الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ المَفْعُولِ مَعَهُ
أي هذا باب بيان حقيقة المفعول معه، لا بُدَّ دائمًا أن تقدر بيان حقيقة أو حد أو ماهية كذا، لأنَّ المراد هنا بيان الحقيقة أولاً، وهذا إنما يحصل بالحد، والكشف عن هذه الحقيقة ثم بعد ذلك يبيِّن الحكم وهو كونه منصوبًا أو مرفوعًا أو مخفوضًا.
[بَابُ المَفْعُولِ مَعَهُ] الضمائر هذه كلها له ولأجله، ومعه، وبه الأصل أنها تعود إلى أل الموصولة، أو إلى موصوف محذوف تقديره باب الشيء الذي فُعِلَ معه، يعني باب المفعول معه الذي يُذكر لبيان مَنْ فُعِلَ معه الفعلُ، فالمفعول معه حينئذٍ يكون اسما للذات المذكورة بعد الواو نحو: سرتُ والنيلَ، فالنيلَ الذات نفسها هي المفعول معه، إذًا [بَابُ المَفْعُولِ مَعَهُ] أي باب بيان حقيقة المفعول معه، وهو الذي يُذْكر لبيان من فُعِلَ معه الفعل أي المذكور لبيان الذات التي فَعل الفاعلُ الفعلَ بمصاحبتها، فحينئذٍ إذا فُسِّر بهذا المعنى يكون المفعول اسمًا للذات التي تقع بعد الواو التي تكون نصًّا في المعية، [بَابُ المَفْعُولِ مَعَهُ] ذكره الناظم هنا في المنصوبات فهو مقيس، ورأي سيبويه رحمه الله وإن كان الجمهور على خلافه- أنَّ باب المفعول معه كله مسموع وليس بمقيس، وإذا كان مسموعًا حينئذٍ يُدْرَس للحكم على ما نُقل من كلام العرب وما عداه فلا، لا يقاس عليه، يعني ليس كالسابق
المفعول لأجله، والمفعول به، هذا ليس الحكم فيه مُنْصَبًّا على ما نُقِلَ عن العرب فقط، وإنما أنت تعلم القواعد التي استنبطت من كلام العرب فحينئذٍ تقيس عليها:
إِنَّمَا النَّحْوُ قِيَاسٌ يُتَّبَعْ
إذًا صار قواعد عامة كقواعد أهل الأصول، وكالقواعد الفقهية، حينئذٍ يستنبط منها المتكلم من تلك القواعد أحكام آحاد المسائل، وهذه الآحاد يجريها على سنن تلك القواعد، أما على رأي سيبويه فلا، إنما يُذكر ويبين للحكم به على ما نقل عن العرب، وليس لك أن تُنشئ من عِنْدك مفعولا معه، لكن الجمهور على خلافه، ولذلك يذكرون المفعول معه هنا.
وَهْوَ اسْمٌ انْتَصَبَ بَعْدَ وَاوِ
…
مَعَيَّةٍ فِي قَوْلِ كُلِّ رَاوِي
[وَهْوَ] أي المفعول معه، ودائمًا يُرجع الناظم الضمير إلى المضاف إليه، وهذا محلُّ نزاعٍ بين النحاة هل يجوز عوْدُ الضمير على المضاف إليه؟ نقول: نعم يجوز ذلك، وهنا الضمير يعود على المفعول معه، بَابُ هذه كلمة، والمَفْعُولِ مَعَهُ كلها مركبة كلمة ثانية، إذًا مؤلَّفٌ من كلمتين لأنَّ المفعول معه صار عَلَمَا كأصول الفقه مثلاً، فحينئذٍ أرجع الضمير إلى المضاف إليه، وقيل: المضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة، فحينئذٍ لا يجوز عود الضمير على بعض الكلمة كما أنه لا يصح عود الضمير على دال زيْد، ولا ياء زيد، ولا زاي زيد اتفاقًا، قالوا: زيد كلمة واحدة، ولا يصح عوْد الضمير على جزءٍ منها، كذلك ما نُزِّلَ مُنَزَّلةَ الكلمة كالمضاف والمضاف إليه،
