المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب الجنة ونعيمها ويشتمل على فصول - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١٤

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْهِيب من النِّيَاحَة على الْمَيِّت والنعي وَلَطم الخد وخمش الْوَجْه وشق الجيب

- ‌إن الميت ليعذب ببكاء الحي

- ‌لا تصلي الملائكة على نائحة ولا مرنة

- ‌النهي عن النعي

- ‌ليس منا من حلق ولا خرق ولا صلق

- ‌التَّرْهِيب من إحداد الْمَرْأَة على غير زَوجهَا فَوق ثَلَاث

- ‌[التَّرْهِيب من أكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حق]

- ‌التَّرْغِيب فِي زِيَارَة الرِّجَال الْقُبُور والترهيب من زِيَارَة النِّسَاء واتباعهن الْجَنَائِز

- ‌التَّرْهِيب من الْمُرُور بقبور الظَّالِمين وديارهم ومصارعهم مَعَ الْغَفْلَة عَمَّا أَصَابَهُم وَبَعض مَا جَاءَ فِي عَذَاب الْقَبْر ونعيمه وسؤال مُنكر وَنَكير عليهما السلام

- ‌فوائد يختم بها الباب:

- ‌[التَّرْهِيب من الْجُلُوس على الْقَبْر وَكسر عظم الْميِّت]

- ‌كتاب البعث وأهوال يوم القيامة

- ‌فصل في النفخ في الصور وقيام الساعة

- ‌فصل في الحشر وغيره

- ‌فصل في ذكر الحساب وغيره

- ‌فصل في الحوض والميزان والصراط

- ‌فصل في الشفاعة وغيرها

- ‌كتاب صفة الجنة والنار الترغيب في سؤال الجنة والاستعاذة من النار

- ‌الترهيب من النار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه

- ‌فصل فِي شدَّة حرهَا وَغير ذَلِك

- ‌فصل في ظلمتها وسوادها وشررها

- ‌فصل في أوديتها وجبالها

- ‌فصل في بعد قعرها

- ‌فصل في سلاسلها وغير ذلك

- ‌فصل في حيّاتها وعقاربها

- ‌فصل في شراب أهل النار

- ‌فصل في طعام أهل النار

- ‌شراب أهل النار

- ‌في عظم أهل النار وقبحهم فيها

- ‌فصل في تفاوته في العذاب وذكر هونهم عذابا

- ‌فصل في بكائهم وشهيقهم

- ‌الترغيب الجنة ونعيمها ويشتمل على فصول

- ‌فصل في صفة دخول أهل الجنة الجنة وغير ذلك

- ‌عدد أبواب الجنة ثمانية:

- ‌فصل فيما لأدنى أهل الجنة

- ‌فصل في درجات الجنة وغرفها

- ‌فصل فِي بِنَاء الْجنَّة وترابها وحصبائها وَغير ذَلِك

- ‌فصل في حياض الجنة وعرفها

- ‌فصل في أنهار الجنة

الفصل: ‌الترغيب الجنة ونعيمها ويشتمل على فصول

‌الترغيب الجنة ونعيمها ويشتمل على فصول

5619 -

عَن أبي بكرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قتل نفسا معاهدة بِغَيْر حَقّهَا لم يرح رَائِحَة الْجنَّة فَإِن ريح الْجنَّة ليوجد من مسيرَة مائَة عَام، وَفِي رِوَايَة وَإِن لريحها ليوجد من مسيرَة خَمْسمِائَة عَام. رواه ابن حبان في صحيحه

(1)

.

قوله: "عن أبي بكر الصديق" هو أبو بكر الصديق بن أبي قحافة رضي الله عنهما تقدم الكلام على مناقبه في عدة مواضع من هذا التعليق.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة"، المعاهد يجوز أن يكون بكسر الهاء وفتحها على اسم الفاعل والمفعول، وهو في الحديث بالفتح أشهر وأكثر، والمعاهد من بينك وبينه عهد وأكثر ما يطلق في

(1)

صحيح ابن حبان (4881، 4882 و 7382)، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف 18521، وابن أبي شيبة في المصنف (27944)(27945)، و أحمد (5/ 36 و 38 و 5/ 52)، والبخاري فيالتاريخ الكبير (1/ 428) معلقا وأبو داود (2760) والنسائي (8/ 25)، وفي الكبرى (6924 و 8690)، والبزار (3696)(3679) والدارمي (2507) وابن الجارود (835 و 1070)، والبيهقي في الكبرى (9/ 205) والحاكم (1/ 44) (2/ 142) والحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث المختصر (2/ 183) وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وقال الحافظ ابن حجر: هذا حديث حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (6458)، وصحيح الترغيب والترهيب (3008)، وفي السلسلة الصحيحة (2356).

