن يجمع على نعايا مثل صفي وصفايا

(3)

.

فأما النعي المنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والنعي فإن النعي من عمل الجاهلية" الحديث، وكان من عادتهم إذا مات فيهم شريف أو قتل بعثوا الركبان إلى أحياء العرب تنعاه إليهم، [يقال]: نعاء فلان أو يا نعاء العرب بكسر الهمزة فيهما والمد أي هلك فلان أو هلكت العرب بموت فلان فيندبون الميت ويثنون عليه بنياحة وبكاء وصراخ وغير ذلك، وذلك هو الذي نهى عنه وعلى ذلك يحمل حديث ابن مسعود إياكم والنعي فإن النعي

(1)

الصحاح (6/ 2512)، مطالع الأنوار (4/ 185).

(2)

المعلم (1/ 490)، وإكمال المعلم (3/ 412)، والمفهم (8/ 86).

(3)

الغريبين (6/ 1863)، والمعلم (1/ 490)، وإكمال المعلم (3/ 412).

ص: 34

من عمل الجاهلية

(1)

.

قوله: "قال عبد الله: والنعي أذان بالميت" أي إعلام بالميت، وقد [ذكر] بعض أهل العلم والنعي عندهم أن ينادى في الناس أن فلانا قد مات ليشهدوا جنازته وقال بعض أهل العلم: لا بأس أن يُعلم الرجل أهل قرابته وإخوانه، اهـ، قاله الحافظ.

قال العلماء: يجوز نعي الميت وهو الإعلام بموته للصلاة عليه لما يناله من دعائهم له واستغفارهم ورغبتهم إلى الله تعالى [فيهم] وسؤالهم ولما ينالون أيضا من ثواب الصلاة عليه [وعلى ذلك يحمل حديث ابن مسعود: "وإياكم والنعي فإن النعي من عمل الجاهلية"

(2)

].

وأما إذا كان نعي الميت والإعلام بموته ليجتمع الناس عليه على معنى التعظيم له والمصيبة لفقده والتفاخر بما يجتمع له من الناس ويحضره من الأشراف فهذا لا يجوز وعلى هذا يخرج نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن النهي وهذا هو المقصود من قول حذيفة رضي الله عنه

(3)

إذا مت لا تؤذنوا بي أحدا إني أخاف أن

(1)

المفهم (8/ 86)، والأذكار (ص 262).

(2)

انظر الأذكار (ص 262 - 263) والمجموع (5/ 216)، وإحكام الأحكام (1/ 364)، والعدة (2/ 762).

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 274 - 275) وأحمد (5/ 385 و 406) وابن ماجه (1476) والترمذي (986)، والبيهقي في الكبرى (4/ 74) ابن عبد البر في التمهيد (6/ 327) والمزي (5/ 376 - 377) قال الترمذي: حديث حسن صحيح وحسنه النووي في خلاصة الأحكام (2/ 1051)(3751) وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 17)، والشيخ =

ص: 35

يكون نعيا، ذكره صاحب كتاب العاقبة. واعلم أن جماعة من السلف كرهوا الإعلام أيضًا وهو مردود عليهم وقد فعله أبو هريرة وغيره ولا شك أنه من التعاون على البر والتقوى وأما حديث حذيفة ومن وافقه فهو من باب ترك ما لا بأس به خوفا من الوقوع فيما به بأس والله أعلم، قاله في شرح الإلمام

(1)

.

فائدة: قال الشيخ شهاب الدين بن العماد: واختلف أصحابنا في نعي الميت والإعلام بموته لأجل الصلاة عليه، فالذي حكاه البندنيجي والشيخ أبو إسحاق وغيرهما الكراهة، وقال في الروضة أنه لا بأس به، وحكى الماوردي فيه ثلاثة أوجه: ثالثها يستحب ذلك في حق الغريب دون غيره، وذكر صاحب الحاوي [في ذلك وجهين لأصحابنا في استحباب الإنذار بالميت]

(2)

وإشاعة موته بالنداء والإعلام فاستحب ذلك بعضهم للميت الغريب والقريب لما فيه من كثرة المصلين عليه والداعين له، وقال بعضهم: يستحب للغريب ولا يستحب لغيره كما تقدم عن الماوردي. قال النووي

(3)

: قلت: والصحيح استحبابه مطلقا إذا كان ذلك [بمجرد] إعلام لما روى الشيخان وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي مات ليلا أفلا كنتم آذنتموني به؟ وعلى هذا يحمل نعيه صلى الله عليه وسلم النجاشي للناس ونعيه جعفر بن أبي

= الألباني في أحكام الجنائز (ص 44). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 383).

