الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في بكائهم وشهيقهم
5616 -
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال: إن أهل النار يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما، ثم يقول: إنكم ماكثون، ثم يدعون ربهم فيقولون: ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون فلا يجيبهم مثل الدنيا، ثم يقول:[اخسئوا فيها ولا تكلمون]، ثم ييأس القوم فما هو إلا الزفير والشهيق تشبه أصواتهم أصوات الحمير أولها شهيق وآخرها زفير. رواه الطبراني
(1)
موقوفا ورواته محتج بهم في الصحيح، والحاكم
(2)
وقال صحيح على شرطهما.
[الشهيق] في الصدر.
و [الزفير] في الحلق، وقال ابن فارس: الشهيق ضد الزفير لأن الشهيق رد النفس، والزفير إخراج النفس.
(1)
الطبراني في المعجم الكبير (13، 14/ 352/ 1417)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 396)، وقال:"رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح". ورواه نعيم بن حماد في روايته للزهد لابن المبارك (319)، وابن أبي حاتم في تفسيره (14047)، ابن أبي شيبة (35121) - ومن طريقه ابن أبي الدنيا في صفة النار (168) وهناد في الزهد (214) والطبري في تفسيره (20/ 649 - 650)، والبيهقي في البعث والنشور (648 و 649) والدينوري في المجالسة (2293)، والبغوي في شرح السنة (4420).
(2)
الحاكم في المستدرك (2/ 395) و (4/ 598). وعنه: البيهقي في البعث والنشور (577)، وفي الأسماء والصفات (480) قال الحاكم -في الموضع الأول-: هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه. وفي الموضع الثاني: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3691).
قوله: "عن عبد الله بن عمرو" تقدم. قوله: "إن أهل النار يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما" ثم يقول: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}
(1)
"مالك اسمه مشتق من الملك وهو القوة والشدة جث تصرفت حروفه. قال الزمخشري
(2)
في تفسير آخر سورة المؤمنين: "عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن لأهل النار ست دعوات إذا دخلوا النار. قالو: ألف سنة ربنا أبصرنا وسمعنا، فينادون -وفي نسخة: فيجابون- حق القول مني. فينادون ألفا سنة ربنا أمتنا اثنتين فيجابون بأنه إذا دعى لله وحده كفرتم فينادون ألفا سنة يا مالك ليقض علينا ربك. فيجابون: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}
(3)
، فينادون ألفا سنة:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ}
(4)
، فينادون {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ}
(5)
الآية، فينادون:{أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}
(6)
فيجابون {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ]}
(7)
الآية، فينادون ألفا سنة {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)}
(8)
،
(1)
سورة الزخرف، الآية:77.
(2)
الكشاف (3/ 207).
(3)
سورة الزخرف، الآية:77.
(4)
سورة المؤمنون، الآية:107.
(5)
سورة إبراهيم، الآية:44.
(6)
سورة فاطر، الآية:36.
(7)
سورة فاطر، الآية:36.
(8)
سورة المؤمنون، الآية:107.
فيجابون {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}
(1)
، وهذا آخر كلام يتكلمون ثم لا كلام بعد ذلك إلا الشهيق والزفير [والعواء كعواء] الكلاب لا يفهمون ولا يفهمون. قلت: وظهر أن الدعوات إنما كانت ستا لأنها لأهل الطبقات الست، أما الطبقة الأولى فإنها للموحدين وهم لا يخلدون بل يخرجون منها وهذه الطبقات الست لكل طبقة دعوة وإجابة ثم لا يتكلمون ولا يجابون. [وانتهى والله تعالى أعلم. والمكث هو اللبث.
قوله: "ثم يقول: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}
(2)
"، الحديث] يقال: خسأت الكلب إذا طردته فهو متعد وخسأ الكب بنفسه فهو لازم. وقيل هو زجر للكلب وإبعاد له، قال الله تعالى:{قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}
(3)
أي أي ابعدوا بُعد الكلاب ولا تكلمون في رفع العذاب عنكم وكل من عصى الله تعالى سقطت حرمته فجاز خطابه بنحوه من الغلظة والذم ليرجع عن ذلك، قاله الكرماني
(4)
. وقال غيره: أي تركهم وأعرض عنهم، والله أعلم. قوله:"ثم "ثم ييأس القوم فما هو إلا الزفير والشهيق"، الزفير يكون في الصدر والشهيق في الحلق. وقال ابن [فارس]: "الشهيق ضد الزفير لأن الشهيق رد النفس والزفير إخراج النفس" اهـ، قاله الحافظ.
(1)
سورة المؤمنون، الآية:108.
(2)
سورة المؤمنون، الآية:108.
(3)
سورة المؤمنون، الآية:108.
(4)
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (22/ 36).
5617 -
وروى الْبَيْهَقِيّ
(1)
عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله لَهُم فِيهَا زفير وشهيق قَالَ صَوت شَدِيد وَصَوت ضَعِيف. قَالَ الْحَافِظ وَتقدم حَدِيث أبي الدَّرْدَاء وَفِيه فَيَقُولُونَ ادعوا مَالِكًا فَيَقُولُونَ يَا مَالك ليَقْضِ علينا رَبك قَالَ {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}
(2)
قَالَ الأعْمَش نبئت أَن بَين دُعَائِهِمْ وَبَين إِجَابَة مَالك لَهُم ألف عَام قَالَ فَيَقُولُونَ ادعوا ربكُم فَلَا أحد خير من ربكُم فَيَقُولُونَ {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ}
(3)
قَالَ فَيُجِيبهُمْ {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}
(4)
قَالَ فَعِنْدَ ذَلِك يئسوا من كل خير وَعند ذَلِك يَأْخُذُونَ فِي الزَّفِير والشهيق وَالْويل رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ
(5)
.
5618 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل البكاء على أهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع، ثم يبكون الدم حتى يصير في وجوههم كهيئة الأخدود، لو أرسلت فيها السفن لجرت. رواه ابن ماجه وأبو يعلى، ولفظه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون في النار حتى تسيل دموعهم في خدودهم
(1)
أخرجه البيهقى في الشعب (596)
(2)
سورة الزخرف، الآية:77.
(3)
سورة المؤمنون، الآية: 106 - 107.
(4)
سورة المؤمنون، الآية:108.
(5)
أخرجه الترمذي (2586). وضعفه الألباني في المشكاة (5686) وضعيف الترغيب (2160) و (2177). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
كأنها جداول حتى تنقطع الدموع فيسيل يعني الدم فيقرح العيون. وفي إسنادهما يزيد الرقاشي وبقية رواة ابن ماجه ثقات احتج بهم البخاري ومسلم. ورواه الحاكم
(1)
مختصرا عن عبد الله بن قيس مرفوعا قال: إن أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت، وإنهم ليبكون الدم مسكان الدمع. وقال: صحيح الإسناد.
[الأخدود] بالضم: هو الشق العظيم في الأرض.
قوله: "وعن أنس بن مالك" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن أهل النار يبكون في النار حتى تسيل دموعهم في خدودهم كأنها جداول حتى تنقطع الدموع" الجداول جمع جدول وهو النهر الصغير. قاله الحافظ المقدسي، وقوله:"إن أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت" السفن جمع سفينة وهي المراكب، قوله:"كهيئة الأخدود" وقد ذكر الحافظ الأخدود أنه الشق العظيم في الأرض. [والله تعالى أعلم بالصواب].
(1)
أخرجه ابن ماجه (4324)، وأبو يعلى في مسنده (4134)، والحاكم في المستدرك (4/ 605)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1679)، وفي صحيح الجامع الصغير (8083) وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2178).