ص: 641

الحديث على أهل الذمة وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صُولحوا على ترك الحرب مدة [ما].

وفي الحديث

(1)

: أيما رجل أمّن رجلا على ذمة ثم قتله فأنا من القاتل بريء وإن كان المقتول كافرا، فالغدر حرام في كل عهد بين المسلم وغيره ولو كان المعاهد كافرا وتقدم الكلام على ضبطه وتفسيره أيضا مبسوطا وذلك مذكور في الترهيب من [الخيانة] والغدر وإنجاز الوعد. وقوله: لم يرح رائحة الجنة، أي لم يشم ريحها، وهو بضم الياء من يرح وكسر الراء عند الكسائي وبفتحها عند أبي عبيد، ومعناهما واحد، وتقدم ذكر ذلك أيضا في أماكن متفرقة من هذا التعليق. قوله صلى الله عليه وسلم:"وإن ريح الجنة ليوجد من مسيرة مائة عام" وفي رواية: "وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام" وفي حديث جابر الذي بعده: وإن ريح الجنة ليوجد من مسيرة ألف عام، والله لا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم" وفي صحيح البخاري

(2)

: إن ريح الجنة [تنشق] من

(1)

أخرجه الطيالسي (1381 و 1382)، أحمد (21946)(21947)، وابن ماجه (2688)، والنسائي في "الكبرى"(8686)(8687)، وابن حبان (5982) وابن أبي عاصم، في "الآحاد والمثاني" (2343: 2345)، والبزار (2306: 2358)، والطبراني في "الأوسط"(2551 و 4252 و 6640 و 6655 و 7590 و 7781 و 8428)، والبيهقي 9/ 142، وفي دلائل النبوة (6/ 483) والبغوي (2717)، والحاكم في المستدرك (4/ 393) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 136) إسناد صحيح ورجاله ثقات.

(2)

صحيح البخاري (3166).

ص: 642

مسيرة أربعين عاما. وفي رواية للترمذي

(1)

من مسيرة سبعين خريفا، وغيو ذلك من الأحاديث. وهذه الألفاظ لا تعارض بينها بوجه ويحتمل هذا الاختلاف أن يكون ذلك بحسب اختلاف إدراك أهل الجنة وتفاوت مراتبهم فمن كان أعلى رتبة نشق من مسيرة ألف عام، ويحتمل غير ذلك، [والله تعالى أعلم]، قاله في حادي القلوب

(2)

.

وقال بعض العلماء: والظاهر والله أعلم أن هذا [الاختلاف] بحسب اختلاف درجات أهل الجنة: فمن كان من أهل الدرجات العلى شمّه من ألفط عام، ومن كان دونه فمن مسيرة خمسمائة عام ثم من مائة ثم من سبعين ثم من أربعين. وقال بعض العلماء: ويحتمل [وجوها أخر]: الوجه الأول أنه أوحي إليه صلى الله عليه وسلم أن ريح الجنة يوجد من أربعين، ثم أوحي إليه أنه يوجد من سبعين ثم من مائة ثم من خمسائة ثم من ألف، فأخبر كما أوحي إليه. ["قلت وتخصيص هذه الأعداد بالذكر مما لا تدرك حكمته إلا بتوقيف من الشارع صلى لله عليه وسلم أو بطريق الكشف والله أعلم، وما يأتي للمصنف لا يخفى بعده لمن تأمله والله أعلم"]

(3)

، [الوجه] الثاني يحتمل أن قاتل المعاهد إذا أراد قتله [وهوانه وتركه خشية من الله سبحانه كان من حسناته] أن يجد ريح الجنة من المدة التي ذكرت واختلاف المدة فيه باعتبار الإيحاء كما تقدم

(1)

سنن الترمذي (1403) حديث حسن صحيح.

(2)

لم أجده في المخطوط.

(3)

سقطت هذه الحاشية من النسخة الهندية.