لا يجوز عوْد الضمير على المضاف إليه، لكن الصواب جوازه، وهو وارد في القرآن وهو أفصح ما يكون من لغة العرب. [وَهْوَ اسْمٌ] خرج به الفعل والحرف، فلا يكون الفعل مفعولاً معه، ولا يكون الحرف مفعولاً معه، إذًا صار المفعول معه من علامات الأسماء، [اسْمٌ] أي صريح، فلا يكون المفعول معه اسمًا مؤولاً بالصريح، [اسْمٌ] خرج به الفعل المضارع المنصوب بعد واو المعية؛ لأن مفهومه الجمع، وأنْ وما دخلت عليه في تأويل مصدر وهو اسم، لكنه في الاصطلاح لا يكون مفعولاً معه، نحو: لا تأكل السمكَ وتشربَ اللبن، هذا مثال مشهور، وتشربَ بالنصب والعامل فيه أنْ مضمرة وجوبًا بعد واو المعية، إذًا هذه الواو تدل على الجمع، وإذا نظرت إلى المعنى في المثال: لا تأكل السمك مع شربك اللبن، فالنهيُ هنا مسلط على الجمع بينهما، لا تجمع بين أكل السمك وشرب اللبن، ولك أن تُفْرِدَ أحدهما عن الآخر، تأكل السمك ولا تشرب معه لبن، وتشرب اللبن ولا تأكل معه سمك، لأن المنهي عنه هو القِران وهو الجمع بينهما، إذًا قوله:[اسْمٌ] خرج به الفعل، فحينئذٍ ما وقع بعد واو الجمع، وهي الواو الدالة على المعية، وهو الفعل المضارع، فهذا فيه معنى المفعول معه، لكنه لا يُسمَّى في الاصطلاح مفعولاً معه، إنما خُصَّ المفعول معه بالأسماء، حينئذٍ إذا أفاد من الأفعال ما أفاده المفعول معه لا يسمى مفعولاً معه، وإن كان يؤوَّل بالمصدر.
كالمثال السابق لا تأكل السمك وتشربَ اللبنَ يعني لا تأكل السمك شارباً اللبن صار حالا، ولذلك ذكرنا أنَّ الإعراب في الفعل المضارع لم
يكن أصلاً، لإمكان الاستغناء عن الإعراب بالتصريح بالاسم، لأنَّ علة إعراب الفعل المضارع هي اعتوار معانٍ مختلفةٍ على الفعل الواحد على الصيغة الواحدة يميزها الإعراب، والاسم كذلك، لكن الاسم كان الإعراب فيه أصلاً لأنه لا يمكن أن يُمَيِّز المعاني المختلفة المتعاقبة على صيغة واحدة إلا الإعراب فليس له نائب، أما الفعل المضارع فله نائب وهو التصريح بالاسم، لذلك قولهم: لا تأكل السمك وتشربَ وتشربِ وتشربُ، فيه ثلاثة أوجه، هذه المعاني مختلفة، فتختلف المعاني والصيغة واحدة وهي: تشرب والمعاني مختلفة، والذي ميَّز هذا عن ذاك هو الإعراب، فالمعنى لا تأكل السمك وتشربَ، على الجمع، وتشربِ على الجزم حينئذٍ كلٌ منهما منهي عنه على حدة، وتشربُ هذا إذنٌ وإباحة في الشرب وأكل السمك، فاختلفت المعاني والذي ميَّز بعضها عن بعض هو الإعراب، لكن لمَّا لم يكن الإعراب مخصصًّا بالتمييز وجاز إنابة غير الإعراب عنه صار فرعاً لا أصلاً، لأنه يمكن أن يقال: لا تأكل السمك ولك شُرْبُ اللبن، أباح لك الثاني بصيغة غير الفعل المضارع المرفوع، ولا تأكل السمك شارباً اللبن جاء بالحال بدلاً من الفعل المضارع المنصوب، ولا تأكل السمك ولا تشربِ اللبن صرَّح بلا الناهية، لذلك صار فرعاً لا أصلاً.