(1)

لم أجده في المطبوع.

(2)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(3)

الأذكار للنووي (ص: 263).

ص: 36

طالب وزيد بن حارثة كما تقدم وأما نعي الجاهلية فهو الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم وهو الذي خاف منه حذيفة فإنهم كانوا يذكرون مآثر الميت ومفاخره. وقال أيضا: قال العلماء المحققون والأكثرون من أصحابنا وغيرهم يستحب إعلام أهل الميت وقرابته وأصدقاؤه للأحاديث الواردة في ذلك كما ذكره الحافظ في كلامه عن بعض العلماء والله أعلم.

قوله في حديث حذيفة: "فزاد رزين فإذا متّ فصلّوا علي وسلوني إلى ربي سلًّا" تقدم الكلام في الصلاة على الميت.

قوله: "وسلوني إلى ربي سلا" قال العلماء: ويسل الميت من قبل رأسه لأنه صلى الله عليه وسلم سُلّ من قبل رأسه كما رواه الشافعي، وينزل على رأسه ويُدلى في اللحد من مقدمه لئلا ينكب على وجهه ويقول الذي يدخله القبر باسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقوله عند دفنه الميت

(1)

. رواه أبو داود

(2)

[قال]

(3)

في المختصر: ويقول مع ذلك اللهم أسلمه إليك الأشحاء من ولده وقرابته وإخوانه وفارق من كان يحب قربه وخرج من سعة الدنيا والحياة إلى ظلمة القبر وضيقه ونزل بك وأنت خير منزول به، إن عاقبته فبذنب وإن عفوت فأهل العفو أنت. أنت غني عن عذابه وهو فقير إلى

(1)

مختصر المزنى (8/ 133)، وكفاية النبيه (5/ 138)، ومختصر الكفاية (لوحة 52/ مخ 2176 ظاهرية).

(2)

أخرجه أبو داود (3213)، والترمذي (1046)، والبيهقي 4/ 55. وصححه ابن حبان، والحاكم، ووافقه الذهبي.

(3)

سقط هذا اللفظ من النسخة الهندية.

ص: 37

رحمتك، اللهم اشكر حسنته واغفر سيئاته وأعذه من عذاب القبر واجمع له برحمتك الأمن من عذابك واكفه كل هول دون الجنة، اللهم اخلفه في تركته في الغابرين وارفعه في عليين وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الماوردي لأنه مروي عن السلف وأليق بالحال، قاله في مختصر الكفاية

(1)

والله أعلم وتقدم شيء من ذلك.

5362 -

وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه أَن عمر رضي الله عنه لما طعن عولت عَلَيْهِ حَفْصَة فَقَالَ لهَا عمر يَا حَفْصَة أما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الْمعول عَلَيْهِ يعذب قَالَت بلَى رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه.

(2)

قوله: "وعن أنس بن مالك" تقدم الكلام عليه.

قوله: "أن عمر لما طُعن عوّلت عليه حفصة فقال لها عمر يا حفصة أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن المعول عليه يُعذّب؟ قالت: بلى" الحديث، أي الذي يُبكى عليه [قال محققو أهل اللغة: يقال عوّل عليه أعول، لغتان. وقال بعضهم لا يقال إلا أعول، وهذا الحديث يرد عليه

(3)

. وقال في النهاية: ["المعول عليه يعذب" أي الذي يبكى عليه

(4)

من الموتى]

(5)

[يقال: أعول

(1)

مختصر المزنى (8/ 133)، والحاوى (3/ 64)، وكفاية النبيه (5/ 140) ومختصر الكفاية (لوحة 52/ مخ 2176 ظاهرية).

(2)

ابن حبان (3132) وأخرجه مسلم (127)(21).

(3)

شرح النووي على مسلم (6/ 230 - 231).

(4)

سقطت من النسختين وأثبتناها من النهاية.

(5)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 38

يعول إعوالا إذا بكى رافعا صوته

(1)

، والمعول].

قال عياض

(2)

: [كذا] رويناه بالإسكان ورواه بعضهم المعول وهو المبكي عليه يقال أعولت المرأة تعول إذا بكت بصوت وفيه لغة عوّلت وعلى هذه يقال المعول عليه. وفي مسلم فعوّلت حفصة وعوّل صهيب، ولابن الحذاء: واعولت وأعول والاسم العول والمعول بكسر الميم وسكون العين المهملة الذي يحفر به والله أعلم.