ص: 643

[في الوجه الذي كتب]

(1)

، وكذلك قوله: إذا سألت المرأة [طلاقها] من غير ما بأس، لو تركت [السؤال من غير ما بأس لو تركت السؤال] خشية من الله تعالى ورغبة كان [منزلتها] أنها تجد ريح الجنة من أربعين [عاما] وكذلك من ادعى إلى غير أبيه يجري على هذا المجرى والله تعالى أعلم بمراد رسوله صلى الله عليه وسلم. قال في حادي الأرواح

(2)

: وقد أشهد الله سبحانه وتعالى عباده في هذه الدار آثارا من آثار الجنة وأنموذجا منها من الرائحة الطيبة واللذات المشتهاة والمناظر [البهية] والفاكهة الحسنة والنعيم والسرور وقرة العين وغير ذلك.

وقد روى أبو نعيم

(3)

من حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل للجنة طيبي لأهلك فتزداد طيبا فذلك البرد الذي يجده الناس بالسحر من ذلك كما جعل الله سبحانه وتعالى [دار] الدنيا وآلامها وغمومها وإحراقها [تذكره بنار الآخرة، قال الله تعالى في هذه النار:{نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً}

(4)

، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن شدة الحر] والبرد من إنفاس جهنم فلابد أن يُشهد عباده أنفاس جنته وما يذكرهم بها والله

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(2)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 162)

(3)

أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (ص 15)، ومن طريقه أبو نعيم في صفة الجنة (20)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 412) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمر بن عبد الغفار، وهو متروك. انظر: السلسلة الضعيفة (6757).

(4)

سورة الواقعة، الآية:73.

ص: 644

المستعان. [قاله في حادي الأرواح

(1)

]، وقال بعض شراح البخاري: حديث عبد الله بن عمرو يدل على أن المسلم إذا قتل ذميا لا يقتل به لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكر هذا الوعيد للمسلم وعظم الإثم فيه في الآخرة ولم يذكر بينهما قصاصًا في الدنيا، فقوله صلى الله عليه وسلم-لم يرح رائحة الجنة معناه على الوعيد [لا على] التحتم والإلزام وإنما هذا لمن أراد الله تعالى إنفاذ الوعيد عليه: قال: فإن قيل قد جاء في حديث: من ادعى إلى غير أبيه [لم يرح رائحة الجنة و] إن ريحها ليوجد من مسيرة [سبعين عامًا، وفي حديث الموطأ في النساء الكاسيات العاريات: وإن ريحها ليوجد من مسيرة]

(2)

خمسمائة عام، فما الحكمة في اختلاف المدد في وجود ريح الجنة؟ فالجواب: يحتمل والله أعلم أن تكون الأربعون هي أقصى أشد العمر في قول أكثر أهل العلم فإذا بلغ ابن آدم زاد [عمله] ويقينه واستحكمت بصيرته في الخشوع لله تعالى والتذلل [له] والندم على ما سلف فكأنه وجد ريح الجنة التي تبعثه على الطاعة وتمكن من قلبه الأفعال الموصلة إلى الجنة فهذا وجد ريحها من مسيرة أربعين وأما السبعون عاما فإنها آخر [المعترك] وهي أعلى منزلة من الأربعين في الاستبصار ويعرض للمرء عندها من الخشية والندم لاقتراب أجله ما لم يعرض له قبل ذلك وتزداد طاعته بتوفيق الله فيجد ريح الجنة من مسيرة سبعين عامًا وأما وجه الخمسمائة عام فهي فترة ما بين نبي [ونبي] فيكون من

(1)

حادي الأرواح (ص: 162).

(2)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 645

[جاء] في آخر الفترة واهتدى باتباع [النبي] الذي كان قبل الفترة ولم يضره طولها فوجد ريح الجنة على خمسمائة عام

(1)

. ["لعل هذا هو محل قوله حوله، وقال بعض العلماء إلى قوله والله أعلم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقوله: "فوجد ريح الجنة على خمسمائة عام" هذا يقتضي أن أهل الفترة أقوى إدراكا لريح الجنة من آخر هذه الأمة حتى الصحابة فمن عداهم وهذا ومن الصحابة لما حضر أحد قال لصاحبه إذا ذاك إني لأجد ريح الجنة دون أحد، ثم تقدم فقاتل حتى قتل يرحمه الله، خصوا بذلك وإن لم يعيشوا الأربعين والسبعين فضلا عمن أدكرها ويقتضي أيضا قصر ذلك على من عاش هذين السنين من هذه الأمة خاصة ولو شابا نشأ في عبادة الله ولا يخفى ما في ذلك كله والله أعلم"]