والحاصل: أن قوله: وتشربَ لا يسمى في الاصطلاح مفعولاً معه، وإن أدَّى معنى المفعول معه، لكونه فعلاً وشرطُ المفعول معه أن يكون اسمًا. كذلك الجملة الحالية إذا قيل: يشترط في المفعول
معه أن يكون اسمًا، فلو جاءت الجملة الحالية مفيدة معنى مع، فلا تسمى مفعولا معه، وإن أفادت معنى المعية، نحو: جاء زيدٌ والشمسُ طالعةٌٌ، وإعرابه: جاء فعلٌ ماضٍ، وزيدٌ فاعل، والواو واو الحال، والشمس طالعة مبتدأ وخبر، والجملة في محل نصب حال، وهذا في قوةِ قولك: جاء زيدٌ مع طلوع الشمس، صار طلوع الشمس قيدًا ووصفًا لزيد، وهو أنَّ فعله وقع مع طلوع الشمس، وصار قيدًا لعامله، لكن ليس مفعولا معه، لأنه جملة، والشرط أن يكون اسماً. [وَهْوَ اسْمٌ] فضلة ليخرج نحو: اشترك زيدٌ وعمروٌ، فما بعد الواو هنا عُمْدة، لأن الفعل اشترك يقتضي اثنين، لا يقع الاشتراك إلا بين اثنين، لا يقال: اشتراك زيدٌ فحسب، بل لا بد من الثاني: اشترك زيدٌ وعمروٌ، فما بعد الواو في المعنى فاعل، لكن في الاصطلاح لا يسمى فاعلا، ولذلك تقول: اشترك زيد وعمرو اشترك فعل ماض، وزيد فاعل، وعمروٌ الواو عاطفة تفيد معنى مع، لأنَّ الاشتراك هنا وقع من اثنين، إذًا فيه معنى المعية، وعمرو معطوف على زيد، والمعطوف على المرفوع مرفوع، ففي الاصطلاح عندهم لا يُسمى فاعلاً، لكنه في المعنى فاعل كما هو ظاهر. ومثله تضاربَ زَيْدٌ وعمروٌ، كلٌ منهما فاعل ومفعول، لكنه في المعنى لا في الاصطلاح، فزيدٌ فاعل وعمروٌ معطوف عليه، لكن في المعنى إذا قيل: تضارب نأخذ من الصيغة تضارب أن كلَّ واحدٍ منهما ضاربٌ ومضروب، لأنَّ تضارب على وزن تفاعل فتفهم من الصيغة أن
الحدث فيه اشتراك بين اثنين، فكل منهما ضارب ومضروب، إذًا تضارب زيد فزيد فاعل اصطلاحاً، لكنه في المعنى مفعول به، لأنه وقع عليه جزء من الضرب، وعمروٌ معطوف على ما سبق لكنه في المعنى أيضًا فاعل ومفعول به، فاعل لأنه أوقع ضربًا على زيد، ومفعول لأنَّ زيدًا أوقع عليه ضربًا، إذًا في الاصطلاح قد يكون الشيء فاعلاً ويكون أيضاً مفعولاً به في المعنى، وقد يكون في الاصطلاح مفعولاً به، ويكون أيضًا فاعلاً في المعنى، وإنما هذه التي يذكرها النحاة كلها من باب الاصطلاحات، تمييزا للكلمات المنقولة عن العرب، كل لفظ وضع له اصطلاح خاص. إذًا قوله:[اسْمٌ] فضلة، احترزنا به عما وقع بعد الواو المفيدة للمعية من قولك: اشترك زيد وعمرو، فإنه عمْدة.
[انْتَصَبَ] هذا بيان لحكمه وهو النصب، وكل مفعول معه فهو منصوب، والنصب هنا واجب لا جائز، [انْتَصَبَ] يعني لا يكون مرفوعًا، ولا مخفوضًا، إنما يتعين فيه النصب، وناصبه الفعل المذكور قبله على رأي جمهور البصريين وبعض الكوفيين أنَّ الناصب له هو الفعل الذي قبله، نحو: سرتُ والنيلَ، فالنيل مفعول معه، والناصب له سار وهو فعلٌ ماضٍ، وأنا سائرٌ والنيلَ، فالنيل مفعول معه منصوب بالوصف وهو سائر، لأنَّ فيه معنى الفعل وحروفه، فيه معنى الفعل لأنه دال على ذات متصفة بصفة، لأنه مشتق، وفيه حروف الفعل سار فهي موجودة في سائر، فأصول المادة موجود فيه، فحينئذ يكون الناصب للمفعول