[قال محققو أهل اللغة يقال:]

(3)

]

(4)

أعول يعول إعوالا إذا بكى رافعا صوته، قيل أراد به [أن] يوصي بذلك، وقيل أراد الكافر وقيل أراد شخصا بعينه علم بالوحي حاله، ولهذا جاء به معرّفا، ويُروى بفتح العين وتشديد الواو من عول للمبالغة ومنه رجز عامر: وبالصياح عولوا علينا. أي أجلبوا واستغاثوا، والعويل صوت الصدر بالبكاء وقيل كل ما كان من هذا الباب فهو معول بـ[التخفيف فأما]

(5)

التشديد فهو من الاستغاثة يقال عولت به وعليه استغثته

(6)

اهـ.

(1)

أثبتناها من النسخة الهندية وهى تمام كلام ابن الأثير في النهاية (3/ 321).

(2)

مشارق الأنوار (5/ 55).

(3)

سقطت هذه العبارة من هذا الموضع في النسخة الهندية.

(4)

وقع تأخير هذه الفقرة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(فهو من الاستغاثة يقال عولت به وعليه استغثته اهـ).

(5)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(6)

النهاية (3/ 321 - 322).

ص: 39

5363 -

وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ منا من ضرب الخدود وشق الْجُيُوب ودعا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه

(1)

.

قوله: "وعن ابن مسعود" تقدم الكلام على مناقبه رضي الله عنه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" الحديث، فقوله:"ليس منا" صورته صورة التبرِّي ليكون أبلغ في الزجر والمراد والله أعلم أنه يحتمل ليس على سنتنا وطريقتنا المرضية لا أنه يكفر بذلك ويحتمل نفي الإسلام عن فاعل ذلك إذا فعله مستحلا له وكذا يجب تأويل نظائره كقوله صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا وأشباه ذلك

(2)

، اهـ. قاله ابن العماد.

قوله: "ضرب الخدود وشق الجيوب" ضرب الخدود هو اللطم وإنما خص الخدّ لأن في لطمها تعريضا لإذهاب السمع والبصر وقد ورد النهي عن ضرب الوجه لهذا المعنى ويلتحق بضرب الخدود الصدور والرأس ونحوه

(3)

، قاله ابن العماد.

وقوله: "وشق الجيوب" جمع جيب وهو طوق الإنسان الذي يخرج منه رأسه ونحوه من قولك: جبت الشيء إذا قطعته وجابوا الصخر قطعوه. قال الكرماني: فإن قلت اللطم والشق لا يخرج فاعلهما من هذه الأمة فما معنى

(1)

أخرجه البخاري (1294) و (1297) و (1298) و (4/ 184)، ومسلم (165 و 166 - 103)، وابن ماجه (1584)، والترمذي (999)، والنسائى في المجتبى 4/ 35 (1876).

(2)

انظر: المفهم (2/ 20) والاعلام (4/ 522 - 523).

(3)

انظر: رياض الأفهام (3/ 271)، والاعلام (4/ 523).

ص: 40

النفي؟ قلت: هو التغليظ اللهم إلا أن يفسّر دعوى الجاهلية بما يوجب الكفر نحو تحليل الحرام وعدم التسليم لقضاء الله، فحينئذ يكون النفي حقيقة

(1)

.

وقوله: "ودعا بدعوى الجاهلية" فهو ما كانت العرب تقوله عند موت الميت كقولهم واجبلاه واسنداه واسيداه واكهفاه ونحو ذلك

(2)

فكل ذلك حرام باتفاق الأصحاب، والذي وقع في كلامهم فيه التعبير بالكراهة فمراده كراهة التحريم

(3)

.

قال إمام الحرمين: والإفراط في رفع الصوت في معنى شق الجيب ما لم يكن مغلوبا على ذلك غير مختار

(4)

اهـ.

والمراد من الدعوى النداء والمعنى ونادى بمثل نداء الجاهلية وذلك أن الرجل منهم إذا غلب في الخصام ونيل منه نادى بأعلى صوته يا آل فلان مستصرخا قومه فأتاه الصريخ من هنا وهنا [فهو]

(5)

مهرولين نحوه قائمين بنصره ظالما كان أو مظلوما فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يبتغي في الإسلام سنة الجاهلية أنه من أهل جهنم، كذا قاله شارح مشارق الأنوار

(6)

، والمراد بالجاهلية ما كان في الفترة قبل الإسلام، وتقدم الكلام على الفترة.

(1)

الكواكب الدراري (7/ 88).

(2)

إحكام الأحكام (1/ 373)، ورياض الأفهام (3/ 272).

(3)

المجموع (5/ 307).

(4)

المجموع (5/ 307).

(5)

سقط هذا اللفظ من النسخة الهندية.

(6)

حدائق الأزهار (لوحة 139/ مخ 87781 كتبخانة).

ص: 41