(2)

. واعلم أن اسم الجنة شامل لجميع ما حوته من البساتين والمساكن والقصور وهي جنات [كبيرة] جدًّا كما روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك أن أم الربيع وهي أم حارثة بن سراقة أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث إلى أن قال: يا أم حارثة إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى منها

(3)

، اهـ.

وللجنة عدة أسماء الأول الجنة وهو الاسم العام المتناول لتلك الدار وما اشتملت عليه من أنواع النعيم واللذة والبهجة والسرور وقرة الأعين

(1)

شرح ابن بطال 8/ 564 - 565، والتوضيح 18/ 596.

(2)

سقطت هذه الحاشية من النسخة الهندية.

(3)

البخاري (6567، 6568)، وانظر حادى الأرواح (ص: 102).

ص: 646

واشتقاق هذه اللفظة وهي الجنة التي هي دار النعيم في الدار الآخرة من الاجتثان وهو السّتر والتغطية لتكاثف أشجارها وتظليله بالتفاف أغصانها ومنه سمي البستان جنة لأنه يستر داخله بالأشجار ويغطيه فلا يستحق هذا الاسم إلا موضع كثير الشجر مختلف الأنواع ومنه الجنين لاستتاره في بطن أمه، والجان [لاستتارهم] عن العيون واختفائهم عن الأبصار والمجن لستره ووقايته الوجه والمجنون لاستتار عقله وتواريه عنه والجنّان وهي الحية الصغيرة الدقيقة كما ورد به الحديث، ومنه الحديث أيضا جنّ عليه الليل أي ستره. والجُنة بضم الجيم ما يستر به الرأس من ترس أو غيره. ومنه قوله تعالى:{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً}

(1)

، ومنه الجنة بالكسر وهم [الجن] كما قال تعالى:{مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}

(2)

، وذهبت طائفة من المفسرين إلى أن الملائكة يسمون جنة واحتجوا بقوله تعالى:{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا}

(3)

، قالوا: وهذا أنسب بقولهم: الملائكة بنات الله

(4)

.

الاسم الثاني: دار السلام: والسلام في الأصل السلامة. [وقد سماها الله تعالى بهذا الاسم في قوله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ}

(5)

، وقوله

(1)

سورة المجادلة، الآية:16.

(2)

سورة الناس، الآية:6.

(3)

سورة الصافات، الآية:158.

(4)

حادى الأرواح (ص 95 - 96).

(5)

سورة الأنعام، الآية:127.

ص: 647

تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}

(1)

]. قال قتادة: السلام هو الله عز وجل، وداره الجنة وهي أحق بهذا الاسم فإنها دار السلامة من كل بليّة وآفة ومكروه، وهي دار الله واسمه سبحانه السلام الذي سلمها وسلم أهلها وتحيتهم فيها سلام، والرب سبحانه وتعالى [يسلم عليهم من فوقهم كما قال تعالى:] {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}

(2)

[و] قيل المراد بالسلام التحية، [سميت الجنة دار السلام]

(3)

لأن أهلها يُحيي بعضهم بعضا بالسلام والملائكة [تسلم] عليهم. قال الله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}

(4)

[قاله البغوي]. الاسم الثالث: دار الخلد، وسميت بذلك لأن أهلها لا يظعنون عنها أبدا، كما قال تعالى:{عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}

(5)

، وقال تعالى:{أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا}

(6)

، الاسم الرابع: دار المقامة. قال الله تعالى حكاية عن أهلها: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} إلى قوله: {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ}

(7)

.

(1)

سورة يونس، الآية:25.

(2)

سورة يس، الآية: 57 - 58.

(3)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(4)

سورة الرعد، الآية: 43 - 44.

(5)

سورة هود، الآية:108.

(6)

سورة الرعد، الآية:35.

(7)

سورة فاطر، الآية: 34 - 35.