معه هو الفعل، أو ما فيه معنى الفعل وحروفه، فحينئذٍ إذا لم يسبق بفعل فلا يكون مفعولا معه، وإذا سُبق بما فيه معنى الفعل دون حروفه لا يكون مفعولاً معه، بل لا بد أن يكون العامل فيه إما الفعل، وإما ما فيه معنى الفعل وحروفه، فإذا انتفى هذان العاملان انتفى المفعول معه، فنحو: كلُّ رجلٍ وضيعتُه يعني كل رجل مع ضيعته، فالواو واو المعية لكن ضيعته لا يجوز نصبه على أنه مفعول معه، لأنه لم يسبقه لا فعل ولا ما فيه معنى الفعل وحروفه، فحينئذٍ نقدر كل رجل وضيعته مقترنان، فكل مبتدأ، وهو مضاف ورجل مضاف إليه، وضيعته معطوف على كل، والمعطوف على المرفوع مرفوع، وخبر المبتدأ محذوف، تقديره مقترنان، ولا يجوز نحو: هذا لك وأباك بالنصب، فالواو واو المعية، وأباك لا يصح نصبه على أنه مفعول معه، لأنه وإن سبق بما فيه معنى الفعل؛ لأنَّ هذا اسم إشارة فيه معنى الفعل وهو أُشيرُ لكنه ليس فيه حروف الفعل، حينئذ الذي يعمل إما أن يكون فيه معنى الفعل وحروفه كسائر ونحوه، وإما أن يكون فيه معنى الفعل دون حروفه، وهو يعمل فقد ينصب الحال أو التمييز ونحوه، والذي يكون عاملاً في المفعول معه هو القسم الأول ما فيه معنى الفعل وحروفه، والقسم الثاني ما فيه معنى الفعل دون حروفه لا يصح أن ينصب مفعولا معه، فحينئذ هذا لك وأباك لا يصح النصب، وإنما تقول: هذا لك ولأبيك بالجر، ولذلك عبر بعضهم بأن شرط المفعول معه أن يكون مسبوقًا بفعل أو ما فيه معنى الفعل
وحروفه، فهو شرط والشرط ينتفي المشروط بانتفائه، فالناصب هو الفعل كما ذكرناه، وليس الواو كما ذهب إلى ذلك عبد القاهر الجرجاني أن الواو هي الناصبة، وهذا ضعيف. [بَعْدَ وَاوِ مَعَيَّةٍ] المفعول معه لا يقع إلا بعد واو المعية، خرج به ما وقع بعد معَ، نحو: جاء زيد معَ عمروٍ، وهي نصٌّ في المعية، والأصل أنَّ مع في اللغة تدل على المصاحبة في المكان أو في الزمان، ومصاحبة كل شيء بحسبه، إذاً جاء زيد مع عمرو دلت على المصاحبة والجمعية، وليس عمرًا مفعولا معه، لأنَّ الشرط أن يقع بعد واو المعية. وخرج أيضًا ما بعد الباء نحو: بعت الدار بأثاثها، فالباء هنا بمعنى مع، أي بعت الدار مع أثاثها، فأثاثها ليس مفعولا معه، فلا بُدَّ أن يكون المفعول معه قد وقع بعد واو المعية، فإذا وقع بعد مع أو ما يفيد معنى مع أيْ معنى المعية كالباء مثلا نقول: هذا ليس بمفعول معه.
[بَعْدَ وَاوِ مَعَيَّةٍ] لكن ليس كل واو معية، لأنَّ واو المعية قد تكون محتملة للعطف والمعية، إذًا قد تفيد معنى مع احتمالا، وقد تفيده نصًّا يعني لا يصحُّ أن يراد بها العطف، [بَعْدَ وَاوِ مَعَيَّةٍ] يعني بعد واو أريد بها التنصيص على المعية، فإذا قيل: جاء زيد وعمرو، فالواو حرف عطف وهي تشعر بالمعية، لكنها ليست نصًّا فيها، وخاصة إذا أريد بالواو مجرد العطف ولا تريد أنه جاء معه، ولذلك ذكرنا أن الواو لمطلق الجمع، قد يكون مرادا به الترتيب، وقد لا يكون مرادًا به الترتيب، بل عكس الترتيب، وقد ينوي بها المتكلم المعية، وتكون ظاهرة فيها، ولذلك
