الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَخْفُوضَاتُ مِنَ الأَسْمَاءِ
لَمَّا أنهى الكلام على المنصوبات شرع في القسم الثالث، وهو المخفوضات؛ لأن التقسيم عندهم ثلاثي، المرفوعات، ثم المنصوبات، ثم المخفوضات، وقدَّموا المرفوعات لأنَّ منها ما هو عمدة كالمبتدأ، والخبر، والفاعل، ونائبه، ثم المنصوبات لأنَّ منها ما يكون منصوبًا بالفعل، والفعل هو الأصل في العمل بخلاف المخفوض وهو الأخير لأنه لا يكون أثرًا للفعل.
قوله: [مِنَ الأَسْمَاءِ] هل هو قيد للاحتراز عن الأفعال والحروف أو لبيان الواقع؟ نقول: لبيان الواقع لأنَّ الخفض لا يدخل الأفعال ولا يدخل الحروف، قوله:[المَخْفُوضَاتُ مِنَ الأَسْمَاءِ] أخرج المرفوعات، والمنصوبات من الأسماء، هذا محتمل، ولكن الظاهر أنه ليس للاحتراز لأنَّ الطالب سيدرس أوَّلاً المرفوعات ثم يتلوها المنصوبات ثم إذا جاء عند المخفوضات يعلم أنه ليس احترازًا عن المرفوعات والمنصوبات.
[المَخْفُوضَاتُ مِنَ الأَسْمَاءِ] المخفوضات جمع مخفوضة أو مخفوض، والمخفوض من الاسم هو ما اشتمل على علامة الخفض وهو الكسرة أو ما ناب عنها. فنحو: مررت بزيدٍ، فزيدٍ: اسم مخفوض لأنه اشتمل على الكسرة، ونحو: مررت بالزيدين، فالزيدين اسم مخفوض لأنه اشتمل على علامة الخفض وهي الياء النائبة عن الكسرة وهلم جرا.
والاسم المخفوض إما أن يكون مخفوضًا بحرف، أو باسم وهو المضاف، فالمخفوض بالحرف كقولك: مررت بزيدٍ، والمخفوض بالمضاف نحو: جاء غلامُ زيدٍ، فزيدٍ مخفوض كما أن قولك بزيد مخفوض، والعامل فيه هو حرف الجر الباء، والعامل في زيد من قولك جاء غلامُ زيد هو غلام على الأصح، فالعامل في المضاف إليه هو المضاف، وليس الحرف المقدر في المعنى لأنه على معنى حرف كما سيأتي، نقول: التقدير لا يجعله عاملاً لأنَّ حرف الجر إعماله وهو ملفوظ به ضعيف، فكيف إذا صار مقدرًا أو محذوفًا؟! فيكون من باب أولى أن لا يعمل، وهذه علة عدم إعمال حرف الجر محذوفًا لأنَّ إعماله وهو ملفوظ به ضعيف نحو: مررت بزيد، فالباء حرف جر، وهو عامل ضعيف وهو ملفوظ به، فكيف إذا قُدِّر فقيل: غلام زيد على معنى اللام، فتكون اللام هي الخافضة، فأولى أن يكون ضعيفًا فلا يعتمد حينئذ في تعليق العمل به، بل الصواب أنَّ المضاف إليه مخفوض بعين المضاف وهو اسم. والقول بأنَّ الإضافة التي هي معنىً من المعاني هي العامل في المضاف إليه نقول: هذا أيضًا قول ضعيف؛ لأنه متى ما دار جعل العامل إما لفظيًّا أو معنويًّا فجعله لفظيًّا أولى وأحرى.