ص: 648

قال مقاتل: أنزلنا دار الخلود، وأقاموا فيها أبدا لا يموتون ولا يتحولون منها أبدًا. وقال الفراء والزجاج: المقامة محل الإقامة. يقال: أقمت بالمكان إقامة ومقاما. الاسم الخامس: جنة المأوى، وقال الله تعالى:{عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)}

(1)

، قال عطاء وابن عباس: هي الجنة التي يأوي إليها جبريل والملائكة، وقال مقاتل والكلبي: هي جنة تأوي إليها أرواح الشهداء. وقال كعب جنة المأوى فيها طير خضر ترتعي فيها أرواح الشهدء.

وقالت عائشة رضي الله عنها وزر بن حبيش: هي جنة من الجنات، والصحيح أنه اسم من أسماء الجنة كما قال تعالى {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)} [{فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)}]

(2)

الآية-، وقال في النار {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى}

(3)

وقال {وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ}

(4)

الآية. الاسم السادس جنات عدن فقيل هي اسم لجنة من جملة [الجنات] والصحيح أنه اسم لجملة الجنات [فكلها] جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب. وقال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا}

(5)

، وقال تعالى:{وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ}

(6)

وهو مشتق من العدون والاشتقاق يدل على أن

(1)

سورة النجم، الآية:15.

(2)

سورة النازعات، الآية: 40 - 41.

(3)

سورة النازعات، الآية:39.

(4)

سورة الجاثية، الآية:34.

(5)

سورة الرعد، الآية:23.

(6)

سورة الصف، الآية:12.

ص: 649

جميعها جنات عدن فإنه من الإقامة والدوام يقال عَدَن بالمكان إذا أقام به ومنه سمي [العَدِن] بكسر الدال لأن الناس يقيمون فيه الصيف والشتاء

(1)

.

الاسم السابع دار الحيوان، قال الله تعالى:{وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ}

(2)

أي دار الحياة التي لا موت فيها، والمراد الجنة عند أهل التفسير. قالوا: وإن الآخرة يعني الجنة لهي الحيوان لهي الحياة التي لا موت فيها. [فقال الكلبي: هي جنات لا موت فيها]، وقال الزجاج هي دار الحياة الدائمة، وقال أهل اللغة بغير ذلك. الاسم الثامن: الفردوس قال الله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10)} إلى قوله {الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

(3)

، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)}

(4)

والفردوس اسم يقع على جميع الجنة ويقال على أفضلها وأعلاها كأنه أحق بهذا الاسم من غيره من الجنات وأصل الفردوس في اللغة البستان والفراديس البساتين. قال كعب رضي الله عنه: هو البستان الذي فيه الأعناب، وقال الليث الفردوس جنة ذات كروم يقال كرم مفردس أي معرش. وقال الضحاك هي الجنة الملتفة بالأشجار وهو اختيار المبرد وقال الفردوس فيما سمعت من كلام العرب الشجر الملتف والأغلب عليه العنب

(1)

حادى الأرواح (ص 96 - 98).

(2)

سورة العنكبوت، الآية:64.

(3)

سورة المؤمنون، الآية: 10 - 11.

(4)

سورة الكهف، الآية:107.

ص: 650

وجمعه الفراديس. قال: وبهذا سمى باب الفراديس بالشام. وقال مجاهد هو البستان بالرومية واختاره الزجاج

(1)

.

الاسم التاسع جنات النعيم، قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8)}

(2)

وهذا أيضا اسم جامع لجميع الجنات لما تضمنته من [الأنعام] التي يتنعم بها من المأكول والمشروب والملبوس والصور والرائحة الطيبة والمنظر البهيج والمساكن الواسعة وغير ذلك من النعيم الظاهر والباطن

(3)

.

الاسم العاشر المقام الأمين، قال الله تعالى:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)}

(4)

فالمقام موضع الإقامة والأمين الأمين من كل سوء وآفة ومكروه وهو الذي قد جمع صفات الأمن كلها فهو آمن من الزوال والخراب وأنواع النقص وأهله آمنون فيه من الخروج والنغص والنكد والبلد الأمين الذي قد أمن من أهله فيه مما يخاف منه سواهم وتأمل كيف ذكر سبحانه الأمن في قوله تعالى {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)} و وفي قوله {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55)}

(5)

فجمع لهم بين أمن المكان وأمن الطعام فلا يخافون

(1)

حادى الأرواح (ص 98 - 99).