جوزوا على ضعف أن يقال: جاء زيدٌ وعمرًا بالنصب على أنه مفعول معه، لكنه مرجوح لاحتمال أن تكون الواو لمجرد العطف، والأصل في الواو أنها للعطف، فحينئذ ما دار بين أصله مع احتمال شيء آخر فالأولى أن يحمل على أصله فيرجح الرفع على النصب، وإذا قيل: مزجت ماءً وعسلاً، المثال فيه معنى المعية، لكن المعية هنا ليست من الواو وإنما من العامل، فالمزج هنا مفهوم من العامل وليس من الواو، إذًا خرج بقوله:[بَعْدَ وَاوِ مَعَيَّةٍ] أيضًا ما إذا كانت الواو للعطف والمعيةُ فُهمت من العامل كالمثال السابق. [فِي قَوْلِ كُلِّ رَاوِي] الأصل راوٍ بحذف الياء لأنه منقوص منون، ولكن رجعت الياء عند الوقف، لحذف التنوين، والراوي أي الناقل للغة العرب، لأنَّ اللغة الأصل فيها النقل كما قال السيوطي:
وَعُرِفَتْ بِالنَّقْلِ لَا بِالعَقْلِ
…
فَقَطْ بِلِ اسْتِنْبَاطِهِ مِنْ نَقْلِ
وعرفت أي اللغة بالنقل، وقد يكون متواترًا، وقد يكون آحادًا، فبعض الكلمات منقولة تواترًا كالسماء والأرض والماء والجمل والبعير والحمار هذه منقولة بالتواتر، وبعضها منقول بالآحاد لم ينقل عن كل العرب وإنما عن بعض وأفراد مثل خندريس، وزهزقت وهلقمت، فهذه كلمات ليست مشهورة في لغة العرب إنما نقلها يكون بالآحاد.
نَحْوُ أَتَى الأَمِيرُ وَالجَيْشَ قُبَا
…
وَسَارَ زَيدٌ وَالطَّرِيقَ هَارِبَا
[نَحْوُ] أي مثل قولك [أَتَى الأَمِيرُ وَالجَيْشَ قُبَا] أتى فعل ماض، والأمير فاعل، والجيشَ الواو للمعية، والجيشَ بالنصب على أنه مفعول معه، ويصح فيه الرفع ويصح فيه النصب، لكن إذا نصب فهو مفعول معه قطعًا، وإذا رفع فليس مفعولاً معه، وإنما خرج عن كونه مفعولاً معه، لاحتمال العطف، قد يرجح التنصيص على المعية فينتصب ما بعدها، ولإمكانه إيقاع الفعل من المعطوف والمعطوف عليه صح الرفع، إذاً والجيش منصوب على أنه مفعول معه، ويجوز الرفع على العطف، لأنه يصح أن يكون فاعلاً من جهة المعنى، لأن الإتيان يصح أن يكون من الأمير ويكون من الجيش، إذاً صحَّ إيقاع الفعل وهو الإتيان من المعطوف والمعطوف عليه، فحينئذٍ صار مشاركاً للأول فصح الرفع، فيقال: جاء الأمير والجيشُ، والنية هي التي تعين المراد بالنسبة للمتكلم، وأما إذا كنت تقرأ فاحمله على العطف أولى، و [قُبَا] محل معروف بالمدينة النبوية. فالواو حينئذ إذا نصب ما بعدها تكون بمعنى مع، وعاطفة إذا رفعت ما بعدها والذي يعين هذا أو ذاك هو نية المتكلم، فأنت ما الذي تريده؟ هل تريد الإخبار بأنَّ الفعل قد وقع من الاثنين، أو يكون الفعل قد وقع من الأمير والجيشُ مصاحبٌ له؟ أنت الذي تحدد، وأما أنا فإذا سمعتُ أو قرأتُ فلي أن أحمل على أي المحملين إذا لم يكن قرينة ظاهرة.
[وَسَارَ زَيدٌ وَالطَّرِيقَ هَارِبَا] سار فعلٌ ماضٍ، وزيد فاعل، والطريق الواو واو المعية والطريقَ بالنصب على أنه مفعول معه، وهنا يتعين النصب لأن الطريق لا يسير، فلا يصح إيقاع السير من المعطوف والمعطوف عليه، إذًا لا يمكن حمل الواو هنا على العطف، فتتعين الواو للمعية، ومثله استوى الماء والخشبة هذا المثال المشهور استوى الماء يعني ارتفع الماء والخشبة مع الخشبة، فالخشبة لم ترتفع وإنما ارتفع الماء فقط، وهاربًا حال من زيد. إذاً مثل بمثالين فالأول فيه إشارة إلى أن المفعول معه قد يجوز عطفه على ما قبله، وقد لا يجوز كما في المثال الثاني، هذه ضوابط المفعول معه وهو يعد من النواصب.