(2)

سورة لقمان، الآية:8.

(3)

حادى الأرواح (ص 100 - 101).

(4)

سورة الدخان، الآية:51.

(5)

سورة الدخان، الآية:55.

ص: 651

انقطاع الفاكهة ولا سوء عاقبتها ومضرتها وأمن الخروج منها فلا يخافون ذلك وأمن من الموت فلا يخافون فيها موتًا. الاسم الحادي عشر والثاني عشر مقعد الصدق وقدم الصدق قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ}

(1)

فسمى الجنة مقعد صدق لحصول كل ما يراد من المقعد الحسن فيها كما يقال مودة صادقة إذا كانت ثابتة تامة وفسر قدم الصدق بالجنة وفسر بالأعمال التي تنالى بها الجنة وله تفاسير كثيرة يطول ذكرها

(2)

والله أعلم.

تنبيه: قوله {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} أي في مكان مرضي حسن والعرب إذا [بالغت] في مدح شيء أضافته إلى الصدق، كقوله تعالى {لِسَانَ صِدْقٍ}

(3)

و {قَدَمَ صِدْقٍ}

(4)

، وقرئ: في مقاعد صدق، والمقعد أحسن من المجلس لأن القعود هو المكث الطويل فهو أخص من الجلوس. قال عطاء: في جوار الرحمن عند مليك مقتدر عظيم الملك والاقتدار لا شيء إلا هو تحت ملكه وقدرته لا يعجزه شيء فأي منزلة أكرم من تلك المنزلة و [أي كلمة]

(5)

عند إشارة إلى الزلفى والكرامة والمعنى في مكان أكرم به أولياءه لا يقدر قدره ولا

(1)

سورة القمر، الآية: 54 - 55.

(2)

حادى الأرواح (ص: 101).

(3)

سورة مريم، الآية:50.

(4)

سورة يونس، الآية:2.

(5)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 652

يدرك كنه حسنه [إلا الله تعالى] أنالنا الله [واياكم] إياه بفضل منه ورحمة إنه قريب مجيب، اهـ[قاله في حادي الأرواح

(1)

].

فائدة: اختلف الناس في الجنة التي أسكنها الله آدم وأهبط منها هل هي جنة الخلد التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة أم جنة أخرى في موضع عال من الأرض؟ قال منذر بن سعيد في تفسيره: وأما قوله تعالى لآدم: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}

(2)

فقالت طائفة أسكن الله آدم جنة الخلد التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة. وقال آخرون: هي جنة غيرها جعلها الله له [وأسكنه] إياها ليست جنة الخلد. وقال أبو الحسن الماوردي في تفسيره

(3)

: واختلف في الجنة التي أسكناها على قولين: أحدهما: أنها جنة الخلد، الثاني: أنها جنة أعدها الله لهما وجعلها دار ابتلاء وليست جنة الخلد التي جعلها الله دار جزاء، ومن قال بهذا اختلفوا على قولين: أحدهما أنها في السماء لأنه أهبطهما منها، وهذا قول الحسن. الثاني أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار وهذا قول ابن بحر وكان ذلك بعد أن أمر إبليس بالسجود لآدم والله أعلم بصواب ذلك، هذا كلامه. وقال ابن الخطيب في تفسيره المشهور واختلفوا في الجنة المذكورة في هذه الآية هل كانت في الأرض أو في السماء وبتقدير أنها كان في السماء فهل هي الجنة

(1)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 335).

(2)

سورة البقرة، الآية:35.

(3)

تفسير الماوردي= النكت والعيون (1/ 104).

ص: 653

التي هي دار الثواب وجنة الخلد أو جنة أخرى. فقال أبو القاسم البلخي وأبو مسلم الأصبهاني هذه الجنة في الأرض وحملا الإهباط على الانتقال من بقعة إلى بقعة كما في قوله تعالى: {اهْبِطُوا مِصْرًا}

(1)

واحتجا عليه بوجوه. القول [الأول]: وهو قول الحماني أن تلك الجنة كافت في السماء السابعة. القول الثالث: وهو قول جمهور أصحابنا أن هذه الجنة هي دار الثواب. قال أبو القاسم الراغب في تفسيره: واختلف في الجنة التي أسكنها آدم فقال بعض المتكلمين كان بستانا جعله الله امتحانا ولم يكن جنة المأوى، وممن ذكر هذا الاختلاف أيضا أبو عيسى الرماني في تفسيره وإخباره أنها جنة الخلد. ثم قال: والمذهب الذي اخترناه قول الحسن وعمرو وواصل وأكثر أصحابنا، وهو قول أبي علي وشيخنا أبي بكر وعليه أهل التفسير واختيار ابن الخطيب التوقف وترك القطع. قال منذر بن سعيد: والقول بأنها جنة في الأرض ليست جنة الخلد هو قول أبي حنيفة وأصحابه

(2)

[انتهى].

ولنذكر حجة الفريقين فحجة من اختار أنها جنة التي يدخلها الناس يوم القيامة قالوا: قولنا هذا هذا هو الذي فطر الله عليه الناس صغيرهم وكبيرهم لا يخطر بقلوبهم سواه وأكثرهم لا يعلم في ذلك نزاعا. قالوا: وقد روى مسلم في صحيحه

(3)

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجمع

(1)

سورة البقرة، الآية:60.

(2)

تفسير الراغب (1/ 154)، وحادى الأرواح (ص 22).

(3)

صحيح مسلم (329)(195).

ص: 654

الله تعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون يا آدم استفتح لنا الجنة فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم، وذكر الحديث.

قالوا: وهذا يدل على أن الجنة التي خرج منها هي بعينها التي يطلب منه أن يستفتحها وكذلك قول آدم للمؤمنين وهل أخرجكم من الجنة إلا خطئية أبيكم، وخطيئته لم تخرجهم من جنان الدنيا. قالوا: وقد قال الله تعالى في سورة البقرة: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} إلى قوله: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}

(1)

، فهذا يدل على أن هبوطهم كان من الجنة إلى الأرض من وجهين: أحدهما من لفظة: {اهْبِطُوا} فإنه نزول من علو إلى أسفل، والتاني من قوله:{وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} و عقيب قوله: {اهْبِطُوا} فدل على أنهم لم يكونوا قبل ذلك في الأرض ثم أكد هذا بقوله في سورة الأعراف: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ}

(2)

.

ولو كانت الجنة في الأرض لكانت حياتهم فيها قبل الإخراج وبعده والدلائل على هذا كثيرة قالوا وأيضا فهذه القصة في سورة الأعراف ظاهرة جدا في الجنة التي أخرج منها فوق السماء فإنه سبحانه قال: {وَإِذْ قُلْنَا

(1)

سورة البقرة، الآية: 35 - 36.

(2)

سورة الأعراف، الآية:25.

ص: 655

لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} [{إِلَّا إِبْلِيسَ}]

(1)

الآية، فهذا إهباط آدم وحواء وإبليس من الجنة ولهذا أتى فيه بضمير الجمع. قالوا: وأيضًا فالجنة جنات معرفة بلام التعريف في جميع المواضع، لقوله له:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّة}

(2)

ونظائره ولا جنة يعهدها المخاطبون ويعرفونها إلا جنة الخلد التي وعد الرحمن عباده بالغيب فقد صار هذا الاسم علما عليها بالغلبة كالمدينة والنجم والبيت والكتاب ونظائرها فحيث ورد لفظها معرفا انصرف إلى الجنة المعهودة المعلومة في قلوب المؤمنين وأما إن أريد به جنة غيرها فإنها تجيء منكرة أو مقيدة بالإضافة أو مقيدة من السياق بما يدل على أنها جنة في الأرض فالأول كقوله: {جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ}

(3)

والثاني كقوله: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ}

(4)

والثالث كقوله: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ}

(5)

(6)

، اهـ.

وأما حجة الطائفة الأخرى التي قالت ليست جنة الخلد وإنما هي جنة في الأرض، قالوا: قد أخبر الله سبحانه وتعالى على لسان جميع رسله أن جنة الخلد إنما يكون الدخول إليها يوم القيامة ولم يأت زمن دخولها بعد وقد

(1)

سورة البقرة، الآية:34.

(2)

سورة البقرة، الآية:35.

(3)

سورة الكهف، الآية:32.

(4)

سورة الكهف، الآية:39.

(5)

سورة القلم، الآية:17.

(6)

حادى الأرواح (ص 22 - 28).

ص: 656

وصفها الله لنا في كتابه بصفاتها ومحالى أن يصف الله سبحانه شيئا بصفة ثم يكون ذلك الشيء بغير تلك الصفة التي وصفه بها. قالوا: فوجدنا لله تعالى وصف الجنة التي أعدت للمتقين بأنها دار المقامة فمن دخلها أقام بها ولم يقم آدم بالجنة التي دخلها ووصفها بأنها جنة الخلد وآدم لم يخلد فيها ووصفها بأنها دار سلامة مطلقة لا دار ابتلاء وامتحان وقد ابتلي فيها آدم بأعظم الابتلاء ووصفها بأنها ليست دار خوف ولا حزن وقد حصل للأبوين فيها من الخوف والحزن ما حصل فسماها دار السلام ولم يسلم فيها الأبوان من الفتنة، ودار القرار ولم يستقرا فيها، وقال في داخليها:{وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ}

(1)

وقد أخرج منها الأبوان.

قال منذر: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم نام في جنته وجنة الخلد لا نوم فيها بالنص وإجماع المسلمين فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أينام أهل الجنة في الجنة؟ فقال: لا النوم أخو الموت والنوم وفاة، وقد نطق به القرآن والوفاة تقلب. قال: ودار [السلام] مسلمة من تقلب الأحوال والنائم ميت أو كالميت، قلت: الحديث الذي أشار إليه المعروف أنه موقوف من رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد والدلائل على احتجاج هذا الفريق كثيرة اختصرنا ذلك، وعلى احتجاج الفريق الأول وما استدلوا به من الآيات والأحاديث اعتراضات كثيرة ذكرها المصنف صاحب حادي الأرواح

(2)

لم

(1)

سورة الحجر، ألآية:48.

(2)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 34).

ص: 657

نذكرها والله أعلم.

تنبيه: وأما نوم آدم في الجنة فهذا إن ثبت النقل فنوم آدم إنما ينفي النوم عن أهلها يوم دخول الخلود حيث لا يموتون وأما قبل ذلك فلا، قاله أيضا صاحب حادي الأرواح

(1)

.

تنبيه أيضًا: في الجنة والنار وأين هما: قال الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)}

(2)

وقد ثبت أن سدرة المنتهى فوق السماء وسميت بذلك لأنه ينتهي إليها ما ينزل من عند الله فيقبض منها وما يصعد إليه فيقبض منها. وروى معمر بن راشد عن محمد بن أبي يعقوب مرفوعًا ثم ساقه إلى أن قال: عن ابن عباس أنه قال الجنة في السماء السابعة ويجعلها حيث شاء يوم القيامة.

وقال الحافظ بن مندة حدثنا محمد بن إسحاق إلى أن قال عن أبي الزعراء عن عبد الله قال: الجنة في السماء الرابعة، فإذا كان يوم القيامة جعلها الله حيث شاء والنار في الأرض السفلي فإذا كان يوم القيامة جعلها الله حيث شاء، وقال مجاهد: قلت لابن عباس أين الجنة؟ قال: فوق سبع سماوات. قلت: فأين النار؟ قال: تحت سبعة أبحر مطبقة. رواه ابن مندة

(3)

.

(1)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 43).

(2)

سورة النجم، الآية: 13 - 15.

(3)

حادي الأرواح ص 46.

ص: 658

5620 -

وَعَن جَابر رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ريح الْجنَّة يُوجد من مسيرَة ألف عَام وَالله لا يجدهَا عَاق وَلا قَاطع رحم رَوَاهُ الطَّبَرَانيِّ من رِوَايَة جَابر الْجعْفِيّ

(1)

وَتقدم غير مَا حَدِيث فِيهِ ذكر رَائِحَة الْجنَّة فِي أَمَاكِن مُتَفَرِّقَة من هَذَا الْكتاب لم نعدها.

(1)

أخرجه الطبرانى في الأوسط (6/ 18 رقم 5664)، وأبو نعيم في صفة الجنة (195). قال الهيثمى في المجمع 5/ 125: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه محمد بن كثير الكوفي، وهو ضعيف جدا. وقال في 8/ 149: رواه الطبراني في الأوسط من طريق محمد بن كثير، عن جابر الجعفي، وكلاهما ضعيف جدا. وضعفه الألباني جدا في الضعيفة (5369) وضعيف الترغيب (1245) و (1437) و (1485) و (2180). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

ص: 659